سودانايل:
2024-12-24@17:19:03 GMT

الحل السياسي بين الرغائب وأحداث الواقع

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
بدأ الحديث السياسي يأخذ موقعه في خطاب الحرب عند القيادات العسكرية، و التي يقع عليها عبء إدارة شأن البلاد، كان أخر الخطابات ما جاء في إفادات الأستاذ محمد محمد خير الصحافي بعد اللقاء الذي كان قد جمعه بالفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش في بورتسودان.

. و ما يستخلص من الإفادة تشكيل حكومة تكنوقراط بهدف انجاز مهام الفترة الانتقالية، و تكوين جمعية وطنية تراقب الحكومة، و من خلال خطابات القيادات العسكريين الآخرين، نجدهم قد أشاروا إلي أن الجيش هو الذي سوف يشرف على الفترة الانتقالية حتى يسلم البلاد لحكومة منتخبة.. و يفهم أيضا من خطابات القائد العام للجيش و نائبه و مساعديه انهم يحاولون دفع القوى السياسية، و خاصة التي تقف بجانب الجيش في الحرب التي يخوضها ضد الميليشيا أن تفكر في القضايا و الآراء المطروحة، و تقدم تصوراتها عليها، أو أن تفتح حوارات في هذه الأفكار فيما بينها.. و فتح حوار سياسي عبر الأفكار المرسلة يؤكد أن الجيش بدأ يفرض سيطرته بشكل كامل على مجريات الحرب، خاصة أن قيادات الجيش نفسها قالت في العديد من خطاباتها أن العملية السياسية تبدأ بعد الانتهاء من الحرب.. ففتح الحوار حولها الآن تبين أن قيادة الجيش تتحكم على مجريات الحرب و السيطرة..
القضية الأخرى أيضا التي تفهم من هذه الخطابات، أن قيادة الجيش تحبذ النصر العسكري الذي يغيب الميليشيا من المشهدين السياسي و العسكري مستقبلا، و أن التفاوض مع الميليشيا لن يتم إلا إذا استطاعت أن تخرج من منازل المواطنين، و أيضا من مؤسسات الدولة إذا كانت سيادة مثل القصر الجمهوري، أو مؤسسات خدمية، و من واقع الأحداث الجارية أن قيادة الميليشيا ليس لديها أي سيطرة على عناصرها، الأمر الذي يقلل فرص أي تفاوض في المستقبل.. القضية الأخرى أن الأجندة السياسية التي كانت مطروحة قبل الحرب أو حتى الشهور الأولى و التي نشطت فيها عدد من الدول إلي جانب الاتحاد الأفريقي و منظمة الإيغاد قد تجاوزتها الأحداث، كما أن الحرب نفسها خلقت واقعا جديدا أفرز قيادات جديدة لها لحمة قوية مرتبطة بالجماهير، خاصة الذين قدموا ارواحهم فداء للوطن من خلال المشاركة في الحرب بالسلاح. هذا واقع جديد فرضته الأحداث يجب النظر إليه بعقلانية. كما أن الأجندة نفسها بدأت تتغير.. بالأمس كانت تفرض السياسة شيئا من المناورة في الخطاب السياسي، باعتبار أن السياسة تؤسس على المصالح إذا كانت فردية أو حزبية، أما في ظل الحرب تغيب المصالح تماما و تبقى وحدة الوطن و الدفاع عنه هي المصلحة العليا، الأمر الذي دفع أغلبية الشعب أن يقف إلي جانب الجيش مما يؤكد على الوعي الشعبي، و أي أجندة أخرى دون ذلك غير مطروحة للحوار.. لذلك غابت المناورة و أصبح الحديث يفرضه واقع الحرب.. مما جعل قيادات الجيش تحدثت بشكل واضح أن الفترة الانتقالية سوف تكون تحت إشراف الجيش. و أن تكون حكومة الفترة الانتقالية مكونة من التكنوقراط حتى لا يقع أي جدل سياسي يخل بالأمن في البلاد. معلوم بعد الانتهاء من الحرب، أن البلاد تحتاج إلي فترة زمنية يعاد فيها الاستقرار الأمني و الاجتماعي و السياسي، من خلال جمع السلاح حتى يكون فقط عند القوات المسلحة، و أيضا تحتاج البلاد لإعادة التعميير و إعادة كل الخدمات " الكهرباء و الماء و الصحة و التعليم... الخ" و تمشيط البلاد من المرتزقة و كل الأجانب، خاصة أن الحرب قد بينت أن الأجانب في السودان بهذه العداد الكبيرة دون أوراق ثبوتية كانت في ضرر البلاد.. و هؤلاء أصبحوا داعمين للميليشيا في حربها.
أن الأحداث المتلاحقة بالضرورة تؤثر في الأجندة المطروحة، و أيضا تفرز قيادات جديدة لها قدرة على مواجهة التحديات الجديدة، و العقل السياسي الذي فشل في إدارة الأزمة قبل الحرب، أو بمعنى أصح قاد الأزمة للحرب، لن يكون مقبولا شعبيا ألى أدارة الأزمة بعد الحرب، و كما كانت تقول قيادات قحت لا يمكن تجريب المجرب.. مع هذا الوصف للواقع، و تناولنا فكرة الجمعية الوطنية التي تحدث عنها الفريق أول البرهان في لقاءه مع محمد محمد خير هي نفسها إشكالية.. لأن الجمعية الوطنية إذا لم تكن منتخبة لا تستطيع أن تؤدي دورها بجدارة، و يصبح أعضائها خاضعين للجهة التي قامت بتعينهم، و الأفضل منها الدعوة في ظرف سنة إلي المؤتمر الدستوري بهدف صناعة الدستور من خلال حوار بين القوى السياسية. أن فكرة تبني دستور 2005م باعتباره الدستور الذي شاركت فيه كل القوى السياسة فكرة صائبة، سوف يكون الدستور محتاج لمراجعات فقط في المواد التي لا تتلاءم مع عملية التحول الديمقراطي. و إذا قبل دستور 2005م تطرح مناقشته في كل الولايات بما فيها الخرطوم و كل هؤلاء يقدمون توصياتهم في التعديل، ثم تكون لجنة قومية تشارك فيها الأحزاب من خلال ممثلين لصياغة الدستور. ثم يطرح للإستفتاء الشعبي.. و بعد الانتهاء من الدستور تبدأ العملية الانتخابية في البلاد، تبدأ بإنتخاب المجالس المحلية و الولايات ثم الانتخابات العامة للمركز " الفدرالية" و إذا تم الاتفاق على نظام رئاسي تبدأ بانتخاب الرئيس.
الملاحظ : أن القوى السياسية وقف عقلها عند شعار " لا للحرب" و عجزت أن تخرج من هذه الدائرة، و تقدم أراء للحل، و بعض منها اعتقادا منهم أن الدعوة لوقف الحرب الهدف منها هو أن تكون هناك مفاوضات بين الجيش و الميليشيا للوصول لتسوية سياسية تعيدهم مرة أخرى للسلطة. أن العودة لأجندة ما قبل الحرب قد تجاوزتها الأحداث تماما. و هناك الفكرة التي قدمها الأستاذ تاج السر عثمان بابو في مقال كتبه بعنوان " لا بديل غير الحل الداخلي" تقول أحدى فقرات المقال ( مهم أن ننطلق من الحلول الداخلية باعتبارها العامل الحاسم التي للحركة السياسية و الجماهيرية السودانية تجربة واسعة حولها مثل؛ الاجتماع على استقلال السودان في أول يناير 1956م بعيدا عن مصر و بريطانيا و الأحلاف العسكرية التي كانت سائدة وقتها إضافة للوحدة في ثورة أكتوبر 1964م ، و انتفاضة مارس إبريل 1985م و ثورة ديسمبر 2018م) هذا تقدم كبير أن تأتي مثل هذه الفكرة من أحد قيادات الحزب الشيوعي يؤكد فيها أن التوافق بين القوى السياسية يعتبر أول عتبة يمكن الصعود عليها من أجل الحل الوطني. لكن هل الزملاء يوافقون على هذا الحل التوافقي، لأنه سوف تقدم فيه تنازلات من قبل الجميع بهدف الوصول للحل. و النظام الديمقراطية و التبادل السلمي للسلطة لا يتم إلا بالتوافق الوطني. و الحزب الشيوعي درج إلي أن يفرض آرائه على الأخرين، و يطالبهم بالتنازل كأن رؤيته " مقدسة" يجب على الكل احترامها دون السؤال عن التنازل.. الفكرة جيدة و الكل يريد أن يكون الحل سوداني سوداني بعيدا عن أي تدخلات خارجية. باعتبار أي تدخل خارجي يريد فرض أجندته.. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفترة الانتقالیة القوى السیاسیة من خلال

إقرأ أيضاً:

ولي لابيد: نتنياهو يقوم بتغليب الاعتبارات السياسية على إعادة المختطفين

سرايا - اتهم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الأحد، الحكومة بإحباط التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى في غزة، وقال إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "يقوم بتغليب الاعتبارات السياسية على إعادة المختطفين (الأسرى بغزة) وأمن إسرائيل".

وقال لابيد في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية الرسمية: "أتمنى ألا يحدث مثلما حدث في السابق عدة مرات، في نيسان وتموز وهو أنه كلما اقتربنا من صفقة وضعت حكومة نتنياهو شروطا جديدة وأحبطت العملية".

وأضاف: "لا أفهم الحديث برمته، عن صفقة جزئية، لماذا لا نذهب إلى صفقة شاملة، لماذا لا نعيد جميع المختطفين ونوقف الحرب".

وقال لابيد: "ليس لدينا ما نبحث عنه بعد الآن في غزة، وعلينا أن نبدأ في الاستعداد لليوم التالي للحرب، وإعادة 100 مختطف إلى الوطن".

وتابع: "سيكون بإمكاننا دائما بعد نهاية الحرب دخول قطاع غزة وأن نفعل ما نريد (..) الآن يجب وقف الحرب وإبرام صفقة وإعادة جميع المختطفين".

واتهم لابيد نتنياهو "بمحاولة إفساد الصفقة لأنه لا يريد وقف الحرب، ويخشى أنه عندما تتوقف الحرب فسوف تسقط الحكومة".

وأضاف: "نتنياهو يقوم بتغليب الاعتبارات السياسية على إعادة المختطفين وأمن إسرائيل".





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 818  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 22-12-2024 05:16 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
قصة فتاة سعودية أبلغت سلطات ألمانيا عن منفذ حادثة الدهس الولايات المتحدة .. رجل يرتكب "جريمة وحشية" بحق ابنه الرضيع خطط لاستهداف السفير السعودي .. منفذ حادثة ألمانيا عرض مكافأة لتحديد موقعه "موظف ملكي" يكشف عن سبب عدم عودة ميغان ماركل إلى بريطانيا تقارير : تجميد أموال الاسد في روسيا وأسماء تطلب الطلاق القبض على مشعوذ هتك عرض امرأة بزيت الزيتون بحجة... الحكومة: "لن نستغني عن أي موظف .. ولكن!" هل يُصبح “نيولوك” الجولاني مذهب مُجاهديه للحُكم؟ ..... الحكومة تتوقع إقرار تعديلات الإجازة بدون راتب خلال... وزير إسرائيلي يدعو لصفقة "شاملة" لإعادة...غانتس: نتنياهو يخرّب مفاوضات صفقة تبادل الأسرى من جديدالشرع التقى الشرع في دمشق .. تفاصيل ارتفاع حصيلة شهداء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةالمجاعة تهدد 40 مليون شخص في غرب أفريقيا ووسطهاالشرع:" تحرير سوريا أنقذ المنطقة من حرب عالمية..."والدتها تشجعها" .. تقارير تتحدث عن طلب...بايدن: سوف أحضر حفل تنصيب ترامبالشرطة الجنائية بألمانيا: دوافع المتهم في واقعة... أيشواريا راي وزوجها يحسمان جدل انفصالهما بظهور مفاجئ كزبرة:"أنا كوميديان ولست تافها .. وأحزن... أول تعليق من هالة صدقي بعد براءتها من "قضية... بعد 3 زيجات .. رانيا يوسف تكشف عن سبب انفصالها... بشنب وأسنان ضخمة .. ياسمين عبد العزيز تطل بشكل مفزع تعديلات على المناصب الرئيسية لادارة نادي الوحدات طاقم حكام أردني لإدارة مباراة كأس السوبر الإماراتي القطري فليك: الهزيمة أمام أتلتيكو ستقودنا للنجاح غوارديولا في ورطة .. الإصابات تعصف بمانشستر سيتي "يتحرش باللاعبات" .. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه جيف بيزوس يستعد لزفافه بحفل تكلفته 600 مليون دولار - تفاصيل بعد مقتل مراهق .. ألبانيا تحظر تيك توك لمدة عام دواء يتسبب بإدمان بريطاني على المراهنات .. وتعويض مالي لصالحه "ساعات العمر" .. توظيف علامات الدم للتنبؤ بالصحة وعمر الإنسان شبان يصفعون البلوجر "سوزي الأردنية" في مصر أمام والدها - (صورة) مدرسة أمريكية تطيح المعلمين لصالح الذكاء الاصطناعي من منا لا يكذب؟ علامات قد تفضحنا بثوانٍ! بالفيديو .. شاهد واحد من أكبر مصانع "الكبتاغون" المخدر في سوريا ارتفاع حصيلة قتلى عملية الدهس في ألمانيا إلى 5 و205 مصابين بينهم حالات خطرة .. (فيديو) عصابات تخطف البنات .. "كوافيرة" تفجر حالة ذعر ورعب في مصر

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • حرب غزة نظرة إلى الواقع واحتمالات المستقبل.. دراسات إسرائيلية
  • رأي يمثلني: أوهام القوة والنصر
  • ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
  • أبو لحية لصدى البلد: نتنياهو يرى استمرار الحرب طوق نجاة لمستقبله السياسي
  • أستاذ علوم سياسية: تضخم بالاقتصاد الروسي.. وهذا هو الحل
  • ولي لابيد: نتنياهو يقوم بتغليب الاعتبارات السياسية على إعادة المختطفين
  • أستاذ في العلوم السياسية: الحرب والعقوبات وراء ارتفاع التضخم الاقتصادي في روسيا
  • سفارة روسيا في لشبونة: الأضرار التي لحقت بالسفارة البرتغالية في كييف كانت بسبب قوات الدفاع الجوي الأوكرانية
  • جانتس: الحل لوقف هجمات الحوثيين «إعلان الحرب على إيران»
  • في عكّار.. ما الذي ضبطه الجيش؟