تشترك بلدان العالم الإسلامي والعربي في عدد من التقاليد ترحيباً في شهر رمضان، من بينها الأجواء الروحانية التي تزدهر خلال الشهر الكريم، لكن كل بلد يمتاز أيضاً بطابعه الخاص في الاحتفال، فلدى بعض سكان إندونيسيا عادة الاستحمام في الأنهار للدخول إلى رمضان بقلوب وأجساد طاهرة، فيما يحتفل مسلمو تايلاند بذبح الأضحية، وفي ماليزيا توزع وجبة محلية مجاناً على الصائمين من المساجد وقت الإفطار.
ومن بين المشتركات كذلك برامج الإفطار الجماعي الموجودة في الدول العربية ودول جنوب شرقي آسيا مثل إندونيسيا والفيليبين وتايلاند. إلى جانب ذلك تتزين الطرقات ومدن وقرى دول الأرخبيل كمثيلاتها من الدول العربية، خصوصاً في دول غالبية دولها من المسلمين كبروناي وماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة.
الاستحمام وزيارة الراحلين
يعد الأرخبيل أكبر بقعة يقطن فيها مسلمون، كما تعد إندونيسيا أكبر تجمع إسلامي في العالم أجمع، حيث يبلغ عدد المسلمين فيها 231 مليوناً يشكلون 86% من الشعب. وتختص إندونيسيا بعادات فريدة في الاستعداد لشهر رمضان المبارك، ومن بين هذه العادات اجتماع العائلات مع جيرانهم في القرى المنتشرة بأقاليم إندونيسيا، إذ يلتمسون العذر لبعضهم بعضاً ويطلبون الصفح من ذويهم كعلامة فارقة فريدة تدل على الاستعداد لطلب الأجر في رمضان.
وتشهد التجمعات أيضاً تناول الطعام والمشروبات، ويحتفل أهل إقليم آتشيه غربي إندونيسيا بقدوم رمضان بتقليد يعرف باسم “ميوغانغ”، حيث يوزع الأغنياء على الفقراء لحم الأبقار وغيره، ويعود أصل هذه العادة إلى القرن الـ16 إبان حكم السلطان إسكندر مودا.
أما في بالي، فينتشر تقليد “ميبونغ” قبل بدء الصيام، حيث تنشر ولائم الرز والأطباق الجانبية التي يتناول منها ما بين خمسة وسبعة أشخاص لدعم الترابط والتواصل بين السكان.
ويتميز إقليم بويولالي بعادة غريبة للترحيب بشهر رمضان وهي الاستحمام في البحر أو أحد مصادر المياه الأخرى اعتقاداً منهم بأن الاستحمام في البحر والنهر المحلي قد يطهرهم من خطاياهم قبل الدخول في شهر رمضان المبارك.
أما في منطقة بيتاوي، فيرحب السكان المحليون برمضان من خلال عادة “نيوروج” التي تعني توزيع الطعام، حيث يوزع الصغار والشباب الطعام على أفراد العائلة والجيران ترحيباً برمضان، فيما تنظم بعض المناطق غداء جماعياً قبل في أواخر شهر شعبان، أو اليوم الذي يسبق رمضان مباشرة.
تايلاند والأضحية
أما في تايلاند البوذية التي يمثل المسلمون فيها أقلية تشكل 12 % من السكان بواقع 7.5 مليون فرد بحسب المصادر التايلاندية الرسمية، فيعيش غالبية مسلميها في أقاليم أقصى الجنوب مثل باتاني ويالا وساتون. وتنتشر هناك عادة دينية رمضانية بحمل الحافظين للقرآن على الأعناق احتفالاً واحتفاء بهم، سائرين بهم في الطرقات فخراً ليضربوا بهم مثلاً لباقي المسلمين الشباب من أجل تشجيعهم على حفظ القرآن. وفي رمضان تضاء المساجد وتزين، وعندما يحين وقت الإفطار تقرع الطبول ويسمى قارع الطبل في الغالب باسم “بلال”.
وفي اليوم الأول من رمضان، تضحي كل عائلة مسلمة في تايلاند بذبح أحد الماشية، ويضحي غير القادرين بأحد الطيور احتفالاً بالشهر المعظم.
مائدة الفيليبين
يشكل المسلمون في الفيليبين نحو ستة في المئة من مواطنيها، إذ يبلغ عددهم ستة ملايين مسلم، ويتركز غالبيتهم بإقليم ميندانا جنوب البلاد. ويبدأ احتفال مسلمي الفيليبين في يوم رؤية الهلال، حيث يبدأون في الدعاء والاستعداد للعبادات الرمضانية.
بازار رمضاني
في سنغافورة يبلغ عدد مواطنيها المسلمين أقل من الربع سكانها، حيث يعد الإسلام الديانة الثالثة في البلاد عقب البوذية والمسيحية. ومن أهم العادات التي ينتظرها مسلمو سنغافورة في رمضان الاحتفالات الكبرى المرتبطة بالبازارات أو الأسواق الرمضانية، التي تستقطب كثيراً من السنغافوريين والسياح القادمين من مختلف الأماكن في البلاد ليتسوقوا الوجبات الشهية والحلوى والعصائر لشهر رمضان أو الملابس والزينة لعيد الفطر.
ومع بداية الشهر الكريم، تبدأ الفنادق والمطاعم في صنع قوائم الطعام الشهية الجديدة والابتكار فيها لتقديم المأكولات الشعبية والعالمية للصائمين في البلاد، إذ يرتبط الشهر كما في بعض البلدان العربية بالأطعمة والحلوى الرمضانية التي يحرص السنغافوريون على تناولها في الإفطار.
ومن بين المأكولات الشعبية الشهيرة في سنغافورة “تشيلي كراب- Chili Crab»، الذي يعد طبق سنغافورة الوطني ومن أكثر الأطباق المحلية شعبية في البلاد. ويتكون من سرطان البحر المقلي الذي يضاف إليه الفلفل الحار وصلصة الطماطم والبيض.
ماليزيا و”بابور لامبوك”
في ماليزيا التي تتجاوز فيها نسبة المسلمين 60 % تتناغم حياة المواطنين المسلمين وغيرهم خلال شهر رمضان في البلد الواقع جنوب شرقي القارة الآسيوية، فشهر رمضان له خصوصيته وتفرده كغالبية الدول العربية والإسلامية. ومن بين العادات التي يتمسك بها الماليزيون التبرع بالطعام للمساجد التي بدورها توزع طبقاً يعرف باسم “بابور لامبوك” (bubur-lambuk)، وهو الطبق الخاص لماليزيا، الذي يترجم حرفياً بالعصيدة المبعثرة، مجاناً على الصائمين كي يفطروا به. ويصنع هذا الطبق غالباً من اللحم والبصل والثوم والروبيان وزيت جوز الهند وأوراق الباندان وسبعة أنواع من التوابل، لكنه يختلف في مقاديره من ولاية إلى أخرى.
كما تشتهر عند الماليزيين خلال شهر رمضان عادة “موريه” (Moreh) أو الخروج بعد الانتهاء من صلاة التراويح لتناول الطعام في المساجد التي تقدم طعاماً مجانياً لزوارها في ما يشبه العشاء، وعادة ما يكون هذا الطعام صدقة مجانية من قبل المسلمين لجني الثواب.
وتشترك ماليزيا عادة مع سنغافورة في شهر رمضان بإقامة “بازار رمضان” (Ramadan bazaar) أو ما يعرف بسوق الطعام الرمضاني المنتشر في كل مكان بالبلاد، الذي يمكن للشخص فيه إيجاد كل الأطعمة التقليدية الشهيرة والشهية باختلاف عادات الولايات، وكذلك الأطباق من المطبخ الصيني والهندي.
الصلاة مع السلطان
أما في سلطنة بروناي الصغيرة التي يصل عدد سكانها إلى 445 ألفاً يمثل المسلمون 80 % منهم أو يزيد، فلا يرتبط الصوم فيها بالمسلمين وحدهم، إذ يتشارك غير المسلمين مع إخوانهم في الصيام أيضاً احتراماً لهم، فيما يشار إليه بصفته دليلاً على نجاح التعايش الاجتماعي بين مواطني بروناي.
ومن بين العادات المتوارثة خلال شهر رمضان في بروناي، حضور السلطان المراسم الدينية في الشهر المبارك بالمسجد الكبير مع وزرائه، إلى جانب مشاركة المواطنين في هذه المراسم، كما يحرص سلطان بروناي على تحضير السحور للمصلين. ومن بين الأطباق المميزة للشهر الكريم والحاضرة على مائدة بروناي طبقا “رز ليلى” ولفائف اللحم بالحبوب.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
دراسة: ارتفاع مخيف بمعدلات كراهية المسلمين والأجانب في ألمانيا
أنقرة (زمان التركية) – كشفت دراسة لجامعة لايبزيغ الألمانية، عن نتائج مثيرة للقلق مع اقتراب موعد الانتخابات الألمانية المبكرة المقرر عقدها في فبراير/شباط القادم.
وعكست “دراسة الاستبداد”، التي يجريها معهد Else – Franckel Brunswik التابع مرة كل عامين منذ عام 2002، والتي شارك بها 2500 شخص، ارتفاع معدل كراهية الأجانب في غرب ألمانيا إلى 19.3 في المئة بعدما بلغت 12.6 في المئة في عام 2022 .
في ألمانيا الشرقية، أظهر معدل كراهية الأجانب انخفاضًا طفيفًا من 33.1 في المئة إلى 31.5 في المئة.
وارتفعت نسبة تأييد عبارة “ألمانيا تتغير نتيجة لكثرة عدد الأجانب” من 22.7 في المئة إلى 31.2 في المئة في الغرب، كما ارتفع هذا المعدل في الشرق من 38.4 في المئة إلى 44.3 في المئة.
وأوضح إلمار براهلر، عالم الاجتماع وعالم النفس الذي قاد الدراسة، أن “كراهية الأجانب أصبح تحيزًا شائعًا في جميع أنحاء ألمانيا”.
كراهية للأجانبوأشارت الدراسة إلى أن 61 في المئة من ناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا (AFD)، المعروفين بخطابهم المناهض للهجرة والإسلام، يحملون وجهات نظر معادية للأجانب.
تراجع معدلات الرضا عن الديمقراطية
وذكرت الدراسة أن 90.4 في المئة من المواطنين يدعمون الديمقراطية، في حين أن 40.3 في المئة فقط راضون عن الممارسات الحالية للديمقراطية. وترتفع نسبة الاستياء من الممارسات الحالية للديمقراطية في المقاطعات الشرقية على وجه الخصوص.
وأكدت الدراسة أن حالة عدم الرضا عن الديمقراطية تأتي بالتوازي مع تزايد الميول القومية.
تحذير من “جمهورية التحيزات”
وفي تعليق منها على الدراسة، أشارت فيردا أتامان، مسؤولة مكافحة التمييز في الحكومة الفيدرالية، إلى أن ألمانيا تخاطر بالتحول إلى “جمهورية التحيزات” قائلة: “الدراسة كشفت مرة أخرى عن وجود مشاكل خطيرة في الديمقراطية. ويجب ألا تسمح ألمانيا بهذا المسار الخطير “.
Tags: الانتخابات المبكرة في ألمانياحزب بديل من أجل ألمانياكراهية الأجانب في ألمانياكراهية المسلمين في ألمانيا