سودانايل:
2025-02-23@20:50:29 GMT

الحل السياسي بين الرغائب وأحداث الواقع

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
بدأ الحديث السياسي يأخذ موقعه في خطاب الحرب عند القيادات العسكرية، و التي يقع عليها عبء إدارة شأن البلاد، كان أخر الخطابات ما جاء في إفادات الأستاذ محمد محمد خير الصحافي بعد اللقاء الذي كان قد جمعه بالفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش في بورتسودان.

. و ما يستخلص من الإفادة تشكيل حكومة تكنوقراط بهدف انجاز مهام الفترة الانتقالية، و تكوين جمعية وطنية تراقب الحكومة، و من خلال خطابات القيادات العسكريين الآخرين، نجدهم قد أشاروا إلي أن الجيش هو الذي سوف يشرف على الفترة الانتقالية حتى يسلم البلاد لحكومة منتخبة.. و يفهم أيضا من خطابات القائد العام للجيش و نائبه و مساعديه انهم يحاولون دفع القوى السياسية، و خاصة التي تقف بجانب الجيش في الحرب التي يخوضها ضد الميليشيا أن تفكر في القضايا و الآراء المطروحة، و تقدم تصوراتها عليها، أو أن تفتح حوارات في هذه الأفكار فيما بينها.. و فتح حوار سياسي عبر الأفكار المرسلة يؤكد أن الجيش بدأ يفرض سيطرته بشكل كامل على مجريات الحرب، خاصة أن قيادات الجيش نفسها قالت في العديد من خطاباتها أن العملية السياسية تبدأ بعد الانتهاء من الحرب.. ففتح الحوار حولها الآن تبين أن قيادة الجيش تتحكم على مجريات الحرب و السيطرة..
القضية الأخرى أيضا التي تفهم من هذه الخطابات، أن قيادة الجيش تحبذ النصر العسكري الذي يغيب الميليشيا من المشهدين السياسي و العسكري مستقبلا، و أن التفاوض مع الميليشيا لن يتم إلا إذا استطاعت أن تخرج من منازل المواطنين، و أيضا من مؤسسات الدولة إذا كانت سيادة مثل القصر الجمهوري، أو مؤسسات خدمية، و من واقع الأحداث الجارية أن قيادة الميليشيا ليس لديها أي سيطرة على عناصرها، الأمر الذي يقلل فرص أي تفاوض في المستقبل.. القضية الأخرى أن الأجندة السياسية التي كانت مطروحة قبل الحرب أو حتى الشهور الأولى و التي نشطت فيها عدد من الدول إلي جانب الاتحاد الأفريقي و منظمة الإيغاد قد تجاوزتها الأحداث، كما أن الحرب نفسها خلقت واقعا جديدا أفرز قيادات جديدة لها لحمة قوية مرتبطة بالجماهير، خاصة الذين قدموا ارواحهم فداء للوطن من خلال المشاركة في الحرب بالسلاح. هذا واقع جديد فرضته الأحداث يجب النظر إليه بعقلانية. كما أن الأجندة نفسها بدأت تتغير.. بالأمس كانت تفرض السياسة شيئا من المناورة في الخطاب السياسي، باعتبار أن السياسة تؤسس على المصالح إذا كانت فردية أو حزبية، أما في ظل الحرب تغيب المصالح تماما و تبقى وحدة الوطن و الدفاع عنه هي المصلحة العليا، الأمر الذي دفع أغلبية الشعب أن يقف إلي جانب الجيش مما يؤكد على الوعي الشعبي، و أي أجندة أخرى دون ذلك غير مطروحة للحوار.. لذلك غابت المناورة و أصبح الحديث يفرضه واقع الحرب.. مما جعل قيادات الجيش تحدثت بشكل واضح أن الفترة الانتقالية سوف تكون تحت إشراف الجيش. و أن تكون حكومة الفترة الانتقالية مكونة من التكنوقراط حتى لا يقع أي جدل سياسي يخل بالأمن في البلاد. معلوم بعد الانتهاء من الحرب، أن البلاد تحتاج إلي فترة زمنية يعاد فيها الاستقرار الأمني و الاجتماعي و السياسي، من خلال جمع السلاح حتى يكون فقط عند القوات المسلحة، و أيضا تحتاج البلاد لإعادة التعميير و إعادة كل الخدمات " الكهرباء و الماء و الصحة و التعليم... الخ" و تمشيط البلاد من المرتزقة و كل الأجانب، خاصة أن الحرب قد بينت أن الأجانب في السودان بهذه العداد الكبيرة دون أوراق ثبوتية كانت في ضرر البلاد.. و هؤلاء أصبحوا داعمين للميليشيا في حربها.
أن الأحداث المتلاحقة بالضرورة تؤثر في الأجندة المطروحة، و أيضا تفرز قيادات جديدة لها قدرة على مواجهة التحديات الجديدة، و العقل السياسي الذي فشل في إدارة الأزمة قبل الحرب، أو بمعنى أصح قاد الأزمة للحرب، لن يكون مقبولا شعبيا ألى أدارة الأزمة بعد الحرب، و كما كانت تقول قيادات قحت لا يمكن تجريب المجرب.. مع هذا الوصف للواقع، و تناولنا فكرة الجمعية الوطنية التي تحدث عنها الفريق أول البرهان في لقاءه مع محمد محمد خير هي نفسها إشكالية.. لأن الجمعية الوطنية إذا لم تكن منتخبة لا تستطيع أن تؤدي دورها بجدارة، و يصبح أعضائها خاضعين للجهة التي قامت بتعينهم، و الأفضل منها الدعوة في ظرف سنة إلي المؤتمر الدستوري بهدف صناعة الدستور من خلال حوار بين القوى السياسية. أن فكرة تبني دستور 2005م باعتباره الدستور الذي شاركت فيه كل القوى السياسة فكرة صائبة، سوف يكون الدستور محتاج لمراجعات فقط في المواد التي لا تتلاءم مع عملية التحول الديمقراطي. و إذا قبل دستور 2005م تطرح مناقشته في كل الولايات بما فيها الخرطوم و كل هؤلاء يقدمون توصياتهم في التعديل، ثم تكون لجنة قومية تشارك فيها الأحزاب من خلال ممثلين لصياغة الدستور. ثم يطرح للإستفتاء الشعبي.. و بعد الانتهاء من الدستور تبدأ العملية الانتخابية في البلاد، تبدأ بإنتخاب المجالس المحلية و الولايات ثم الانتخابات العامة للمركز " الفدرالية" و إذا تم الاتفاق على نظام رئاسي تبدأ بانتخاب الرئيس.
الملاحظ : أن القوى السياسية وقف عقلها عند شعار " لا للحرب" و عجزت أن تخرج من هذه الدائرة، و تقدم أراء للحل، و بعض منها اعتقادا منهم أن الدعوة لوقف الحرب الهدف منها هو أن تكون هناك مفاوضات بين الجيش و الميليشيا للوصول لتسوية سياسية تعيدهم مرة أخرى للسلطة. أن العودة لأجندة ما قبل الحرب قد تجاوزتها الأحداث تماما. و هناك الفكرة التي قدمها الأستاذ تاج السر عثمان بابو في مقال كتبه بعنوان " لا بديل غير الحل الداخلي" تقول أحدى فقرات المقال ( مهم أن ننطلق من الحلول الداخلية باعتبارها العامل الحاسم التي للحركة السياسية و الجماهيرية السودانية تجربة واسعة حولها مثل؛ الاجتماع على استقلال السودان في أول يناير 1956م بعيدا عن مصر و بريطانيا و الأحلاف العسكرية التي كانت سائدة وقتها إضافة للوحدة في ثورة أكتوبر 1964م ، و انتفاضة مارس إبريل 1985م و ثورة ديسمبر 2018م) هذا تقدم كبير أن تأتي مثل هذه الفكرة من أحد قيادات الحزب الشيوعي يؤكد فيها أن التوافق بين القوى السياسية يعتبر أول عتبة يمكن الصعود عليها من أجل الحل الوطني. لكن هل الزملاء يوافقون على هذا الحل التوافقي، لأنه سوف تقدم فيه تنازلات من قبل الجميع بهدف الوصول للحل. و النظام الديمقراطية و التبادل السلمي للسلطة لا يتم إلا بالتوافق الوطني. و الحزب الشيوعي درج إلي أن يفرض آرائه على الأخرين، و يطالبهم بالتنازل كأن رؤيته " مقدسة" يجب على الكل احترامها دون السؤال عن التنازل.. الفكرة جيدة و الكل يريد أن يكون الحل سوداني سوداني بعيدا عن أي تدخلات خارجية. باعتبار أي تدخل خارجي يريد فرض أجندته.. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفترة الانتقالیة القوى السیاسیة من خلال

إقرأ أيضاً:

المليشيا الإرهابية تركب التونسية!

العنوان جملة (إسمية)،لابد لكی تكون جملة (فعلية) من الإنتصار الساحق لجيشنا علی مليشيا آل دقلو الإرهابية المتمردة المُجْرِمة دولياً والمُجَرَّمة قانوناً،فی أقرب وقت من الآن،بعد أن ركِلت الوثيقة الدستورية اسم الحرية التغيير ووضعت بدلاً عنه مصطلح الشركاء،حفاظاً علی روح ثورة ديسمبر، صيانة لإتفاق جوبا للسلام، وحذفت إسم الدعم السريع أينما وُجِد وقذفت به إلیٰ مزبلة التاريخ، فركبت المليشيا التونسية، ولم يعد لها أی وجود فی عالم السياسة السودانية وتبقَّیٰ لمليشيا آل دقلو أن تُلملم بقايا أوباشها من ميدان معركة الكرامة مذمومةً مدحورةً، تلعق جراح الخزی والعار الذی كللته بها قواتنا المسلحة الباسلة والقوات المشتركة وقوات الشرطة والأمن والمستنفرين.

ولا خير فی قولٍ لا يتبعه فعل، وقد أحسن مجلس السيادة ومجلس الوزراء صُنعاً بإجازة الوثيقة الدستورية بعد أن حذفت منها أی ذِكر (للدعم السريع) لتقطع الشك باليقين، بأن لا مكان لمليشيا آل دقلو الإرهابية، ولا لقحط فی مستقبل بلادنا السياسی من بعيد ولا من قريب، وهكذا هُدِم (صنم) ناشطي القحاطة الذی ظلوا عليه عاكفين،حتیٰ يرجع إليهم حميدتی ظافراً بكرسی رٸاسة السودان بالتدخلات الخارجية القريبة والبعيدة، بعدما فشلت خطة الإستيلاء علی كرسی السلطة حسب خطة الإنقلاب الخاطف، الذی أفشلته فصيلة واحدة من الحرس الرٸاسی وقدموا أرواحهم رخيصةً من أجل الوطن، وليس لمجرد أداء الواجب العسكری، وسجلوا أسماءهم بأحرفٍ من نور فی كتاب التاريخ الوطنی ولن ينسیٰ الشعب السودانی تضحيات جيشه الباسل،الذی يلتف حوله الشعب قاطبة،لم يتخلف عنه إلَّا هالك، من متعاونٍ أو مُحارب وقف ضد إرادة الشعب وخان الوطن فی سبيل الوصول إلیٰ كراسی الحكم ولو كان الثمن تدمير البلاد وتشريد العباد.

تعالت أصوات كثيرة مُطالبةً بتمزيق الوثيقة الدستورية المُرقعة، ولكن مجلسي السيادة والوزراء اختارا (تقييفها) بدلاً عن تفصيلها من قماشٍ جديد، وللمجلس في ذلك حيثياته المقنعة فالوثيقة المعدلة تتضمن إتفاقية جوبا للسلام والتی تعلو علی الوثيقة نفسها، وجاء فی التعديلات تضمين إسم الشركاء بدلاً عن اسم قُوی الحرية والتغيير، ولهذا التعديل وجاهته،كذلك الإستغناء عن المجلس التشريعی الذی سيكون إختيار أسماء أعضاٸه معضلة فی ظل الحرب التی لم تصل لنهايتها بعد،واستعاض التعديل بمجلسی السيادة والوزراء،بديلاً عن المجلس التشريعی الذی تضمنته تلك الوثيقة الدستورية التی جریٰ تعديلها مٶخراً.

وبالمحصلة فقد ذهبت تلك الوثيقة إلی غياهب النسيان غير مأسوفٍ عليها،وستبقی الوثيقة الجديدة القديمة، مدیً يصل إلیٰ 39 شهراً بعد نهاية الحرب.

أتوقع أن يقول المجرم عبدالرحيم دقلو (بتشطبنا ليه يا برهان؟) علی طريقة (بتحاربنا ليه يا برهان؟) مع إن الشطب من صالح هذا الجاهل الذی عرضت الوساٸط مذكرته الشخصية، فيها كلمات بخط يده كلها خطأ، تستحق أن يٶشر عليها اْستاذ اللغة العربية بالقلم الأحمر، بعد أن يضع خطين متقاطعين علی كل الصفحات، [قابلنی ياحمار] وبهذا فإن عبد الرحيم كان عضواً فی مجلس الشركاء، ولسنا بوارد ذِكر منصبه قاٸد ثانٍ لقوات الدعم السريع فذاك أمر عاٸلی بحت، وهو يقود مجموعة من الجهلة الذين يتساوی عندهم فی من يقودهم الجاهل الأمی،أو العالم النحرير، ما دام يقودهم نحو الغناٸم، وإغتصاب الحراٸر،ونحو ذلك من الجراٸم التی أشتهرت بها المليشيا، وكذلك ضاعت علی القحاطة فرصة المشاركة وفقاً للوثيقة القديمة وما عليهم إلَّا إنتظار الإنتخابات القادمة بعد نهاية الفترة الإنتقالية، كان يقدروا !!

النصر لجيشنا الباسل.

-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.

-الخزی والعار لإعداٸنا وللعملاء

محجوب فضل بدري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • المهندسين: نقدم الحلول الهندسية التي تراعي الواقع الجغرافي والاجتماعي والاقتصادي لقطاع غزة
  • موسكو: الوقت أثبت أن العملية الخاصة بأوكرانيا كانت الحل الوحيد الصحيح
  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • «الاتحاد»: الحوار الوطني ساعد في تعزيز مشاركة الأحزاب السياسية على أرض الواقع
  • في العقل العربي.. الحل في الفصل بين «المعرفي» و«السياسي»
  • الاحتواء الأمني أم الحل السياسي؟ مأزق إسرائيل المزدوج
  • الجيش الصومالي يقتل 5 قيادات بارزة في حركة الشباب الإرهابية
  • ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟
  • ترامب يطيح بعدد من قيادات الجيش الأمريكي أبرزهم رئيس الأركان
  • ديسمبر كانت ثورة للغباء السياسي وسيادة روح القطيع.. لا نريد تكرار التجربة