جنين – على عجل، استطاع سليمان النجادة الهرب رفقة أطفاله وعائلة شقيقه من المنزل فور رؤيته مجموعة من المستوطنين يتجاوزون سفح الجبل المقابل لخيمته ويستعدون للهجوم والاعتداء عليهم.

كانت مخاوف النجادة صائبة، فما إن وصل المستوطنون حتى بدؤوا بإشعال النار في خيمته وخيمة شقيقه، وحرقوا حظائر الأغنام، ودمروا كل شيء.

ويروي النجادة للجزيرة نت ما حدث معه قائلا "قبل موعد الإفطار بساعة واحدة، شاهدت عددا من المستوطنين يتجمعون في سفح الجبل المقابل لنا، شعرت أنهم يحضرون لأمر ما، قلت لعائلتي أن يستعدوا لنخلي المنزل، وتحركت لإخلاء الأغنام، كنت أتوقع أنهم سيأتون للتخريب والضرب بالعصي والحجارة كما اعتدنا منذ 6 شهور، لكنهم حرقوا منزلي ومنزل أخي، لو تأخرنا قليلاً كنا سنحترق نحن أيضا".

التجمعات البدوية تكثر في منطقة الأغوار الشمالية (مواقع التواصل) القتل أو الرحيل

يسكن سليمان النجادة وزوجتاه و9 من أبنائه، إضافة لأمه وشقيقه وعائلته، في منزلين متجاورين من الصفيح والخيام في منطقة شلال العوجا بالقرب من قرية العوجا في الأغوار الفلسطينية، وتتعرض المنطقة منذ بداية الحرب على قطاع غزة إلى زيادة كبيرة في هجمات المستوطنين على الأهالي والعائلات البدوية بهدف ترحيلهم بشكل قسري والاستيلاء على أراضيهم.

ويتعرض قرابة 110 عائلات يسكنون المنطقة البدوية إلى اعتداء بشكل شبه يومي من قبل المستوطنين، وتتمثل الاعتداءات في سرقة أغنامهم وتخريب خيامهم وتحطيم ممتلكاتهم، ومنعهم من الزراعة في أراضيهم، إضافة للهجوم عليهم بشكل مباشر بالضرب والاعتداء.

يقول النجادة "مضايقات المستوطنين تزداد شيئا فشيئا، لكنهم كل صباح ينزلون إلينا من الجبل، يمنعون الأغنام من الرعي، يتعرضون لنا بالضرب بالعصي والحجارة، يهدمون الخيام، لكن أن يصل بهم الأمر إلى أن يحرقوا منازلنا، فالهدف أصبح واضحا جدا، إنهم يحاولون قتلنا كلنا".

ويضيف "اليوم هربنا نحن وعائلة أخي إلى قرية العوجا، لكن إلى متى سنظل نهرب؟ المستوطنون يحاولون بكل الطرق طردنا من هذه المنطقة، والحقيقة أن محاولات طردنا موجودة منذ سنين، لكنها زادت بشكل يومي خلال الشهور الستة الماضية"، أي منذ بداية الحرب على قطاع غزة.

ويرى سكان شلال العوجا أن المستوطنين يحاولون تهجيرهم من تجمعهم البدوي من خلال زيادة المضايقات والاعتداءات، ويتم كل ذلك بحماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي والشرطة، التي لا تمنع هذه الاعتداءات ولا تعاقب من يقوم بها.

ويعيش سكان التجمع البدوي حالة من الخوف على مصير أولادهم وحياتهم، وعلى مصير أغنامهم التي تعد مصدر دخلهم الوحيد بعد تكرار محاولات الحرق لبيوتهم وخيامهم، وهي "محاولات للقتل بشكل مباشر"، كما يقولون.

مستوطن يستفز سكان المنطقة بالتوجود في مناطق الرعي قرب التجمعات البدوية الفلسطينية (مواقع التواصل) نزوح العائلات

وكانت هيئة الجدار والاستيطان الفلسطينية قد أوردت في تقرير أعدته قبل حوالي أسبوع حول عمليات التهجير القسري التي سببتها إجراءات الاحتلال الطاردة بمساندة من المستوطنين، أنه بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تصاعدت اعتداءات وتهديدات المستعمرين المسلحين، مستغلين التركيز الإعلامي على قطاع غزة وغياب التغطيات الإعلامية عن الضفة الغربية والقدس.

ويقول الناطق باسم الهيئة أمير داود "على الرغم من أن كافة القوانين والتشريعات الدولية التي تحرم التهجير، ومن بينها اتفاقية جنيف التي تحظر على دولة الاحتلال تدمير أي ممتلكات ثابتة أو منقولة تتعلق بالأفراد والجماعات أو الدولة أو السلطات العامة، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير، فإن الهيئة رصدت تهجير 25 تجمعا بدويا فلسطينيا، تضم 220 عائلة وتشمل 1277 فردا، من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى".

وأضاف "أبرز عمليات التهجير كانت في وادي السيق شرقي رام الله، الذي بدأت سلسلة الهجمات المسلحة على سكانه في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وعلى الرغم من وجود عناصر من هيئة الجدار والاستيطان في المكان ورباطهم مع الأهالي لأكثر من 45 يوما، فإن عددا من السكان اضطروا للمغادرة بتاريخ العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بسبب تهديدات المستوطنين"، وبلغ عدد العائلات المغادرة لمنطقة وادي السيق 30 عائلة، تضم بينها 40 قاصرا.

وبحسب هيئة الجدار والاستيطان، فإن من بين أبرز التجمعات البدوية التي تم تهجيرها بشكل قصري بعد بدء الحرب على قطاع غزة خربة زنوتة في الأغوار الجنوبية، وتحديدا في منطقة الظاهرية في محافظة الخليل، حيث هُجّر من الخربة 36 أسرة تضم 400 شخص نصفهم من الأطفال، وذلك بعد تفكيك 50 خيمة و"بركس" للأغنام، وإجلاء قرابة 4700 رأس من الغنم كانوا يمتلكونها.

كما تم إفراغ خربتي عين الرشراش شرق رام الله، وجبعيت في شمال رام الله، بمجموع 23 عائلة، وتُظهر صور نشرت مؤخرا على مجموعات الأخبار الخاصة بالصحافيين الفلسطينيين أفردا من المستوطنين يتجولون بالقرب من خيام السكان الفلسطينيين في تجمعات بدوية مختلفة في شمال وجنوب الضفة الغربية، بعضهم يقوم برعاية الغنم، وهو ما اعتبره سكان هذه التجمعات أعمالا استفزازية لهم.

تهجير وعنف متزايد

وذكر التقرير السنوي لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في فلسطين "أوتشا" أن 1257 شخصا شُردوا من مناطق سكناهم بسبب عنف المستوطنين المتزايد بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وذكر التقرير أنه مع نهاية عام 2022 كانت 4 تجمعات بدوية قد أُفرغت بشكل كامل من ساكنيها، في حين أثرت اعتداءات المستوطنين المتزايدة بعد الحرب على قطاع غزة على قرابة 15 تجمعا بدويا آخر.

وبحسب "أوتشا" فإن حالات الاعتداء من قبل المستوطنين زادت لتصبح 7 حالات يومية، في حين كانت 3 حالات اعتداء يومي خلال عام 2022، وأكد التقرير أن المستوطنون يشرفون بشكل مباشر على عمليات التهجير القسرية التي تحدث لسكان التجمعات البدوية الفلسطينية، وأكدت "أوتشا" أنه في الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول ونهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، تم تهجير ما لا يقل عن 198 عائلة فلسطينية، بينهم 586 طفلا.

وفي الأغوار الشمالية لم تهدأ محاولات تهجير السكان الفلسطينيين من التجمعات والخرب البدوية حتى قبل الحرب على قطاع غزة، ويستخدم الاحتلال كافة الأساليب والمضايقات على سكان هذه المناطق التي تمثل 30% من مساحة الضفة الغربية، حيث يمنعهم الاحتلال من البناء أو مد خطوط الماء والكهرباء، أو الرعي في المناطق التي تتوفر فيها ينابيع المياه.

لكن بعد الحرب على قطاع غزة زادت وتيرة المضايقات الإسرائيلية على سكان الأغوار الشمالية، وأعطت إسرائيل مساحة كبرى لسيطرة المستوطنين على الأراضي في قرى كردلة وبردلة وعين البيضا، وسمحت لهم بالتحكم في منع الفلسطينيين من زراعتها أو الرعي فيها، أو حتى التنقل فيها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات أکتوبر تشرین الأول الحرب على قطاع غزة التجمعات البدویة من المستوطنین

إقرأ أيضاً:

بعد "هجوم سبارو".. إسرائيل تلزم السلطة الفلسطينية بتعويضات

قضت محكمة إسرائيلية، الثلاثاء، بأن السلطة الفلسطينية يجب أن تعوض ضحايا "هجوم سبارو" الذي وقع عام 2001 في القدس.

وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن محكمة منطقة القدس قضت بأن تعوض السلطة ضحايا الهجوم "استنادا إلى حكم للمحكمة العليا صدر عام 2022، ينص على أن السلطة الفلسطينية طرف في الجرائم لأنها تدعم ماليا السجناء الأمنيين وعائلاتهم".

ويأتي الحكم بعد دعوتين قضائيتين رفعهما الضحايا وعائلاتهم خلال العقدين الماضيين.

ومن المقرر أن تبلغ التعويضات لضحايا هجوم سبارو ملايين الشواكل (الشيكل عملة إسرائيل والدولار الواحد يساوي 3.74 شيكل).

وفقا للقناة، فإن القرار "قد يمهد الطريق لضحايا آخرين من الهجمات الإرهابية، بما في ذلك هجوم 7 أكتوبر، لطلب تعويضات تصل إلى 10 ملايين شيكل (قرابة 2 مليون و670 ألف دولار) عن كل شخص قُتل".

ما هو "هجوم سبارو"؟

هجوم وقع في 9 أغسطس 2001، واستهدف مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين بمطعم "سبارو" في مدينة القدس. نفذ الهجوم أحد أفراد كتائب القسام، وهو عز الدين سهيل المصري (24 عاما)، وشاركت أحلام التميمي بنقله إلى المطعم، وفقا لمحكمة إسرائيلية أصدرت عليها حكما بالمؤبد، ثم خرجت لاحقا في صفقة جلعاد شاليط لتبادل الأسرى. جاءت العملية بعد أن اغتالت إسرائيل القياديين في حركة حماس جمال سليم وجمال منصور يوم 31 يوليو 2001 في مدينة نابلس، إثر قصف المكتب الذي كانا يتواجدان فيه بمروحيات الأباتشي، مما تسبب في مقتلهما رفقة 7 أشخاص آخرين. نفذت حركة حماس عملية سبارو، حيث فجر المصري حزاما ناسفا يرتديه في المطعم في وقت الذروة، حيث يقع المطعم عند مفرق شارعي الملك داوود ويافا بالقدس. تسببت العملية في مقتل 19 شخصا وأكثر من 120 جريحا، فضلا عن الأضرار المادية.

مقالات مشابهة

  • التجمعات الحزبية في ليبيا توقّع مذكّرة اتفاق لتعزيز الاستقرار السياسي
  • إسحاق هرتسوج يحذر المستوطنين من تدمير إسرائيل وسط أزمات داخلية متصاعدة
  • الرئاسة الفلسطينية: نرفض خطط إسرائيل لإنشاء منطقة عازلة في شمال غزة
  • هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا
  • قتل الأطفال يبلغ معدلاً غير مسبوق.. الغارديان: إسرائيل تستخدم الذخيرة الحية لقتلهم في الضفة الغربية
  • الاحتلال يواصل استهداف المنظومة الصحية بشكل كامل
  • صحيفة: واشنطن تعتزم تمرير قرار دولي ضد سيطرة إسرائيل على الضفة
  • بعد "هجوم سبارو".. إسرائيل تلزم السلطة الفلسطينية بتعويضات
  • مصدر حكومي: إسرائيل تستغل شعار وحدة الساحات لتنفيذ عدوان على العراق
  • أردوغان يدعو لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة