دفعنا ثمنا باهظا.. كيف تلقى الشارع التركي قرار تقييد الصادرات للاحتلال؟
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي التركية، الثلاثاء، بردود الفعل على قرار أنقرة تقييد تصدير 54 منتجا إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تضمنت وقودا للطائرات ومعادن ومواد للبناء، وذلك بعد تصاعد السخط الشعبي خلال الأيام الأخيرة بسبب تواصل التجارة مع "إسرائيل"، التي انعكست على الانتخابات المحلية.
واعتبر ناشطون وسياسيون أتراك أن قائمة المواد المقيدة التي نشرتها وزارة التجارة التركية صباح الثلاثاء، تثبت صحة الاتهامات بتصدير مواد تدعم الاحتلال الإسرائيلي، والتي دأبت الحكومة على إنكارها منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي.
كما شدد آخرون على أن الإجراءات التركية، التي أتت بعد 6 أشهر من الحرب الإسرائيلي الدموية ضد الشعب الفلسطيني، ليست كافية مقارنة بحجم العدوان على غزة، مطالبين بتعزيز الموقف الرسمي بمزيد من الإجراءات، منها إغلاق المجال الجوي أمام طائرات الاحتلال، والموانئ أمام السفن المتوجهة إلى "إسرائيل".
Genel Başkanımız Dr. Fatih Erbakan bu durumu defalarca dile getirdi. İnkar ettiniz. Şimdi ise itiraf niteliğinde bir genelge yayınladınız.
Atmış olduğunuz bu adımı bir adım daha ileri taşıyın. Kürecik’i kapatın! pic.twitter.com/gOgfgAnQyy — Yeniden Refah Partisi (@rprefahpartisi) April 9, 2024
وفي تعليقه على قرار التقييد، قال حزب "الرفاه من جديد" بزعامة فاتح أربكان، نجل رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، إن هذه "الخطوة لا تكفي، ويجب أخذ خطوات أخرى إلى الأمام"، مطالبا الحكومة التركية بإغلاق رادار الإنذار المبكر "كوريجيك" في ولاية ملاطيا جنوب شرقي البلاد.
وشدد الحزب المحافظ الذي ركز حملته الانتخابية في الانتخابات المحلية الأسبوع الماضي على ضرورة وقف التجارة مع الاحتلال الإسرائيلي، على أن أربكان تحدث سابقا عن الموقف الذي اتخذت الحكومة مرات عديدة، إلا أن الأخيرة أنكرت ذلك، معتبرا أن نشر قائمة المواد المقيدة بمثابة "اعتراف".
من جهته، شدد رئيس الوزراء التركي الأسبق، وزعيم حزب "المستقبل" المعارض، أحمد داود أوغلو، على أن التقييد ليس كافيا، مطالبا بإيقاف التجارة المستمرة مع الاحتلال بشكل كامل وفوري.
وقال داود أوغلو في تدوينة عبر منصة "إكس": "بما أنكم كنتم تملكون القدرة على إيقاف العديد من الشحنات، وبما أنه كان من غير الوارد أن تذهب هذه المواد إلى فلسطين؛ فلماذا لم تقطعوا الخط الناقل لمواد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة منذ 7 أشهر؟".
وأضاف أن "54 بندا فقط من العقوبات ليست كافية، أوقفوا التجارة المستمرة مع إسرائيل بشكل كامل وفوري"، مشددا على ضرورة "إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المتجهة إلى الاحتلال ومنع السفن من الدول الأخرى من التجارة مع إسرائيل عبر الموانئ التركية وقطع كافة خطوط النقل".
بدوره، قال النائب في البرلمان التركي عن حزب "هدى بار"، سيركان راملي، "في حال لم يكن الأمر (تقييد الصادرات) كذلك لأن الصهاينة لم يعودوا بحاجة إلى هذه السلع أو أن المخزون الموجود في تركيا قد استنفد، بإن أمر تقييدي محدود، حتى بعد 6 أشهر، أفضل من لا شيء".
Sebebi,
siyonistlerin bu mallara artık ihtiyacının kalmamış olması veya TR’deki stokların tükenmiş olması değilse,
6 ay sonra bile olsa sınırlı bir kısıtlama kararı verilmesi hiç yoktan iyidir.
Olması gereken; işgalci çete ile ticaretin tümüyle durdurulmasıdır. https://t.co/D03rzUvIQ4 — Serkan Ramanlı (@AvSerkanRamanli) April 9, 2024
وأضاف في تدوينة عبر حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقا)، على ضرورة "التوقف التام للتجارة مع عصابة الاحتلال".
وفي السياق ذاته، قال الناشط التركي مصطفى دوان في معرض تعليقه على الجدل المثار عقب القرار التركي: في البداية قلنا أوقفوا التجارة مع إسرائيل ثم قالت (الحكومة) إن القطاع الخاص، وليس الدولة، هو الذي يتاجر مع إسرائيل. ولا تستطيع الدولة حظر التجارة".
وأكد أن "قرار الحكومة المتأخر بتقييد الصادرات إلى إسرائيل صحيح، وضروري، ولكنه غير كاف"، مشيرا إلى أنه "سيقف إلى جانب الحكومة ويدعم أي خطة عمل ملموسة من شأنها أن تضرب إسرائيل".
En başta "İsrail'le ticareti durdurun" dedik;
Tasmalı İT sürüsü bizi önce "Etki ajanı, provokatör, kripto, hain, maşa" ilân etti,
Sonra da "İsrail'le ticareti yapan devlet değil özel sektörtür. Devlet ticareti yasaklayamaz" demişti.
Hükûmetin İsrail'e ihracatı kısıtlayan… pic.twitter.com/unLTYp888E — Mustafa Doğan (@mr__dgn) April 9, 2024
كما تطرق دوان إلى رد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس على القرار التركي، مشددا على أن المسؤول الإسرائيلي لن يتمن من "إخضاع تركيا".
وكان كاتس قال في تدوينة عبر حسابه في منصة "إكس" إن تركيا "انتهكت من جانب واحد" الاتفاقيات التجارية بقرارها تقييد صادرات إلى إسرائيل، معتبرا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "يضحي مرة أخرى بالمصالح الاقتصادية للشعب التركي من أجل دعم حماس".
وتعهد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي بالرد بالمثل على أنقرة، مشيرا إلى أن "إسرائيل ستتخذ إجراءات موازية ضد تركيا من شأنها الإضرار بالاقتصاد التركي".
وزعم كاتس أنه "قام بالاتصال بالدول والمنظمات في الولايات المتحدة من أجل وقف الاستثمارات في تركيا ومنع استيراد المنتجات منها"، مضيفا أنه "طالب واشنطن بفرض عقوبات على تركيا بناء على ذلك".
وكان وزير الخارجية التركية هاكان فيدان استبق الإجراءات التي أعلنت عنها وزارة التجارة، في مؤتمر صحفي عقده مساء الاثنين في العاصمة أنقرة، موضحا أسباب التصعيد التركي تجاه "إسرائيل".
وقال فيدان إن أنقرة تعتزم اتخاذ سلسلة تدابير جديدة ضد الاحتلال، على خلفية عرقلته مساعي بلاده لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأوضح المسؤول التركي أن "إسرائيل رفضت طلبا قدمته تركيا للانضمام إلى جهود إسقاط المساعدات الإنسانية جوا للفلسطينيين في غزة"، مشددا على أن "أنقرة سترد على إسرائيل بإجراءات جديدة" دون ذكر فحوى تلك الإجراءات، غير أنه أشار إلى أن المؤسسات التركية المعنية ستعلن في وقت لاحق التفاصيل.
"جاء بعد ثمن باهظ"
شهد الشارع التركي خلال الأيام الأخيرة تصعيدا واسعا في الحراك الرافض لمواصلة التجارة مع الاحتلال الإسرائيلي في ظل العدوان المتواصل على قطاع غزة للشهر السابع على التوالي، وذلك بعد تداول تقارير تشير إلى تصدير مواد متفجرة وبارود إلى "إسرائيل"، وهو ما نفته الجهات الرسمية بشكل قطعي.
وتزايدت حدة المطالبات بوقف التجارة بعد فض السلطات الأمنية مظاهرة في شارع الاستقلال بالشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول، طالبت بقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل بشكل كامل، واعتقالها العشرات من المتظاهرين قبل أن يتم الإفراج عنهم بشكل كامل لاحقا.
كما ألقت الحرب الدموية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة بظلالها على الانتخابات المحلية التركية منذ إطلاق الأحزاب السياسية حملاتها الانتخابية وإلى غاية فرز صناديق الاقتراع في 31 آذار /مارس الماضي، التي أسفرت عن خسارة غير مسبوقة لحزب "العدالة والتنمية" بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان الحاكم أمام المعارضة.
وأقر أردوغان خلال اجتماع مع أعضاء حزبه في جلسة تقييمية لنتائج الانتخابات المحلية، الأسبوع الماضي، بأن أداء حكومته تجاه الأوضاع في قطاع غزة لم يُرض أطيافا من المجتمع التركي، قائلا: "سنقوم بتقييم أدائنا تجاه أزمة غزة والذي لم ننجح للأسف أن نقنع به أطيافا عدة".
في هذا السياق، قال الناشط التركي فورقان بولوك باشه: "لقد جرى توجيه انتقادات شديدة لعدة أشهر بسبب قضية التجارة مع إسرائيل، وتم دفع ثمن سياسي باهظ في الانتخابات المحلية".
İsrail ile ticaret meselesinden dolayı aylarca çok ağır eleştirilere maruz kalındı ve seçimde de çok ağır bir siyasi bedel ödendi
Demek ki kısıtlanabiliyormuş, peki biz bunu bugüne kadar neden yapmadık gerçekten çok merak ediyorum https://t.co/jsdyQIfWP4 — Furkan Bölükbaşı (@furkancerkes) April 9, 2024
وأضاف في تدوينة عبر منصة "إكس" بعد قرار وزارة التجارة "هذا يعني أنه كان من الممكن تقييد التجارة، لذلك أتساءل حقا لماذا لم نفعل ذلك حتى الآن؟".
من جهته، رجح الصحفي التركي متين جهان، الذي يتابع ملف الصادرات إلى الاحتلال منذ بدء العدوان على غزة، أن "قرار تقييد التجارة وليس قطعها بالكامل جاء في إطار الخوف من الاحتجاجات المتوقعة في جميع أنحاء البلاد عقب صلاة العيد"، حسب قوله.
وشدد في منشور عبر منصات التواصل الاجتماعي، على أن السلطات في النهاية "اعترفت بالتجارة الدموية" مع الاحتلال عبر هذا القرار.
bayram namazında yurt genelinde beklenen protestolardan çok korktular. israil ile ticareti kesme değil ama en azından kısıtlama kararı bence en çok bu yüzden. öte yandan, kirli ve kanlı ticaretlerini itiraf etmiş oldular. gelişmeleri takip etmeyi sürdüreceğim. — metin cihan (@metcihan) April 9, 2024 Madem ki başta uçak yakıtı olmak üzere, bir çok sevkiyatı durdurma kudretiniz vardı; madem ki bu malzemelerin Filistin’e gitmesi söz konusu değildi; o halde 7 aydır Gazze’de devam eden soykırıma malzeme taşıyan hattı neden kesmediniz ?
Yalnızca 54 kalemlik yaptırım yetmez,… https://t.co/e1zLRAYIDP — Ahmet Davutoğlu (@Ahmet_Davutoglu) April 9, 2024
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية الاحتلال غزة الفلسطيني تركيا أردوغان تركيا فلسطين أردوغان غزة الاحتلال سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الانتخابات المحلیة مع الاحتلال مع إسرائیل التجارة مع بشکل کامل قطاع غزة على أن
إقرأ أيضاً:
صوت الشارع العالمي.. حين تتحول المظاهرات إلى مقاومة دبلوماسية
سالم بن حمد الحجري
في مشهد يتكرر في شوارع العواصم الكبرى، من نيويورك إلى لندن، ومن كيب تاون إلى كوالالمبور، يخرج الناس إلى الساحات حاملين صور غزة تحت الركام، وأصواتهم تهتف للعدالة وتدين الاحتلال، هذه المظاهرات التي اندلعت ردًا على الجرائم المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، ليست مجرد موجة عاطفية عابرة؛ بل هي تعبير سياسي وإنساني بالغ الدلالة.
المتظاهرون، من خلفيات وأديان وثقافات متعددة، يوحّدهم موقف أخلاقي ضد الإبادة، وضد صمت العالم وتخاذله. لقد بات واضحًا أنَّ هذه الاحتجاجات لم تعد فقط وسيلة لإفراغ الغضب، بل تحوّلت إلى أداة ضغط حقيقية تُحرج الحكومات، وتدفعها إلى مراجعة مواقفها وتحالفاتها، فالصور القادمة من غزة تمثل أبشع صور الإبادة الجماعية، بيوت مدمّرة وأطفال تحت الأنقاض، ومشافي تقصف وحتى مستودعات الطعام وأماكن الإيواء، وحصار ومنع لدخول مسببات الحياة من غذاء ودواء كلها مشاهد تهز الضمير العالمي، ولكن ما يُعطي هذه الصور وزنًا سياسيًا هو ذاك الصوت الجماهيري الذي يصرخ: "كفى"!
إنَّ ما نراه اليوم هو شكل من أشكال المقاومة العابرة للحدود، مقاومة لا تحمل سلاحًا، لكنها تملك سلاح الرأي العام والمقاطعة والدعوة للمحاسبة، هذه المقاومة لا تنتمي لجغرافيا محددة؛ بل إلى ضمير الإنسان، وفي زمن التواطؤ الرسمي والصمت الإعلامي الممنهج، يصبح هذا الحراك الشعبي بمثابة وثيقة حيّة تُدون الرواية الحقيقية، وتعيد تعريف مفاهيم مثل العدالة والكرامة والحرية، واصطفاف بجانب الحق الذي تمثله القضية الفلسطينية.
ورغم محاولات الاحتلال المستمرة لتشويه الصورة وخلط الأوراق، إلا أن الشارع لا يُخدع بسهولة؛ بل إنه يزداد وعيًا وتنظيمًا، ويجعل من كل مظاهرة منصة للفضح والمساءلة، ومن كل لافتة رسالة تتجاوز الحدود، ولكن، كما يعوّل الاحتلال على تفوقه العسكري، فإنه أيضًا يعوّل على تعب الناس ونسيانهم واعتيادهم على المشهد المتكرر للمجازر وآثار المجاعة والنزوح، لذا فإنَّ استمرار هذا الصوت، وتنامي زخمه، لم يعد ترفًا نضاليًا؛ بل ضرورة إنسانية عاجلة، فالصوت العالي وغضب الجماهير ليس مجرد ضجيج؛ بل هو رأي عام صادق يُمكن ترجمته إلى موقف سياسي ودبلوماسي يمكن أن تستثمره الحكومات؛ باعتباره مطلبا شعبيا وورقة ضغط دولي في المؤسسات الدولية الراعية للأمن والسلم، ويبني تحالفا دوليا يدفع إلى وقف الحرب ويُربك غرف السياسة المغلقة، ويمنح المقهورين أملًا، ويُبقي الذاكرة حيَّة، وكما يقول نيلسون مانديلا: "دائمًا ما يبدو المستحيل كذلك... حتى يُنجَز".
"لن نترك غزة وحدها" قالها الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، وهو ما يجب أن يكون بكل وسائل المقاومة المتاحة، فلا بُد للقيد أن ينكسر.
لأجل غزة، لأجل العدالة، لأجل الإنسان... فلنُبقِ الصوت عاليًا.