دينامية خماسية جديدة للرئاسة ولا تنافس فرنسي - أميركي
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
في الوقت الضائع بفعل حال المراوحة السائدة نتيجة عطلة الأعياد من جهة وتقدم الوضع الامني جنوباً تحت وطأة التصعيد الاسرائيلي المتمادي، تحرص باريس على تأكيد حضورها الدائم والتزامها الكامل بالملف اللبناني وأولويته على أجندتها الخارجية. هذا الالتزام تعكسه مصادر فرنسية تحرص على توجيه عدد من الرسائل إلى الداخل اللبناني ، كما إلى الخارج المعني مباشرة بالملف اللبناني، ولا سيما الولايات المتحدة الاميركية.
وكتبت سابين عويس في" النهار": يبرز تباين في المواقف والمقاربات بين باريس وواشنطن يؤشر إلى تقدم الدور الاميركي واحتكاره إدارة الملف، انطلاقاً من مواقف عبّر عنها كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الأمن والطاقة آموس هوكشتاين، كما مواقف السفيرة الاميركية ليزا جونسون التي تؤكد امام محدثيها تولّيها الملف.
أولى الرسائل الفرنسية تدحض ما تصفه بالمزاعم حول تراجع الدور الفرنسي نتيجة التباينات الأميركية - الفرنسية حول مقاربة الاستحقاق الرئاسي لتؤكد التزام فرنسا الكامل، ووجودها في لبنان قبل ان يأتي الآخرون، ما يترك ارتياحاً لدى باريس بأنها نجحت في تحريك الأمور الراكدة، وحضّت الدول الأخرى على الانخراط اكثر في لبنان. لا تغفل المصادر التنويه بالمبادرات الأخرى، ولا سيما منها القطرية، لكنها تخشى ان أياً من تلك المبادرات لن تصل إلى تحقيق خرق، ما يؤكد ان الحاجة هي لاستمرار الجهود الجماعية تحت مظلة اللجنة الخماسية، الأمر الذي بدأ يؤتي ثماره. وتتوقف المصادر نفسها عند الدينامية الجديدة التي امكن تلمّسها اخيراً عبر هذه اللجنة ومن يمثلها في لبنان من خلال تحرك السفراء. واذ تستبعد عودة قريبة للموفد الفرنسي جان - ايف لودريان في المدى القريب إلى بيروت، ما لم تكن هناك معطيات جديدة تستدعي حضوره، تؤكد ان سفراء الخماسية سيتحركون مجدداً بعد عطلة الأعياد وعودة السفراء إلى بيروت، كاشفة ان التحرك سيكون إما جماعياً إما ثنائياً وفق ما يرتئيه السفراء، انطلاقاً من علاقاتهم التي تختلف بين سفير وآخر، ولكن ضمن سقف واحد هو السقف الذي حدده هؤلاء لتحركهم الجامع والموحد. وليس بعيداً ان يتوّج تحرك السفراء فور استكمال جولاتهم باجتماع على المستوى الوزاري للجنة لم يتحدد بعد مكانه وسط تردد معلومات عن احتمال انعقاده في بيروت، لكن الأمر يبقى رهن الاوضاع الامنية في البلاد.
انطلاقاً من هذا الالتزام الفرنسي، تأتي الرسالة الثانية الرامية إلى التأكيد على ان لا تنافس بين باريس وواشنطن، بل تعاون وتنسيق كامل، وإن اختلفت المقاربات بينهما، وهو اختلاف يتصل بالتوقيت. اذ في رأي واشنطن ان لا مبادرات قبل وقف النار، في حين تنظر باريس من منظار آخر يعتبر انه في الامكان العمل على حل ديبلوماسي يكون جاهزاً عندما يحصل الاتفاق على وقف لإطلاق النار. يعرف الفرنسيون ما هو دور واشنطن مع إسرائيل، ولكن في رأيهم، وعلى المستوى التكتيكي، لا يمكن انتظار ما سيحصل في الجنوب. من هنا كان التحرك الفرنسي عبر الكتاب الذي وجّهته باريس إلى السلطات اللبنانية، وفيه بنود تحدد ثلاث مراحل للحل، الاولى تتصل بخفض التصعيد، والثانية بتطبيق #القرار الدولي 1701، في حين تذهب المرحلة الثالثة في اتجاه ترسيم الحدود البرية. وتكشف المصادر ان باريس تلقت الرد اللبناني قبل أسبوعين عبر كتاب صادر عن وزارة الخارجية اللبنانية، وقد تم إبلاغ الجانب الاسرائيلي بمضمونه، كما بمضمون الكتاب الفرنسي، وهي في انتظار الجواب الاسرائيلي. وكشفت ان الرد اللبناني كان إيجابياً، وانطلق من الموقف الرسمي مع تشجيع على مواصلة الجهود الديبلوماسية. لكن الرد لم يتناول البنود بالتفصيل لأن هذا يعني عملياً الدخول في المفاوضات.
عن الوضع في الجنوب والمخاوف من توسع الحرب، لا تخفي المصادر قلقها الشديد من التطورات المتسارعة جنوباً، لافتة إلى ان ثمة شكوكاً كبيرة حول الاستراتيجية الاسرائيلية في ظل الحسابات الداخلية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وهي خارج التوقعات ويمكن ان تشكل مفاجأة حتى للاميركيين. من هنا لا يريد الفرنسيون ان تُترك الامور لتأخذ مجراها، خوفاً من ان تنزلق إلى تصعيد خطير غير محسوب النتائج. واذ ترفض المصادر إبداء اي رأي حول توقعات الحرب، تؤكد انها تضع أمامها الاحتمالات بنسبة مئة في المئة ليكون الجميع في حال تأهب لبذل كل الجهود الممكنة لتلافيها وللسير بالجهود الديبلوماسية.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الرئيس اللبناني يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارج البلاد منذ انتخابه
بيروت - توجه الرئيس اللبناني جوزاف عون الإثنين 3مارس2025، الى السعودية، على ما أفادت الرئاسة، في أول زيارة خارج البلاد منذ انتخابه قبل نحو شهرين بدعم خارجي من دول عدة على رأسها الولايات المتحدة والمملكة.
وعادت السعودية مؤخرا الى المشهد السياسي في لبنان بعد انكفاء طويل، اعتراضا على تحكّم حزب الله المدعوم من إيران بالقرار اللبناني.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان أن "الرئيس عون غادر مطار رفيق الحريري الدولي متوجّها إلى الرياض، يرافقه وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي".
وكان عون أعلن بعد يومين على انتخابه أن السعودية ستشكل وجهته الخارجية الأولى، إثر تلقيه دعوة لزيارتها خلال اتصال هاتفي أجراه به ولي العهد محمّد بن سلمان، انطلاقا من دورها "التاريخي" في دعم لبنان وتأكيدا "لعمق لبنان العربي كأساس لعلاقات لبنان مع محيطه الاقليمي".
وفي مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية التي تتخذ في لندن مقرا، نوّه عون الجمعة بـ"العلاقة القديمة" بين البلدين.
وقال "آمل وأنتظر من السعودية وخصوصا ولي العهد.. أن نصوّب العلاقة لمصلحة البلدين، ونزيل كل العوائق التي كانت في الماضي القريب، حتى نبني العلاقات الاقتصادية والطبيعية بيننا، ويعود السعوديون إلى بلدهم الثاني لبنان".
وأوضح عون أن الزيارة ستشكل مناسبة لشكر السعودية على دورها في إنهاء الشغور الرئاسي الذي استمر لعامين، لم يتمكن خلاله حزب الله أو خصومه من فرض مرشحهم لعدم تمتع أي منهما بأكثرية تخوله فرض مرشحه.
وشهدت العلاقات بين لبنان والسعودية توترا في السنوات الأخيرة، بلغت ذروتها في العام 2021 حينما استدعت دول الخليج بما فيها السعودية دبلوماسييها من بيروت بسبب انتقاد وزير لبناني للتدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن.
وأعلنت الرياض قبل ذلك في العام 2016، أنها أوقفت برنامجا بقيمة 3 مليارات دولار لإمدادات عسكرية إلى لبنان احتجاجا على حزب الله.
وأتاح تراجع نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة، وفق محللين، بانتخاب عون رئيسا.
وفي كانون الثاني/يناير وبعد انتخاب عون وتكليف نواف سلام تشكيل حكومة جديدة، زار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بيروت وأعرب عن "الثقة" بقيادة لبنان الجديدة للقيام بإصلاحات.
وحظي انتخاب عون رئيسا بدعم خمس دول تعاونت في حلّ الأزمة الرئاسية اللبنانية، بينها السعودية التي شكلت خلال عقود داعما رئيسيا للبنان، قبل أن يتراجع تباعا اهتمامها بالملف اللبناني على وقع توترات إقليمية مع طهران، داعمة حزب الله.
وجاء انتخاب عون رئيسا للبلاد في 9 كانون الثاني/يناير، على وقع تغيّر موازين القوى في الداخل. إذ خرج حزب الله من مواجهته الأخيرة مع إسرائيل، أضعف في الداخل بعدما كان القوة السياسية والعسكرية الأبرز التي تحكمت بمفاصل الحياة السياسية، وبعد سقوط حليفه بشار الأسد في سوريا المجاورة.
وفي خطاب القسم، تعهد عون اعتماد "سياسة الحياد الإيجابي"، بعيدا عن سياسة المحاور الإقليمية، وبإقامة "أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة انطلاقا من أن لبنان عربي الانتماء والهوية".
ويعول لبنان على دول الخليج، خصوصا السعودية، من أجل دعمه في التعافي من انهيار اقتصادي غير مسبوق يعصف بالبلاد منذ خريف 2019، وللحصول على مساعدات لتمويل مرحلة إعادة الإعمار، بعدما خلفت الحرب الاسرائيلية دمارا واسعا في أجزاء من جنوب لبنان وشرقه وفي ضاحية بيروت الجنوبية.
وتلقّى عون كذلك دعوة من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي للمشاركة في القمة العربية الطارئة في القاهرة بشأن غزة التي من المقرر أن تعقد الثلاثاء، بحسب الرئاسة اللبنانية.
Your browser does not support the video tag.