أزمة المكسيك الدبلوماسية مع الإكوادور.. ما وراء ذلك؟
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
شهدت العلاقات الدبلوماسيّة المكسيكية الإكوادوريّة – نهاية الأسبوع الماضي- تطوّرات متسارعة في غضون 48 ساعة، انتهت بإعلان الرئيس المكسيكي مانويل لوبيز أوبرادور، قطع العلاقات مع الإكوادور، وغلق سفارة بلده في العاصمة كيتو وعودة دبلوماسييها إلى المكسيك.
وقد تمّ تصعيد الموقف المكسيكي على إثر اقتحام قوات الأمن الإكوادوري مقرَّ السفارة المكسيكية بالعاصمة كيتو، والاعتداء بالعنف على القائم بالأعمال المؤقت، وهو ما أثار استنكار حكومات الجوار والإدارة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي.
غالبًا ما ارتبطت صورة الرئيس المكسيكي مانويل لوبيز أوبرادور، في مخيلة الجمهور اللاتيني، بالشخصية البسيطة الهادئة والعفوية، لكن قراره قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإكوادور يوم السبت الماضي، كسر هذا الانطباع وجعل الصحافة العالمية تبحث عن أسباب هذا القرار ووجاهة اتخاذه.
ووفقًا لتسلسل الأحداث، بدأت الأزمة بإعلان حكومة الرئيس الإكوادوري نوبوا مساء الخميس الماضي، اعتبارَ سفيرة المكسيك راكيل سيرور، شخصية غير مرغوب فيها، ودعتها لمغادرة الإكوادور، وذلك على خلفية تصريحات رئيسها أوبرادور صباح اليوم ذاته، بشأن دور توظيف الإعلام للعنف السياسي في تغيير نتائج أي انتخابات، وذكر انتخابات الإكوادور الرئاسية الأخيرة مثالًا على ذلك.
حيث لمّح إلى أنّ الرئيس الإكوادوري الحالي نوبوا، فاز بمنصب الرئاسة عن طريق الحظ، وذلك بفضل اغتيال المرشح الرئاسي فرناندو فيافيسينسيو، في أغسطس/آب الماضي، قبل الانتخابات الرئاسية المؤقتة بتسعة أيام، والذي تسبب حدوثه في بعثرة حظوظ الفوز التي توقعتها استطلاعات الرأي، اعتمادًا على أداء المرشحين.
وهو ما أزعج حكومة الإكوادور، وأعرب بيان خارجيتها مساء ذات اليوم، عن استيائها من تصريحات الرئيس المكسيكي، واعتبرتها إساءة وتدخلًا في الشأن الإكوادوري، وطلبت من السفيرة المكسيكية المغادرة.
شيطنة الخصومويأتي المأزق الدبلوماسي الأخير بين البلدين، بعد شهر من مطالبة الإكوادور الحكومة المكسيكية بدخول السفارة المكسيكيّة في كيتو للقبض على نائب الرئيس السابق خورخي غلاس، الذي لجأ إلى مقرها منذ 17 ديسمبر/ كانون الأول، طالبًا اللجوء السياسي؛ هربًا من حُكمين جديدين بالسجن لتهمة فساد خلال حكومة الرئيس السابق كورّيا، ومحاكمة جارية أخرى يحقق فيها مكتب الادعاء العام.
من جانبه، يعتبر نائب الرئيس غلاس أن تلك الاتهامات تدخل في باب الملاحقة السياسية له، ولجميع رموز تيار الرئيس السابق كورّيا، الذي اتخذته التيارات اليمينية خصمًا لدودًا لها، ووظّفت القضاء لشيطنتهم؛ بهدف منع عودتهم إلى سدّة الحكم، حسب قوله.
لكن وخلال الساعات الأخيرة من يوم الخميس الماضي، ومع مغادرة السفيرة البلاد، كثّفت وزارة الداخلية الإكوادورية حضورها الأمني في محيط السفارة المكسيكية، وتداولت وسائل الإعلام المحلية والإقليمية المشهد بكثير من الاستغراب.
فما كان من الرئيس المكسيكي، في اليوم الموالي إلّا أن أعرب هو الآخر عن استغرابه، ووصف ذلك الاستعراض الأمني والعسكري، بالأداء "الفاشي"، وأعلن في ذات اليوم عن منح غلاس اللجوء السياسي.
استنكار وتنديدوقد مثّل ذلك القرار، شرارة التّصعيد من الجانب الإكوادوري، حيث أقدمت قوات الأمن في الساعات الأخيرة من يوم الجمعة، على اقتحام مقر السفارة المكسيكية بالقوة، والاعتداء بالعنف على القائم بالأعمال، وإخراج غلاس من السفارة، واقتياده إلى سجن شديد الحراسة، جنوب البلاد.
ومع تداول وسائل الإعلام الدوليّة بعض مقاطع فيديو الاقتحام والتعنيف، انهمرت ردود الأفعال الدولية، بدءًا بالجانب المكسيكي الذي أعلن قطع العلاقات بين البلدين، ودعا جميع طاقم سفارته لمغادرة الإكوادور، وتلتها تصريحات الاستنكار والتنديد بخرق الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تعتبر ما أقدمت عليه الإكوادور جريمة في حق حُرمة التراب المكسيكي.
وقد شملت تصريحات التنديد، جميع حكومات الأميركتين، دون استثناء، مع بيان مشترك للاتحاد الأوروبي، تبنّاه جميع أعضائه، إضافة إلى تصريحات شخصيات سياسية عالمية، أعربت عن استنكارها الشديد لما حدث.
وقد اختصر الرئيس الإكوادوري السابق كورّيا، الموقف بوصف الرئيس الحالي نوبوا بأنه شخصية نرجسية غير ناضجة لا سياسيًا ولا اجتماعيًا، في إشارة إلى شُهرة الشاب قبل توليه الرئاسة، بوصفه الابن المدلل لـ"إمبراطور الموز"، وأغنى شخصٍ في الإكوادور، ودعاه أغلب المحللين الإكوادوريين إلى الوعي بالفرق بين الأداء في إدارة شركات عائلته، وبين إدارة الدولة.
أما الرأي العام المكسيكي، فقد انشغل بالتركيز على أن أمر اقتحام السفارة المكسيكية، تمّ بأمر من الرئيس نوبوا وعن طريق وزيرة داخليته، مونيكا بالنسيا، مكسيكية الجنسية، إلى حدود تولّيها المنصب منذ خمسة أشهر.
وناقشت أغلب الآراء، تلك المفارقة بكثير من التهكم، مُذكّرين أن بالنسيا، كانت قبل توليها المنصب، محامية شركات الرئيس نوبوا، وبالتالي فإن حجم مكافأتها، يجعلها تنفذ الأوامر، بطاعة عمياء، حتى لو شملت اقتحام سفارة بلدها.
جرأة وجهلبعض الناقدين رأوا في قرار الاقتحام، جرأة مخلوطة بالجهل بالتبعات القانونية الدولية والمالية والأخلاقية، وذكّروا بأن الإكوادور في 2012، كانت قد أبهرت العالم باحتواء جوليان أسانج رئيس موقع ويكيليكس، في مقر سفارتها بلندن ومنحته جنسيتها لحمايته، متحدّية القضاء الأميركي المتربص به، أيام الرئيس السابق كورّيا.
لكنها عادت لتصدم العالم بسحب الرئيس السابق مورينو للجنسية منه في 2019، والسماح للقوات البريطانية بدخول مقر السفارة الإكوادورية بلندن وتسليمه للقضاء البريطاني؛ تمهيدًا لتسليمه للسلطات الأميركية. لكن لا القوات البريطانية ولا الأميركية، تجرأت على اقتحام السفارة الإكوادورية، دون رخصة، لإخراج شخص بحجم "أسانج"، من مقر السفارة التي لجأ لها.
بغضّ النظر عن الكُلفة العالية للخطوة المندفعة التي اتخذتها حكومة الرئيس الإكوادوري نوبوا، فإن توقيتها يؤكد أن أول المتضررين منها هو الرئيس في حدّ ذاته.
فالشاب الذي "فاز بالصدفة"، ليشغل منصب رئيس مؤقت، كان يعوّل على ترشحه للانتخابات القادمة، متبنّيًا شعارات الاقتصاد المنفتح وفتح أبواب الاستثمار في الإكوادور، رغم عجزه عن تحقيق انفراج بالأزمة الأمنية غير المسبوقة، فهل نفعته تلك الخطوة في تعزيز حظوظه في الفوز القادم، أم أنّها نسفتها؟
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات السفارة المکسیکیة الرئیس الإکوادوری السفارة المکسیکی الرئیس المکسیکی الرئیس السابق ة المکسیکیة
إقرأ أيضاً:
صور.. محافظ الأقصر يستقبل سفيرة المكسيك بالقاهرة
استقبل المهندس عبد المطلب عماره محافظ الأقصر، السيدة ليونورا رويدا سفيرة المكسيك بالقاهرة وذلك فى إطار الإحتفاء بانتهاء أعمال ترميم البعثة الأثرية المكسيكية بمقبرة TT 39 بمنطقة الخوخة بالبر الغربي بالأقصر.
وقدمت سفيرة المكسيك بالقاهرة الشكر لمحافظ الأقصر نيابة عن شعب وحكومة المكسيك، كما أشادت بجمال وعراقة مدينة الأقصر، مؤكدة على أن الشعبين " المصرى والمكسيكى" أصحاب حضارات قديمة وعريقة ولديهم آثار وأهرامات وشعب كان يرتبط بمعتقدات تشبه معتقدات المصرى القديم ولكن بأسماء مختلفة، كما أن منظمة اليونيسكو تهتم بتلك الآثار، لافتة إلي أن المطبخ المكسيكي وما به من أكلات عريقة من السمات المميزة للشعب المكسيكي.
وأضافت إنه ا تتطلع لتفعيل مذكرة التفاهم بين مدينة يوكاتان المكسيكية ومدينة الأقصر، وأكدت ان المكسيك تتشابه مع مصر فى اعتمادها على صناعة السياحة كأحد أهم مصادر الدخل بالإضافة إلى الصناعة، مؤكدة على سعادتها بالتعاون فى مشروع ترميم مقبرة TT 39 كونها علامة فارقة وهامة من علامات الصداقة والتضامن بين البلدين كللت جهود ٢٠ عام،متطلعة لمزيد من التعاون السياحى بين البلدين وذلك بافتتاح خط طيران مباشر بين البلدين بالقريب العاجل.
ومن جانبه، قال محافظ الأقصر ان دولة المكسيك من أوائل الدول التى حرصت على أقامة علاقات دبلوماسية مع مصر منذ عام ١٩٥٨ كما تم افتتاح سفارتها بالقاهرة عام ١٩٦٠، مؤكدا على التقارب والتعاون بين البلدين فى كل المجالات،مشيدا بالمكسيك كدولة حديثة لها تجارب رائدة فى مجال الطرق، مضيفا إنه قام بزيارتها فى وقت سابق للأستفادة من تلك التجربة وتطبيقها فى مصر.
وقال محافظ الأقصر إنه تقابل والبعثة الأثرية المكسيكية التى تعمل بالبر الغربي وأشاد بجهودهم الكبيرة فى ترميم مقبرة TT 39 ، وأكد على حرصه على مزيد من التعاون فى كافة المجالات التعليمية والثقافية والسياحية متمنيا المزيد من جهود البعثات الأثرية، ومتطلعا إلي زيادة أعداد السياح المكسيكيين لمصر والاقصر بوجه خاص.
وبنهاية اللقاء أهدت السفيرة المكسيكية كتاب عن تاريخ دولة المكسيك باللغة العربية، كما أهداها محافظ الأقصر تمثال للملكة تى وبردية تحاكي مشهد من مقبرة الملك توت عنخ أمون.
IMG-20241121-WA0116 IMG-20241121-WA0133 IMG-20241121-WA0134 IMG-20241121-WA0135 IMG-20241121-WA0136 IMG-20241121-WA0137 IMG-20241121-WA0138 IMG-20241121-WA0139 IMG-20241121-WA0115 IMG-20241121-WA0140