إسرائيل تستغل حرب غزة لإفراغ الأغوار الفلسطينية في الضفة
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
جنين – على عجل، استطاع سليمان النجادة الهرب رفقة أطفاله وعائلة شقيقه من المنزل فور رؤيته مجموعة من المستوطنين يتجاوزون سفح الجبل المقابل لخيمته ويستعدون للهجوم والاعتداء عليهم.
كانت مخاوف النجادة صائبة، فما إن وصل المستوطنون حتى بدؤوا بإشعال النار في خيمته وخيمة شقيقه، وحرقوا حظائر الأغنام، ودمروا كل شيء.
ويروي النجادة للجزيرة نت ما حدث معه قائلا "قبل موعد الإفطار بساعة واحدة، شاهدت عددا من المستوطنين يتجمعون في سفح الجبل المقابل لنا، شعرت أنهم يحضرون لأمر ما، قلت لعائلتي أن يستعدوا لنخلي المنزل، وتحركت لإخلاء الأغنام، كنت أتوقع أنهم سيأتون للتخريب والضرب بالعصي والحجارة كما اعتدنا منذ 6 شهور، لكنهم حرقوا منزلي ومنزل أخي، لو تأخرنا قليلاً كنا سنحترق نحن أيضا".
التجمعات البدوية تكثر في منطقة الأغوار الشمالية (مواقع التواصل) القتل أو الرحيليسكن سليمان النجادة وزوجتاه و9 من أبنائه، إضافة لأمه وشقيقه وعائلته، في منزلين متجاورين من الصفيح والخيام في منطقة شلال العوجا بالقرب من قرية العوجا في الأغوار الفلسطينية، وتتعرض المنطقة منذ بداية الحرب على قطاع غزة إلى زيادة كبيرة في هجمات المستوطنين على الأهالي والعائلات البدوية بهدف ترحيلهم بشكل قسري والاستيلاء على أراضيهم.
ويتعرض قرابة 110 عائلات يسكنون المنطقة البدوية إلى اعتداء بشكل شبه يومي من قبل المستوطنين، وتتمثل الاعتداءات في سرقة أغنامهم وتخريب خيامهم وتحطيم ممتلكاتهم، ومنعهم من الزراعة في أراضيهم، إضافة للهجوم عليهم بشكل مباشر بالضرب والاعتداء.
يقول النجادة "مضايقات المستوطنين تزداد شيئا فشيئا، لكنهم كل صباح ينزلون إلينا من الجبل، يمنعون الأغنام من الرعي، يتعرضون لنا بالضرب بالعصي والحجارة، يهدمون الخيام، لكن أن يصل بهم الأمر إلى أن يحرقوا منازلنا، فالهدف أصبح واضحا جدا، إنهم يحاولون قتلنا كلنا".
ويضيف "اليوم هربنا نحن وعائلة أخي إلى قرية العوجا، لكن إلى متى سنظل نهرب؟ المستوطنون يحاولون بكل الطرق طردنا من هذه المنطقة، والحقيقة أن محاولات طردنا موجودة منذ سنين، لكنها زادت بشكل يومي خلال الشهور الستة الماضية"، أي منذ بداية الحرب على قطاع غزة.
ويرى سكان شلال العوجا أن المستوطنين يحاولون تهجيرهم من تجمعهم البدوي من خلال زيادة المضايقات والاعتداءات، ويتم كل ذلك بحماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي والشرطة، التي لا تمنع هذه الاعتداءات ولا تعاقب من يقوم بها.
ويعيش سكان التجمع البدوي حالة من الخوف على مصير أولادهم وحياتهم، وعلى مصير أغنامهم التي تعد مصدر دخلهم الوحيد بعد تكرار محاولات الحرق لبيوتهم وخيامهم، وهي "محاولات للقتل بشكل مباشر"، كما يقولون.
مستوطن يستفز سكان المنطقة بالتوجود في مناطق الرعي قرب التجمعات البدوية الفلسطينية (مواقع التواصل) نزوح العائلاتوكانت هيئة الجدار والاستيطان الفلسطينية قد أوردت في تقرير أعدته قبل حوالي أسبوع حول عمليات التهجير القسري التي سببتها إجراءات الاحتلال الطاردة بمساندة من المستوطنين، أنه بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تصاعدت اعتداءات وتهديدات المستعمرين المسلحين، مستغلين التركيز الإعلامي على قطاع غزة وغياب التغطيات الإعلامية عن الضفة الغربية والقدس.
ويقول الناطق باسم الهيئة أمير داود "على الرغم من أن كافة القوانين والتشريعات الدولية التي تحرم التهجير، ومن بينها اتفاقية جنيف التي تحظر على دولة الاحتلال تدمير أي ممتلكات ثابتة أو منقولة تتعلق بالأفراد والجماعات أو الدولة أو السلطات العامة، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير، فإن الهيئة رصدت تهجير 25 تجمعا بدويا فلسطينيا، تضم 220 عائلة وتشمل 1277 فردا، من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى".
وأضاف "أبرز عمليات التهجير كانت في وادي السيق شرقي رام الله، الذي بدأت سلسلة الهجمات المسلحة على سكانه في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وعلى الرغم من وجود عناصر من هيئة الجدار والاستيطان في المكان ورباطهم مع الأهالي لأكثر من 45 يوما، فإن عددا من السكان اضطروا للمغادرة بتاريخ العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بسبب تهديدات المستوطنين"، وبلغ عدد العائلات المغادرة لمنطقة وادي السيق 30 عائلة، تضم بينها 40 قاصرا.
وبحسب هيئة الجدار والاستيطان، فإن من بين أبرز التجمعات البدوية التي تم تهجيرها بشكل قصري بعد بدء الحرب على قطاع غزة خربة زنوتة في الأغوار الجنوبية، وتحديدا في منطقة الظاهرية في محافظة الخليل، حيث هُجّر من الخربة 36 أسرة تضم 400 شخص نصفهم من الأطفال، وذلك بعد تفكيك 50 خيمة و"بركس" للأغنام، وإجلاء قرابة 4700 رأس من الغنم كانوا يمتلكونها.
كما تم إفراغ خربتي عين الرشراش شرق رام الله، وجبعيت في شمال رام الله، بمجموع 23 عائلة، وتُظهر صور نشرت مؤخرا على مجموعات الأخبار الخاصة بالصحافيين الفلسطينيين أفردا من المستوطنين يتجولون بالقرب من خيام السكان الفلسطينيين في تجمعات بدوية مختلفة في شمال وجنوب الضفة الغربية، بعضهم يقوم برعاية الغنم، وهو ما اعتبره سكان هذه التجمعات أعمالا استفزازية لهم.
تهجير وعنف متزايدوذكر التقرير السنوي لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في فلسطين "أوتشا" أن 1257 شخصا شُردوا من مناطق سكناهم بسبب عنف المستوطنين المتزايد بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وذكر التقرير أنه مع نهاية عام 2022 كانت 4 تجمعات بدوية قد أُفرغت بشكل كامل من ساكنيها، في حين أثرت اعتداءات المستوطنين المتزايدة بعد الحرب على قطاع غزة على قرابة 15 تجمعا بدويا آخر.
وبحسب "أوتشا" فإن حالات الاعتداء من قبل المستوطنين زادت لتصبح 7 حالات يومية، في حين كانت 3 حالات اعتداء يومي خلال عام 2022، وأكد التقرير أن المستوطنون يشرفون بشكل مباشر على عمليات التهجير القسرية التي تحدث لسكان التجمعات البدوية الفلسطينية، وأكدت "أوتشا" أنه في الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول ونهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، تم تهجير ما لا يقل عن 198 عائلة فلسطينية، بينهم 586 طفلا.
وفي الأغوار الشمالية لم تهدأ محاولات تهجير السكان الفلسطينيين من التجمعات والخرب البدوية حتى قبل الحرب على قطاع غزة، ويستخدم الاحتلال كافة الأساليب والمضايقات على سكان هذه المناطق التي تمثل 30% من مساحة الضفة الغربية، حيث يمنعهم الاحتلال من البناء أو مد خطوط الماء والكهرباء، أو الرعي في المناطق التي تتوفر فيها ينابيع المياه.
لكن بعد الحرب على قطاع غزة زادت وتيرة المضايقات الإسرائيلية على سكان الأغوار الشمالية، وأعطت إسرائيل مساحة كبرى لسيطرة المستوطنين على الأراضي في قرى كردلة وبردلة وعين البيضا، وسمحت لهم بالتحكم في منع الفلسطينيين من زراعتها أو الرعي فيها، أو حتى التنقل فيها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات أکتوبر تشرین الأول الحرب على قطاع غزة التجمعات البدویة من المستوطنین
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يدرس تزويد أمن السلطة الفلسطينية بمعدات عسكرية
أفادت هآرتس أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يدرس تزويد أمن السلطة الفلسطينية بمعدات عسكرية "لمواجهة التنظيمات وتعزيز التعاون الإستخباري".
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن الجيش تلقى تعليمات من المجلس الوزاري المصغر بتعزيز التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.
ولم يصدر عن السلطة الفلسطينية أو سلطات الاحتلال تعليق فوري على ما أوردته هآرتس.
وتأتي الخطوة الإسرائيلية في وقت تقوم أجهزة أمن السلطة بتنفيذ حملة ومحاصرة مخيم جنين شمال الضفة الغربية وملاحقة مقاومين مطلوبين للاحتلال.
واندلعت خلال الأسبوعين الماضيين اشتباكات عنيفة في مخيم جنين بين المقاومين وأجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وسط استمرار الأزمة التي أدت إلى مقتل 3 فلسطينيين، بينهم قائد ميداني في كتيبة جنين، وإصابة آخرين، بينهم عناصر من الأجهزة الأمنية.
وتحاصر السلطة الفلسطينية مخيم جنين لليوم الـ15 على التوالي وسط اشتباكات مع المقاومين الرافضين لنزع سلاح المقاومة.
وتشدد كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– على أن الهدف من هذه الحملة الأمنية لأجهزة السلطة على مخيم جنين هو ملاحقة المقاومين ونزع سلاحهم، وترفض تسليم السلاح، في حين أعلنت أجهزة أمن السلطة أنها تلاحق من وصفتهم بالخارجين عن القانون، لنزع سلاحهم وبسط السيطرة على المخيم.
إعلان
أحداث جنين
وبدأت أحداث مخيم جنين باعتقال أجهزة السلطة إبراهيم طوباسي وعماد أبو الهيجا، مما أثار غضب "كتيبة جنين" التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما، ورفضت السلطة ذلك المطلب وأرسلت رسالة واضحة بأن هدفها إنهاء حالة المقاومة وتسليم السلاح، وهو ما رفضه المقاومون.
وتصاعدت الأحداث مع مقتل الشاب ربحي الشلبي (19 عاما) خلال عمليات أمن السلطة، التي حاصرت مستشفى جنين وقطعت الكهرباء والمياه عن المخيم.
وتندلع عادة اشتباكات بين مقاومين وعناصر الأمن الفلسطيني في مدن شمال الضفة، خاصة في جنين وطولكرم، تزامنا مع الاجتياحات المتواصلة لقوات الاحتلال واعتداءات المستوطنين والإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وتتهم أجهزة أمن السلطة الفلسطينية باعتقال مطلوبين للاحتلال الإسرائيلي، مما يزيد تعقيد الوضع في الضفة الغربية.
وتعتقل أجهزة السلطة في الضفة المحتلة -وفق بيانات حقوقية- أكثر من 150 مواطنا فلسطينيا، بينهم مقاومون ومطاردون من قِبل الاحتلال وطلبة جامعات وأسرى محررون ودعاة وكُتاب وصحفيون، وترفض الأجهزة الإفراج عنهم، رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم أكثر من مرة.