سودانايل:
2025-04-26@21:17:42 GMT

الحل السياسي بين الرغائب وأحداث الواقع

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
بدأ الحديث السياسي يأخذ موقعه في خطاب الحرب عند القيادات العسكرية، و التي يقع عليها عبء إدارة شأن البلاد، كان أخر الخطابات ما جاء في إفادات الأستاذ محمد محمد خير الصحافي بعد اللقاء الذي كان قد جمعه بالفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش في بورتسودان.

. و ما يستخلص من الإفادة تشكيل حكومة تكنوقراط بهدف انجاز مهام الفترة الانتقالية، و تكوين جمعية وطنية تراقب الحكومة، و من خلال خطابات القيادات العسكريين الآخرين، نجدهم قد أشاروا إلي أن الجيش هو الذي سوف يشرف على الفترة الانتقالية حتى يسلم البلاد لحكومة منتخبة.. و يفهم أيضا من خطابات القائد العام للجيش و نائبه و مساعديه انهم يحاولون دفع القوى السياسية، و خاصة التي تقف بجانب الجيش في الحرب التي يخوضها ضد الميليشيا أن تفكر في القضايا و الآراء المطروحة، و تقدم تصوراتها عليها، أو أن تفتح حوارات في هذه الأفكار فيما بينها.. و فتح حوار سياسي عبر الأفكار المرسلة يؤكد أن الجيش بدأ يفرض سيطرته بشكل كامل على مجريات الحرب، خاصة أن قيادات الجيش نفسها قالت في العديد من خطاباتها أن العملية السياسية تبدأ بعد الانتهاء من الحرب.. ففتح الحوار حولها الآن تبين أن قيادة الجيش تتحكم على مجريات الحرب و السيطرة..
القضية الأخرى أيضا التي تفهم من هذه الخطابات، أن قيادة الجيش تحبذ النصر العسكري الذي يغيب الميليشيا من المشهدين السياسي و العسكري مستقبلا، و أن التفاوض مع الميليشيا لن يتم إلا إذا استطاعت أن تخرج من منازل المواطنين، و أيضا من مؤسسات الدولة إذا كانت سيادة مثل القصر الجمهوري، أو مؤسسات خدمية، و من واقع الأحداث الجارية أن قيادة الميليشيا ليس لديها أي سيطرة على عناصرها، الأمر الذي يقلل فرص أي تفاوض في المستقبل.. القضية الأخرى أن الأجندة السياسية التي كانت مطروحة قبل الحرب أو حتى الشهور الأولى و التي نشطت فيها عدد من الدول إلي جانب الاتحاد الأفريقي و منظمة الإيغاد قد تجاوزتها الأحداث، كما أن الحرب نفسها خلقت واقعا جديدا أفرز قيادات جديدة لها لحمة قوية مرتبطة بالجماهير، خاصة الذين قدموا ارواحهم فداء للوطن من خلال المشاركة في الحرب بالسلاح. هذا واقع جديد فرضته الأحداث يجب النظر إليه بعقلانية. كما أن الأجندة نفسها بدأت تتغير.. بالأمس كانت تفرض السياسة شيئا من المناورة في الخطاب السياسي، باعتبار أن السياسة تؤسس على المصالح إذا كانت فردية أو حزبية، أما في ظل الحرب تغيب المصالح تماما و تبقى وحدة الوطن و الدفاع عنه هي المصلحة العليا، الأمر الذي دفع أغلبية الشعب أن يقف إلي جانب الجيش مما يؤكد على الوعي الشعبي، و أي أجندة أخرى دون ذلك غير مطروحة للحوار.. لذلك غابت المناورة و أصبح الحديث يفرضه واقع الحرب.. مما جعل قيادات الجيش تحدثت بشكل واضح أن الفترة الانتقالية سوف تكون تحت إشراف الجيش. و أن تكون حكومة الفترة الانتقالية مكونة من التكنوقراط حتى لا يقع أي جدل سياسي يخل بالأمن في البلاد. معلوم بعد الانتهاء من الحرب، أن البلاد تحتاج إلي فترة زمنية يعاد فيها الاستقرار الأمني و الاجتماعي و السياسي، من خلال جمع السلاح حتى يكون فقط عند القوات المسلحة، و أيضا تحتاج البلاد لإعادة التعميير و إعادة كل الخدمات " الكهرباء و الماء و الصحة و التعليم... الخ" و تمشيط البلاد من المرتزقة و كل الأجانب، خاصة أن الحرب قد بينت أن الأجانب في السودان بهذه العداد الكبيرة دون أوراق ثبوتية كانت في ضرر البلاد.. و هؤلاء أصبحوا داعمين للميليشيا في حربها.
أن الأحداث المتلاحقة بالضرورة تؤثر في الأجندة المطروحة، و أيضا تفرز قيادات جديدة لها قدرة على مواجهة التحديات الجديدة، و العقل السياسي الذي فشل في إدارة الأزمة قبل الحرب، أو بمعنى أصح قاد الأزمة للحرب، لن يكون مقبولا شعبيا ألى أدارة الأزمة بعد الحرب، و كما كانت تقول قيادات قحت لا يمكن تجريب المجرب.. مع هذا الوصف للواقع، و تناولنا فكرة الجمعية الوطنية التي تحدث عنها الفريق أول البرهان في لقاءه مع محمد محمد خير هي نفسها إشكالية.. لأن الجمعية الوطنية إذا لم تكن منتخبة لا تستطيع أن تؤدي دورها بجدارة، و يصبح أعضائها خاضعين للجهة التي قامت بتعينهم، و الأفضل منها الدعوة في ظرف سنة إلي المؤتمر الدستوري بهدف صناعة الدستور من خلال حوار بين القوى السياسية. أن فكرة تبني دستور 2005م باعتباره الدستور الذي شاركت فيه كل القوى السياسة فكرة صائبة، سوف يكون الدستور محتاج لمراجعات فقط في المواد التي لا تتلاءم مع عملية التحول الديمقراطي. و إذا قبل دستور 2005م تطرح مناقشته في كل الولايات بما فيها الخرطوم و كل هؤلاء يقدمون توصياتهم في التعديل، ثم تكون لجنة قومية تشارك فيها الأحزاب من خلال ممثلين لصياغة الدستور. ثم يطرح للإستفتاء الشعبي.. و بعد الانتهاء من الدستور تبدأ العملية الانتخابية في البلاد، تبدأ بإنتخاب المجالس المحلية و الولايات ثم الانتخابات العامة للمركز " الفدرالية" و إذا تم الاتفاق على نظام رئاسي تبدأ بانتخاب الرئيس.
الملاحظ : أن القوى السياسية وقف عقلها عند شعار " لا للحرب" و عجزت أن تخرج من هذه الدائرة، و تقدم أراء للحل، و بعض منها اعتقادا منهم أن الدعوة لوقف الحرب الهدف منها هو أن تكون هناك مفاوضات بين الجيش و الميليشيا للوصول لتسوية سياسية تعيدهم مرة أخرى للسلطة. أن العودة لأجندة ما قبل الحرب قد تجاوزتها الأحداث تماما. و هناك الفكرة التي قدمها الأستاذ تاج السر عثمان بابو في مقال كتبه بعنوان " لا بديل غير الحل الداخلي" تقول أحدى فقرات المقال ( مهم أن ننطلق من الحلول الداخلية باعتبارها العامل الحاسم التي للحركة السياسية و الجماهيرية السودانية تجربة واسعة حولها مثل؛ الاجتماع على استقلال السودان في أول يناير 1956م بعيدا عن مصر و بريطانيا و الأحلاف العسكرية التي كانت سائدة وقتها إضافة للوحدة في ثورة أكتوبر 1964م ، و انتفاضة مارس إبريل 1985م و ثورة ديسمبر 2018م) هذا تقدم كبير أن تأتي مثل هذه الفكرة من أحد قيادات الحزب الشيوعي يؤكد فيها أن التوافق بين القوى السياسية يعتبر أول عتبة يمكن الصعود عليها من أجل الحل الوطني. لكن هل الزملاء يوافقون على هذا الحل التوافقي، لأنه سوف تقدم فيه تنازلات من قبل الجميع بهدف الوصول للحل. و النظام الديمقراطية و التبادل السلمي للسلطة لا يتم إلا بالتوافق الوطني. و الحزب الشيوعي درج إلي أن يفرض آرائه على الأخرين، و يطالبهم بالتنازل كأن رؤيته " مقدسة" يجب على الكل احترامها دون السؤال عن التنازل.. الفكرة جيدة و الكل يريد أن يكون الحل سوداني سوداني بعيدا عن أي تدخلات خارجية. باعتبار أي تدخل خارجي يريد فرض أجندته.. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفترة الانتقالیة القوى السیاسیة من خلال

إقرأ أيضاً:

الجيش الأمريكي: الانفجار الذي وقع في أحد أحياء صنعاء ناجم عن صارخ حوثي

يمن مونيتور/ (رويترز)

نفى الجيش الأمريكي مسؤوليته عن الانفجار الذي وقع يوم الأحد بالقرب من موقع مدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي في العاصمة اليمنية صنعاء، مؤكدًا أن الانفجار نجم عن صاروخ حوثي وليس عن غارة جوية أمريكية.

وأفاد متحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية أن أقرب ضربة أمريكية في تلك الليلة كانت على بعد أكثر من خمسة كيلومترات من موقع الانفجار، وأن تقييم الجيش للأضرار خلص إلى أن سببها “صاروخ دفاع جوي حوثي” بناءً على مراجعة تقارير محلية ومقاطع فيديو توثق وجود كتابة باللغة العربية على شظايا الصاروخ في السوق.

في المقابل، أعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين مقتل 12 شخصًا في الغارة الأمريكية بأحد أحياء صنعاء، مشيرة إلى أن مدينة صنعاء القديمة من المواقع المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وقد أثارت هذه الحادثة مخاوف بشأن مقتل المدنيين، حيث كتب ثلاثة أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ، من بينهم السناتور كريس فان هولين، إلى وزير الدفاع بيت هيجسيث، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن الخسائر في أرواح المدنيين.

تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي، حيث أمر الرئيس دونالد ترامب بتكثيف الضربات الأمريكية على اليمن الشهر الماضي، مؤكدًا أن إدارته ستواصل مهاجمة الحوثيين المتحالفين مع إيران حتى يتوقفوا عن مهاجمة حركة الشحن في البحر الأحمر.

ومنذ نوفمبر 2023، شنت جماعة الحوثي هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على سفن في البحر الأحمر، بزعم أنها تستهدف سفنًا مرتبطة بـ”إسرائيل” تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة، حيث أودت الحرب الإسرائيلية بحياة أكثر من 51 ألف شخص، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

مقالات مشابهة

  • ما هي الإمتيازات التي كانت تدافع عنها د. هنادي شهيدة معسكر زمزم
  • الجيش الأمريكي: الانفجار الذي وقع في أحد أحياء صنعاء ناجم عن صارخ حوثي
  • إسرائيل: سد فجوات بين الجيش والمستوى السياسي بشأن مساعدات غزة
  • توقعات ما بعد الحرب والاتفاق السياسي في السودان: فرص التحوُّل ومخاطر الانكفاء
  • محافظ شمال سيناء الأسبق: حرب الاستنزاف كانت جزءا أساسيا من إعادة بناء الجيش
  • اليمن على طاولة النقاش في مسقط: هل اقترب الحل السياسي؟
  • بالفيديو.. شاهد الدمار الذي أحدثه اللواء “طلال” على برج المليشيا بالخرطوم في الساعات الأولى من الحرب بقرار انفرادي وشجاع منه نجح في قلب الموازين وحسم المعركة لصالح الجيش
  • الرئيس اليمني يلتقي قيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية
  • الكشف عن الأهداف التي طالها القصف الأمريكي في صنعاء اليوم
  • لجنة إعمار الخرطوم – ما بين الأمل والفخّ السياسي