اتفق محللون وخبراء سياسيون على أهمية الشكوى المقدمة من نيكاراغوا ضد ألمانيا أمام محكمة العدل الدولية والتي تتهمها بتسهيل ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وتأثيرها على المزاج الدولي باعتبارها أول رصاصة تستهدف الدول الداعمة لإسرائيل.

وبدأت محكمة العدل الدولية جلسات استماع علنية متعلقة بشكوى تقدمت بها نيكاراغوا تتهم برلين بتسهيل ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، ويتمثل التسهيل المقصود في الاستمرار بدعم تل أبيب بشتى أنواع الأسلحة مع علمها باحتمال كبير لارتكاب إبادة جماعية خطيرة بحق سكان غزة.

وأكد الفريق القانوني لنيكاراغوا في مرافعته أن الدعم العسكري الألماني لإسرائيل زاد 10 أضعاف خلال الأشهر القليلة الماضية، وأن برلين صدّرت لتل أبيب معدات عسكرية بما قيمته 326 مليون يورو في عام 2023 وحده، مطالبا محكمة العدل الدولية بأن تفرض على ألمانيا وقف دعمها العسكري لإسرائيل.

ويرى الدكتور سعد جبار، الخبير في القانون الدولي، أن هذه القضية في غاية الأهمية، لأنها بنيت على قضية جنوب أفريقيا، وهي بذلك بمثابة رصاصة أولى تساعد في منع الدول التي تسهل عملية الإبادة الجماعية في غزة، لأن قرار محكمة العدل الدولية، أكد وجود مؤشرات قوية على ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة.

وأضاف -خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن هذه القضية بمثابة إنذار لكل الدول التي تسهّل بالسلاح أو التمويل عدوان الاحتلال في غزة، لأن الإبادة الجماعية التي ترتكبها تتم عن طريق السلاح باعتباره الأداة الأساسية في ارتكاب هذه الجرائم.

خوف الدول الداعمة

وتوقع الخبير في القانون الدولي أن جميع الدول الداعمة لإسرائيل ستتخوف من هذه التداعيات القانونية خلال المرحلة المقبلة، لأن هناك مسؤولية تعويضية على الدولة في حال تأكد الاتهام، كما أن هناك مسؤولية جنائية فردية على المسؤولين، لافتا إلى أن أغلب الدول الغربية أنذرها مستشاروها القانونيون من تبعات الاستمرار في دعم إسرائيل.

وتستند الشكوى التي تقدمت بها نيكاراغوا إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية التي تعد أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، وهي تصدر قرارات ملزمة غير أنها لا تملك الأدوات اللازمة لتنفيذها وفرضها على الأرض.

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة، أن هذه الدعوى من شأنها أن تساعد في تغيير المزاج الدولي، مرجعا ذلك إلى أنها شكوى تنظر لدى أعلى سلطة قضائية في العالم، تتجاوز اتهام إسرائيل باعتبارها الفاعل للإبادة الجماعية إلى وضع الدول الداعمة في قفص الاتهام.

ولفت، في هذا السياق، إلى قرارات صدرت من كندا وهولندا وإيطاليا بالحد من دعم إسرائيل بالسلاح أو قطع غياره، وهو ما يعكس الحرج الذي وقعت فيه هذه الدول رغم علاقاتها الوثيقة بتل أبيب بسبب قرار محكمة العدل الدولية.

ويؤكد الحيلة أن العالم بات ينظر لما تفعله إسرائيل في قطاع غزة، ليس فقط باعتباره اعتداء على المدنيين في القطاع، وإنما اعتداء على القيم الإنسانية، وهو ما يعني أن استمرار المنظومة الغربية في دعم هذه الإبادة بالمال والسلاح، يعد تمهيدا لطريق انهيار هذه القيم التي من المفترض إجماع العالم عليها.

ولفت إلى أن التغيرات المرصودة في الرأي العام الأميركي، يمثل تحولا مهما وغير مسبوق، فهو يأتي في بيئة صديقة لإسرائيل على مدار عشرات السنوات، ومن شأنه أن يهدد حظوظ الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته في الانتخابات المقبلة، ولا أدل على ذلك من خسارته 9 نقاط خلال الشهور الماضية.

إسرائيل غاضبة

فيما يؤكد الدكتور مهند مصطفى، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن إسرائيل تعطي أهمية قصوى لمثل هذه الدعوات في محكمة العدل الدولية وإن أظهرت استهتارا وتقليلا بتداعياتها، فهي في حقيقة الأمر تتعامل معها بحساسية وغضب شديدين، لأنها تمس سرديتها المبنية على كونها ضحية.

كما أنها -حسب مصطفى- تضرب خطابها الأخلاقي الفوقي على الفلسطينيين، ومصالحها لدى الدول الداعمة لها، حيث يتأثر المجتمع المدني فيها بشدة، حتى وإن لم يظهر الأثر على الجانب الرسمي في تلك الدول، وهو ما يجعلها في ضغط شديد على عكس ما تحاول أن تظهر به.

ويشير الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إلى أن التقديرات الداخلية في إسرائيل ترى أنها باتت في عزلة دولية، خاصة على المستوى الشعبي ومنظمات المجتمع المدني، ولم يعد خطابها الذي تحاول أن تتهم فيه الناقدين بأنهم معادون للسامية ذا تأثير، وهو ما يمثل أحد التحولات المهمة في المرحلة الحالية.

ويرى أن ذلك من تداعيات ما قامت به جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، وهو ما سيتعزز بعد هذه الدعوى الجديدة، لافتا في هذا السياق إلى أن محاولات الأنظمة الأوروبية لسن قوانين من أجل توسيع مفهوم السامية يعكس هشاشة إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات محکمة العدل الدولیة الدول الداعمة إلى أن وهو ما

إقرأ أيضاً:

محللون: إقرار جيش إسرائيل بفشل 7 أكتوبر يطمس حقائق طوفان الأقصى

القدس المحتلة- وجه كتّاب ومحللون عسكريون وسياسيون انتقادات شديدة اللهجة إلى الجيش الإسرائيلي بعد اعترافه بالفشل في منع هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات "غلاف غزة" وبلدات إسرائيلية في النقب الغربي.

وأجمعت قراءات المحللين على أن نتائج التحقيقات التي كشف عنها جيش الاحتلال تعكس الإخفاق الممنهج بالمؤسسة العسكرية في مواجهة حركة حماس، وكذلك تعمد رئاسة هيئة الأركان العامة طمس الحقائق والتكتم على الحيثيات التي سبقت "طوفان الأقصى"، وهو ما يعزز أزمة الثقة بين الجمهور الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية.

واستعرضت تقديرات المحللين الانتقادات التي وجهها كبار الضباط في "فرقة غزة" إلى قيادة الجيش، حيث وجهوا انتقادات شديدة اللهجة إلى رئيس هيئة الأركان العامة هرتسي هاليفي.

وأشارت القراءات إلى أن نتائج التحقيقات توحي بأن هاليفي اعتمد رواية كاذبة بالتخلي عن المستويات الدنيا في قيادة الجيش، وتحميلهم مسؤولية الإخفاق والادعاء بأن الضباط على الجبهة الجنوبية لم يطلعوا رئاسة الأركان على حقيقة وصورة الوضع مع بداية الهجوم المفاجئ.

أين كان الجيش؟

يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل إن نشر تحقيقات الجيش الإسرائيلي لم يكشف إلا عن جزء من صورة الواقع لأحداث السابع من أكتوبر، حيث ما زالت محاور مهمة وقضايا جوهرية غائبة ومفقودة.

إعلان

وأضاف هرئيل أن السؤال الذي يطرح مجددا من قبل المجتمع الإسرائيلي هو "أين كان الجيش؟". وأشار إلى أن "دراسة هذه التحقيقات تكشف أنه بالإضافة إلى الإخفاق بالاستعدادات والفشل بالاستخبارات، فإن رئاسة الأركان لم تحقق بعمق بالقضايا الجوهرية، وهو ما يرجح بفتح التحقيقات مجددا من قبل طواقم تحقيق جديدة يعينها رئيس هيئة الأركان العامة الجديد إيال زامير".

ورأى المحلل العسكري أن نتائج التحقيقات توحي بأن الأجهزة الأمنية والعسكرية وبضمنها الجيش وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" تعاملوا باستخفاف مع حركة حماس، بل إنهم لم يفهموا ما تصرح به والخطوات التي تقوم بها.

ويعتقد هرئيل أن الجيش الإسرائيلي ما زال عالقا في السابع من أكتوبر، وهناك خوف دائم لدى المؤسسة العسكرية من أن يكون وقف إطلاق النار على الجبهتين الرئيسيتين غزة ولبنان مؤقتا، إذ من شأن استئناف الحرب أن يكشف عن تآكل قدرات الجيش واستنزافه.

مقاتلو القسام خلال عبورهم الحدود صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (الصحافة الأجنبية) نتائج مثيرة للمشاكل

وتحت عنوان "نشر تحقيقات الجيش الإسرائيلي.. قليل جدا، ومتأخر جدا، ومثير للمشاكل"، كتب المحلل العسكري يوسي يهوشع مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ينتقد فيه أداء الجيش بالتعامل مع التحقيقات الداخلية، حيث أتت نتائج التحقيقات في أحداث 7 أكتوبر -حسب كلامه- مستهلكة ولم تبحث بالعمق، وعليه لا بد من تشكل لجنة تحقيق رسمية حتى لا تتكرر صدمة "يوم الغفران" (حرب أكتوبر 1973).

ويعتقد المحلل العسكري أن رئيس الأركان المنتهية ولايته أرجأ الانتهاء من التحقيقات ثم حرص على أن تخرج جميعها في وقت واحد بطريقة تجعل من الصعب على الجمهور الإسرائيلي الخوض فيها، في محاولة للإبقاء على ضبابية المشهد وطمس الحقائق.

وحتى قبل الخوض في نتائج التحقيق، يضيف يهوشع "لا بد من الاستغراب من واقع أن الجيش الإسرائيلي يقف وحيدا في طليعة التحقيقات، في حين لم يقدم الشاباك نتائجه الخاصة. إن هذا السلوك مثير للغضب لأن مسؤوليته من منظور استخباراتي هي عين مسؤولية الجيش الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه، لا يمتنع المستوى السياسي من التحقيق في أدائه في ذلك السبت الأسود والأيام التي سبقته وحسب، بل إنه يبذل كل ما في وسعه لمنع تشكيل لجنة تحقيق رسمية".

إعلان

ويختم يهوشع أنه في 7 أكتوبر "انهارت العقيدة الأمنية، وعليه فإن جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالعقد الأخير تتحمل مسؤولية الفشل والإخفاق، فضلا عن ضباط في هيئة الأركان العامة وكبار مسؤولي الشاباك. وهناك جانب آخر دراماتيكي في التحقيقات وهو الاعتراف بوجود ثقافة تنظيمية مروعة، والتي كلفت إسرائيل حربا هي الأكثر فظاعة في تاريخ البلاد".

نتنياهو "ضحية"

وعلى صعيد تداعيات نتائج التحقيقات على الساحة السياسية، يقول المحلل السياسي في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" شالوم يروشالمي إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاول الإبقاء على كرة الإخفاق والفشل في ملعب الجيش وأجهزة الاستخبارات بزعم أنه "ضحية" حيث تواصل رئاسة هيئة الأركان العامة إخفاء المعلومات عنه.

وأوضح يروشالمي أن إسراع مكتب رئيس الوزراء بإصدار البيان الاستثنائي الذي يشكو من أن نتنياهو لم يتلق التحقيقات العسكرية في أحداث 7 أكتوبر، هي محاولة منه للتنصل من المسؤولية والإبقاء على أصابع الاتهام بالفشل والإخفاق موجهة إلى الجيش وأجهزة الاستخبارات، وهو بذلك يعتمد النهج ذاته بالتنصل من المسؤولية وتوجيه الاتهامات للآخرين.

ورجح المحلل السياسي أن نتائج التحقيقات والإخفاقات وتراشق الاتهامات سترافق المشهد الإسرائيلي لفترة طويلة، قائلا "مع مرور الوقت، قد يتمكن نتنياهو من إقناع الجميع بأن من فشلوا وأخفقوا أنهوا الخدمة وما عادوا بمناصبهم، وأن القصة انتهت، وأنه انتقل إلى الأمام لمحاربة الأعداء وبناء شرق أوسط جديد".

مقالات مشابهة

  • خلفا لسلام.. محكمة العدل الدولية تنتخب يوجي رئيسا لها
  • انتخاب القاضي الياباني إيواساوا يوچي رئيسا لمحكمة العدل الدولية خلفا لنواف سلام
  • خلفًا لسلام.. إليكم هوية رئيس محكمة العدل الدولية الجديد
  • انتخاب ياباني رئيسا جديدا لمحكمة العدل الدولية
  • محكمة العدل الدولية تنتخب يوجي إيواساوا رئيسا جديدا خلفا لسلام
  • «العدل الدولية» تنتخب رئيساً جديداً
  • بِحُجة الظلم الذي تتعرض له إسرائيل .. تل أبيب وواشنطن تدرسان رسميًا الانسحاب من محكمة العدل الدولية
  • قطر تقدم مذكرة لمحكمة العدل الدولية بشأن إسرائيل
  • التعاون الإسلامي ترفض حظر إسرائيل لأونروا بمرافعة أمام محكمة العدل
  • محللون: إقرار جيش إسرائيل بفشل 7 أكتوبر يطمس حقائق طوفان الأقصى