أثيرت في الآونة الأخيرة بشدة وفي أكثر من قطر عربي قضية المساواة في الإرث، وتكثف ضغط المجتمع الحقوقي المدعوم ببعض التيارات العلمانية من أجل إقرار قاعدة المساواة المطلقة في الإرث بين الذكور والإناث، وأضحى عدد من مثقفي هذه التيارات، يدعو إلى تفعيل الاجتهاد من داخل النصوص الشرعية وإحداث قطيعة ما يسمونه بـ"القراءة الذكورية للإسلام"، وأن نصوص الشرع ومقاصده تدعم فكرة المساواة المطلقة، وأن المشكلة تكمن أساسا في السنة لا في النص القرآني القطعي.



التوجهات المحافظة، ترى أن هذه القضية قطعية لا سبيل إلى مراجعتها، وأن الدعوة إلى المساواة هي جزء من أجندة غربية، تستهدف النيل من مرجعية الأمة، والقضاء على ما تبقى منها، بعد أن صارت الشريعة مجرد ستة كتب تتضمن في مدونة الأسرة أو مدونة الأحوال الشخصية في أكثر من قطر عربي، تشمل الزواج والطلاق والنفقة والحضانة والإرث والوصية.

في هذا المقال، سنحاول الخروج من ضيق الإيديولوجيا إلى رحابة المنهج، ساعين بالأساس التقدم بالنقاش إلى الأمام، ومساعدة القراء على تفكيك المسألة، وفهم طبيعتها، وإمكان الاجتهاد فيها، ومدهم بالأدوات النقدية التي تساعدهم على التمييز بين ما هو علمي منهجي، وما هو إيديولوجي سياسي.

الإطار الإشكالي لمسألة المساواة في الإرث

يحتاج نقاش المساواة في الإرث إلى إعادة طرح الإشكال بشكل منهجي، نستطيع من خلاله ضبط مسارات البحث واتجاهاته، فإذا كان التياران العلماني والمحافظ متواطئين على أن هناك حلا للمشكلة من داخل مقاصد الشريعة عبر آلية الاجتهاد، فالنظر في القضية أصولي منهجي، يبحث سؤال إمكان الاجتهاد وعوائقه في المسألة، وهل هذه العوائق ثقافية إيديولوجية، أم القضية مرتبطة بالنسق الاجتهادي الأصولي، وبالتالي فالحاجة تدعو إلى مراجعته كلا لا جزءا.

يصنف علماء الأمة الإرث أو المواريث أو الفرائض ضمن ما يسمونه "المقدرات"، التي حدد لها الشرع قدرا محددا، مفصلا أحكامها، ومقدرا نصيب كل وارث وسهمه، ويدخل الإرث ضمن أحكام العاديات، أي المعاملات، التي تخضع في الأصل لقاعدة التعليل والنظر إلى المعانيوإذا كان التياران متواطئين على الاستمداد من مرجعية الشريعة، مختلفين في مواردها ومصادرها، بين مستند إلى النص القرآني معتبر بحجية السنة، ومقتصر على النص القرآني، مستبعد للسنة، بزعم أنها تقدم مجرد فهم تاريخي للنص القرآني، فمسار النقاش، منهجي، يصب أساسا في إمكان تأصيل المساواة في الإرث من النص القرآني دون السنة، وما الاجتهاد المقدم بهذا الخصوص، وهل ينضبط للجزء الخاص بالنظر في النص القرآني ضمن النسق الأصولي العام؟

أما إن كان الاختلاف المرجعي، يبرر للعلمانيين أن يطالبوا بالمساواة بمعزل عن الشريعة تماشيا مع المنطق الحقوق "الكوني"، فمسار النظر، أيضا منهجي، متعلق بمترتبات هذا الاجتهاد خارج النص، ومستنداته السوسيولوجية.

وبذلك، يتحصل من النظر في الإطار الإشكالي للموضوع، ثلاثة مسارات منهجية سنخص كل واحد منها بنظر أصولي منهجي يناسب الأدوات المنهجية المعتمدة في المساحة المتواطأ فيها من النظر بين التيارين.

هل بالإمكان التأصيل للمساواة في الإرث من داخل المنظومة الأصولية؟

يصنف علماء الأمة الإرث أو المواريث أو الفرائض ضمن ما يسمونه "المقدرات"، التي حدد لها الشرع قدرا محددا، مفصلا أحكامها، ومقدرا نصيب كل وارث وسهمه، ويدخل الإرث ضمن أحكام العاديات، أي المعاملات، التي تخضع في الأصل لقاعدة التعليل والنظر إلى المعاني، وهي في للجوهر تتعلق بأحكام نقل الملكية إلى الورثة بسبب موت المالك، وقد اتفق الأصوليون والفقهاء المتقدمون منهم والمتأخرون على أن "المقدرات" تخرج عن قاعدة" الأصل في العاديات التعليل والنظر إلى المعاني" وأدخلوها ضمن قاعدة "التعبد".

وقد وقع عدد من الباحثين في الخطأ عندما خلطوا اصطلاح "العبادات" باصطلاح "التعبد" حين اعتبروا أن الفرائض أو الإرث ألحق بقسم العبادات، وظنوا أن القضية موضوعية (إلحاق موضوع الإرث بقسم العبادات)، بينما القضية في الجوهر منهجية، فالتعبد بتعبير الأصوليين، هو ما تعذر تعليله والوقف فيه على المعنى المعقول، وقد استعمل بعض الأصوليين والفقهاء تعبيرات أخرى، تجنب القارئ من الوقوع في نفس الخلط، كلفظ "الاحتكامات" عند الإمام أبي حامد الغزالي ، واستعمل و"التوقف" عند شيخ  الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم إشعارا بتعذر التعليل وصعوبة تعقل المعنى.

وقد بسط الإمام العز بن عبد السلام بدقة القول في هذه المسالة فقال في القواعد:" المشروعات ضربان: أحدهما: ما ظهر لنا أنه جالب لمصلحة أو دارئ لمفسدة، أو جالب دارئ لمفسدة، أو جالب دارئ لمصلحة، ويعبر عنه بأنه معقول المعنى. الضرب الثاني: ما لم يظهر لنا جلبه لمصلحة أو درؤه لمفسدة، ويعبر عنه بالتعبد" وقد فسر العز بن عبد السلام هذه التسمية بالقول:" وفي التعبد من الطواعية والإذعان مما لم تعرف حكمته، ولا تعرف علته ما ليس في غيره مما ظهرت علته وفهمت حكمته، فإن ملابسه قد يفعله من أجل تحصيل حكمته وفائدته، والمتعبد لا يفعل ما تعبد به إلا إجلالا للرب وانقيادا إلى طاعته". 

وقد ورد في تعريف الشاطبي للتعبد ما يزيل هذا الغبش، ويجعله دلالته منهجية لا موضوعية، يقول الشاطبي في هذا الصدد: "فإذا تقرر هذا، وأن الغالب في العادات الالتفات إلى المعاني، فإذا وجد فيها التعبد، فلا بد من التسليم والوقوف مع المنصوص: كطلب الصداق في النكاح، والذبح في المحل المخصوص في الحيوان المأكول، والفروض المقدرة في المواريث، وعدد الأشهر في العدد الطلاقية والوفوية، وما أشبه ذلك من الأمور التي لا مجال للعقول في فهم مصالحها الجزئية، حتى يقاس عليها غيرها، فإنا نعلم أن الشروط المعتبرة في النكاح من الولي والصداق وشبه ذلك، لتمييز النكاح عن السفاح، وأن فروض المواريث ترتبت على ترتيب القربى من الميت، وأن العدد والاستبراءات المراد بها استبراء الرحم خوفا من اختلاط المياه، ولكنها أمور جملية، كما أن الخضوع والتعظيم والإجلال علة شرع العبادات، وهذا المقدار لا يقضي بصحة القياس على الأصل فيها، بحيث يقال: إذا حصل الفرق بين النكاح والسفاح بأمور أخر مثلا لم تشترط تلك الشروط، ومتى علم براءة الرحم لم تشرع العدة بالأقراء ولا بالأشهر، ولا ما أشبه ذلك".

تبعا لهذا التأطير الأصولي والمنهجي لآيات المواريث، يتقرر بأنها أحكام تعبدية بالمعنى الذي يفيد بأنها غير معقولة المعنى على التفصيل، فإذا كان من المقدور الحديث في أسرار تقسيم الإرث وحكمه على شاكلة ما فعل الشاطبي، نفسه، حين تحدث عن نقل ملكية الهالك إلى ذوي قرباه مع ترتيبهم بحسب القرب منه، أو على شاكلة ما فعل الإمام الدهلوي في "الحجة البالغة" حينما  اعتبر أن مسائل المواريث بنيت على أصول منها أن المعتبر في هذا الباب هو المصاحبة الطبيعية، والمناصرة، والموادة التي هي كمذهب جبلي، دون الاتفاقات الطارئة، فإنها غير مضبوطة"، فإن عدم معقولية المعنى في آيات المواريث، تجعل الاجتهاد سواء بالقياس أو الاستصلاح أمرا متعذرا، فما غابت علته التفصيلية، يصعب معه التعدية في حال القياس، ويتعذر معه ضبط الحكم ودورانه مع علته وجوبا وعدما، فلو كان النص معقول المعنى، وثبتت علته بأحد وجوه إثباتها كما هي عند الأصوليين، جاز معه أن يناط الحكم بعلته وجوبا وعدما، وجاز معه أن يقال  بأن التفاضل في الإرث كان مبنيا على علة قيومية الذكر، وأن انتفاءها اليوم، أو تساويه فيها مع المرأة، يمنع من ترتب الحكم، لأنه لم يعد يدور مع علته وجوبا وعدما.

ولذلك، فمشكلة العلمانيين، الذين ينطلقون من إمكان الاجتهاد من داخل المنظومة الأصولية لتأصيل المساواة في الإرث، أن يخرجوا المواريث التي قدرت أحكامها بأعداد وأنصبة وأسهم محددة من دائرة "التعبد"، أو "الاحتكام" و"التوقف"، ويدرجوها ضمن أصل قاعدة العاديات، وأن شرط ذلك، أن يثبتوا علل هذه الأحكام على التفصيل، وذلك بأحد وجوه إثبات العلة المقررة في النسق الأصولي، إما نصا أو إيماء أو إجماعا أو مناسبة أو تأثيرا أو شبها أو دورا أو سبرا وتقسيما أو طردا أو تنقيح مناط على ما ذهب إليه الإمام الرازي في "المحصول".  فإذا تعذر ذلك عليهم، وهو الأمر الذي لم نجد له في كتاباتهم ما يثبته، دل على أن متمسكهم في هذا المسار الأصولي والمنهجي ضعيف، فلنمض إلى المسار الموالي.

هل يمكن التأصيل للمساواة في الإرث من داخل النص القرآني؟

ينطلق هذا المسار الأصولي والمنهجي من مجاراة لفرضية علمانية ترى أن مشكلة المساواة في الإرث مرجعها نصوص السنة النبوية، وأن الاكتفاء بالنص القرآني، والنظر في مقاصده، سيزيح من أمام عملية الاجتهاد قيودا وعراقيل منهجية وأصولية، تساعد إلى التقدم إلى خطوة كبيرة نحو تأصيل فكرة المساواة في الإرث. وتستند الفرضية العلمانية إلى تقدير غير مثبت علميا، يرى أن الإرث بالتعصيب الذي جاءت به السنة، هو الذي عمق الفهم الذكوري لقضية المواريث، ووضع الأساس الفقهي لفكرة عدم المساواة في الإرث، بل أضاف إلى هذه المشكلة مشكلة أخرى، هي التمييز ضد المرأة وحرمانها من مال أبيها وتمكين البعيد منه باسم حقه في الإرث بالتعصيب.

يحتاج نقاش المساواة في الإرث إلى إعادة طرح الإشكال بشكل منهجي، نستطيع من خلاله ضبط مسارات البحث واتجاهاته، فإذا كان التياران العلماني والمحافظ متواطئين على أن هناك حلا للمشكلة من داخل مقاصد الشريعة عبر آلية الاجتهاد، فالنظر في القضية أصولي منهجي، يبحث سؤال إمكان الاجتهاد وعوائقه في المسألة، وهل هذه العوائق ثقافية إيديولوجية، أم القضية مرتبطة بالنسق الاجتهادي الأصولي، وبالتالي فالحاجة تدعو إلى مراجعته كلا لا جزءا.استقراء نصوص المواريث في النص القرآني، يبين بأن هذه الفرضية ضعيفة سواء بالاعتبار الأول (الادعاء أن السنة كرست واقع اللامساواة في الإرث) أو بالاعتبار الثاني (الادعاء أن السنة كرست التمييز ضد المرأة وحرمانها من حقها من مال أبيها بإدخال البعيد)، فالتفاضل بين الأولاد (الذكور والإناث) مثبت بنص القرآن، ومثله التفاضل في نصيب الزوج والزوجة، والأخ الشقيق والأخت الشقيقة، والأم الأب في بعض الحالات، ولم ترد حالة التساوي في القرآن إلا في حالة الأخوة لأم، الذين يشتركون في الثلث بالتساوي في حالة التعدد.

فإذا كان التقدير أن الاجتهاد العلماني، بمنعه للتعصيب سيسوغ رد النصيب المتبقي من الإرث في حالة موت الأب عن بنتين أو ثلاثة فما فوق (الرد على ذوي الفروض في حالة عدم وجود وراث عاصب)، فإن هذه العملية بذاتها، تحتاج لسند مرجعي، والسند الوحيد الذي يدعمه هو السنة، فكيف يسوغ لمن يبعد السنة عن دائرة التشريع بزعم التمكين للمساواة أن يستند إليها لكي يعطي شرعية لفكرة الرد على ذوي الفروض لتمكين البنات من كل التركة بدل تركها للعاصب البعيد.

والمشكلة أن إبعاد السنة من الاعتبار سينتج عنه حرمان الجدة من نصيبها في السدس، إذ لم يقرر لها القرآن نصيبا مفروضا، ومكنتها السنة من ذلك إنصافا لها.

لقد قررت السنة أن المتبقي بعد أن يأخذ أصحاب فروضهم يؤول إلى "أولى رجل ذكر"، وورد في بعض أقضية الرسول عليه السلام تقديم الأخ الشقيق على الذي لأب أو الذي لأم، وعليه سار اجتهاد الصحابة في بناء منظومة العصبة، بحسب الجهات ودرجة القرب داخل كل جهة على حدة، فأعطوا السبق لجهة البنوة ثم الأبوة ثم الأخوة ثم العمومة، وقدموا داخل كل جهة  الأعلى درجة، فالأخ أعلى من ابن الأخ، والعم أعلى من ابن العم، والأب أعلى من الجد، ثم لجأوا عند استواء الدرجة إلى الترجيح بدرجة القرب، فقدموا الشقيق على غيره، فنتج عن ذلك منظومة  عصبة بالنفس مرتبة ترتيبا هرميا، وتقعدت بذلك قواعد الحجب، واستند الصحابة في خلافهم الفقهي في بعض مسائل الإرث على توجيه النص القرآني أو قراءة فحواه(دليل الخطاب) ومن ذلك، برزت قضايا تأصيل الفريضة وتصحيحها  والعول،  فضلا عن المسائل الشاذة في الإرث والتي وجدت اجتهد الصحابة في تقرير نصيب الوارثين فيها بحسب توجيههم للنص القرآني، بحيث إن الناظر في خلافاتهم كما بينها الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين، كانت  تستند إلى أدلة القرآن في المعظم لا إلى أدلة السنة.

واضح من تتبع اجتهادات الصحابة أن العقدة عند العلمانيين في النص القرآني، وأن النص الوحيد من السنة الذي يؤسس لمنظومة التعصيب في الإرث أخرجه البخاري ومسلم، ورواه أبو هريرة، ولا مدخل للطعن في صحته باعتماد منهج المحدثين في التصحيح والتضعيف، فلذلك اتجه مسلك كثير منهم إلى الطعن في البخاري والتشكيك في وجود شخصية أبي هريرة لحسم المعركة مع الإرث بالتعصيب بالنفس فيما دون القرآن الكريم.

يطرح هذا المسار الأصولي إذن تحديات كبيرة، ويدخل التيار العلماني في ضيق شديد يصعب أن يخرج منه إلا بأن يجري نصوص المواريث على أصل التعقل، ويجتهد في ربط المقدرات بمعان يسهل معها رفع الحكم برفع العلل التي أنيط بها، وفي هذه الحالة سنعود إلى الدائرة السابقة نفسها، أي شرعية إثبات العلل، ومستند ذلك، وهل لهذا السند مستمسك من المنظومة الأصولية أم لا.

كان يمكن للعلمانيين أن يسلكوا مسلكا آخر أقل تهافتا، وهو أن يؤولوا مفهوم الأولوية الذكرية في الحديث، وينيطوا الأحقية بمعيار آخر غير القرابة، ويسندوا في ذلك إلى تغير منظومة القرابة في المجتمع الحالي، وتغير علاقتهم ببيت الهالك، وإذ ذاك، سيكون المتجه هو إثبات نوع آخر من التوريث في المتبقي من الإرث بعد أن يأخذ أصحاب الفروض فروضهم،  يشترط فيه  مراعاة الذكورة  واطراد المعيار الذي ينيطون به الأولوية، فيكون الجواب دائرا في جنيات منظومة التعصيب غير خارج عنها، متميز عنها فقط باستبعاد جهة العمومة على سبيل المثال، لأن الجهات الأخرى مثبتة بالنص القرآني أو بأحد وجوهه (ميراث الأخ)، فلا يمكن استبعادها، فيكون الحاصل اجتهاد جزئي يلغي فقط جهة واحدة، وهو ما لا يعود بطائل  قياسا إلى مطالب العلمانيين التي تروم إلغاء الإرث بالتعصيب جملة.

فإذا اتضح أن المسارين السابقين لا يقودان إلى نتيجة في تأصيل فكرة المساواة من داخل المنظومة  الأصولية، لم يبق مع ذلك إلا  تبني المسار الطبيعي الذي يفترض على العلمانيين أن يلتزموه، وهو تأصيل فكرة المساواة في الإرث من خارج المنظومة الأصولية، والانطلاق من فرضية أخرى مغايرة تماما، تعتبر أن رأس المشكلة في النص، وفي النسق  الأصولي،  وذلك من خلال العودة إلى المفاهيم الأصلية للمثقفين العلمانيين، وذلك من قبيل القول بـ"تاريخية النص"،  وأن التحولات المجتمعية، تجاوزت الحيثيات التي أنتجت النص، وإذ ذاك، سيكون التحدي ليس فقط الإتيان بنسق فكري مقابل للنسق الأصولي لنقد فكرة التفاضل في الإرث والتأصيل لفكرة المساواة فيه، بل التحدي سيفرض  تقديم نموذج مواريث جديدة، تقوم على الأسس الفكرية والفلسفية التي يتبناها الطرح العلماني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الإرث الحقوقي حقوق رأي دين الإرث أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الإرث من فإذا کان فی حالة من داخل ذلک من فی هذا على أن

إقرأ أيضاً:

هذا هو الفرق بين خطاب القسم والواقع

ما بعد 21 آب من العام 1982، وهو اليوم الذي انتخب فيه الرئيس الشهيد الشيخ بشير الجميل، لم يكن كما قبله. فعندما كان "البشير" قائدًا لـ "القوات اللبنانية" كانت نظرته إلى القضايا الوطنية متأثرّة بجو الحروب المتتالية، التي شهدها لبنان بدءًا من 13 نيسان من العام 1975 حتى اللحظة التي انتخب فيها رئيسًا للجمهورية. أمّا بعد هذا التاريخ فإن نظرة بشير الجميل إلى القضايا الوطنية ذاتها تغيّرت وأصبحت الشعارات التي تمسّك بها أكثر واقعية، وأكثر تعبيرًا عن هواجس معظم اللبنانيين، الذين جذبهم شعار الـ 10452 كلم مربعًا، مع ما يعنيه من أنه لم يعد قائدًا عسكريًا، بل أصبح رئيسًا لجميع اللبنانيين. فبعدما كان قائدًا عسكريًا ورمزًا لشريحة واسعة من اللبنانيين على الساحة المسيحية تحّول إلى رئيس للجمهورية اللبنانية، التي أرادها أن تكون قوية بكل ما لكلمة قوة من معانٍ، مع ما يتطلبه الوصول إلى هذه الغاية من جهود مضاعفة لا تتوقف عند حدود. صحيح أن الرئيس الجميل لم يتسنَ له القاء خطاب القسم، إلاّ أن المواقف التي أعلنها في الفترة الفاصلة بين يوم انتخابه ويوم استشهاده كافية لمعرفة المسار، الذي كان سيسلكه طيلة فترة حكمه، وهو الذي أقنع جميع الذين كانوا في صفوف الخصوم بأن انتقاله من المجلس الحربي إلى القصر الجمهوري لن يكون سهلًا إن لم يقف إلى جانبه في مشروع إعادة بناء الدولة على أسس سليمة وصحيحة جميع الذين انتخبوه أو أولئك الذين كانوا ينظرون إليه نظرة قلق ولم ينتخبوه. السبب الوحيد للعودة بالزمن إلى 43 سنة خلت هو ما تشهده الساحة السياسية وما فيها من تناقضات واضحة بين الشعارات وبين الواقع. فالشعارات تبقى مجرد وعود وتعهدات إن لم تتطابق مع ما في الواقع اللبناني من مفاجآت غير محسوبة النتائج والانعكاسات.
عدد قليل جدًّا من اللبنانيين، الذين لم يتفاعلوا مع خطاب القسم، الذي أدّاه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون قبل ما يقارب الثلاثة أشهر من الآن. وقليلون هم النواب الذين لم يصفقوا طويلًا عند كل تعهد ووعد. وقليلون هم الذين لم يصدّقوا أن ما سمعوه سيتحّول إلى حقيقة. فخطاب القسم، الذي أعدّ بعناية فائقة، قد أصبح محطة أساسية في مسيرة العهد، ويمكن العودة إلى ما تضمّنه من مواقف متقدمة عن سائر مواقف ما قبل وما بعد عند كل مفترق طرق. ولكن هذا الخطاب، كما تصفه أوساط سياسية معنية بإنجاح العهد ومسيرته الإصلاحية والإنقاذية، سيبقى حتى إشعار آخر بعيدًا عن الواقع السياسي المركّب والمعقد في آن. ولعل أكبر دليل على أن ما بين تعهدات هذا الخطاب التاريخي والواقع اللبناني بونًا شاسعًا أن الرئيس عون وجد نفسه في باريس مضطّرًا إلى نفي أن يكون "حزب الله" هو من أطلق الصواريخ من على منصّة بدائية الصنع في اتجاه مستوطنة المطلة. وفي هذه الجدلية ما بين ما هو نظري ومبدئي وبين الواقع يمكن استنتاج أمر مهم للغاية، وهو أن روما من فوق هي غير ما هي عليه من تحت. فمن فوق يمكن لأي مسؤول أن يرى الأمور من زوايا متعدّدة. أمّا الرؤية من تحت فتبقى محصورة بزاوية ضيقة الأفق. ففي خطاب القسم قال الرئيس عون: "عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلّحة وكرئيس للمجلس الأعلى للدفاع بحيث اعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح. دولة تستثمر في جيشها ليضبط الحدود ويساهم في تثبيتها جنوباً وترسيمها شرقاً وشمالاً وبحراً ويمنع التهريب ويحارب الإرهاب ويحفظ وحدة الأراضي اللبنانية ويطبق القرارات الدولية ويحترم اتفاق الهدنة ويمنع الاعتداءات الاسرائيلية على الأراضي اللبنانية، جيش لديه عقيدة قتالية دفاعية يحمي الشعب ويخوض الحروب وفقاً لأحكام الدستور. عهدي أن أدعو الى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكّن الدولة اللبنانية، أكرّر الدولة اللبنانية، من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه عن كافة الأراضي اللبنانية". فهذه التعهدات ستبقى المرجع الصالح في كل خطوة من خطوات مسيرة العهد، ولكنها ستبقى مجرد تعهدات ما لم تقترن بإجراءات عملية من شأنها تجميل ما في الواقع من بشاعات، وتذليل ما يعترض هذه المسيرة من عقبات.والنجاح منوط ايضا بدعم جميع القوى لسيد العهد في مسيرة الانقاذ التي يقودها بصدق واقدام وعزم.
    المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة هذا هو وجه الشبه بين خطاب القسم والبيان الوزاري Lebanon 24 هذا هو وجه الشبه بين خطاب القسم والبيان الوزاري 07/04/2025 09:01:32 07/04/2025 09:01:32 Lebanon 24 Lebanon 24 جشي من عيناثا: نطالب الدولة بأن تفي بالتزاماتها وتنفيذ ما ورد في خطاب القسم Lebanon 24 جشي من عيناثا: نطالب الدولة بأن تفي بالتزاماتها وتنفيذ ما ورد في خطاب القسم 07/04/2025 09:01:32 07/04/2025 09:01:32 Lebanon 24 Lebanon 24 مرقص: نعدكم العمل لتنفيذ خطاب القسم والبيان الوزاري Lebanon 24 مرقص: نعدكم العمل لتنفيذ خطاب القسم والبيان الوزاري 07/04/2025 09:01:32 07/04/2025 09:01:32 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان سعودي لبناني: التأكيد على أهمية تطبيق ما جاء في خطاب القسم الرئاسي للرئيس عون Lebanon 24 بيان سعودي لبناني: التأكيد على أهمية تطبيق ما جاء في خطاب القسم الرئاسي للرئيس عون 07/04/2025 09:01:32 07/04/2025 09:01:32 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 تابع قد يعجبك أيضاً تحالف ثابت مع "ضم مَنْ يرغب" Lebanon 24 تحالف ثابت مع "ضم مَنْ يرغب" 01:45 | 2025-04-07 07/04/2025 01:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تحالف بين "حزب الله" و"التيار" Lebanon 24 تحالف بين "حزب الله" و"التيار" 01:30 | 2025-04-07 07/04/2025 01:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 رسالة من مخيبر الى رئيسي الجمهورية والحكومة تتعلق بذكرى ١٣ نيسان ١٩٧٥ الخمسينية Lebanon 24 رسالة من مخيبر الى رئيسي الجمهورية والحكومة تتعلق بذكرى ١٣ نيسان ١٩٧٥ الخمسينية 01:22 | 2025-04-07 07/04/2025 01:22:59 Lebanon 24 Lebanon 24 تحالف عريض في دائرة بيروت الاولى Lebanon 24 تحالف عريض في دائرة بيروت الاولى 01:15 | 2025-04-07 07/04/2025 01:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الصادق: لمنع أي تصعيد غير محسوب قد يعيد البلد إلى حرب مفتوحة Lebanon 24 الصادق: لمنع أي تصعيد غير محسوب قد يعيد البلد إلى حرب مفتوحة 01:13 | 2025-04-07 07/04/2025 01:13:45 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة اشكال وتضارب في مطار بيروت.. اليكم ما جرى (فيديو) Lebanon 24 اشكال وتضارب في مطار بيروت.. اليكم ما جرى (فيديو) 13:11 | 2025-04-06 06/04/2025 01:11:43 Lebanon 24 Lebanon 24 قصة جديدة مروّعة عن "حادثة البيجر".. وكالة بريطانية تنشرها Lebanon 24 قصة جديدة مروّعة عن "حادثة البيجر".. وكالة بريطانية تنشرها 15:00 | 2025-04-06 06/04/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تعرّض زوجها لوعكة صحية مفاجئة.. فنانة معروفة تُثير قلق جمهورها (صورة) Lebanon 24 تعرّض زوجها لوعكة صحية مفاجئة.. فنانة معروفة تُثير قلق جمهورها (صورة) 07:21 | 2025-04-06 06/04/2025 07:21:44 Lebanon 24 Lebanon 24 الماركات العالمية ترفض مغادرة بيروت.. أموال ومشاريع ستشعل الأسواق قريباً Lebanon 24 الماركات العالمية ترفض مغادرة بيروت.. أموال ومشاريع ستشعل الأسواق قريباً 10:27 | 2025-04-06 06/04/2025 10:27:01 Lebanon 24 Lebanon 24 فنانة سورية تفجع بوفاة ابنها الشاب Lebanon 24 فنانة سورية تفجع بوفاة ابنها الشاب 12:29 | 2025-04-06 06/04/2025 12:29:23 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب اندريه قصاص Andre Kassas أيضاً في لبنان 01:45 | 2025-04-07 تحالف ثابت مع "ضم مَنْ يرغب" 01:30 | 2025-04-07 تحالف بين "حزب الله" و"التيار" 01:22 | 2025-04-07 رسالة من مخيبر الى رئيسي الجمهورية والحكومة تتعلق بذكرى ١٣ نيسان ١٩٧٥ الخمسينية 01:15 | 2025-04-07 تحالف عريض في دائرة بيروت الاولى 01:13 | 2025-04-07 الصادق: لمنع أي تصعيد غير محسوب قد يعيد البلد إلى حرب مفتوحة 01:00 | 2025-04-07 أورتاغوس أنهت محادثات" هادئة" في لبنان وقد تعود بعد الفصح وترقب للقاء ترامب- نتنياهو اليوم فيديو "لست ملاكا ولن أسكت بعد اليوم".. ماغي بو غصن بأجرأ حواراتها: أنا النجمة الأولى في لبنان وهذا عمري (فيديو) Lebanon 24 "لست ملاكا ولن أسكت بعد اليوم".. ماغي بو غصن بأجرأ حواراتها: أنا النجمة الأولى في لبنان وهذا عمري (فيديو) 02:07 | 2025-04-05 07/04/2025 09:01:32 Lebanon 24 Lebanon 24 حمل نعشها طوال الوقت ولم يتركه.. لحظة انهيار الفنان المصري الشهير أثناء جنازة زوجته وهذا أول تعليق له (فيديو) Lebanon 24 حمل نعشها طوال الوقت ولم يتركه.. لحظة انهيار الفنان المصري الشهير أثناء جنازة زوجته وهذا أول تعليق له (فيديو) 23:15 | 2025-04-04 07/04/2025 09:01:32 Lebanon 24 Lebanon 24 صراخ وتدافع.. أسد يُهاجم مدربه خلال عرض سيرك في مصر وما حصل مرعب (فيديو) Lebanon 24 صراخ وتدافع.. أسد يُهاجم مدربه خلال عرض سيرك في مصر وما حصل مرعب (فيديو) 23:31 | 2025-04-01 07/04/2025 09:01:32 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • الحجار وعبدالله: نقاش مع وزير الأشغال لاستكمال مشاريع إقليم الخروب
  • كولورادو.. هيئة الاتصالات تقود نقاشًا عالميًا عن الأقمار الصناعية
  • هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية تقود نقاشًا عالميًا في مجال الأقمار الصناعية بملتقى الفضاء في كولورادو الأمريكية
  • قصور الثقافة تصدر العدد الجديد من مجلة مصر المحروسة حول الذكاء الاصطناعي
  • زيارات الزعماء تُنعش السياحة.. تجول ماكرون في خان الخليلي يبرز الإرث الحضاري المصري
  • البكوش: الكوني مفلس سياسيًا ويجب أن يستقيل إذا كانت ليبيا “محتلة”
  • دستور السودان لعام 2025 الموقع في نيروبي يحرر العلمانية من الموروث الشعبوي الغوغائي للتنظيم الدولي الدولي للاخوان المسلمين ؟!
  • الخارجية الصينية: الولايات المتحدة تمارس الهيمنة الاقتصادية تحت شعار المساواة
  • هذا هو الفرق بين خطاب القسم والواقع
  • بحضور رئيس جامعة الأزهر.. «أفق التوقع في القصص القرآني» رسالة دكتوراة بآداب طنطا