لاهاي- رويترز

نفت ألمانيا اليوم الثلاثاء أنها تساعد في جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة من خلال بيع أسلحة لإسرائيل في دعوى رفعتها نيكاراجوا أمام محكمة العدل الدولية، أعلى محاكم الأمم المتحدة، مما يسلط الضوء على الإجراءات لقانونية المتزايدة لدعم الفلسطينيين.

وتعد ألمانيا أحد أقوى حلفاء إسرائيل منذ هجمات السابع من أكتوبر التي شنها مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والهجوم الذي أعقب ذلك على قطاع غزة.

وهي واحدة من أكبر موردي الأسلحة لإسرائيل؛ إذ أرسلت معدات عسكرية وأسلحة بقيمة 326.5 مليون يورو (353.70 مليون دولار) في عام 2023، وفقا لبيانات وزارة الاقتصاد.

وتواجه ألمانيا ودول غربية أخرى احتجاجات في الشوارع وقضايا قانونية مختلفة واتهامات بالنفاق من جانب جماعات الحملات التي تقول إن إسرائيل قتلت عددا كبيرا جدا من المدنيين الفلسطينيين في هجومها العسكري المستمر منذ ستة أشهر.

لكن المحامية تانيا فون أوسلار-جلايشن، مفوضة القانون الدولي بوزارة الخارجية الألمانية، قالت لقضاة محكمة العدل الدولية إن قضية نيكاراجوا متسرعة واستندت إلى أدلة واهية ويجب رفضها بسبب عدم الاختصاص القضائي. وأضافت أنه يتم فحص صادرات الأسلحة لضمان الالتزام بالقانون الدولي. وتابعت قائلة "ألمانيا تبذل قصارى جهدها للوفاء بمسؤوليتها تجاه الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني"؛ إذ تعد ألمانيا أكبر مانح فردي للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين.

وقالت فون أوسلار-جلايشن إن أمن إسرائيل يمثل أولوية بالنسبة لألمانيا بسبب تاريخ الإبادة النازية لليهود في المحرقة. وأضافت "تعلمت ألمانيا من ماضيها، الماضي الذي يتضمن المسؤولية عن واحدة من أفظع الجرائم في تاريخ البشرية، المحرقة". واستخدمت الكلمة العبرية التي ترادف المحرقة.

وقال كريستيان تامس محامي ألمانيا للمحكمة إنه منذ السابع من أكتوبر فإن 98 بالمئة من صادرات الأسلحة إلى إسرائيل عبارة عن معدات عامة مثل السترات والخوذ والمناظير. وأضاف أنه من بين أربع حالات تمت فيها الموافقة على تصدير الأسلحة الحربية، كانت ثلاث تتعلق بأسلحة غير صالحة للاستخدام في القتال مثل ذخيرة التدريب.

وطلب محامو نيكاراجوا امس الاثنين من محكمة العدل الدولية أن تأمر ألمانيا بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل واستئناف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بوصفها إجراءات طارئة بينما تستعد المحكمة لسماع القضية.

وقالوا إن برلين انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 والقانون الإنساني الدولي من خلال الاستمرار في تزويد إسرائيل بالإمدادات حتى بعدما أدركت وجود خطر ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

وتنفي حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذلك بشدة، قائلة إن حربها هي ضد مقاتلي حماس وليس ضد المدنيين الفلسطينيين، وإنها ضحية لحملة تشهير عالمية.

وأسفرت هجمات السابع من أكتوبر التي قادتها حماس عن مقتل 1200 شخص، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية. فيما استُشهد أكثر من 33 ألف فلسطيني في العدوان الإسرائيلي اللاحق على غزة منذ ذلك الحين، بحسب وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.

ومن المتوقع أن تصدر محكمة العدل الدولية إجراءات مؤقتة بشأن قضية نيكاراجوا في غضون أسابيع، لكن الحكم النهائي قد يستغرق سنوات. وعلى الرغم من أن الأحكام من المفترض أن تكون ملزمة قانونا، إلا أن المحكمة ليس لديها آلية لتنفيذها.

وفي يناير قضت محكمة العدل الدولية، ردا على اتهام من جنوب أفريقيا، بأن المزاعم بانتهاك إسرائيل بعض الحقوق المكفولة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية مقبولة وأمرت باتخاذ إجراءات طارئة بما في ذلك دعوتها إلى وقف أي أعمال إبادة جماعية محتملة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دعوات للتحقيق في دعم الإبادة بغزة.. هل تكرر بريطانيا تجربة لجنة تشيلكوت؟

لندن- لا يبدو أن حكومة حزب العمال البريطاني استطاعت الخروج من دائرة الاتهام بدعمها حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة رغم محاولاتها الوقوف على مسافة تفصلها عن حكومة حزب المحافظين السابقة التي وفرت دعما عسكريا غير مسبوق لإسرائيل منذ أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتعالت الأصوات مجددا داخل البرلمان البريطاني مطالبة بإنشاء لجنة تحقيق مستقلة تكشف مدى تورط الحكومات البريطانية في حرب الإبادة بغزة، وتُسائل قانونيا المسؤولين البريطانيين عن قراراتهم وسلوكهم السياسي في التعاطي مع الإبادة الجماعية للفلسطينيين في القطاع، في ظل مخاوف من استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية واستخدامها منع وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين سلاحا للضغط السياسي.

وطالب جيرمي كوربن زعيم حزب العمال السابق والنائب المستقل في البرلمان البريطاني في رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة ورفيقه السابق في حزب العمال كير ستارمر بإنشاء لجنة تستنسخ تجربة لجنة تشيلكوت التي أنشأها رئيس الوزراء السابق غوردون براون عام 2009، للتحقيق في الأخطاء التي ارتكبت خلال مشاركة بريطانيا في الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

وأضاف كوربن أن التاريخ في غزة يعيد نفسه من جديد، وأن الحكومة البريطانية غير قادرة على إقناع منتقديها بأنها قد استوعبت الدرس من أخطاء سابقاتها خلال الانخراط في الحروب خارج الحدود.

إعلان

وأشار في رسالته إلى أن الحكومة البريطانية تفرض تعتيما على طبيعة دعمها حرب الإبادة في غزة رغم القلق المتزايد في أوساط الرأي العام البريطاني من ضلوع بلادهم في انتهاكات صارخة للقانون الإنساني الدولي، وإصرار حكومة حزب العمال على الاستمرار في توريد الأسلحة لإسرائيل ورفضها إطلاق وصف "الإبادة الجماعية" على الجرائم الإسرائيلية ضد أهالي القطاع.

ملاحقات قانونية

وهذا الحراك المستجد داخل البرلمان يأتي في سياق مواجهة مستمرة بين الحكومة ومؤسسات حقوقية أمام المحاكم البريطانية لوقف تسليح إسرائيل ومنع تزويدها بقطع غيار لطائرات "إف-35" التي تعتمد عليها طائرات الجيش الإسرائيلي في تنفيذ هجماتها على التجمعات السكنية في القطاع.

ففي أبريل/نيسان الماضي حذّر رأي استشاري قانوني حكومة حزب المحافظين بقيادة ريشي سوناك من المخاطر القانونية لتوريد الأسلحة إلى إسرائيل، لاستخدامها من قبل الجيش الإسرائيلي في ارتكاب جرائم تنتهك القانون الإنساني الدولي، داعيا إلى الحذر من التبعات القضائية التي قد تترتب على ذلك.

وفي محاولة لسد تلك الفجوات القانونية وبعد أسابيع قليلة على توليه منصبه في يوليو/تموز الماضي أعلن رئيس الوزراء البريطاني سحب بعض رخص توريد الأسلحة الموجهة إلى إسرائيل، دون أن يشمل القرار سحب تراخيص توريد قطع غيار لطائرات "إف-35″، مما دفع هيئات حقوقية بريطانية إلى رفع دعوى أمام القضاء البريطاني، في حين واصل رفض إسقاط مصطلح "الإبادة الجماعية" على الانتهاكات الجارية في القطاع ضد الفلسطينيين.

مؤيدة للفلسطينيين في احتجاج أمام شركة أسلحة بريطانية متعددة الجنسيات بلندن (الفرنسية) ضغوط مستبعدة

بدوره، استبعد رئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا صباح المختار في حديث للجزيرة نت أن تنصاع الحكومة البريطانية للضغوط بإنشاء لجنة تحقيق مستقلة تستقصي دوافع وخلفيات الدعم السخي المقدم لإسرائيل خلالها ارتكابها حرب الإبادة على غزة.

إعلان

وأشار المختار إلى أن أولوية المسؤولين البريطانيين في اللحظة الراهنة مواصلة دعمهم كلا من تل أبيب وواشنطن في خطط إعادة ترتيب الأوضاع في القطاع وفق رؤية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وليس الوقوف على أخطاء سياساتهم الخارجية.

وأشار إلى أن هناك إجماعا قانونيا دوليا واسعا على ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية ترجمته مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق، لكن إلزام الحكومة في لندن بوقف دعمها جرائم الإبادة في غزة يحتاج جهدا قانونيا قد يستغرق وقتا لا يبدو أن الفلسطينيين في القطاع يملكون ترفه.

الاستفادة من الماضي

ولا يعيد هذا الجدل بشأن تورط بريطانيا في حرب الإبادة الجماعية بغزة فقط خلافا عصف بصفوف حزب العمال منذ بداية الحرب، بل يستدعي إلى الأذهان أيضا سجالا سياسيا حادا عاشته بريطانيا عشية حرب العراق عام 2003 وامتد لسنوات بشأن وجاهة الأسباب وسلامة الأدلة التي قدمتها الحكومة البريطانية لتبرير تواطئها مع واشنطن لإنهاء نظام حكم الرئيس الراحل صدام حسين.

وبشأن اقتراح تشكيل لجنة على غرار لجنة التحقيق في غزو العراق، يقول المختار إن قرار رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون بتشكيل لجنة تشيلكوت جاء بعد 3 محاولات للمناهضين لحرب العراق آنذاك، للمطالبة بتقصي دوافع المشاركة في الغزو والجرائم التي ارتكبتها بريطانيا خلال المعارك.

ولفت المختار إلى أنه حين تمت الموافقة على إنشاء اللجنة تم حصر عملها في إطار تقييم المشاركة البريطانية في الحرب واستخلاص الدروس من الأخطاء التي ارتكبت دون إدانة مرتكبيها.

وفي عام 2009 ترأس القاضي البريطاني السير جون تشيلكوت لجنة التحقيق في قرار المشاركة في حرب العراق عام 2003 بعهد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير.

وأصدرت اللجنة تقريرها النهائي عام 2016، وحمّلت فيه بلير مسؤولية التقليل من عواقب غزو العراق، وسوق مبررات مضللة للمشاركة في الحرب، والفشل في تحقيق أهدافها.

إعلان

لكن، على الرغم من لغة التقرير الصارمة فإنه لم تترتب على النتائج التي خرجت بها لجنة تشيلكوت مساءلة قانونية للمسؤولين البريطانيين، ومن ضمنهم رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير.

المظاهرات في بريطانيا لم تتوقف مطالبة بوقف تسليح إسرائيل خلال حرب غزة (غيتي) خطوة في طريق طويل

لكن كريس ناينهام الناشط الحقوقي البريطاني نائب رئيس تحالف "أوقفوا الحرب" يرى أن الظروف السياسية المواتية لإخراج لجنة مشابهة للجنة تشيلكوت لم تتشكل بعد، ففي اللحظة الراهنة ليس هناك ضغط سياسي وشعبي كافٍ لدفع الحكومة البريطانية إلى اتخاذ هذا القرار.

واعتبر المتحدث أن تشكيل لجنة على منوال لجنة تشيلكوت سيكون خطوة إلى الأمام بالنظر للانسداد الحاصل، وإصرار الحكومة البريطانية على مواصلة دعمها حملة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

ويرى أن اكتفاء تقرير تشيلكوت بتحميل توني بلير مسؤولية تضليل البرلمان البريطاني قبل غزو العراق واستمراره بالانخراط في صناعة السياسات العامة رغم سجله القانوني السيئ أشاع "ثقافة الإفلات من العقاب"، خاصة حين تخاض الحروب خارج الحدود.

ويشدد ناينهام على أن بريطانيا لا توفر فقط دعما دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا غير مسبوق لجرائم الإبادة الجماعية في غزة، بل تعد أيضا أحد أهم الداعمين الدوليين لهذه الإبادة.

ويقول إنه رغم الغضب الشعبي الواضح من التورط في انتهاكات القانون الدولي فإن الطبقة السياسية البريطانية تلتزم الصمت في مواجهة هذه المعضلة الأخلاقية، ونادرا ما ترتفع أصوات كالتي عبر عنها زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن، لتطالب بأن تتحمل الحكومة البريطانية المسؤولية القانونية والأخلاقية لسياساتها وخياراتها الإستراتيجية.

مقالات مشابهة

  • دعوات للتحقيق في دعم الإبادة بغزة.. هل تكرر بريطانيا تجربة لجنة تشيلكوت؟
  • مبيعات تسلا تنهار في ألمانيا فهل تأثرت بثورة ترامب الجمركية؟
  • تحذيرات أممية من شح الغذاء في القطاع.. وجنوب إفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحاً للإبادة الجماعية
  • حماس: سياسة التجويع امتداد لحرب الإبادة الجماعية وتصعيد إرهابي ضد غزة
  • جنوب أفريقيا تتهم إسرائيل باستخدام التجويع سلاحاً في الحرب ضد قطاع غزة
  • القمة العربية تحث على تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية بشأن جرائم الاحتلال
  • تأجيل محاكمة 5 متهمين بقتل موظف بالقناطر الخيرية إلى مايو المقبل
  • خلفا لسلام.. محكمة العدل الدولية تنتخب يوجي رئيسا لها
  • خلفًا لسلام.. إليكم هوية رئيس محكمة العدل الدولية الجديد
  • محكمة العدل الدولية تنتخب يوجي إيواساوا رئيسا جديدا خلفا لسلام