مسجد الكتبية.. شارك في بنائه 3 ملوك ولقبت صومعته بـسبّابة مراكش
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
أحد المعالم الدينية والتاريخية البارزة بالمغرب، شارك في بنائه 3 ملوك من الدولة الموحدية، يتميز بفرادة في معماره وهندسته. أغلق مؤقتا أواخر 2023 بسبب أعمال الترميم التي خضع لها على إثر الزلزال الذي ضرب المغرب في الثامن من سبتمبر/أيلول 2023، وفتحت أبوابه من جديد أمام المصلين في 16 مارس/آذار 2024.
فريد في موقعه وشكله.
يقع مسجد الكتبية -أو جامع الكتبيين كما كان اسمه الأول- بقلب المدينة العتيقة بمراكش جنوب المغرب، على بعد حوالي 200 متر فقط من ساحة جامع الفنا، أبرز الوجهات السياحية بالمغرب.
زوار في معرض الكتب بساحة مسجد الكتبية (الجزيرة) الاسميسمى مسجد الكتبية، ويطلق عليه أيضا اسم مسجد الكتبيين لأنه كان في عصوره الأولى محاطا ببائعي الكتب، وكان عددهم حوالي 100 بائع، لكن لم يتبق أي شيء من الدكاكين التي اكتشفت الأبحاث الأركيولوجية وجودها، وكانت تقابل واجهة المسجد الشرقية، وتقع على رصيفي الزقاق المؤدي إلى المسجد.
التأسيسبناه عبد المؤمن بن علي الكومي، الخليفة الثاني لدولة الموحدين، وأتمه ابنه وخليفته يوسف، ووسعه يعقوب المنصور الموحدي حفيد عبد المؤمن، وزاد 50 ذراعا من كل جهة، وزيّنه بعدة أعمدة جلبها من إسبانيا، وبنى تحته خزان ماء، وأمر بتغطية الجامع بسقف من الرصاص.
ويتكون جامع الكتبية من مسجدين متشابهين وبصومعة واحدة، حيث شيّد المسجد الأول عام 1147م على أنقاض قصر الحجر المرابطي، في حين بني المسجد الثاني عام 1158م.
مسجد الكتبية يقع بقلب المدينة العتيقة بمراكش جنوب المغرب (شترستوك)ورد في كتاب "الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية"، لمؤلف أندلسي من القرن الـ18 أن "الخليفة عبد المؤمن بنى بدار الحجر مسجدا آخر، جمع فيه الجمعة، وشرع في بناء المسجد الجامع وهدم الجامع الذي كان أسفل المدينة، الذي بناه علي بن يوسف بن تاشفين خامس ملوك الدولة المرابطية (توفي عام 1143م).
ولما أكمل بناءه صنع فيه نفقين يدخل من القصر إليهما، ومنهما إلى الجامع لا يطلع عليه أحد، وصنع مقصورة من الخشب لها 6 أضلاع، وكانت تسع أكثر من ألف رجل، وقد تولى صناعتها مهندس من أهل مالقة، يقال له "الحاج يعيش" (توفي عام 1165م).
وحسب الباحثين فإن المسجد الأول قد تقوضت أركانه بينما الثاني هو الذي لا يزال قائما إلى الآن.
ويعزى ذلك إلى أن بناء المسجد الثاني كان من أجل تصحيح اتجاه القبلة، واكتمل في منتصف شعبان من عام 1158م، بعدما شارك في بنائه عدد من المتطوعين من أنصار الموحدين بغية الثواب والأجر.
الهندسة المعماريةتبلغ مساحة المسجد 5300 متر مربع، وشكله قريب من المستطيل، وقد صمم على شكل حرف "تي"، وهو الشكل الذي كان مفضلا في البناء في عهد الموحدين.
زُيّن الجامع بـ11 قبة، مصنوعة من خشب العرعار، وتعتبر هذه القباب جزءا مهما من العمارة الإسلامية التقليدية. أما بيت الصلاة فيتكون من 17 بلاطا، تنتهي كلها عند بلاط مستعرض يمتد بمحاذاة القبلة، في حين تتميز البلاطات الـ16 بأنها متوازية ومتماثلة من حيث العرض، في حين ينفرد البلاط الأوسط بعرض أكبر، وتحده ركنيات صليبية الشكل وتغطيه أسقف هرمية.
يضم المسجد 7 أساكيب، وبيت الصلاة يمتد بين الصحن والقبلة بدون انقطاع من الشرق إلى الغرب، مغطيا مساحة تقارب 3 آلاف متر مربع.
ويتم الولوج إلى المسجد عبر 8 أبواب جانبية مفتوحة من حائطي الشمال الشرقي والجنوب الغربي تتقابل فيما بينها. ما يوفر عدة مداخل للمصلين للوصول إلى بيت الصلاة بسهولة ويسر.
مسجد الكتبية خلال إصلاحه بعد الزلزال الذي ضرب البلاد في سبتمبر/أيلول 2023 بالمغرب (رويترز)وبالنسبة للصومعة، تقع في الركن الشمالي من المسجد، ويبلغ ارتفاعها 67 مترا و50 سنتيمترا، وهي أعلى بناية في تاريخها.
يبلغ عرض الصومعة عند القاعدة 12 مترا و80 سنتيمترا، ويصل طول الجامور الذي يحمل التفاحات الثلاث إلى 7 أمتار و80 سنتيمترا في حين يبلغ قطر التفاحة مترين، وتوجد داخل المنارة 7 غرف في غاية الروعة من حيث الهندسة والزخرفة.
ويؤكد المؤرخون أن عبد المؤمن لما أكمل بناء الجامع نقل إليه منبرا عظيما صنع بالأندلس بإتقان شديد، حيث كانت قطعه مصنوعة من عود الصندل باللونين الأحمر والأصفر، وصفائحه من الذهب والفضة. ويبلغ طول المنبر 3.46 أمتار وعرضه 0.87 متر وعلوه 3.86 أمتار به 9 دروج.
وعرفت بناية المسجد عدة إصلاحات وترميمات آخرها عام 2023 بعد تضرره من زلزال الحوز الذي ضرب المغرب، حيث رممته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، كما رممته من قبل وزارة الثقافة عام 1990.
وفي عام 2016 جهز بألواح شمسية وسخانات مياه تعمل بالطاقة الشمسية في إطار استعمال الطاقات المتجددة.
الحديقة المحيطة بمسجد الكتيبة (شترستوك) اهتمام عالمياهتم الباحثون بجامع الكتبية، ففي سنة 1923 درس الباحثان الفرنسيان المهتمان بالآثار الإسلامية، هنري باصي وهنري تراس، المسجدين دراسة معمارية وتاريخية، وفي عام 1947 اهتم الباحثون بمجال الحفريات من أجل اكتشاف آثار العهد الموحدي، فتم التوصل إلى البنايات القديمة لحصن يوسف بن تاشفين المكوّن من مسجد للصلاة وقصبة صغيرة وبقايا قصر علي بن يوسف.
وحظي جامع الكتبية الأول بنصيب أوفر من الدراسة على يد الباحثين جاك مونيي وهنري تراس وبمساعدة غاستون دوفردان، وقد توجت جهودهم بكتاب تحت عنوان "الأبحاث الأركولوجية بمراكش"، وفي سنة 1983 أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تقريرا يحتوي على نتائج الدراسة.
وصنفت اليونسكو المسجد في قائمة التراث العالمي عام 1920، ويقول الرحالة الشهير ابن بطوطة إنه مسجد لا مثيل في العالم الإسلامي، كما قال عن مدينة مراكش إن بها "المساجد الضخمة، كمسجدها الأعظم المعروف بمسجد الكتبيين، وبها الصومعة الهائلة العجيبة".
وحسب المؤرخين فإن هذا الجامع بويع به كل من السلطان سيدي محمد بن عبد الله عام 1757م، والسلطان مولاي محمد بن عبد الرحمن عام 1859م، وكلاهما من الدولة العلوية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات مسجد الکتبیة عبد المؤمن فی حین
إقرأ أيضاً:
جائزة الإمارات للطاقة 2025 تُشارك في فعاليات مؤتمر الأطراف (كوب 29) في باكو بأذربيجان
شاركت جائزة الإمارات للطاقة 2025 في فعاليات الدورة التاسعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29) الذي عُقد بجمهورية أذربيجان في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر الجاري في مدينة باكو، حيث تم تقديم عرض تقديمي تعريفي استعرض الجائزة وفئاتها المختلفة ودورها في تشجيع تبني الحلول المستدامة.
وتنسجم أهداف جائزة الإمارات للطاقة وفئاتها المختلفة مع أهداف مؤتمر الأطراف الذي ظل منذ إطلاقه يلعب دوراً محورياً في جمع الأطراف الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي لتوحيد الجهود العالمية وإيجاد حلول فعالة وعملية للتحديات المناخية الملحة. وتعد الجائزة إحدى المبادرات الرائدة التي أطلقها المجلس الأعلى للطاقة بدبي بهدف تحقيق التنمية المستدامة ونشر الوعي بين الجهات العامة والخاصة وكافة شرائح المجتمع حول الاستخدام الأمثل للطاقة والطاقة النظيفة.
وأكّد معالي سعيد محمد الطاير، نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة بدبي، ورئيس جائزة الإمارات للطاقة: “حرصت الجائزة على المشاركة في عدة دورات سابقة من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ جاء أبرزها (كوب 28) التي استضافتها دولة الإمارات في مدينة إكسبو دبي وذلك انطلاقاً من دورها المحوري في تسليط الضوء على قضايا الطاقة والبيئة إلى جانب مساهمتها في تعزيز مفاهيم الاستدامة. ووفر هذا المؤتمر لنا فرصة مميزة لتسليط الضوء على الجهود والمشاريع الناجحة في مجال الاستدامة والطاقة المستدامة، إلى جانب تبادل الخبرات والتجارب التي تمكنت الجائزة من إبرازها من خلال المشاريع الفائزة على مدى الدورات السابقة. كما وفرت مشاركة الجائزة في (كوب29) فرصًا لتعزيز التعاون مع الجهات الأخرى ذات الصلة بمجالات البيئة والطاقة لتطوير مشاريع مشتركة تساهم في تعزيز الاستدامة عبر نشر الوعي حول قضايا الطاقة والبيئة والاستدامة بين الحضور والمشاركين. “.
وأضاف معاليه: “ركز مؤتمر الأطراف )كوب 29) هذا العام على الخطوات التنفيذية التي يمكن أن تساهم في تحفيز التغيير، مع مناقشة حلول عملية لتحقيق الأهداف البيئية. كما إن قضايا مثل تمويل حلول المناخ وتوفير الموارد للدول النامية من بين الموضوعات الرئيسية بهدف الوصول إلى خطط فعالة تراعي التوازن بين الاحتياجات البيئية والتنموية”.
ومن جانبه، قال سعادة أحمد بطي المحيربي، الأمين العام للمجلس الأعلى للطاقة بدبي ونائب رئيس اللجنة التنفيذية لجائزة الإمارات للطاقة: ” شكلت مشاركة جائزة الإمارات للطاقة في مؤتمر الأطراف (كوب 29)، إضافة مهمة، إذ وفر المؤتمر منصةً محوريةً تجمع قادة العالم وصناع القرار لوضع استراتيجيات عملية لمواجهة تغير المناخ والتحديات البيئية العالمية. وتسلط الجائزة الضوء على مساهماتها البارزة في هذا المجال، إذ تركز من خلال فئاتها المتعددة على مواكبة التطورات السريعة في الطاقة المتجددة وتبني التقنيات الحديثة لتعزيز التنمية المستدامة بما ينسجم مع المبادرات والجهود الوطنية والدولية في هذا القطاع الحيوي. وأتاح لنا المؤتمر فرصةً لإبراز المشاريع الفائزة التي ساهمت في دعم الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة، وحماية البيئة، ما انعكس إيجاباً على العديد من المجتمعات حول العالم”.
وتسعى جائزة الإمارات للطاقة 2025 إلى تعزيز الوعي بأهمية التقنيات المستدامة، ليس فقط من خلال التكريم والدعم، بل أيضًا من خلال توفير فرص للتفاعل مع الفاعلين الرئيسيين في قطاع التكنولوجيا العالمي. وتعتبر الجائزة جسرًا بين الابتكار والتكنولوجيا والاستدامة، مما يعزز الجهود المحلية والإقليمية والعالمية لتحقيق مستقبل أكثر استدامة وكفاءة في استخدام الطاقة. وتُعّد الجائزة منصة دولية تتيح للمؤسسات والأفراد إبراز جهودهم في دعم المساعي العالمية الرامية إلى إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لقضايا التلوث البيئي، وتغير المناخ، وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO2)، وندرة الموارد الطبيعية. وتحرص الجائزة على تكريم الجهود المقدمة من القطاعين العام والخاص والأفراد في مجال كفاءة الطاقة ومشاريعها، إلى جانب تشجيع التعليم والبحث العلمي والأفكار الإبداعية في قطاع الطاقة، مع تخصيص جائزة للتميز للمساهمين البارزين.