صداع لواشنطن وللإسرائيليين.. ماذا تعرف عن الناشطة حزامي برمدا؟
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
واشنطن- من خيم الاعتصام أمام منزل وزير الخارجية أنتوني بلينكن في منطقة ماكلين الراقية بولاية فرجينيا، إلى غرس الأعلام الفلسطينية حول السفارة الإسرائيلية بواشنطن، مرورا بوقفات احتجاجية أمام مقر "سي إن إن"، ومطاردة أعضاء الكونغرس بين مباني مجلسي النواب والشيوخ، تقف حزامي برمدا بقدرات تنظيمية وتخطيطية لافتة جعلت منها عنوانا ومرجعا لحركة الاحتجاجات التي تشهدها واشنطن منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة قبل 6 أشهر.
وقبل 6 سنوات، عرضت دورية "شير أميركا"، التي تصدرها وزارة الخارجية الأميركية، ملفات شخصية لـ3 رائدات أعمال أميركيات من أصول عربية، إحداهن كانت حزامي برمدا، ووصفتهن الدورية بأنهن "تركن بصماتهن في المجتمع الأميركي". وخلال هذا العرض قالت برمدا "الكثير من النجاح الذي نحققه إنما هو مدفوع بالصوت النابع من داخلنا".
كما استعانت وزارة الخارجية الأميركية بهذه السيدة ضمن برامجها المتعلقة بالدبلوماسية الشعبية، وهي برامج تعرض تجارب ناجحة لأميركيين مميزين في مجالاتهم المختلفة.
وبدلا من الاقتراب من دوائر النفوذ والحكم في واشنطن، انتقلت برمدا مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى قيادة حركة احتجاجات واسعة ضد موقف إدارة الرئيس جو بايدن الداعمة لإسرائيل.
ولدت حزامي برمدا (من أصول سورية فلسطينية) في مدينة مانشستر بإنجلترا، وسافرت حول العالم حتى انتهت إلى الاستقرار في الولايات المتحدة. حصلت على البكالوريوس في الأنثروبولوجي وعلم الاجتماع من كلية رودس، واستكملت دراساتها العليا في السياسة العامة والاجتماعية في جامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة، وبعد ذلك حصلت على الماجستير من جامعة هارفارد في السياسة العامة والإدارة.
وخلال السنوات القليلة الماضية شاركت في العديد المبادرات والأنشطة الهادفة لبناء ودعم القدرات البشرية والمؤسسية، وعملت كاستشارية في منظمة الأمم المتحدة، وقدمت خبرتها العملية للعديد من المنظمات غير الربحية، ولشركات كبرى.
وتقول برمدا "نشأتي في عائلة لاجئة، والهجرة والسفر حول العالم، وفقدان منزلي في إعصار كاترينا، ومشاهدة الحرب في مدينة حلب بسوريا حيث تشرد أحبائي ودمرت ذكريات طفولتي، كل ذلك جعلني الشخص الذي أنا عليه. لقد مكنتني تجربتي من تحويل ألمي إلى قناعة عميقة بأننا كبشر، لا يمكننا أن نتسامح مع عالم يسمح للكثيرين بأن يعيشوا حياة تتسم بمثل هذا الظلم القاسي".
وتشير برمدا في حديثها مع الجزيرة نت إلى أن هدفها من استمرار الاحتجاجات والاعتصامات تذكير الأميركيين بالعواقب الكارثية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي تدعمه بالمال والسلاح إدارة بايدن.
ولبرمدا طفل عمره 18 شهرا، وذكرت أن الدعم الكبير الذي يوفره لها زوجها، عمليا ومعنويا، يسمح لها بالتفرغ لهذا الدور الفاضح لما يقوم به العدوان الإسرائيلي، وما تقوم به إدارة بايدن من دعم لإبادة جماعية تعرضها الشاشات لحظة بلحظة.
احتجاجات بطرق مبتكرةتقليديا يختار المحتجون في العاصمة الأميركية تنظيم مظاهرات حاشدة في منطقة الحديقة الوطنية (National Mall) الواقعة بين نصب الرئيس السابق أبراهام لينكوكن ومبنى الكابيتول (الكونغرس)، أو يختارون الاحتشاد والتظاهر قبالة البيت الأبيض.
ومؤخرا أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة حركة الاحتجاجات الرئيسية. لكن برمدا اختارت أساليب مختلفة في إطار قيادتها لحركة احتجاجية شعبية بدأت صغيرة إلى أن توسعت بصورة كبيرة ومؤثرة.
وأمام منزل وزير الخارجية المطل على نهر البوتوماك، يعتصم العشرات من المعارضين للدعم الأميركي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بقيادة برمدا. ويلقي هؤلاء سوائل حمراء (لون الدماء) على سيارات الوزير وعائلته في محاولة للفت النظر لجرائم الإبادة الجماعية المقترفة ضد سكان القطاع.
ويهدف المحتجون كذلك إلى الضغط على بلينكن من خلال تذكير أطفاله بما يعانيه آلاف الأطفال ممن هم في عمرهم على يد الجيش الإسرائيلي بسلاح أميركي، ويسمي المحتجون منزل بلينكن بـ"كيبوتس (مستوطنة) بلينكن".
وعن وقفتها المستمرة أمام منزل وزير الخارجية، وجهود تعريف عائلة الوزير وخاصة أطفاله الصغار بما يجري لأطفال مثلهم من قتل وقصف بدعم إدارة والدهم، تقول برمدا "لقد قصفت إسرائيل أحياء بأكملها، وفقد أطفال تحت الأنقاض، علينا أن نخبرهم بالحقائق الوحشية والهمجية للحرب".
وأثناء مشاركتها في الاعتصام خارج منزل بلينكن، وأثناء خروج سيارة تقل الأطفال (غالبا لمدارسهم) صاحت برمدا ومن معها من مشاركين "والدك قاتل أطفال" ولوح البعض بلافتات كتب عليها "مجرم الحرب الدموي بلينكن يعيش هنا".
وعلى بعد 5 أميال من كيبوتس بلينكن، نظمت برمدا اعتصاما مماثلا أمام السفارة الإسرائيلية في قلب العاصمة عقب إشعال آرون بوشنل، العامل بالقوات الجوية، النار في نفسه احتجاجا على سياسة بلاده الداعمة لإسرائيل. وقد توفي بوشنل بعد 7 ساعات من الحادث في المستشفى نتيجة إصابته بحروق بليغة.
وأقام المحتجون ما يعتبرونه نصبا تذكاريا رمزيا في المكان الذي شهد وفاته، إلا أنه وفي اليوم التالي اكتشف بعض النشطاء قيام أمن السفارة الإسرائيلية بإزالة ذلك النصب التذكاري الرمزي والبسيط.
وتهدف برمدا ورفقاؤها إلى إيصال رسالة قوية ومباشرة للشعب الأميركي بحجم الغضب على الجرائم المرتكبة في غزة بدعم وتسليح أميركي.
قدم ناشطون، وعلى رأسهم برمدا، مشهدا تمثيليا أمام البيت الأبيض في واشنطن، يجسد دموية القصف الإسرائيلي على غزة بغرض نشر الوعي حول الحرب التي يشنها الاحتلال على القطاع وبدعم أميركي. مما نال اهتمام الكثير من الشبكات الإعلامية.
ونظمت برمدا كذلك وقفات احتجاجية مختلفة واعتصامات أمام مقار العديد من الشبكات الإخبارية احتجاجا على تغطيتها غير المتوازنة تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ثمن متوقع
وعن الثمن الذي قد تدفعه نتيجة قيادتها لحركة الاحتجاجات الواسعة في مختلف أنحاء العاصمة، قالت برمدا "لا أعرف ماذا ينتظرني بعد انتهاء هذه المرحلة، كما تعرف أنا درست في جامعة هارفارد، وهذا يسهل من التعرف على مؤثرين ومن هم أصحاب النفوذ في مختلف المجالات. وتقليديا لا يجد خريجو جامعة هارفارد أي مشكلة في العمل، لكن في ظل هذه الأوضاع لا أعرف ماذا يخبئ القدر".
وعن تعرضها لمضايقات أو تهديدات، أشارت إلى أنها وقعت ضحية عدة اعتداءات لفظية أو باستعمال العنف. وأشارت إلى أنها رفعت 3 قضايا أمام المحاكم ضد حراس بالسفارة الإسرائيلية بواشنطن ممن اعتدوا عليها وعلى زملائها في محاولة لإنهاء الاعتصام المستمر خارج السفارة.
وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقفت برمدا عند تقاطع شارعي إم وويسكونسن وهي ترفع لافتة تدعو لوقف العدوان الإسرائيلي، وتفاجأت بسيدة تصرخ في وجهها "يجب حرقك وسجنك وترحيلك"، واستخدمت ألفاظا مسيئة.
وتأمل برمدا أن تقود الاحتجاجات في واشنطن وبقية أنحاء الولايات المتحدة إلى إيقاظ وعي الشعب الأميركي لما تقوم به حكومته من دعم كامل لإبادة جماعية ضد مدنيين عزل في غزة أغلبهم من الأطفال والنساء.
For 18 minutes we made sure @POTUS knew that his campaign can’t be built on the back of a genocide in Gaza. You can’t talk about #ReproductiveRights and not include all #women. Your legacy will always be: Genocide Joe. Full video: https://t.co/aKT16Kdwwu
— Hazami Barmada (@HazamiBarmada) January 24, 2024
وكتبت حزامي في 23 يناير/كانون الثاني الماضي على منصة إكس تعليقا على حديث بايدن عن حقوق النساء، وقالت "لمدة 18 دقيقة تأكدنا من أن الرئيس بايدن يعرف أن حملته لا يمكن أن تُبنى على خلفية الإبادة الجماعية في غزة. لا يمكنك التحدث عن حقوق المرأة وعدم تضمين جميع النساء. سيكون إرثك دائما أنك رئيس إبادة جماعية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الإسرائیلی على قطاع غزة السفارة الإسرائیلیة العدوان الإسرائیلی فی واشنطن إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني مقاضاة السودان لدولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية
الأسبوع الماضي انشغلت الميديا السودانية وعلى نطاق واسع بالحدث المهم وهو البت في القضية المرفوعة من حكومة السودان ضد حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، القضية، التي أصبحت الآن تشغل اهتمام الإعلام العالمي لغرابتها ولأنها أول سابقة في العصر الحديث أن تشتكي دولة عربية، دولة خليجية في محكمة العدل الدولية.
أولا: السواد الأعظم من السودانيين لا يؤيدون هذه الدعوة القضائية ضد الإمارات لأسباب أهمها أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لم تنقطع بعد، هذا ما يعني أن حكومة الأمر الواقع في السودان غير مستوعبة لهذا الأمر كونها تشتكي على دولة شقيقة دوليا وترتبط معها بعلاقات دبلوماسية واقتصادية سارية، (2) أن الحاكمين في السودان لا زالت مصالحهم المالية في الإمارات مستمرة، والعشرات من الشركات الموجودة في دبي وابوظبي تتبع للإسلاميين الحاكمين في السودان، (3) أن دولة الإمارات لم تتدخل في الشأن السوداني إلا أن الحاكمين من لدن الرئيس السابق عمر البشير، ومن بعده البرهان هم الذين أسسوا لهذه التدخلات، وفي الحقيقة أن علاقات البلدين لم تكن علاقات طبيعة مثل علاقات كل الدول ببعضها البعض، فهي تجاوزت الاطر الدبلوماسية إلى ما يمكن أن اسميه فسادا أخلاقيا كبيرا للدولة السودانية، هناك الكثير من أوجه هذه العلاقة بين البلدين تدار تحت الطاولة، مثلا تصدير الذهب للإمارات كل مدخوله المالي لا يدخل في حزينة الدولة السودانية بل ينزل في حسابات أشخاص من الطبقة الحاكمة، (4) أن الدولة السودانية هي التي أسست علاقات قادة الدعم السريع مع دولة الإمارات حيث طلبت من الامارات مد الدعم السريع بكل احتياجاته من السلاح والمعدات التقنية والأمنية، وفي ذلك الوقت كانت عناصر الدعم السريع هي التي تتولى حماية كل المرافق الاستراتيجية في البلاد من المطارات المدنية والعسكرية..إلخ، لذلك من الغريب جدا أن يُنظر لدولة الإمارات على أنها هي سبب ما يحدث في السودان الآن، بل السبب الرئيسي في كل ذلك هي المجموعة العسكرية الحاكمة بأمر (الحركة الإسلامية) في الخفاء.
ثانيا: الكثير من السودانيون يرون أن الدعوة التي رفعتها حكومة الأمر الواقع في السودان ضد الامارات بكل تأكيد ليس في مصلحة الشعب السوداني، وهناك تخوفات شديدة من غضب دولة الامارات إذا فكرت في طرد السودانيين من الدولة، هذا ربما يحدث لكن طبعا بشكل غير مباشر، أيضا هناك توقعات بأن تقوم دولة الامارات بتجميد أموال وأصول الطبقة الحاكمة في السودان الموجودة في البنوك الاماراتية.
ثالثا: بعض السودانيين يرون أن القضية المرفوعة من حكومة السودان ضد حكومة دولة الامارات العربية المتحدة في محكمة العدل الدولية ربما تؤثر بشكل كبير في علاقات دول مجلس التعاون الخليجي بالسودان، وهذا يمثل أكبر تخوف بالنسبة لوجود السودانيين في الخليج وغيرها، وكما هو معروف ان دُول الخليج هي منظومة سياسية ذات علاقة قوية ببعضها البعض، لذلك أقول أن شكوى الحكومة السودانية ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية ليست مجرد إجراء قانوني أريد به ادانة الامارات بهدف ايقاف دعمها العسكري واللوجستي لمليشيات الدعم السريع، نحن نتحدث عن متغيرات كثيرة وعميقة في المنطقة سيكون لها تأثير كبير جدا في الامن الإقليمي، بالنظر إلى ما يجري من أحداث في منطقة الشرق الأوسط برمتها المتمثل في الصراع العربي الاسرائيلي (فلسطين- اليمن- لبنان- ايران).
رابعا: بالنسبة لمجريات الامور في الداخل السوداني فإن تقديم الشكوى ضد دولة الامارات يتزامن مع "تصاعد الخلافات داخل تحالف السلطة في الخرطوم فالفريق البرهان – الذي كان يُعتبر حليفًا إماراتيًا سابقًا – يحاول إعادة تشكيل شرعيته عبر تحويل نفسه إلى "مدافع عن السيادة" ضد التدخل الخارجي، خاصة بعد فقدان جزء من دعم الشارع الثوري المدعوم من المكون المدني الذي أدت مجهوداته إلى قيام الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير، إن الفريق عبدالفتاح البرهان يحاول استغلال الفراغ الدولي مع انشغال العالم بحرب أوكرانيا والأزمة الفلسطينية، فهو يسعى لجذب الانتباه الدولي إلى أزمته، واستخدام القضاء العالمي كمنصة لـ"تحويل الهزيمة العسكرية إلى انتصار معنوي" حسب التحليلات المنشورة في الميديا السودانية.
خامسا: هناك توقعات بأن تستغرق عملية النظر في الأدلة عموما بمحكمة العدل الدولية وقتا طويلا ربما يمتد إلى سنوات، وستواجه العملية معضلة الإثبات، وإشكالية إثبات "الدعم المباشر": حتى لو قدم السودان أدلة استخباراتية (كصور أقمار اصطناعية لشحنات أسلحة)، وهو ما يسمح للسودان بتحقيق مكاسب سياسية مرحلية (كضغط دولي على الإمارات)، حتى لو فشلت قانونيا، لكني شخصيا لا أتوقع أن الجيش السوداني يستمر في حُكم السودان، وهناك كذلك قراءات عديدة تقول أن البلاد في طريقها للتفكك والحرب الأهلية وجاءت هذه القراءات نسبة لزيادة النفس العنصرية الشديد والقوي بين المكونات السودانية المختلفة، والآن بات واضحا من خلال العمليات التي تجري على الأرض خاصة استهداف الولايات الشمالية للمرة الأولى بالمسيرات الجديدة الحديثة من قبل مليشيات الدعم السريع والتصريحات التي صدرت عن بعض القادة في هذه المناطق من تهديدات عنصرية كلها تشير إلى واقع جديد بدأت تتضح معالمه.
في الخلاصة استطيع القول أن شكوى حكومة الامر الواقع في السودان ضد دولة الامارات العربية المتحدة أمام القضاء العالمي سيكون لها ـاثير كبير جدا في مقبل الأيام ليس على مستوى السودان فحسب بل في عموم المنطقة، وربما هذه الشكوى فيها رسائل للعديد من الدول العربية والخليجية، أما بالنسبة للسودان سيكون تداعياته مستقبلا كبيرة جدا.
ahmednice@zohomail.com