جريدة الوطن:
2025-03-07@03:25:14 GMT

التكلفة الإنسانية المدمرة للحرب

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

الحرب، كلمة تستحضر صور المعارك والقوة العسكرية. ولكن غالبًا ما يكون وراءها تكلفة لا تُحتمل، ومأساة تتكشف عبر الأجيال، وهي التكلفة الإنسانية التي تشكل عبئًا مدمرًا يتحمله المدنيون الأبرياء، وتترك ندوبًا عميقة قد تستغرق سنوات بل وحتى عقودا للشفاء أو التعافي.
التأثير المباشر للحرب هو بالطبع فقدان الأرواح.

بينما يُقتل الجنود أو المحاربين من الجانبين في القتال، فإن المدنيين غالباً ما يمثلون نسبة كبيرة وأحيانا مذهلة من الوفيات، كما هو الحال في غزة اليوم وفي الكثير من الحروب. هذه الوفيات ليست مجرد أرقام، وإنما هم أمهات وآباء وأطفال ومجتمعات بأكملها تمزقها الحرب، إضافة إلى مقتل الالاف المدنيين بشكل مباشر، فإن التكلفة البشرية الحقيقية تمتد إلى ما هو أبعد من ساحة المعركة، حيث تُعطل الحرب الخدمات الأساسية، وتترك المدنيين دون إمكانية الحصول على المياه النظيفة والغذاء والرعاية الطبية، فمن لا يموت في الحرب يموت من الجوع أو المرض. فالنقص في الضروريات الأساسية يؤدي إلى أمراض يمكن الوقاية منها، وإلى سوء التغذية، الذي قد يودي بدوره بحياة الكثير من الأرواح؛ وخاصة الأطفال.
والتأثير النفسي للحرب مدمر بالقدر نفسه أيضًا؛ فمشاهد العنف والنزوح وفقدان الأحباء تسبب صدمة بالفعل، مما يؤدي إلى مستويات عالية من القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة. والأطفال معرضون للخطر بشكل خاص، ويمكن أن تؤثر الندوب النفسية في نموهم العقلي والنفسي وتعليمهم، وتعوق آفاقهم المستقبلية.
كما تتسبب الحرب في النزوح، حيث يُضطر الملايين إلى الفرار من منازلهم، ليصبحوا نازحين داخليًّا أو لاجئين في الخارج، وغالبًا ما تفتقر المخيمات أو أماكن اللجوء المكتظة إلى المرافق الصحية الأساسية والأمن، ما يعرض الناس للمرض والعنف. رحلة النزوح نفسها محفوفة بالمخاطر، خاصة بالنسبة للنساء والأطفال.
التعليم هو ضحية أخرى للحرب، وكثيرًا ما تُدمّر المدارس، وأحيانًا عمدًا، أو تُوظّف للاستخدام العسكري، ما يؤدي إلى حرمان الأطفال من التعليم، والذي لا يحد من فرصهم المستقبلية فحسب، بل يعوق أيضًا جهود التنمية وتطوير المجتمعات ونهوضها.
إضافة إلى ذلك، تمزق الحرب النسيج الاجتماعي للمجتمعات. ومن الممكن أن تتصاعد التوترات المجتمعية وأحيانًا العرقية في المجتمعات المتعددة، ما يؤدي إلى تفتيت المجتمعات التي كانت تعيش معًا من قبل في سلام واطمئنان، والأمثلة على ذلك كثيرة وماثلة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى دورات من العنف ويجعل من الصعب تحقيق السلام الدائم والحقيقي.
التأثير الاقتصادي للحرب أيضًا كارثي، إذ تُدمّر البنية التحتية، وتغلق أو تدمر الشركات والمؤسسات والمصانع، وتُفقد سبل العيش. كما تزيد تكلفة رعاية الجرحى والنازحين من الضغوط على اقتصادات الدول التي تعاني الصراع.
ولا يقتصر تأثير الحرب على هذه الجوانب فقط؛ فهناك تأثير مضاعف ينتشر عبر الحدود، ويزعزع استقرار المناطق المحيطة ويخلق صراعات جديدة. فتدفقات اللاجئين تؤدي إلى مشاكل عدة من بينها إجهاد البلدان المجاورة، بينما يمكن أن يؤدي الصراع على الموارد إلى دوامة من العنف.
لهذا كله، يجب على المجتمع الدولي أن يؤدي دوره ليس في العمل الحقيقي على أنهاء الحروب والصراعات فقط، وإنما في استخدام الأدوات التي يملكها بفعالية لفرض إنهاء الحرب، وعليه كذلك واجب معالجة تكلفتها الإنسانية، وهي تكلفة دائمًا ما يحتملها للأسف الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: یؤدی إلى

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي: مصر تواصل جهودها لوقف المأساة الإنسانية بغزة ودعم حقوق الفلسطينيين

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر تحركت منذ اللحظة الأولى لبدء الحرب في قطاع غزة، بالتعاون مع الأشقاء في قطر والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار ووقف نزيف الدم الفلسطيني.

المؤتمر: كلمة الرئيس السيسى في القمة العربية أكدت موقف مصر الراسخ من إعمار غزةأشرف أبو النصر: كلمة السيسي في القمة العربية جسدت التزام مصر الثابت بالقضية الفلسطينيةبرلماني: كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية عكست عمق الإحساس المصري بالقضيةأهم رسائل الرئيس السيسي في كلمته أمام القمة العربية الطارئة

وأضاف السيسي، خلال كلمته في القمة العربية الطارئة لبحث تطورات القضية الفلسطينية، وعرضته قناة "القاهرة الإخبارية"، أن مصر تأمل في استمرار الجهود الأمريكية لضمان تثبيت وقف إطلاق النار، واستعادة التهدئة، وبعث الأمل في نفوس الشعب الفلسطيني لتحقيق حلمه المشروع بإقامة دولته المستقلة، بما يضمن سلامًا دائمًا وعادلاً لكافة شعوب المنطقة.

وأوضح الرئيس السيسي أن أطفال ونساء غزة الذين فقدوا ذويهم وينتظرون بعيون يملؤها الرجاء دعمًا حقيقيًا من الدول العربية لإعادة الأمل في السلام العادل.

وأشار إلى أن الحرب المستمرة على القطاع دمرت سبل الحياة، وسعت بقوة السلاح إلى تفريغ غزة من سكانها، مؤكدًا أن مصر ترفض هذه السياسات وتواصل جهودها لوقف المأساة الإنسانية ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • تحذير أممي من نقص تمويل الاستجابة الإنسانية في فلسطين
  • أنور قرقاش: الأولوية في السودان لوقف إطلاق النار في هذه الحرب العبثية المدمرة
  • قرقاش: الجيش السوداني وشركاؤه من الإخوان المسلمين يناورون لتبرير رفضهم للسلام
  • محنة الذكريات والصراع السياسي أو “وبسأل الشوق عن وطن”
  • وكيل تعليم قنا يشهد احتفالية «يلا نفرح إبنى وإبنك» التي نظمتها وحدة وحدة التواصل ودعم المعلمين
  • الرئيس السيسي: مصر تواصل جهودها لوقف المأساة الإنسانية بغزة ودعم حقوق الفلسطينيين
  • السيسي: مصر سعت منذ اليوم الأول للحرب لوقف إطلاق النار بغزة
  • هل احتمال عودة إسرائيل للحرب على غزة وارد؟ محللان يجيبان
  • الندوة العالمية توقّع مذكرتَي تفاهم مع اليونيسيف والمفوضية السامية لدعم الأطفال واللاجئين
  • اليونيسف: أطفال رضع بين المتعرضين للاغتصاب في السودان