عربي21:
2024-12-23@12:47:35 GMT

هل امتلك العرب يومًا إرادة جادّة لهزيمة إسرائيل؟

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

السؤال الصحيح الذي ينبغي أن يظلّ حاضرًا منذ اليوم الأوّل للحرب الإسرائيلية على غزّة وإلى أن تتنهي هذه الحرب، هو "هل عمل العرب بصدق وجدّية على استعادة فلسطين؟"، لا يستثني هذا السؤال الحركة الوطنية الفلسطينية منذ ستينيات القرن الماضي. هذا السؤال بدت إجابته واضحة يوم 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، وذلك بالقول إنّ هزيمة "إسرائيل" ممكنة، إلا أن الاحتلال بحرب الإبادة التي شنّها على غزّة، والدعاية الواسعة من أوساط متواطئة مع الاحتلال في الإعلام العربي، قد انتقل بالسؤال إلى التقدير السياسي لحماس خلف عملية "طوفان الأقصى"، ليصير الأمرُ تاليًّا موقفًا ثابتًا يحمّل الحركة المسؤولية عن حرب الإبادة الإسرائيلية، في صرف كامل عن الحقيقة، فلم تعد قضيتهم الآن أنّ هزيمة "إسرائيل" غير ممكنة، ولكنّهم يقررون ضمنًا وصراحة أحيانًا، أنّ أفعال "إسرائيل" مجرّد ردود على "رعونات" فلسطينية غير محسوبة.



إنّ محاولة تشويه الموقف الراهن بالإلحاح على تحميل حماس مسؤولية حرب الإبادة الإسرائيلية، يجيب على السؤال الصحيح الأوّل، وهو "هل عمل العرب بصدق على استعادة فلسطين؟"، وذلك بفحص الجغرافيا السياسية بالنسبة للمشهد العام من جميع أطرافه.

يمكن رؤية المشهد ابتداء من قدرة تنظيم صغير بأسلحة خفيفة مصنعة محلّيًّا ومن منطقة جغرافية صغيرة ومحاصرة ومكشوفة على تنفيذ أكثر عملية خداع إستراتيجي نجاحًا في التاريخ ضدّ دولة قوامها من الأمن، ثمّ أتبع ذلك بصمود ميداني وقدرة على التماسك في مواجهة حرب إبادة جماعية غير مسبوقة في التاريخ الحديث والمعاصر بأدواتها التسليحية، وبما كان ينبغي أن يحسم المعركة في ثلاثة شهور على الأكثر.

إزاء ذلك ماذا كان موقف الدول العربية الأكثر تأثيرًا في هذه اللحظة مطلقًا، أو الأكثر تأثيرًا في الموضوع الفلسطيني تحديدًا؟! في أقلّ أحوالها سوءًا تدير حملة تحطيم معنوي للمقاومة للفلسطينية صريحة، وحملة تبرئة ضمنية للاحتلال من جرائمه، وبالاستعانة بأصوات فلسطينية، وإذا كان هذا ما هو ظاهر، فيمكن الجزم بأنّ امتناع تلك الدول عن إسناد الفلسطينيين وعن اتخاذ أي خطوة ولو شكلية احتجاجًا على الحرب الإسرائيلية، هو تواطؤ أكثر منه عجزًا، وأنّ تنسيق المواقف مع الاحتلال هو الحقيقة المؤكدة خلف الحجب، وأنّ الرغبة في التخلّص من حماس تأسيسًا لتصفية القضية الفلسطينية ظاهرة.

وإذن، فالمشهد مكوّن من ثلاثة عناصر، دولة مدججة تحوز تفوقًا تسليحيًّا وتقنيًّا كاسحًا، وتتظيم صغير يتمكن من إيقاع هزيمة نسبية بهذه الدولة في عملية مباغتة وخاطفة ثم يصمد بعد ذلك أكثر من ستة شهور، وجغرافيا سياسية عربية خاذلة للفلسطينيين أو متواطئة مع تلك الدولة.

المشهد مكوّن من ثلاثة عناصر، دولة مدججة تحوز تفوقًا تسليحيًّا وتقنيًّا كاسحًا، وتتظيم صغير يتمكن من إيقاع هزيمة نسبية بهذه الدولة في عملية مباغتة وخاطفة ثم يصمد بعد ذلك أكثر من ستة شهور، وجغرافيا سياسية عربية خاذلة للفلسطينيين أو متواطئة مع تلك الدولة.الأسئلة هنا كثيرة، أكثرها مباشرة وراهنية عما كان يمكن أن يكون عليه الحال لو أنّ الجغرافيا السياسية العربية كانت أفضل مما هي عليه الآن، لو كانت أقل خذلانًا للفلسطينيين أو أقلّ تواطؤًا مع عدوّهم. ألم يكن يعني ذلك في أقلّ الأحوال تقليص عمر الحرب وتخفيف معاناة الفلسطينيين والتأسيس لوضع سياسيّ أفضل؟! أمّا ما هو أكبر وأعمق وأوسع، فعن التاريخ العربي في هذا الصراع، فأن تتمكن حركة صغيرة في ظرف مستحيل من تحقيق ذلك الإنجاز ثمّ الصمود بعده، يعني أن العقدة منذ العام 1948 لم تكن في التفوّق الإسرائيلي، بقدر ما كانت في انعدام الإرادة العربية لهزيمة "إسرائيل" واستعادة فلسطين، وبما أن الظرف الراهن يكشف عن تواطؤ، فما الذي يمنع أن تكون هزائم العرب في فلسطين، ثمّ السياسات التي أداروها تجاه القضية الفلسطينية منذ أكثر من 76 عامًا، مدفوعة بتواطؤ ما، وليس بمجرّد التخاذل وافتقاد الإرادة؟!

ينبغي التذكير هنا، وربطًا بحملة التشويه التي يقودها الإعلام العربي ضدّ حركة حماس راهنًا، بتحميلها المسؤولية عن حرب الإبادة الإسرائيلية، بحملات التشويه التي قادتها دول عربية بعد حرب العام 1948 للتنصل من المسؤولية عن الهزيمة بإشاعة أنّ الفلسطينيين باعوا أرضهم لعدوّهم، وهي دعاية جرى استدعاؤها تاليًا للتغطية على توجه نظام السادات في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي للتصالح مع "إسرائيل"، والمثير للدهشة أنّ هذه الدعاية متوارثة لا تضمر بالتقادم، وتروج في دول عربية لا يُعرف لها أصلاً مواجهة مباشرة مع الاحتلال طوال تاريخ الصراع! والمفارقة أنّ هذه الدعاية المتوارثة منذ أكثر من 76 سنة ما تزال قائمة، بينما تسقط المسؤولية العربية عن ضياع فلسطين في حربي 1948 و1967!

وليس ثمّة حاجة للعودة كثيرًا في عقود الزمن إلى الوراء لإثبات أنّ مشكلة الفلسطينيين في الجغرافيا السياسية المحيطة بهم، وإن كانت هذه الحرب القائمة دالة على ما كان عليه الحال منذ ما قبل العام 1948، ولكن يكفي التذكير بما كان عليه الحال في العقد الأخير من اتفاقات تطبيع تحالفي غير مبررة ويصعب فهم أسباب لها بين دول عربية غير متضررة من الصراع مع "إسرائيل" وهذه الأخيرة، وما سبق تلك الاتفاقات وما رافقها وما تلاها، بما في ذلك تلك التي لم تُنجز في العلن بعد، من حملات إعلامية لتحطيم الفلسطينيين وتشويه قضيتهم وللدعوة لتجاوز هذه القضية وإلى الأبد، فالموقف الحالي الذي يُظهر الأمر عداء لحماس، سبقه موقف طويل لم يكن يخفي عداءه للفلسطينيين كلهم قضية وشعبًا ومجتمعًا وتاريخًا، مما يعني أنّ دوافع هذا الموقف لا تتعلق بالصيغة الأيديولوجية لحماس! بل بفلسطين!

وأخيرًا، فإنّ هذه الحرب من فاتحتها وطوال خطها وبقدر ما كشفت عن العقدة الفلسطينية الأساسية المتمثلة بموقف عربي في أحسن أحواله لم يكن جادًّا في السعي لاستعادة فلسطين وهزيمة "إسرائيل"، فإنّه يشمل كذلك الحركة الوطنية الفلسطينية التي عملت، ومن كل النواحي، في ظروف أفضل من هذه التي تعمل فيها حماس الآن، ومع ذلك فنتائج عملها لا تكشف لا عن جدّية ولا عن إدارة صحيحة وقد تفردت لعقود بتمثيل القضية الفلسطينية، وبعض بقاياها اليوم، وبدلاً من الاستفادة من هذه الحقائق لمراجعة مسارها، تنخرط بدورها في حملة تشويه إخوانهم الفلسطينيين وتصفية الحساب معهم في ظل الدبابات الإسرائيلية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب فلسطين الاحتلال احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرب الإبادة أکثر من ما کان

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلى يدمر تراث فلسطين.. "أبو عطيوي": الاحتلال يسعى لطمس كافة معالم القضية الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الكاتب الصحفي ثائر أبو عطيوي عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين ومدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، إن فلسطين في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة والمستمرة على قطاع غزة، وتعرض المباني والمساكن العمرانية للتدمير جراء قصف طائرات ودبابات الاحتلال، كان للمواقع الأثرية النصيب أيضا من  تعرضها بشكل متعمد للقصف والعدوان الإسرائيلي، فقد شمل القصف تدمير مواقع حضارية والتاريخية والمعالم الثقافية والعلمية  والمساجد والكنائس، التي تندرج جميعها تحت مسمى المعالم الأثرية في قطاع غزة، لأنها مرت على اكتشافها العديد من الحضارات التاريخية التي جسدت كل حضارة تاريخية على تلك المعالم الأثرية معلما خاصا بهذه الحضارة.

وأضاف “ أبوعطيوي” في تصريحات لـ “ البوابة نيوز” أن المؤسسات الدولية والحقوقية والإنسانية حذرت  من الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها المواقع الأثرية في قطاع غزة، وضرب الاحتلال الإسرائيلى بعرض الحائط لقواعد القانون الدولي وعدم احترامه أو الإلتزام به، وخصوصًا اتفاقيات جنيف ومعاهدة لاهاي الدولية المتعلقة بحماية الإرث الثقافي في اوقات النزاعات والحروب، موضحًا أنه وفقا للاحصائيات الموثقة فإن تم تدمير ما لا يقل عن 200 أثري وتراثي من أصل 350 موقعا أثريا وتراثيا مسجلا في قطاع غزة.

وأكمل مدير مركز العرب للأبحاث حديثه قائلاً :لا تعد هذه المرة الأولى التي ينتهك بها الاحتلال الإسرائيلى للمواقع الأثرية والثراثية في قطاع غزة بل على مدى الحروب السابقة تم استهداف العديد من المواقع الأثرية وكان الاستهداف بشكل جزئي  اما الاستهدافات في هذه الحرب المستمرة فكان الاستهداف مباشر وبشكل كلي ومتعمد واو تدمير شبه كامل للمعالم الحضارية والتاريخية والأثرية بقطاع غزة.

واستطرد: إن محاولات التدمير الجديدة والمتواصلة لكافة المعالم الأثرية والتاريخية والحضارية والدينية والثراثية والعلمية كلها تأتي في مساعي الاحتلال لطمس كافة معالم القضية الفلسطينية وبكل شأن يتعلق بالدلالة على اسم فلسطين وتاريخها وحضارتها وهذا ليس في قطاع غزة فقط بل  كافة الأراضي الفلسطينية، وكذلك سرقة العديد من معالم التراث في الملابس والازياء والاطعمة الفلسطينية والعمل على انتسابها لتاريخ الاحتلال الإسرائيلي المزيف، مشيرًا إلى أن  تدمير الإرث الثقافي الإنساني بكافة معالمه الأثريةوالتراثية هو أحد أهداف الاحتلال منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1948، وهذا يأتي في سياق التدمير الممنهج والمدروس لكل ما هو فلسطيني أو أي شيء يدل على فلسطين الهوية والتاريخ والحضارة والثقافة.

ولهذا المطلوب من المؤسسات العالمية الإنسانية والحقوقية و المعنية وذات العلاقة بالاثار والتراث أن تقف أمام مسؤوليتها وتقوم بحماية ما تبق من معالم أثرية وتراثية في كافة الأراضي الفلسطينية وأن تعمل ضمن مشروع عالمي على إعادة إعمار وترميم المواقع الأثرية التي تعرضت لقصف طائرات ودبابات الاحتلال بشكل شبه كامل أو تدمير جزئي.

وأكد "أبوعطيوي" إن إعادة واعمار المواقع والمعالم الحضارية والتاريخية والأثرية والثراثية التي تضررت من حرب الإبادة على قطاع غزة هي إعادة الحياة لقطاع غزةو للهوية الوطنية السياسية والإنسانية لشعبنا الفلسطيني وعدالة قضيته، لأنها تعتبر من أحدث الشواهد والدلائل الراسخة  على وجود الانسان الفلسطيني على هذه الأرض منذ الأزل وقبل وجود أي كيان مستعمر ومحتل قبله، وهنا تستحضرنا  مقولة الشاعر الراحل محمود درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" والمعالم الحضارية العريقة والاثرية والتراثية احد معالم الحياة التي تستحق الحياة والوجود بدلا من آلة التدمير الإسرائيلية.

واختتم حديثه بأن أهم المعالم الأثرية والتراثية والدينية التي تم استهدافها على سبيل الذكر لا الحصرفي وفق الاحصائيات الموثقة 250 موقعا ومعلما اثريا وتراثيا من أصل 350 موقعا في قطاع غزة ، والتي منها المسجد العمري الكبير، وكنيسة القديس بريفيريوس، وتل أم عامر وتل العجول، وحمام السمرة ، وقلعة برقوق، ومركز رشاد الشوا الثقافي، والمركز الاجتماعي الثقافي الأرثوذكسي 
ومسجد عثمان قشقار ،ومخزن آثار غزة ، وبيت السقا الأثري وبين الغصين الأثري.

 

مقالات مشابهة

  • خبير: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين
  • خبير علاقات دولية: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتهجير السكان الفلسطينيين
  • حركة فتح: إسرائيل تواصل عدوانها على الفلسطينيين وسط صمت دولي من العالم
  • الاحتلال الإسرائيلى يدمر تراث فلسطين.. "أبو عطيوي": الاحتلال يسعى لطمس كافة معالم القضية الفلسطينية
  • إسرائيل تهاجم البابا فرنسيس وتتهمه بازدواجية المعايير لاستنكاره قتل الفلسطينيين
  • منظمة قانون من أجل فلسطين: الهجمات على الأونروا هدفها تقويض القضية الفلسطينية
  • غيرترود بِيل.. الجاسوسة التي سلّمت العرب للإنجليز
  • برلماني: اعتماد قرار دولي يؤكد حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم يُزيد عزلة إسرائيل
  • كلاب إسرائيل وجثث الفلسطينيين!
  • منظمة القانون من أجل فلسطين: هجمات إسرائيل على الأونروا تقوض القضية الفلسطينية