عربي21:
2024-07-06@13:06:53 GMT

الديمقراطية التركية بخير

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

الحزب الذي يطول بقاؤه في السلطة تكثر أمراضه، وينخره السوس والفساد، ويصبح عبئا على شعبه. هذه قاعدة عامة لا يمكن الاستهانة بها وتشمل كل دول العالم، أثبتتها وقائع التاريخ وتعدد التجارب. يستوي في هذا الشأن الدول الديمقراطية أو تلك التي تحكمها أنظمة مستبدة حيث الحاكم المفرد والحزب الواحد. بناء عليه ما حصل في تركيا بمناسبة الانتخابات المحلية ليس مفاجئا ولا غريبا.



ظن حزب العدالة والحرية أن بقاءه في السلطة دائم بعد نجاح رئيسه أردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وأيضا صمود الحزب في الانتخابات البرلمانية. لهذا توقعت قيادته أن الانتصار في البلديات سيكون مضونا وحتميا، لكن خابت توقعاتها، وحصل العكس تماما، حيث تمكن حزب الشعب العلماني المعارض من الاحتفاظ بالبلديات التي سبق له أن انتزعها من الحزب الحاكم في المدن الكبرى مثل اسطنبول وأنقرة ، ولم يكتف بذلك بل نجح أيضا في السيطرة على عدد آخر من البلديات بعديد المدن. وهو ما شكل صدمة لحزب العدالة والحرية.

يفترض أن تكون السنوات الأربع القادمة قبل مغادرة أردوغان السلطة نهائيا مرحلة الإصلاحات الفعلية إذا كان الحزب الحاكم ينوي البقاء دورة أخرى في الحكم. فاعتماده على زعيمه طيلة المرحلة الماضية رهان استنفد أغراضه عمليا وسياسيا. وهو مرض مزمن تعاني منه كثير من الأحزاب في العالم. عبقرية الزعيم مثل البطارية تخلص بعد وقت محدد. إذا شاخ الزعيم شاخ الحزب وتعثرت الدولة وقربت النهاية. المطلوب أن يعود الحزب إلى سياسة الفريق الناجع ومتعدد الكفاءات، وأن يهيئ نفسه إلى مرحلة ما بعد أردوغان، وأن يعتمد على وجوه جديدة بعد رحلة طويلة في السلطة انطلقت في سنة 2002 والتي ستستمر أربع سنوات أخرى.

بقدر نجاح المرحلة السابقة على صعيد السياسة الخارجية التي جعلت من تركيا رقما مهما على الصعيد الدولي، بقدر ما كان اقتصادها يشكو من ثغرات أساسية. إن تقديم السياسي على الاقتصادي يعتبر من الثغرات القاتلة التي أصابت الأحزاب الحاكمة، ومن بينها تونس. فالمواطن في أي دولة لا يعيش فقط بالشعارات السياسية. المواطن متعدد الاحتياجات، وعندما يفتقد العديد منها يغضب ويرد الفعل بطرق منها تبدأ بالامتعاض ثم الغضب ثم النزول الى الشارع، ويتحول أخيرا إلى عقاب انتخابي من خلال سحب صوته الذي منحه من قبل الى الحزب الحاكم ويمنحه إلى المعارضة أو أن يحتفظ به. بذلك تتغير موازين القوى وتختل الحسابات الحزبية، وتأتي صناديق الاقتراع لتكشف المستور، وتوقظ الغافلين.

المطلوب أن يعود الحزب إلى سياسة الفريق الناجع ومتعدد الكفاءات، وأن يهيئ نفسه إلى مرحلة ما بعد أردوغان، وأن يعتمد على وجوه جديدة بعد رحلة طويلة في السلطة انطلقت في سنة 2002 والتي ستستمر أربع سنوات أخرى.الفساد هو الخطر الدائم الذي يهدد الدول والأنظمة، ويلتهم قوت المواطنين وقدرتهم الشرائية،  خاصة ضعاف الدخل منهم. ويبدو أن بعض اللوبيات المختفية وراء الحزب الحاكم في تركيا استفحل أمرها، وأصبحت تشكل خطرا جديا، وآن الأوان لتفكيكها وابعادها عن الدولة وتنظيف المؤسسات منها.

في الأثناء تقف المعارضة متربصة تتهيأ للمرحلة القادمة. فالهزيمة التي منيت بها في الرئاسية والتشريعية فعلت فعلها على مستوى القيادات والقواعد، فغير حزب الشعب قائده، ومارس نقده الذاتي، وعدل من إستراتيجيته حتى يظهر بصورة مختلفة. وهذا الانتصار العريض الذي حققه في البلديات من شأنه أن يستعيد الثقة في نفسه ورصيده التاريخي، ويجعله أقدر على قيادة بقة أحزاب المعارضة نحو المحطات الانتخابية القادمة. ولعل هذه الجرعة القوية من الأمل هي التي دفعت بحزب الشعب الى المطالبة بتنظيم انتخابات عامة سابقة لأوانها.

تركيا بلد كبير ووازن في الخارطة الإقليمية والدولية. وما حصل فيه لا يغير من وزنه ودوره وتأثيره. على العكس من ذلك كشفت الانتخابات البلدية عن حيوية المجتمع وقدرته على توجيه الرسائل مضمونة الوصول في الوقت المناسب. فأغلبية الشعب أدركت خلال السنة الماضية أن تجديد الثقة في الرئيس أردوغان وحزبه قد يكون فيه مصلحة البلد في ظل عدم أهلية المعارضة متعددة الرؤوس لقيادة تركيا في هذا المنعرج الذي تمر به. ثم عاد الشعب ليستفز الحزب الحاكم ويحذره من احتمال الانتقام منه إذا لم يغير سياسته ويعيد النظر في أولوياته. وهو ما يدل على أن الديمقراطية التركية بخير رغم بعض الهنات. فالديمقراطية تصحح نفسها بنفسها. وتغيير موازين القوى ظاهرة صحية في كل الأحوال قد يستفيد منها الحزب الحاكم وأيضا المعارضة، والأهم منهما والأبقى هو الشعب.  

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا الانتخابات تركيا انتخابات رأي نتائج مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحزب الحاکم فی السلطة

إقرأ أيضاً:

أردوغان يعلن نيته دعوة الأسد إلى زيارة تركيا رفقة بوتين

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه ينوي دعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى زيارة أنقرة.

وقال أردوغان خلال حديث مع الصحفيين لدى عودته من مشاركته بقمة "شنغهاي" في كازاخستان: "من الممكن أن نوجه دعوة مع السيد بوتين إلى بشار الأسد، وإذا تمكن بوتين من زيارة تركيا، فقد يكون هذا بداية لمرحلة جديدة".

وأضاف أن "السنوات التي مرت في سوريا أظهرت للجميع أنه لا بد من إيجاد آلية للحل الدائم، وأنه من الضروري لها أن تقف على قدميها من جديد، وتُنهي حالة عدم الاستقرار".

ولفت إلى أن "الهدوء الميداني الأخير في سوريا يمكن أن يفتح الباب أمام السلام من خلال سياسات ذكية وأساليب خالية من التحيزات، ودائماً ما مددنا يد الصداقة إليها".

وقال أردوغان "من الضروري أن تنهض سوريا، التي دمرت بنيتها التحتية وتشتت شعبها، وتنهي حالة عدم الاستقرار". 

وأضاف أن عدم الاستقرار هذا يوفر أيضا أرضا خصبة للجماعات المسلحة الكردية، مثل حزب العمال الكردستاني وفروعه في سوريا، والتي تعتبرها تركيا منظمات إرهابية. 

وأضاف أردوغان: "إن رياح السلام التي ستهب في سوريا وأجواء السلام التي ستنتشر في أنحاء سوريا ضرورية أيضاً لعودة ملايين الأشخاص المنتشرين في مختلف البلدان إلى بلدانهم".


جهود وساطة "مثمرة"

وقال أردوغان الأسبوع الماضي إنه مستعد للتحدث مع بشار الأسد، الذي أشار إلى أنه تخلى عن بعض الشروط المسبقة لمثل هذا الاجتماع، مثل الانسحاب الكامل للقوات التركية من شمال سوريا. 

وتسعى جهود الوساطة العراقية، التي يقودها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى إقناع نظام الأسد بالتعامل مع تركيا، وقد حققت تقدما كبيرا ، وفقا لما ذكرته مصادر مطلعة على القضية لموقع "ميدل إيست آي".

وقال مسؤول إيراني كبير لنظرائه في أنقرة الشهر الماضي إنهم أيضا يضغطون على دمشق لرفع شروطها المسبقة للحوار مع الحكومة التركية، وفقا لشخص قريب من المناقشات.

وأشار المصدر إلى أن الإيرانيين لم يرغبوا في البقاء على الهامش بينما كانت الجهود العراقية تحرز تقدما.

وتعتقد أنقرة أن الوقت قد حان لبدء محادثات مع دمشق لتسهيل العودة النهائية للاجئين وإقامة تحالف ضد الجماعات المسلحة الكردية في شمال شرق سوريا.

لكن المسؤولين الأتراك يدركون أن هذه الجهود سوف تستغرق قدرا كبيرا من الوقت حتى تنجح، ولن يكون الأمر سهلا، بحسب ميدل إيست آي.

الرئيس التركي رجب طيب #أردوغان في تصريحات للصحفيين في طريق عودته من #كازاخستان:
- من الممكن أن نوجه دعوة مع السيد بوتين إلى بشار الأسد، وإذا تمكن بوتين من زيارة تركيا، فقد يكون هذا بداية لمرحلة جديدة
- السنوات التي مرت في سوريا أظهرت للجميع أنه لا بد من إيجاد آلية للحل الدائم،… pic.twitter.com/rzbXnz5njg

— TRT عربي (@TRTArabi) July 5, 2024

مقالات مشابهة

  • أردوغان: نواصل مدَّ يد الصداقة إلى سوريا
  • ماذا تعني تحية "الذئاب الرمادية" التي سبّبت أزمة بين تركيا وألمانيا؟
  • أردوغان يعلن نيته دعوة الأسد إلى زيارة تركيا رفقة بوتين
  • هل الأتراك حزينون على الطفلة السورية لهذه الدرجة؟
  • هل ينجح الفرقاء السياسيون بتركيا في تحقيق التوافق؟
  • استقالة أول سيناتورة مسلمة في أستراليا من الحزب الحاكم تضامنا مع الفلسطينيين
  • داود أوغلو منتقدا أردوغان بشأن سوريا: ليست لقاء عائليا بل حربا قتلت مليون شخص
  • أردوغان يدعم لاعبا تركيا أمام اتحاد كرة القدم الأوروبي
  • روسيا ترفض تولي أردوغان الوساطة مع أوكرانيا
  • بريطانيا مجزرة انتخابية تلحق بالمحافظين الحزب الحاكم