صلاة عيد الفطر.. هل خطأ الإمام في التكبيرات يبطلها ويتطلب إعادتها
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
ورد سؤال إلى دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي يقول صاحبه: «ما الحكم لو نسي الإمام التكبيرات المتتالية بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى وتكبيرة الانتقال للركعة الثانية في صلاة العيد؛ سواء كلها أو بعضها في ركعة واحدة أو في الركعتين؟»
حكم الصلاة إذا أخطأ الإمام في تكبيرات صلاة العيد
قالت دار الإفتاء في إجابتها أنه، إذا نسي الإمام هذه التكبيرات أو بعضها فقد اختلف الفقهاء؛ فذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين سنة لا تبطل الصلاة بتركها، وقرر المالكية تبعا لذلك أنه إذا نسي الإمام التكبيرات كلها أو بعضها في ركعة وبدأ في القراءة ثم تذكر رجع للتكبير ثم أعاد القراءة مرة أخرى وسجد للسهو بعد السلام؛ لإعادة القراءة، فإن لم يتذكر التكبير حتى ركع فإنه يكمل صلاته ولا يرجع إلى التكبير ويسجد للسهو سجدتين قبل السلام.
واستدلت الدار بما جاء في "المدونة" (1/ 247، ط. دار الكتب العلمية): [وقال مالك في الإمام إذا نسي التكبير في أول ركعة من صلاة العيدين حتى قرأ، قال: إن ذكر قبل أن يركع عاد فكبر وقرأ وسجد سجدتي السهو بعد السلام، قال: وهو قول مالك، قال: وإن لم يذكر حتى ركع مضى ولم يكبر ما فاته من الركعة الأولى في الركعة الثانية وسجد سجدتي السهو قبل السلام، قال: وهذا قول مالك] اه.
وقال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 100-101، ط. دار الفكر): [(ص) وكبر ناسيه إن لم يركع وسجد بعده وإلا تمادى وسجد غير المؤتم قبله (ش) يعني أن من نسي تكبير العيد كلا، أو بعضا حتى قرأ فإن لم يركع بالانحناء فإنه يرجع إلى التكبير لأن محله القيام ولم يفت، فإذا رجع فكبر أعاد القراءة وسجد بعد السلام لزيادة القراءة؛ لأنها إنما شرعت بعد التكبير، واستغنى عن ذكر إعادة القراءة بذكر السجود؛ لأنه لا سبب له غير إعادة القراءة، وعن تقييد الساجد بغير المؤتم لوضوح أنه لا قراءة عليه، فإن انحنى تمادى إماما كان أو غيره وأحرى لو رفع من الركوع ويسجد الإمام والفذ لترك التكبير كلا أو بعضا قبل السلام، ولا سجود على المأموم؛ لأن إمامه يحمله عنه وكان يمكنه الاستغناء عن قوله: "غير المؤتم" بقوله: "فيما سبق ولا سهو على مؤتم حالة القدوة"] اه.
وأوضحت دار الأفتاء بينما ذهب الشافعية إلى أنه إذا نسي الإمام التكبيرات في صلاة العيدين حتى بدأ القراءة وتذكر: عاد إلى التكبير، ولا شيء عليه، فإن لم يعد إلى التكبير: فلا شيء عليه، ولا يسجد للسهو سواء أكان الترك سهوا أم عمدا.
قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 270-271، ط. دار المعرفة): [فإن نسي التكبير أو بعضه حتى يفتتح القراءة فقطع القراءة وكبر ثم عاد إلى القراءة: لم تفسد صلاته، ولا آمره إذا افتتح القراءة أن يقطعها ولا إذا فرغ منها أن يكبر، وآمره أن يكبر في الثانية تكبيرها، ولا يزيد عليه لأنه ذكر في موضع إذا مضى الموضع لم يكن على تاركه قضاؤه في غيره كما لا آمره أن يسبح قائما إذا ترك التسبيح راكعا أو ساجدا.. ولو ترك التكبيرات السبع والخمس عامدا أو ناسيا لم يكن عليه إعادة، ولا سجود سهو عليه لأنه ذكر لا يفسد تركه الصلاة، وأنه ليس عملا يوجب سجود السهو.. وإن ترك التكبير ثم ذكره فكبر أحببت أن يعود لقراءة ثانية، وإن لم يفعل لم يجب عليه أن يعود، ولم تفسد صلاته] اه.
وذهب الحنابلة إلى أن من ترك التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين عامدا يأثم بذلك ولا تبطل صلاته، ومن تركها سهوا فقيل: يسجد للسهو، وقيل: لا شيء عليه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حكم صلاة العيد تكبيرات صلاة العيد إلى التکبیر فی صلاة
إقرأ أيضاً:
القراءة واتباع الأحسن
حين يقول الباري عزّ وجلّ: (فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)، فإنه بذلك يدعونا إلى أن نكون منفتحين على الاستماع إلى ما يقال، على أن يكون لدينا أذن ناقدة، تقوم بعملية فرز دقيقة لما نستمع إليه، ثم نختار منه الأحسن والأفضل.
ليس المطلوب أن نستمع، ثم نقبل بجميع ما نستمع إليه ونقدسه ونعدّه من المسلّمات، بل أن نتفكّر فيه وننعم النظر في مضامينه، ثم حين تتجمع لدينا جميع خيوط اللعبة- كما يقال-، نقرر قبوله أو رفضه. لكن ينبغي ألا يكون هذا القبول أو ذلك الرفض نهائيًّا، بل رهينًا بتطور قناعاتنا المرتبطة بمزيد من القراءة والتفكر. إذ كلُّ يومٍ يمر علينا، كما أنَّه فرصة لنا للحياة، فهو أيضًا فرصة لإعادة التفكير والتفكر في كل ما حولنا وفي قناعاتنا. قد نختلف مع كل ما نقرأ، لكن لا بدّ أن نتمسك بأدب الاختلاف؛ حين نحترم من نختلف معه، ولا يمنعنا ذلك من أن نتحاور معه، وننقده، ثم نعطي آراءنا حول ما يقوله، موافقة أو رفضًا. مقبول أن نشتبك مع أي كتاب، مع التزام تام بآداب وقواعد الاشتباك الفكري، مطبّقين قول ذلك الحكيم: “قد أكون مختلفًا معك في الرأي، ولكني مستعد للموت دفاعًا عن حقك في إبداء رأيك”. وهنا الموازنة في القراءة بين التقديس والتدنيس؛ فلا نقدِّسه حتى لا نستطيع نقده، ولا ندنّسه حتى لا نقترب منه، ونتعرف على ما قد يتضمنه من صدق، أو ربما جزء من الصدق.
وختامًا، يجب أن نضع نصب أعيننا مجموعة الثوابت الدينية التي ينبغي ألا نحيد عنها، مع إعطاء الفسحة للجميع بعد الاستماع للتفكر والتدبُّر في الأمور الفرعية المستجدة.
إن الاستماع واتباع الأحسن، هو معادلة قد تكون صعبة، لكنها ممكنة إذا ما جعلناها نصب أعيننا، وحاولنا تطبيقها في جميع أمور حياتنا، وفي أحكامنا التي نحتاج إليها كل يوم في كل موقف. ففي ما نستمع إليه هناك الحسن وهناك الأحسن، كما أن هناك السيئ وهناك الأسوأ، وعلينا اختيار الأحسن اعتمادًا على قدراتنا الخاصة، وعلى مدى اطلاعنا على المعروض من الأفكار، والمواقف، وطول تفكِّرنا فيه.
yousefalhasan@