كسوف الشمس وخسوف القمر في رمضان.. هل يدلان على شيء؟
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
بالتزامن مع كسوف الشمس وخسوف القمر، ظهرت تفسيرات جدلية حول ارتباط تلك الظواهر الكونية بـ"علامات الساعة واقتراب نهاية العالم"، وهو ما يوضح حقيقته رجال دين من مؤسسة الأزهر تحدث معهم موقع "الحرة"، بينما يحذر مختصون من "تداعيات التفسيرات المغلوطة" على سلامة المجتمع.
كسوف وخسوفالإثنين، انشغل ملايين الأشخاص في أميركا الشمالية بمشاهدة "الكسوف الكلي"، حيث حجب القمر الشمس "تماما" لأكثر من أربع دقائق في بعض المناطق، في ظاهرة نقلتها وكالة ناسا مباشرة على قناتها في يوتيوب.
وفي 25 مارس، شهد كوكب الأرض "أول خسوف قمري" في عام 2024، واتفقت توقيته مع بدء شهر رمضان للعام الجاري، وهو ما دعا الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى ربط الظاهرتين الفلكيتين بـ"علامات الساعة ونهاية العالم"، فماذا يقول رجال الدين عن ذلك؟
هل اقترب "يوم القيامة"؟في حديثه لموقع "الحرة"، اكتفى الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر ووكيله السابق، عباس شومان، بوصف الموضوع بـ"الجدلي والتخمينات التي لا أساس لها".
وحسب شومان فهذه موضوعات جدلية، أكثر من كونها تعود بالنفع والحديث عنها لا يفيد ويضيع وقت الناس"، رافضا الخوض بالقضية.
أما عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عبدالغني هندي، فيوضح أن بعثة النبي محمد من "علامات الساعة"، وهذا منذ من 1440 عاما.
وعلم الساعة عند الله، والإنسان المسلم إذا "مات قامت قيامته"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويشدد هندي على أن "استخدام علامات الساعة كمادة جدلية"، لا علاقة له بالدين الإسلامي "لا من قريب ولا بعيد".
ومن جانبه، يستنكر أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، ربط "الكسوف والخسوف" بقرب نهاية العالم واعتباره من علامات الساعة.
وتلك الظواهر الطبيعية تكررت عدة مرات لسنوات وعقود، وعايشناها سابقا خلال حياتنا مرارا وتكرارا، لكن "الإنسان اليأس الذي لديه أزمات أو عجز عن مواجهة تحدياته اليومية، يحاول إنهاء العالم، ويتلمس أي أمر يقول إن الساعة اقتربت والدنيا ستنتهي"، وفق حديث الهلالي لموقع "الحرة".
ومن ناحية علمية، يقول زين العابدين الحسيني، مؤرخ وباحث في التاريخ وعلم الفلك والفضاء، إنه "من الممكن جدا أن يحتوي نفس الشهر على خسوف للقمر وكسوف كلي للشمس"، معتبرا أن "هذه حالة طبيعية قد تحدث مرارا ولا شيء يمنع حدوثها".
وأوضح أن "الأرض والقمر يدوران معا في مسار اهليليجي (بيضاوي الشكل)، وكلما اقتربا من الشمس وقع الكسوف والخسوف في فترة متراقبة".
وعن تداعيات ذلك، يشدد الحسيني على أن "هذه الواقعة عادية ولا علاقة بها بالأرض، وهذا يؤكّد أن هناك فرقا كبيرا بين علم الفلك والتنجيم، حيث يقوم الأخير بإسقاط ما هو موجود في الفضاء على ما هو في الأرض".
وتابع: "العلم ينسجم مع المعتقدات الإسلامية هنا، حيث يقول النبي محمد إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنكسفان لموت أحدٍ من الناس ولا لحياته".
يحدث الكسوف الكلي، عندما يمر القمر بين الشمس والأرض، ليغطي سطح الشمس بالكامل بطول مسار صغير من سطح كوكبنا، وهذا ما يسمى "طريق الكسوف".
ويبلغ قطر القمر 3476 كيلومترا، مقارنة بقطر الشمس الذي يبلغ حوالي 1.4 مليون كيلومتر وقطر الأرض 12742 كيلومترا.
ورغم أن الشمس أكبر بحوالي 400 مرة من القمر، فهي أبعد بحوالي 400 مرة، ما يعني أن القرصين يبدوان بنفس الحجم تقريبًا عندما نراهما في سمائنا.
ولذلك فعندما يمر القمر أمام الشمس، يحجب معظم ضوئها، وتتحول السماء نهارا إلى ظلام شبيه بغسق المغيب أو غبش الفجر.
أما "خسوف القمر"، فيحدث عندما تقع الأرض بين القمر والشمس ويغطي ظل كوكبنا سطح القمر.
وهذا يجعل القمر يبدو معتما من الأرض، وأحيانا بلون مائل للحمرة.
ويحدث اللون البرتقالي المحمر للقمر بسبب تشتت أشعة الشمس من الغلاف الجوي للأرض.
ويمكن رؤية خسوف القمر من نصف الكرة الأرضية، وهي مساحة أوسع بكثير من كسوف الشمس.
ما أسباب "التفسيرات الجدلية"؟وعن أسباب تبني البعض لتفسيرات غير علمية ولا حتى دينية، تشير أستاذ علم الاجتماع، هالة منصور، إلى أن "الإنسان دائما لديه شغف بكل ما هو مجهول".
وكلما زادت "الأزمات الاجتماعية والضغوط النفسية"، يحاول البعض "إيهام نفسهم أن النهاية اقتربت والعالم كله سوف يختفي" على عكس الواقع، وهذا يحدث بالتزامن مع الكوارث الطبيعية والظواهر الكونية المختلفة، وفق حديثها لموقع "الحرة".
"الزلزال وعلامات الساعة وكثرة الذنوب".. ماذا يقول الدين الإسلامي عن "التفسيرات الجدلية"؟ منذ الأيام الأولى للزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وشمال سوريا، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بمنشورات تصف الكارثة بـ"العقاب الإلهي" وتتحدث عن "اقتراب يوم القيامة"، بينما يكشف علماء دين تحدث معهم "موقع الحرة" مدى صحة تلك الأحاديث.ومع تطورات مواقع التواصل الاجتماعي "أصبح انتشار الشائعات والأفكار المغلوطة، أكثر اتساعا"، ما يساهم في رواج تلك التفسيرات الجدلية غير العلمية، حسبما توضح أستاذ علم الاجتماع.
تداعيات "التفسيرات الجدلية"يوضح الهلالي أن تفسير كل ظاهرة كونية على أنها دلالة لـ"نهاية العالم"، يصيب "الناس باليأس"، ويجعل المسلمون "يقدمون الآخرة على الدنيا".
ويحذر عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، من تداعيات الاتكال على "تفسيرات مواقع التواصل الاجتماعي"، واعتبارها منبرا لـ"الفتوى والإفتاء" دون علم ولا أسانيد دينية.
أما منصور فتحذر من لجوء الإنسان لـ"التفسيرات الوهمية التي يعتقد أنها تخرجه من حالة اليأس والإحباط، في ظل عدم قدرته على تغيير الواقع، والتأثير للأحداث الحياتية".
وتلك "التفسيرات الوهمية، تهدد سلامة المجتمع، وتجعل البعض يكره الواقع، ويتأثر بالأفكار التي تدفع نحو زيادة الإحباط والفشل واليأس"، حسب أستاذ علم الاجتماع.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: مواقع التواصل الاجتماعی علامات الساعة خسوف القمر
إقرأ أيضاً:
مُستقبلنا في العمل الحُر
د. خالد بن علي الخوالدي
اهتمام ملحوظ من قبل الجهات المختصة للتشجيع على العمل الحر، وهذه الجهود التي تبذل متميزة حتى لو كانت مُتأخرة، ومن وجهة نظري أنَّ هذا الموضوع لأبد أن يكون له منهج يدرس في الصفوف من التاسع إلى الثاني عشر وذلك لأهميته البالغة، وهي ثقافة لأبد أن تترسخ في الأوساط المجتمعية؛ فالأعمال الحرة خاصة تلك الصغيرة والمتوسطة تعتمد عليها الكثير من الدول في تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية داخل كل دولة، فكلما كانت الأعمال الحرة نشطة كان الاقتصاد يقدم الكثير من الفرص، خاصة في مجال توفير فرص وظيفية.
وفي عصر يتسم بالتغيرات السريعة والتطور التكنولوجي، لأبد أن يصبح العمل الحر خيارًا جذابًا للكثير من الأفراد، خاصةً الشباب الذين يسعون إلى تطوير مهاراتهم، وتحقيق الاستقلال المالي، والمساهمة في الاقتصاد الوطني، وفي الحقيقة نؤكد أن الحكومة تؤدي دورًا محوريًا في تشجيع هذا النوع من العمل، مما يعكس أهمية العمل الحر كجزء من المنظومة الاقتصادية والتجارية.
وكما قلنا إنَّ العمل الحر يُعد وسيلة فعّالة لتحقيق الاستقلالية المالية، حيث يتيح للأفراد إدارة وقتهم ومشاريعهم بشكل يتناسب مع اهتماماتهم وقدراتهم، كما يسهم في تعزيز الابتكار والإبداع، حيث يتيح للأفراد فرصة تجربة أفكار جديدة وتحقيقها على أرض الواقع من جميع النواحي خاصة من الناحية الاقتصادية، إلى جانب دور العمل الحر في تنويع مصادر الدخل، مما يعزز من استقرار الاقتصاد الوطني ويقلل من الاعتماد على القطاعات التقليدية.
ومن المبادرات التي نلمسها بشكل واضح من قبل الجهات المختصة لتشجيع العمل الحر بطاقة ريادة والتي تسهل لرواد الأعمال الاستفادة من المزايا والتسهيلات المتاحة سواء على مستوى البنوك والدعم والقروض وتخفيف الرسوم؛ حيث توفر هذه البطاقة مجموعة من الخدمات، مثل التدريب، والاستشارات، والدعم المالي، مما يُسهِّل على الشباب بدء مشاريعهم الخاصة، كما تساهم بطاقة ريادة في تعزيز روح المبادرة والابتكار بين الشباب العُماني، وهذا سيقود إلى دعم رواد الأعمال وتوفير بيئة ملائمة لنمو الأعمال الحرة، والتي تعد جزءًا من رؤية "عُمان 2040"، التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التنوع الاقتصادي.
والعمل الحر خيار مثالي للعديد من الشباب العُماني؛ حيث يُتيح لهم فرصة تحقيق أحلامهم وطموحاتهم.، كما يوفر لهم القدرة على العمل في مجالات متنوعة؛ مما يُساعدهم على اكتساب خبرات جديدة وتوسيع شبكة علاقاتهم، بالإضافة إلى ذلك يُمكن أن يكون العمل الحر مصدر دخل إضافي، مما يُسهم في تحسين مستوى المعيشة، وتنوع الأعمال الحرة التي يمكن أن يمارسها الشباب، بدءًا من التجارة الإلكترونية، والتسويق الرقمي، وصولًا إلى تقديم الخدمات الاستشارية والتصميم الجرافيكي، كما يمكن للشباب استغلال مهاراتهم في مجالات مثل البرمجة، والتصوير، والكتابة، مما يتيح لهم فرصة العمل في مجالات تتناسب مع اهتماماتهم ومهاراتهم.
وفي عصر التكنولوجيا، أصبح للدور الإلكتروني تأثير كبير على الأعمال الحرة حيث تتيح المنصات الإلكترونية للأفراد تسويق منتجاتهم وخدماتهم بشكل أوسع، مما يزيد من فرص النجاح، كما توفر هذه المنصات أدوات تحليلية تساعد رواد الأعمال على فهم احتياجات السوق وتوجيه جهودهم بشكل أفضل.
إنَّ العمل الحر يمثل فرصة حقيقية للشباب العُماني لتحقيق طموحاتهم والمساهمة في بناء اقتصاد قوي ومستدام من خلال دعم الحكومة وتوفير التسهيلات اللازمة، واستغلال الشباب لهذه الفرصة لبناء مستقبل مشرق لأنفسهم ولبلدهم، وكما هو معروف أن تعزيز ثقافة العمل الحر ليس مجرد خيار اقتصادي؛ بل هو استثمار في الأفراد والمجتمع ككل.
ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.
رابط مختصر