من الصحابي الذي جمع القرآن وأطلق عليه «مصحف»؟
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
القرآن كتاب الله الذي أنزل على الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وقد تعهد الله - سبحانه وتعالى - بحفظه بقوله: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» سورة الحجر الآية 9، ولذلك فقد حمل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، أمانة توصيله إلى الأمة على عاتقهم، وهو ما حدث بالفعل، بدءًا من حفظه عن ظهر قلب وقت نزوله، مرورًا بمحاولة تجميعه داخل كتاب واحد، ثم ظهوره النهائي في شكل «مصحف»، فمن هو الصحابي الذي جمع القرآن وأول من سماه مصحفًا؟
وحول الصحابي الذي جمع القرآن وأول من سمَّاهُ مصحفًا، أوضحت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية، أنه، الصحابي الجليل «عبد الله بن أبي قُحافة عامر بن عثمان»، وكنيته أبو بكر الصديق، لأنه هو أول من بكّر بالإيمان وصدّق به، وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر.
ويلتقي نسب أبو بكر الصديق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، من جهة الأب والأم، في مُرة بن كعب.
ولد الصديق في مكة سنة 573 م، وهو أول من أسلم من الرجال، وأول خليفة للمسلمين، وهو أول من جمع القرآن وأول من سماه مصحفًا، وأول من صلى مع النبي الكريم، وهو أول العشرة المبشرين بالجنة، وكان إماما لبعثة الحج الأولى في الإسلام سنة 9 من الهجرة.
وأضافت دار الإفتاء أن أبو بكر الصديق رضي الله عنه شهد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم المشاهد كلها، وسجل له التاريخ له مواقف مشهودة في الدفاع عن النبي وعن الدين، وصحب الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هجرته، وذكر ذلك في قوله الله تعالى: «ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا»، سورة التوبة 40.
وفي مرض الرسول محمد صلى الله عليه وسلم استخلفه الرسول في إمامة الصلاة، إشارة لمكانته رضي الله عنه، وهو ما دعا الصحابة الكرام لمبايعته بالخلافة بعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي السنة الـ 13 من الهجرة ليلة الثلاثاء في يوم الـ 23 من جمادى الآخرة توفي سيدنا أبو بكر عن عمر 63 عامًا، وكانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر وثلاثة أيام، ودفن في بيت ابنته أم المؤمنين «عائشة رضي الله عنها» بجانب قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أبو بكر الصديق الصحابة دار الإفتاء الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم الصحابی الذی جمع القرآن أبو بکر وأول من أول من
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 101 من سورة المائدة:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ”.
تتلمذ الصحابة على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذبهم بما أوحى إليه الله أرفع تهذيب، فتعلموا أن لا يسألوه أمرا حتى يحدث لهم منه ذكرا، ولا يطلبوا منه تفسيرا لآية أنزلها الله أو فعلاً فعله أو حديثاً تحدث به، إن لم يفعل، لم يكن ذلك من أدبهم معه فحسب، بل من فهم لمعنى هذه الآية وغيرها التي بينت أحوال الأمم التي نزلت عليها الرسالات السابقة وكانوا يسألون نبيهم أمورا لم يبينها لهم ويجادلونه في ما شرع لهم.
جاءت بعد الصحابة أجيال متعاقبة، وتطورت ظروف الحياة وتوسعت مدارك الناس، مما لزمه التوسع في الفقه والإجتهاد، ومع أن أصول العقيدة والعبادات ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم مسبقا الى هذا الأمر وحذر من الزيادة او الإنقاص فيهما (البدع)، إلا أن كثيرين توسعوا في التفسير والتأويل، وأسسوا مدارس وفرق متباينة في اجتهاداتها، ولما كان قد صاحب هذه الفترة خلافات على السلطة فقد استغل الفرقاء السياسيون هذه الإختلافات لتعزيز مواقفهم، فتحول الإختلاف الإجتهادي الى تخندق سياسي.
لم يتوقف الأمر عند افتراق بعض المذاهب عن المنهج القويم المستند الى الكتاب والسنة، بل تعداه الى الخلاف الذي جرى داخل المنهج ذاته، بسبب التشدد والمغالاة الذي برره متبعوه بالخوف على الثوابت من الضياع، فأكثروا من المحظورات وتوسعوا في المحرمات، ظنا منهم أن ذلك زيادة في التدين، متخذين شعارهم : “إن السلف الصالح كانوا يتركون تسعة أعشار الحلال خوفا من الحرام”.
طبعا هذا يناقض مراد الشرع، فإتيان ما أحل الله لا يقل أهمية ولا التزاما بطاعته عن اجتناب ما حرّمه: “قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ”.
المبدأ الشرعي: “إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ”، فاتقاء الشبهات يأتي من باب الحرص والحذر من الإقتراب من الحرام، ولا يمكن أن يكون بتحريم ما أحل الله، لأن ذلك مزاودة على الشارع الحكيم.
إن الله تعالى قد حرّم أمورا حددها بالإسم، لا يحق لأحد من البشر الزيادة عليها ولا إنقاصها، وكل ماعداها مباح أو حلال، كما سكت عن أمور كثيرة، ليس نسيانا أو غفلة عنها، وحاشاه ذلك، فهو جل وعلا لا يضل ولا ينسى، وإنما عن رحمة بالناس وحتى لا يُحمّلهم ما لا يطيقون.
مما سكت الله عنه، وتركه للناس حسب ظروفهم لكن ضمن الضوابط الشرعية العامة، اختيار النظام السياسي ونمط المعيشة واللباس والعمل.
وكان التطبيق الأول للحكم في الدولة الراشدية ليس وحيا إلهيا، بل ترك الله اختياره لحكمة رسوله الكريم التي حباه تعالى، ليكون ذلك قدوة للمسلمين في قادم الزمان من فهم ضرورات ذلك الزمان ومتطلباته، لذلك لم ينزله الله تشريعا ولا قالبا ملزما للمستقبل، فمصالح الناس ستتطور وتتعدد، وإدارة شؤون الدولة توسعت، لذلك لا يعقل أن يستنسخ ذلك لكل الأزمان القادمة، فلكل عصر فقهه وتطبيقاته.
وتنطبق هذه القاعدة على كل ما سكت الله عنه أيضا، فلم ينزل به قرآنا، مثل هيئة الناس ونمط المعيشة واللباس واتخاذ وسائل الكسب بالعمل المشروع..الخ.
هكذا يتضح لنا أن الفهم الصحيح لكتاب الله والإلتزام الدقيق بما جاء به بلا تفريط ولا إفراط، هو الذي يبعد عنا تفرقة الفرق والمذاهب، ويجنبنا شرور المتطرفين والمفرطين، وبذلك نرتقي الى ما أراده لنا الدين.
لعل ما سبق يجيب على معارضي قيام دولة إسلامية، المتسائلين: أي إسلام تريدونا أن نطبق.
فالإسلام ليس نماذج متعددة، بل هو كيان واحد، سياسي اقتصادي اجتماعي متكامل، جميعه مدون في كتاب الله، ولاستيعابه يستنار بالتطبيق الإداري النبوي في الدولة الإسلامية الأولى التي أنشأها النبي صلى الله عليه وسلم، وفق حكمته، لتكون نموذجا يحتذى به، وليست قالبا جامدا يستنسخ، بل متروكا لاجتهادات الأزمنة القادمة.