كييف- خلال 3 أسابيع فقط ألحقت روسيا أضرارا بالغة بقطاع إنتاج الطاقة الكهربائية الأوكراني وذلك من خلال ضربات صاروخية مكثفة فاقت حتى تلك التي شهدتها نهاية 2022.

في الفترة بين 22 و29 مارس/آذار الماضي قصفت روسيا 7 محطات للطاقة الحرارية في أوكرانيا، كما أصابت الصواريخ الروسية محطتين للطاقة الكهرومائية.

وألحقت هذه الضربات دمارا بنحو 80% من محطات التوليد الحرارية والكهرومائية التي كانت تنتج نحو 27.

4% من حاجة البلاد إلى الكهرباء.

وبحسب رئاسة الوزراء، فقد حرم ذلك أوكرانيا من 6 غيغاواتات كانت تنتجها تلك المحطات، وهذا الرقم هو 3 أضعاف ما خططت أوكرانيا لاستيراده من الغرب.

تداعيات ذلك كانت مباشرة على 12 مقاطعة أوكرانية من أصل 24، بعضها كبيرة ورئيسية، مثل خاركيف شرقا وأوديسا جنوبا، حيث أعيد العمل بنظام الانقطاعات الدورية المجدولة، الأمر الذي لم يحدث منذ أوائل العام 2023.

وكانت خاركيف -وهي ثاني أكبر المدن الأوكرانية- الأكثر تضررا، حيث أعلنت إدارتها المحلية أن "كل البنية التحتية للطاقة فيها تضررت"، وأن الوضع فيها بات صعبا للغاية، ولا يسمح حتى بعودة عمل المواصلات الكهربائية الرئيسية (المترو، الحافلات، الترام) إلى طبيعته.

كما أن التداعيات مست كل المقاطعات الأخرى، إذ اضطرت لوقف خدمات التدفئة المركزية مع نهاية مارس/آذار بدلا من أواسط أبريل/نيسان، مع تجدد الدعوات للتوفير العام، والتلميح إلى ارتفاع جديد قريب ستشهده أسعار الكهرباء.

محطة لتوليد الكهرباء في ضواحي العاصمة كييف (الجزيرة) استيراد بأحجام قياسية

وبهذا تكون أوكرانيا قد خسرت كليا أو بصورة مؤقتة ما لا يقل عن 50% من محطات إنتاج الكهرباء التي يبلغ عددها 345 محطة، تتوزع بين محطات توليد وتحويل رئيسية وفرعية.

وخلال عام ونصف مضى لم تفلح باستعادة كامل قدراتها قبل الحرب، والتي تشمل محطات ضخمة دمرت، وأخرى تخضع للسيطرة الروسية، كمحطة سد كاخوفكا ومحطة زاباروجيا للطاقة النووية.

ويبدو أن الاستيراد كان سبيلا وحيدا لاذت به أوكرانيا خلال الأيام الماضية لسد العجز من رومانيا وسلوفاكيا وبولندا والمجر ومولدوفا، حيث قفزت أحجامه بواقع 56 ضعفا خلال الأسبوع الماضي فقط، لتصل إلى 89.3 ألف ميغاوات.

كما تراجعت بواقع 7 مرات أحجام الصادرات الأوكرانية من الكهرباء التي لا تستطيع البلاد تحويلها والاستفادة منها داخليا، فبلغت 1.6 ألف ميغاوات فقط خلال الأسبوع الماضي.

ورغم تغنّي أوكرانيا منذ بداية 2023 بأن قدرات دفاعها الجوي باتت قادرة على حماية كثير من منشآت بنيتها التحتية فإن الضربات الأخيرة فتحت الباب عريضا أمام تساؤل: كيف نجحت روسيا بذلك خلال أيام؟

الجواب -وفق وزارة الطاقة- هو التركيز الروسي على تلك المنشآت دون غيرها بقصف لم تشهده البلاد منذ بداية الحرب، مما شتت الدفاعات الجوية وأتعبها، في ظل تراجع الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا.

وكان القصف الأعنف والأكثر تأثيرا في 22 مارس/آذار الماضي عندما استخدمت روسيا نحو 150 وسيلة لهذا الغرض شملت مختلف أنواع الصواريخ والطائرات المسيرة، بحسب الوزارة.

ما هدف روسيا؟

بحسب وزير الطاقة هيرمان هالوشينكو، فإن جعل أوكرانيا تغرق في الظلام هو هدف روسيا من عمليات القصف الأخيرة، لكن كثيرا من الخبراء والعامة يخوضون في أهداف أخرى لا تقل أثرا وخطورة.

بدوره، قال إيفان ستوباك الخبير العسكري في المعهد الأوكراني للمستقبل والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني للجزيرة نت "مع بداية 2024 فقد الروس طائرتي استطلاع ومراقبة من طراز "إيه-50″، وهذا أجبرهم على تغيير خططهم حتى نهاية مارس/آذار، نحن الآن نرى تنفيذا لخطط مؤجلة".

أما الخبير في مجموعة "المقاومة الإعلامية" أوليكساندر كوفالينكو فاستبعد هدف إغراق أوكرانيا بالظلام، ولا سيما أن النهار طال ودرجات الحرارة ارتفعت نسبيا، وبالتالي لم يعد قطع التيار الكهربائي خطرا على الأوكرانيين وصعبا كما لو كان في فترة الشتاء.

ورأى الخبير في حديث مع الجزيرة نت أن "هدف روسيا في هذا التوقيت هو زيادة الضغط على أوكرانيا وحلفائها معا، لأن قطاع الصناعات الثقيلة والمتوسطة يستهلك 41% من كهرباء البلاد، وهو ضروري جدا لاستمرار عمليات تصنيع الأسلحة والذخائر التي نما إنتاجها بواقع 6 أضعاف خلال 2023، وأصبحت تستخدم في أرض المعركة إلى جانب الأسلحة الغربية".

وتابع كوفالينكو "الدعم الغربي تراجع جدا، والامتعاض والمخاوف الغربية على اقتصاداتها لم تعد سرا، لذلك فإن من أهداف روسيا تحميل أوكرانيا وحلفائها أعباء إضافية تشمل أموالا للإصلاح وإعادة البناء وأعدادا جديدة وكبيرة من اللاجئين الذين بدؤوا يغادرون خاركيف وغيرها بالفعل".

وفي سياق متصل، أعلن مكتب الرئاسة الأوكرانية أن الضربات الروسية الأخيرة سببت خسائر لنظام الطاقة الأوكراني لا تقل عن 100 مليون يورو.

أوكرانيا تتخوف من سلسلة هجمات روسية جديدة تستهدف قطاع الطاقة (غيتي) أوكرانيا تتوقع الأسوأ

ورغم كل ما سبق فإن الحكومة الأوكرانية تؤكد أن "سوق الطاقة مستقر في البلاد"، لكن أطرافا حكومية أخرى تتخوف من موجات قصف روسية جديدة قد تطال قطاع الطاقة وغيره.

من جهته، قال فاديم سكيبيتسكي مساعد رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الأوكرانية إن "روسيا كانت بحاجة إلى تأمين 900 صاروخ لتوجيه ضربات جديدة، وتمكنت فعلا من تأمين 950 صاروخا، الهدف منها ضرب محطات توليد الطاقة بشكل رئيسي".

بدورها، أكدت القوات الجوية الأوكرانية أنها "مستعدة لصد هجمات العدو"، لكنها اعترفت بأن "العدو الروسي يأخذ حاليا قسطا من الراحة يدرس خلاله وضع دفاعاتنا الجوية بالضبط، ووجه مسيّراته وصواريخه بشكل يصعب التعامل معه".

وتبدو أوكرانيا في وضع لا تحسد عليه، فهي مضطرة لمواجهة الهجمات بما يتوفر لديها من وسائل دفاع، ومطالبة "الحلفاء" بمزيد من ذخائر الدفاعات الجوية وغيرها من الأسلحة، الأمر الذي بات يتكرر يوميا على لسان رئيسها فولوديمير زيلينسكي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات مارس آذار

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي: روسيا أسقطت 900 قنبلة على أوكرانيا خلال أسبوع

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا أسقطت 900 قنبلة على أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي وحده.
وأضاف زيلينسكي عبر تطبيق تليجرام، أن موسكو شنت على أوكرانيا هجمات أخرى باستخدام 300 طائرة مسيرة و40 صاروخًا.

هجمات على زابوريجيا

قال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية لمنطقة زابوريجيا إيفان فيدوروف، إن روسيا شنت مجددًا هجمات جوية على مدينة زابوريجيا الصناعية في جنوب أوكرانيا، ما أسفر عن إصابة 16 شخصًا بجروح، وإلحاق أضرار جسيمة بمباني مدنية.

أخبار متعلقة المكسيك.. 15 قتيلًا وخسائر مادية فادحة بسبب إعصار جونأمريكا.. ملايين الأشخاص دون كهرباء بسبب إعصار هيلين

أكدت المحكمة العليا وفاة القاضي العضو بها عبر موقع فيسبوك وأعربت عن تعازيها لأسرته#اليوم #أوكرانياhttps://t.co/rURBYx8dCp pic.twitter.com/iehnRNj27g— صحيفة اليوم (@alyaum) September 28, 2024


ونشر فيدوروف عبر تطبيق تليجرام يوم الأحد، صورًا لمنازل مدمرة، قائلًا إن بعض الأشخاص قد لا يزالون محاصرين تحت الأنقاض.
وأضاف ن عدة حرائق اندلعت جراء شن أكثر من 13 هجومًا جويًا.

المزيد من المساعدات

وقال مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أندريه يرماك، إن مدينة أوكرانية كبرى أخرى تتعرض للترهيب بسبب الضربات الجوية الروسية.
ودعا الحلفاء الغربيين لأوكرانيا إلى إمداد بلاده بالمزيد من الأسلحة، وأضاف أنه يجب استهداف الاقتصاد الروسي لإزالة الأساس لخوض الحرب.

قال وزير الداخلية الأوكراني إيهور كليمينكو عبر تطبيق تليجرام إن رجال الإنقاذ الذين حاولوا إحضار المرضى لمنطقة آمنة بعد هجوم أولي#اليوم #أوكرانيا #روسياhttps://t.co/faypP7PKl7 pic.twitter.com/wzU8LcEova— صحيفة اليوم (@alyaum) September 29, 2024إسقاط 15 مسيرة روسية

وأعلنت قيادة القوات الجوية الأوكرانية، في بيان يوم الأحد، أن قوات الدفاع الجوي الأوكرانية أسقطت 15 طائرة مسيرة روسية من طراز شاهد من أصل 22 طائرة أطلقتها روسيا خلال الليل.
وقال البيان: "خلال الليل، هاجمت القوات الروسية أوكرانيا بما مجموعه 22 طائرة مسيرة من طراز شاهد، أطلقتها من منطقتي كورسك وييسك الروسيتين، ومنطقة تشودا في شبه جزيرة القرم المحتلة مؤقتًا، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية (يوكرينفورم).

مقالات مشابهة

  • رسميا.. إغلاق آخر محطات توليد الكهرباء بالفحم في بريطانيا
  • إغلاق آخر محطات توليد الكهرباء بالفحم في بريطانيا.. رسميًا
  • قتلى الحرب الأوكرانية.. جمهوريات روسيا الإسلامية تدفع ثمنا باهظا
  • عاجل - رئيس الوزراء يتابع جهود توفير المواد البترولية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء
  • رئيس الوزراء يتابع جهود توفير المواد البترولية لتشغيل محطات الكهرباء
  • 170 قتيلا جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في نيبال
  • 170 قتيلاً بالفيضانات والانهيارات الأرضية في نيبال
  • زيلينسكي: روسيا أسقطت 900 قنبلة على أوكرانيا خلال أسبوع
  • أوكرانيا تستهدف مستودعًا للذخائر والصواريخ في روسيا
  • أوكرانيا تعلن استهداف منشأة عسكرية في روسيا