الدبلوماسية بين الشريعة والقانون الحصانة الدبلوماسية للرُسُل في الشريعة الإسلامية(11)
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
القاهرة (زمان التركية) – أوضحت في المقالين السابقين طريقة اختيار(الرسُول) الدبلوماسي وضرورة أن تتوفر فيه شروط وصفات معينة، ثم اللازم قبل بدء عمله من أن يتم اعتماده من الدولة التي يمثلها، ثم من الدولة التي يمثل فيها دولته. ولكي يتمكن الدبلوماسي من القيام بمهام عمله على الوجه الأكمل وبالشكل المطلوب؛ فلابد من تمتعه بحصانة دبلوماسية، وأن يكون مكان عمله أيضًا محميٌّ بحصانة دبلوماسية.
والأسئلة هنا ما هو أساس هذه الحصانات في الشريعة الإسلامية؟
وما الذي تشمله الحصانة الدبلوماسية في الإسلام؟
وأمثلة ووقائع لمدى احترام حصانات السفير في دولة الإسلام ودولة الحرب؟
وهل هناك حصانة قضائية في الشريعة الإسلامية؟
الحقيقة أن نظام الحصانات التي تُعطى للرسل (السفراء) كان موجودًا قبل الإسلام، وعندما جاء الإسلام اعتمده وأصبح جزء لا يتجزأ من نظامه، بنص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
قال الله في سورة التوبة ( وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله، ثم أبلغه مأمنه)
وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي رواه البخاري:
( من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما)
ويعتبر أساس الحصانات الدبلوماسية في الإسلام، عقد الأمان الذي يعطى للقادمين من خارج الدولة الإسلامية، لأداء مهمة معينة.
كان الرسول بمجرد دخوله حدود الدولة الإسلامية وإعلامه لمن يستقبلة بأنه يحمل رسالة من ملك أو حاكم دولته يُمنح الأمان للرسول (السفير)، وكانت الحماية لشخصه من الاعتداء عليه بأي شكل من الأشكال.
وهناك نماذج كثيرة ومتعددة لحالات أعطى فيها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الأمان لرُسُل جاؤوا يحملون رسائل إليه، ومن ذلك ما رواه أبو داود وابن القيم وأحمد، أن رسولا مسيلمة الكذاب – رجل من بني حنيفة كان يدّعي النبوة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كذبه الله تعالى واشتهر في كتب التاريخ والسيرة بالكذاب- وهما ابن أثال وإبن النواحة اللذان جاءا إلي النبي محمد صلي الله عليه وسلم يحملون رسالة من مسيلمة الكذاب، وسألهم النبي محمد قالا أتشهدان أني رسول الله، فقالا نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( والله. لولا أني غير قاتل لرسول، لقتلتكما).
وأيضا فيما رواه أبو داود وأحمد، أنه بعد صلح الحديبية أرسلت قريش إلى النبي محمد سفيرها أبا رافع، فلما تعرف على الإسلام والمسلمين دخل الإسلام، وقال للرسول محمد صلى الله عليه وسلم لا أرجع إليهم أبقى معكم مسلما، فكان رد النبي محمد حينذاك؛ (إني لا أخيس العهد ولا أحبس البرد، فأرجع إلى قومك آمنا فإن وجدت بعد ذلك في قلبك ما فيه الان فأرجع إلينا).. والمقصود بالبرد هنا أي الرسل. فعاد إلى قومه ثم رجع مرة أخرى وانضم للمسلمين.
أما فيما يتعلق بالحصانة القضائية، فلم يكن الإسلام كما النظام القانوني الآن، يعطى للدبلوماسي حصانة قضائية، وإنما كانوا إذا اقترفوا جرمًا يخضعون للقضاء الإقليمي للدولة الإسلامية، وحجة الشريعة في ذلك أن هؤلاء الرسل منحوا حصانتهم فقط بهدف حمايتهم فيما يتعلق بأدائهم وظيفتهم في نقل الرسائل والتفاوض، ومن ثم لزامًا عليهم البعد عن اقتراف الجرائم وارتكاب الفواحش.
ويوجد رأي في الشريعة الإسلامية يقول بخضوع الرُسُل الذين يرتكبون جرائم لقضاء الدولة الإسلامية ولكن بعد إنقضاء أمانهم.
مراجع المقال :
القرآن الكريم
السنة النبوية
قواعد القانون الدولي الإسلامي- د/عبد الرازق السنهوري
القانون الدولي الإسلامي والعلاقات الدبلوماسية- محمد حسنان مبارك
محمد التابعي – الدبلوماسية في الإسلام
Tags: أمان"السفراءحصانةرسولسفيرهيثم السحماوي
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: أمان السفراء حصانة رسول سفير محمد صلى الله علیه وسلم فی الشریعة الإسلامیة النبی محمد
إقرأ أيضاً:
"الشؤون الإسلامية" تنظم أمسية "إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية"
نظمت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، أمسية رمضانية تحت عنوان: "إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية"، استعرضت أهم ملامح الشخصية الفريدة في القيادة والحكمة والإلهام للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.
حضر الأمسية الرمضانية في فندق سانت ريجس بجزيرة السعديات في أبوظبي، كل من عهود الرومي، وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل، والدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، والدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، والعلماء ضيوف رئيس الدولة ، ومسؤولين وموظفين من الهيئة.
وقال الدكتور الدرعي، في كلمته، إن شخصية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لها أكبر الأثر في هذا العصر على المستوى الفكري والحضاري والوطني، من خلال الإنجازات المشهودة على مستوى مجالات الحياة الإنسانية والتنموية والنهضوية والحضارية، مقتفياً نهج باني الدولة ومؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فهو امتداد لهذا الإرث الوطني والحضاري، حيث جسده واقعا أمام العالم في دولة بلغت ذروة التقدم والرقي، وحجزت مكانها ومكانتها اللائقة بين دول العالم.
وأشار إلى أن إقامة هذه الأمسية يأتي في إطار حرص الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة على تعزيز الانتماء والولاء للقيادة الرشيدة، وربط المجتمع والأجيال بقيادتهم من خلال التعريف بالسيرة المشرفة لرئيس الدولة وإنجازاته ليكون نبراسا وقدوة لهم يستلهمون منه القيم الإنسانية والهوية الوطنية.
من جانبها، قدمت عهود الرومي مداخلة بعنوان "الشيخ محمد بن زايد واستشراف المستقبل"، أكدت فيها أن رئيس الدولة قائد إنساني بالدرجة الأولى وشخصية استثنائية في القيادة والتخطيط للمستقبل الإستراتيجي برؤى طموحة، معددة الصفات الفريدة والمتميزة التي يمتلكها وهو يرسم خارطة التطوير لدولة الإمارات وإحداث نقلات نوعية أوصلتها إلى العالمية في مختلف المجالات التنموية والعلمية والفكرية.
وأضافت أنه يسير على خطى راسخة تستند إلى نظرة ممتدة ورؤية بعيدة المدى تخطط لعشرات السنين، مقتفيا أثر والده القائد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تخطي التحديات بالعزيمة والحكمة وإعمال الفكر.
وقدم الدكتور نظير عياد، مفتي مصر، ومن العلماء ضيوف رئيس الدولة، مداخلة بعنوان "الشيخ محمد بن زايد ورسالة التسامح والأخوة الإنسانية"، ألقوا خلالها الضوء على العديد من إنجازاته الإنسانية ومبادراته التي تعزز التسامح والتعايش بين الشعوب على مستوى العالم، وأكدوا أن وثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في دولة الإمارات تعكس القيم السمحة والأخلاق الكريمة التي تتميز به قيادة هذه الدولة وشعبها.
وتخلل الأمسية قراءة لكتاب "الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.. إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية"، الذي ألّفه المفكر الدكتور جمال سند السويدي، ثم عرض لمقطع فيديو تناول أبرز محطات الإنجاز والريادة لصاحب السمو رئيس الدولة، في شتى شؤون الحياة الإنسانية والاقتصادية والتطويرية والذي يعكس الخبرة والدراية وقراءة المستقبل برؤى استباقية مميزة من سموه، ثم أعقب ذلك فقرة تكريم.
وفي ختام الاحتفال تم توقيع كتاب: "الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.. إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية" من قبل المؤلف وتوزيعه على الحضور.