منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يخوض إعلام الاحتلال حربا مختلفة عن تلك التي يشاهد العالم فصولها، ليس في أسلوب وشكل الانحياز فحسب، بل في تخليه عن أي معايير مهنية.

فمنذ اليوم الأول للحرب على القطاع، تطوع الإعلام الإسرائيلي بخدمة السلطة والجيش، ولم يخل الأمر من تجرد صحفيين عن أبسط معايير المهنية والحيادية.

وتمثل ذلك في أشكال مختلفة وصلت حد التحريض على قتل الفلسطينيين والبحث عن ثقة إجماع إسرائيلي كان يتوق للانتقام بعدما اعتبرت "هزيمة نكراء" منيت بها إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ورصد مراسل الجزيرة إلياس كرام في تقرير كيفية تعاطي الإعلام الإسرائيلي مع الحرب على قطاع غزة، والذي لم يكن أسوأ ما فيه شيطنة الفلسطينيين ووصفهم بالحيوانات كما قال وزير الدفاع يوآف غالانت، بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك بكثير.

وظهر تجرد الإعلام الإسرائيلي من أي معايير مهنية في محاولة إرضاء دافع الانتقام باعتباره الهم الأول لجمهور مواطنيه، عبر دعوات علنية للقتل الجماعي وتجويع الفلسطينيين.

نماذج وأمثلة

وضمن ما رصده التقرير من تلك التصريحات، ما قاله روعي شارون، المراسل العسكري للقناة الـ11 "إذا أردنا الانتصار في هذه الحرب فالطريقة تقويض سلطة حماس حتى لو كان الثمن مليون جثة في قطاع غزة".

ومن ذلك أيضا، تحريض تسفيكا يحزقيلي محرر الشؤون العربية للقناة الـ13، على ضرورة أن تبدأ أول ضربة بقتل 100 ألف فلسطيني في غزة.

فيما قال إعلامي آخر، إن إسرائيل إذا اختارت الحياة فعليها ضرب "العدو" وأن يكون عقابا أعمى وشيطانيا ووحشيا لا حدود له، مضيفا "على إسرائيل أن تنزل على غزة وعلى أي عدو يرفع رأسه نيرانا دون تمييز أو حدود أو أخلاق أو إذعان للقانون بل خراب مطلق".

ومعلقا، اعتبر حاييم كلاين أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، أن ذلك يمثل إفلاسا لدى الإعلام الإسرائيلي الذي توقف عن توجيه الأسئلة المهمة على شاكلة لماذا خرجنا للحرب؟ وهل هنالك هدف حقيقي لها أم هو الانتقام فقط؟ كما لم يوجه الإعلام أي انتقاد للسلطة بل انجر وراءها، وهو ما يعد خطأ فادحا، على حد تقديره.

ورغم أنه لم يكن متوقعا من الإعلام الإسرائيلي التعاطف مع معاناة الفلسطينيين لاعتبارات سياسية وأيديولوجية إضافة لأخرى تجارية تتعلق بنسب مشاهدة ومردود الإعلانات، فقد كان من المثير تقمص بعض الصحفيين دور الناصحين السياسيين والعسكريين في إسرائيل حول أنسب الطرق للتنكيل بالفلسطينيين.

أداة صراع

وفي هذا يقول الكاتب والصحفي الإسرائيلي، داني روبينشطاين، إن الإعلام الإسرائيلي تحول إلى أداة في الصراع السياسي والعسكري، حيث يقوم بدور الدعاية من أجل رفع المعنويات ودعم الجيش، لذلك فرض على نفسه رقابة ذاتية في إخفاء كل ما ليس جيدا.

واستحضر في هذا السياق مثالا، عندما قالت إحدى الأسيرات المحررات إن حماس عاملتها بالحسنى، وهو ما كان أشبه بعملية إرهابية على مستوى الدعاية الإسرائيلية، لافتا إلى أن كل من يحيد عن هذا الخط المعتمد يصبح شاذا أو معاديا للسامية، وعارا على الصحافة الإسرائيلية.

وإضافة للتحريض والعظات السياسية، ذهب بعض الصحفيين لأداء الطقوس الدينية على أنقاض بيوت الفلسطينيين وكتابة الأمنيات على القذائف الصاروخية التي كانت المدفعية الإسرائيلية تدك بها غزة بلا هوادة.

وتخلى الإعلام الإسرائيلي عن جزء كبير من استقلاليته وفرض على نفسه رقابة ذاتية علاوة على الرقابة الصارمة التي قيد بها الرقيب العسكري العمل الصحفي خلال الحرب، وبدت الجولات التي نظمها الجيش للصحفيين جزءا من الدعاية والترويج لسردية الجيش السياسية والميدانية حصرا.

وحجب الإعلام الإسرائيلي بقدر ما استطاع صور الدمار الذي حل بغزة، إلا ما كان يخدم السردية الإسرائيلية، فلم يكن هناك مكان للحديث عن فلسطينيين أبرياء يعانون الجوع والدمار، بل كان التشفي بحالهم هو الأساس.

بينما كان مصير من خالف من الصحفيين الإسرائيليين -على قلتهم- الرواية المعتمدة التوقيف عن العمل، والإجبار على الاعتذار كما حدث مع الصحفي غيل تماري، الذي أعلن تراجعه عن تصريحات اتهم فيها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنه يريد موت الأسرى في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الإعلام الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

باحثة: الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى إفشال صفقة وقف إطلاق النار

قالت الدكتورة أماني القرم الكاتبة والباحثة في السياسة الأمريكية، إن البيانات الصادرة من مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي متناقضة، موضحة أن حكومة نتنياهو تسعى إلى فشل صفقة وقف إطلاق النار، مؤكدة أنها تحمل بين طياتها دوافع فشلها اكثر من دوافع نجاحها.

وأضافت «القرم»، خلال مداخلة هاتفية، عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن ما تحدث عنه ترامب هو ليس من بناة أفكاره وليست صفقة عقارية، بل هو مشروع دأبت به إسرائيل منذُ أن وجدت هذه الحرب، مؤكدة أنها خطة مقصودة وموضوعة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ومهدت لها أحداث السابع من أكتوبر الطريق لتنفيذها.

رفض انتشار الجيش اللبناني في المناطق الحدودية بسبب تواجد إسرائيلفلسطين هي إسرائيل.. وزير خارجية الاحتلال يثير الجدل في مؤتمر ميونيخإسرائيل ترد على المقترح الفرنسي بشأن الانسحاب من جنوب لبنانلبنان: ضرورة التزام إسرائيل بوقف النار والانسحاب الكامل قبل 18 فبرايرأونروا: إسرائيل استخدمت مركزا صحيا بمخيم العروب كمكان احتجازالصحف الإسرائيلية

وتابعت  أن هذه الخطة يتم الترويج لها من قبل الصحف الإسرائيلية، مشيرة إلى أن كل من نتنياهو ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية «دونالد ترامب»، قد نجحوا في تحويل الحديث عن من المتسبب في هذا الحرب التدميرية إلى فكرة تهجير الفلسطينيين وطمس القضية.

مقالات مشابهة

  • «الدفاع الإسرائيلية» تعلن وصول شحنة أمريكية من قنابل MK-84 الثقيلة إلى إسرائيل
  • شهيدان ومصابون جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي تجمعا للفلسطينيين شرق مدينة رفح
  • قلق لدى الإعلام الإسرائيلي: نتنياهو لم يعط الضوء الأخضر لبدء مفاوضات المرحلة الثانية
  • من أسوان.. "تعليم النواب" تبعث برسالة تأييد ودعم للسيسي برفض تهجير الفلسطينيين
  • «المصريين»: وثيقة القاهرة لرفض تهجير الفلسطينيين صفعة قوية للاحتلال الإسرائيلي
  • إفلاس وضعف.. الإعلام العبري ينتقد رسالة إسرائيل بالعربية على ملابس الأسرى الفلسطينيين
  • باحثة: الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى إفشال صفقة وقف إطلاق النار
  • شرطة ديالى تعتقل مطلق عيارات نارية خلال حفل زفاف في الخالص
  • الاحتلال الإسرائيلي يعترف: خسرنا الحرب أمام حماس
  • الشرطة الإسرائيلية تطلق النار على شخص يشتبه بحمله جسما مشبوها في مدينة طمرة شمالي إسرائيل