اليمنيون يبدعون في التعبير عن دعم غزة وسط تفاعل واسع
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
صنعاء– بإجلال يقف المواطن اليمني محمد عبد الله أمام الجدارية المنحوتة لخريطة دولة فلسطين متأملا فيها، عند أهم تقاطع لأكبر شارعين في صنعاء خلال المظاهرات التي باتت مشهدا متكررا في العاصمة اليمنية ومدن أخرى، للتعبير عن التضامن مع غزة.
وجرى نصب الجدارية المنحوتة -التي أطلق عليها اسم "جولة فلسطين" والتي تؤدي إلى ميدان السبعين- على شكل بوابة.
ويحتشد ملايين اليمنيين في عشرات الساحات بالمدن والمحافظات ومناطق التجمعات السكنية بشكل أسبوعي يوم الجمعة في مسيرات مليونية للتعبير عن تأييدهم المطلق للمقاومة والشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة.
وتوحدت ساحات صنعاء والحديدة وصعدة، التي تقع تحت سيطرة جماعة أنصار الله الحوثيين، مع مأرب وتعز والمخاء وحضرموت والمهرة -التي تخضع للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا- في احتضان المظاهرات الأسبوعية المؤيدة للمقاومة الفلسطينية.
نصبت جدارية خريطة فلسطين في العاصمة اليمنية في أعقاب معركة طوفان الأقصى (رويترز) مصدر إلهاموبات ميدان السبعين في صنعاء مقصدا أسبوعيا للمواطن السبعيني يحيى الهمداني للمشاركة في التظاهرات الداعمة لغزة "تبرئة للذمة أمام الله، وكأضعف الإيمان لإبداء الدعم والتأييد والمناصرة للأشقاء في فلسطين، الذين خذلهم القريب وتخلى عنهم الشقيق وتآمر عليهم البعيد" حسبما يقول.
من جهته، رأى الكاتب اليمني عادل سعيد بن سعيد أن غزة من بعد طوفان الأقصى صارت مصدر إلهام للشعب اليمني وشعوب العالم، وروحا سرت في جسد الأمة من أقصاها إلى أقصاها.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أن "التعبير الأقرب والأكثر تكثيفا في سريان هذي الروح هو تسميات المواليد بمسميات غزة والأقصى ويحيى السنوار وأبي عبيدة، وإغراق اللوحات ومسميات المعارض والمحلات والأسواق بالأسماء ذاتها، وهي روح سرت ولن تتوقف، وهذي التعبيرات التضامنية أبسط تجلياتها".
ويعتقد سعيد أن "غزة باتت عنوان حياة جديدة لعالم جديد يعاد تشكيله بمقاسات الحرية والعدل والمحبة".
عبر يمنيون عن دعمهم للمقاومة الفلسطينية من خلال تسمية محالهم التجارية باسم "طوفان الأقصى" (الجزيرة) طوفان التفاعلومنذ انطلاق طوفان الأقصى، ابتكر اليمنيون طرقا عديدة للتعبير عن تأييد القضية الفلسطينية وحق المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ونشر الوعي بين أوساط الشعب اليمني بكافة فئاتهم باعتبار أن فلسطين بوصلة الجميع كقضية عادلة توجب عليهم بذل الغالي والنفيس من أجل دفع العدوان الإسرائيلي وإنقاذ الفلسطينيين.
وفي مناطق سيطرة الحوثيين، تم تجنيد الآلاف من اليمنيين الراغبين في الجهاد إلى جانب المقاومة الفلسطينية، وتحضيرا لما يسمونها معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس"، حيث يتدربون في معسكرات على كافة أنواع الأسلحة وينفذون مناورات بالسلاح على مهاجمة مواقع الاحتلال الإسرائيلي وخوص اشتباكات داخل المستوطنات الإسرائيلية وقتل وأسر جنود الاحتلال.
ويبدو الفعل الشعبي في اليمن واضحا في التعبير عن تبني وتأييد المقاومة في غزة من خلال كتابة لافتات باسم "طوفان الأقصى" وفلسطين وغزة والقدس على واجهات المحال التجارية والمطاعم ومختلف المرافق، بالإضافة إلى وسم شوارع وتقاطع طرق ومواقع ومستشفيات باسم فلسطين.
كما تفاعل القطاع التجاري بالطريقة نفسها، حيث قامت شركات إنتاج المياه الصحية بطباعة علم فلسطين واسم غزة على منتجاتها التي تصل ملايين اليمنيين يوميا، وذلك في سياق توسيع دائرة الاهتمام والمناصرة للمقاومة في غزة.
من ناحيته، يرى الباحث السياسي الدكتور ثابت الأحمدي أن "الدعم اليمني لفلسطين من عقود لا يقتصر على الجانب الشعبي فقط، بل على السلطات الرسمية المتعاقبة أيضا. فقد كانت جميعها ذات موقف مشرف".
وأضاف للجزيرة نت أن "الشعب اليمني من أوائل الشعوب التي تضامنت مع القضية الفلسطينية، وحتى تلاميذ المدارس في الريف اليمني، ناهيك عن المدينة، يتبرعون بمصروفاتهم اليومية بين الحين والحين دعما للقضية الفلسطينية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
"طوفان الأقصى" تعصف باستقرار المستوطنين وتدفعهم للهجرة
الضفة الغربية - خاص صفا
عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، دخلت "إسرائيل" منعطفاً لم تسلكه منذ عام 1948، وباتت الدولة التي كان يروج ساستها أنها المكان الأكثر أماناً، تحت نار صواريخ المقاومة وضغط الحرب.
وأفادت تقارير بمغادرة نحو نصف مليون "إسرائيلي" بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وتجاوز عدد "الإسرائيليين" الذين قرروا العيش خارج حدود دولة الاحتلال أعداد العائدين بنسبة 44%.
وأظهرت البيانات انخفاضاً بنسبة 7% في عدد العائدين إلى "إسرائيل" بعد العيش في الخارج، حيث عاد 11 ألفاً و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط 12 ألفاً و214 في العقد الماضي.
وتتصاعد الهجرة العكسية في "إسرائيل" لأسباب أمنية واقتصادية، ما يضع الاحتلال أمام انعطافة ديموغرافية تهدد مستقل الدولة اليهودية.
وأفاد المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، بأن اتجاهات الهجرة بدأت ترتفع مع وجود حكومة اليمين ومحاولات تغيير النظام السياسي "الإسرائيلي" من خلال مشروع الانقلاب القضائي.
وقال في حديثه لوكالة "صفا"، إن ارتفاع مؤشرات الهجرة بشكل ملحوظ بعد طوفان الأقصى، يأتي بسبب زعزعت فكرة الوطن القومي الآمن لليهود، التي كان يروج لها الاحتلال على مدار عقود لاستقطاب يهود العالم.
أن صواريخ ومسيرات المقاومة وصلت كافة الأراضي المحتلة، وخلقت واقعاً يتنافى مع العقيدة الأمنية للاحتلال، التي ترتكز على تحقيق الأمن والاستقرار للمستوطنين.
وأشار أبو غوش إلى أن الأزمة الاقتصادية والخسائر التي يتكبدها الاحتلال في انفاقه على الحرب، والضغط على جنود الاحتياط واستمرار خدمتهم لفترات طويلة، فضلاً عن تغلغل اليمين المتطرف في مفاصل الحكومة، عوامل ساهمت مجتمعة في تشجيع الهجرة العكسية لليهود.
وبيّن أن الهجرة الداخلية من القدس إلى تل أبيب، كانت دائماً موجودة من قبل الفئات الليبرالية بسبب القيود التي يفرضها اليهود المتدينين "الحريديم" على الحياة اليومية.
وتتركز الهجرة في أوساط الليبراليين العلمانيين، والمهنيين الذين يديرون عجلة اقتصاد الاحتلال، بحسب أبو غوش، مرجحاً الأسباب إلى اتساع سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة، وكلفة الحرب وتبيعاتها الاقتصادية التي يدفع فاتورتها المستوطنين.
وأكد على أن الهجرة العكسية هي الكابوس الأكبر الذي من شأنه أن ينهي حلم الدولة للكيان الصهيوني، إذ تتحول "إسرائيل" تدريجياً إلى دولة متطرفة لا ديموقراطية فيها، بعدما كان نظامها الليبرالي الديموقراطي أبرز عناصر قوتها وجذبها ليهود العالم.
وأضاف "إن هيمنة اليهود المتدينين وتغلغلهم في الحكم، وهم فئة غير منتجة ومساهمتها صفرية في الاقتصاد، إلى جانب رفضها الانضمام إلى الجيش، ستحول إسرائيل إلى دولة عالم ثالث تعتمد على المساعدات".
وهدمت الحرب أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأظهرت ضعف "إسرائيل" واعتمادها التام على الدعم الأمريكي، وكشفت حقيقة الاحتلال المجرم للعالم، وفق أبو غوش، مبيّناً أن كل هذه العوامل أسقطت ثقة المستوطنين في حكومتهم ودفعتهم إلى الهجرة إلى أماكن أكثر أماناً واستقراراً.
ويتكتم الاحتلال على حقيقة الأرقام المتعلقة بالهجرة العكسية أو عودة اليهود إلى أوطانهم الحقيقية، إلا أن الأرقام التي تتضح في مفاصل أخرى للدولة مثل مؤسسات التأمين الصحي تظهر عزوفاً وتراجعاً في الرغبة بالعيش داخل "إسرائيل".
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف "إسرائيلي" هاجروا إلى كندا هذا العام، في حين حصل حوالي 8 آلاف إسرائيلي على تأشيرات عمل، وهي زيادة كبيرة عن أعداد العام الماضي، كما تقدم أكثر من 18000 "إسرائيلي" بطلب جنسية ألمانية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
وأفاد تقرير لـ "هآرتس" بأن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في "إسرائيل" للخطر، إذ بلغت الزيادة في نسبة الأثرياء الباحثين عن الهجرة نحو 250%، ليتراجع أعداد أصحاب الملايين في "إسرائيل" من 11 ألف إلى 200 مليونير فقط.