لماذا أصبح ترامب الأكثر قرباً للبيت الأبيض؟
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
بنسبة تتخطى الـ 95 % حسم السباق الرئاسي الأمريكي في أواخر هذا العام بين ترامب مرشح الحزب الجمهوري، والرئيس بايدن مرشح الحزب الديمقراطي. بيد أن ثمة عوامل كثيرة قد أصبحت دافعة بقوة لعودة ترامب مرة أخرى للبيت الأبيض، رغم الجدل الشديد المثار حول أهليته القانونية للترشح بالأساس مرة أخرى.
والحقيقة التي لا يمكن إنكارها، أن جانب الحظ يخدم بصورة كبيرة ترامب.
يمثل الوضع الاقتصادي العام العامل الأكثر حسماً في ترجيح كافة الرئيس الأمريكي في الفوز. ولعل من حسن حظ ترامب، وسوء حظ بايدن بالمقابل، أن الوضع الاقتصادي العام في أمريكا شديد السوء والتدهور منذ الحرب الروسية الأوكرانية. فمنذ اندلاعها، لم يستطع المركزي الأمريكي السيطرة تماما على معدلات التضخم الكبيرة، ويتصدى لها عبر رفع معدلات الفائدة بصورة دورية. ويتضاعف سوء حظ بايدن في صدد ذلك أنه أمام منافس له سجل قوي في تحسين معدلات الاقتصاد الأمريكي بصورة كبيرة. إذ تعد فترة ترامب من أكبر الفترات في تاريخ أمريكا التي شهدت معدلات نمو كبيرة، وتراجعا حادا في البطالة.
وربما يتساءل البعض عن سبب الارتفاع الكبير لشعبية ترامب شعبيا وحزبياً بمعدلات أكبر مما كانت عليه أثناء ترشحه وفترة ولايته. والجواب يكمن في التغير الكبير في المزاج العام الأمريكي خلال الأعوام الخمسة الماضية. فبحسب أحدث استطلاعات مراكز الأبحاث الأمريكية كمركز «بيو»، تتوسع بصورة مطردة كتلة- أغلبها من البيض – تميل إلى سياسات الانعزال، والعنصرية، وكراهية الليبرالية الاقتصادية، ورفض التوسع في استقبال المهاجرين ونيل المزيد من حقوقهم الأساسية. ومن ثم، فترامب هو أفضل من يعكس مزاجهم الحالي.
والمشكلة الكبرى التي يعاني منها الحزب الديمقراطي حاليا وفقا لتلك الاستطلاعات، أن تلك الكتلة تتزايد بصورة كبيرة في الولايات التقليدية للديمقراطيين، خاصة وأن إخفاقات بايدن الاقتصادية قد فاقمت من تنافر تلك الكتلة من الحزب الديمقراطي.
وعلى الرغم من أن السياسة الخارجية لا تلعب دوراً كبيراً في مسألة الوصول إلى البيت الأبيض. بيد أنها في ذلك السباق قد غدت من الأمور الحاسمة لصالح ترامب بالطبع. فعلى الأرجح، أن الأمريكيين قد تيقنوا أن إستراتيجية ترامب (الانعزالية- الانتقائية) في سياق شعاره الرئيسي «أمريكا أولاً»، أنها كانت صائبة بدرجة كبيرة جداً.
إذ فبحسب كثير من استطلاعات الرأي الأمريكية، ثمة عدم رضا أمريكي واسع عن سياسة بايدن الخارجية. إذ يرى معظم من شملتهم الاستطلاعات، أن اهتمام بايدن الواسع بدعم أوكرانيا في حربها على روسيا، ودعم إسرائيل في حربها على غزة، ودعم التحالفات الأمنية الواسعة في الباسيفيك لمواجهة الصين، يعد خطأ كبيرا يأتي على حساب الاقتصاد الأمريكي المنهك. ناهيك عن تعجب المستطلع آراؤهم عن جدوى الاهتمام الأمريكي بتلك الحروب والمناطق البعيدة عن الولايات المتحدة بالألف الكيلو مترات.
ومن الواضح جداً، التأثر الشديد بهؤلاء المستطلع آراؤهم بمنطق ترامب في السياسة الخارجية والمتحور بصورة أساسية حول عدم إيلاء أي اهتمام بقضية خارجية ليس للولايات المتحدة أي مصلحة حيوية فيها. ويذكى ترامب هذا التأثير من خلال تصريحاته ووعوده بشأن هذه القضايا.
إذ على سبيل المثال، صرح بوضوح بضرورة وقف الحرب في أوكرانيا، وإيقاف نزيف إنفاق الخزينة الأمريكية المستدام عليها، كما تعهد إذا فاز، بمقابلة بوتين شخصياً، والاعتراف بضم روسيا لجزيرة القرم، وأجزاء من شرق أوكرانيا. والحقيقة أن تقليص دعم الكونجرس الأخير للمساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا، يدعم بشدة منطق ترامب، ويدعم شعبيته في المقابل.
ومن المفارقات العجيبة هي تصريحات ترامب بشأن الحرب في غزة- رغم دعمه المطلق لإسرائيل – إذ صرح بضرورة وقف هذه الحرب بسرعة، كما يرى أن استمرار هذه الحرب سيفقد إسرائيل جزءا كبيرا من دعمها وشرعيتها الدولية.
وفي التقدير الأخير، يمكن القول إن كافة الظروف والمعطيات الحالية تصب في بند حظ ترامب، من عامل فارق السن، إلى عامل تغير المزاج العام، مروراً بفشل بايدن داخليا وخارجياً، وصولاً إلى التصويت العقابي المرجح من جانب الأقليات والمهاجرين ضد بايدن على خلفية دعمه المطلق لمجازر إسرائيل في غزة.
د. فاتن الدوسري – الشرق القطرية
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
من حكم أمريكا؟.. تقارير تكشف خطة البيت الأبيض لإخفاء إصابة بايدن بالخرف
كشف تحقيق أجرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن عملية تستر واسعة النطاق ومتعمدة استمرت لسنوات، والتي شهدت أيضًا قيام الإدارة بتسليط الضوء على أولئك الذين تجرأوا على الادعاء بأن قدرات الرئيس جو بايدن تدهورت منذ أن كان نائبًا للرئيس باراك أوباما.
على الرغم من جهود "المتحمسين"، أصبح انحدار بايدن واضحًا بشكل متزايد، خاصة بعد أن أصدر المستشار الخاص روبرت هور العام الماضي تقريرًا يصور رجلاً نسيًا وضعيفًا يبلغ من العمر 81 عامًا آنذاك.
قرر هور عدم توجيه اتهامات إلى بايدن للاحتفاظ بوثائق سرية في مرآبه في ديلاوير لأنه "من المرجح أن يقدم نفسه إلى هيئة محلفين" باعتباره "رجلًا متعاطفًا وحسن النية وكبير السن ضعيف الذاكرة".
ولم يستطع بايدن حتى تكرار السطور التي غذّاه بها موظفوه أثناء استعداده لمقابلته مع هور، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.
وفي البيت الأبيض، ألغى بايدن أيضًا اجتماعات مهمة للأمن القومي، تاركًا للمساعدين مهمة شرح للحاضرين أن الرئيس لديه "أيام سيئة وأيام جيدة".
وأكد استراتيجي ديمقراطي ذو علاقات جيدة لموقع ديلي ميل أن النفوذ على بايدن "كان مركّزًا من قبل أشخاص ليسوا على اتصال بالخارج"، بما في ذلك مستشاريه المقربين بروس ريد وستيف ريتشيتي ومايك دونيلون.
وفقًا لتقرير صادم، حاول البيت الأبيض إخفاء الحالة العقلية المتدهورة بسرعة لجو بايدن عن الجمهور طوال فترة رئاسته.
و اشتكى موظفو بايدن من المستوى الأدنى من أن هذا "الثلاثي" السري قد طور نفوذًا كبيرًا على بايدن ومع اقتراب فترة ولايته من نهايتها، يتفق الكثيرون في واشنطن على أنه كان من الصعب معرفة من هو المسؤول بالفعل عن إدارة البلاد.
ومن الأمثلة الصارخة على التستر في البيت الأبيض ما نقله عضو الكونجرس الديمقراطي آدم سميث في عام 2021، عندما كان رئيسًا للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي، حاول يائسًا الاتصال ببايدن قبل الانسحاب الفاشل من أفغانستان لمشاركة مخاوفه الجادة بشأن الخطة، وقد قوبلت محاولاته بالرفض.
عندما قُتل 13 من أفراد الخدمة الأمريكية و170 أفغانيًا، انتقد سميث بايدن علنًا ووبخه وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
أخيرًا، اتصل بايدن بسميث للاعتذار، وعلى الرغم من دوره الرئيسي في الكونجرس، فقد كانت المكالمة الشخصية الوحيدة التي تلقاها سميث طوال فترة ولاية الرئيس التي استمرت أربع سنوات.
وكان الموظفون قلقين بشأن المقارنة بين الرئيس بايدن وزوجته الدكتورة جيل بايدن، التي تصغره بثماني سنوات ولديها جدول أعمال مزدحم وحيوي سلط الضوء فقط على وتيرة زوجها الأكثر اعتدالاً.
بحلول أواخر يونيو من هذا العام، كان تراجع بايدن واضحًا تمامًا عندما ناقش دونالد ترامب.
امتلأ الحدث الذي استمر ساعة ونصف الساعة بالزلات والتعثرات والنظرات الفارغة من الرئيس، وقد ثبت أنه كارثي لحملته.
وكانت المواجهة مع ترامب هي التي دفعت الجمهور في النهاية، وحتى كبار الديمقراطيين في واشنطن، إلى مطالبة بايدن بإنهاء محاولته لإعادة انتخابه.
بعد شهر من المناظرة،استسلم بايدن وأيد نائبته كامالا هاريس، التي هزمها ترامب مع ذلك في 5 نوفمبر.
خلال رئاسة بايدن، كان على المساعدين غالبًا تكرار الإشارات له في الفعاليات، تم إعطاؤه بطاقات تعليمات مبسطة مع مؤشرات مفصلة حول مكان المشي والجلوس والنظر.
حتى أن فريق بايدن طلب من قطب استوديو هوليوود جيفري كاتزنبرج أن يجد مدرب صوت لتحسين صوته المتذبذب والخافت.
بالإضافة إلى ذلك، تم حماية بايدن من قبل كبار المستشارين الذين تم وضعهم في أدوار شعر آخرون أن الرئيس كان يجب أن يشغلها.
وشمل المسؤولون الذين وقفوا مستشار الرئيس ستيف ريتشيتي، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ورئيس المجلس الاقتصادي الوطني لايل برينارد.
قال شخص شهد ما حدث مع بايدن في السنوات الأربع الماضية للصحيفة إن مجموعة صغيرة من المساعدين كانوا يبقون بالقرب منه في جميع الأوقات.
وفي الوقت نفسه، تلقى المساعدون الصحفيون المكلفون بتجميع مقاطع الأخبار تعليمات من كبار الموظفين باستبعاد أي قصص سلبية عن الرئيس.
نفى المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس رواية وول ستريت جورنال بأن بايدن رفض.
وبدلاً من ذلك، قال بيتس إنه "حقق السجل الأكثر إنجازًا لأي قائد عام حديث وأعاد بناء الطبقة المتوسطة بسبب اهتمامه بتفاصيل السياسة التي تؤثر على ملايين الأرواح".
كان بايدن متحدثًا عامًا غير منضبط طوال حياته السياسية التي استمرت أكثر من 50 عامًا.
كان لديه أيضًا تلعثم في الطفولة يستشهد به غالبًا للسبب الذي يجعله يتعثر في كلماته.
على الرغم من جهود مساعديه، يغادر بايدن منصبه مع أعضاء حزبه الذين ينتقدونه لكونه "أنانيًا".
يعتقد الكثيرون أنه كان يبحث عن نفسه فقط من خلال البقاء في السباق الرئاسي لعام 2024 بعد نقطة عدم لياقته لفترة أخرى.
يشعر آخرون بالغضب إزاء قراره بالعفو عن ابنه هانتر، 54 عامًا، في وقت سابق من هذا الشهر بعد إدانته بالكذب في نموذج فيدرالي لشراء سلاح في عام 2018.