بقلم/ عفراء خالد الحريري

( أنكم الآن بدون أدنى شك، ستبغضون اليوم الذي وجهتم ليّ دعوة فيه، عيدي بسمة طفل لم يستطع الحصول على كسوة العيد ومع ذلك يبتسم وسلامي قُبلة على رأس أمي، وقد علمتني أن السلام بعيدًا عن السلطة بحد ذاته كرامة ) ( مع الاعتذار للأخوات اللواتي وجهن الدعوة، خاصة لتلك التي لم تستثني أحد، فأنا لا أقصدكما والله عليّ شاهد)

تحتاج الرئاسة إلى نظام توثيق وأرشفة متطور وهذا أمر لابد منه لمتابعة من هن اللواتي توجه لهن دعوة صلاة العيد مع الرئيس والسلام على الرئيس( لم تحدد الدعوة ما اسم الرئيس؟ ومن هو الرئيس؟، خاصة وإن لدينا أكثر من رئيس من جهة ومن جهة أخرى إن دعوة العيد تتكرر على نفس القائمة في حين أنه يفضل تغييرها في كلُّ قائمة ( النساء و الرجال)، كي يحظى أكبر عدد ممكن من المواطنات والمواطنين بالسلام على الرئيس.

دعوة للسلام عليك أيها الرئيس، لأضع كفي بكفك وأفول لك:” أني فلانة ابنة فلان وفلانه و عائلاتي تضم كثير من أسماء فلان وفلانه ممن ضحوا بلا مقابل، بل من أجل شعارات زائفة( حب الوطن)، وأني بلا وظيفة وأن مستحقات أبي من المعاش لم يحصل عليها وتم نهبها، و مات أبي وهو يسعى جاهدًا لتسوية معاشه أسوة بغيره؟؟!!” وأني أستحق أن أكون في منصب سياسي أو دبلوماسي؟! هل هذه هي الغاية و الوسيلة من سلام العيد؟! كيف ليّ قول ذلك؟ وأنا معايير وشروط الوظيفة السياسية والدبلوماسية لا تنطبق عليّ، ولست من المقربات أو ممن تعرفهن وأدرك بأن الوظائف في أعلى الهرم قد تم توزيعها لبعض النساء، ولست منهن؟ ولن أكون! وأبي ينتمي إلى عائلة عدنية بلا قبيلة ولم يجامل أو ينافق أو يتزلف لأي رئيس في الأنظمة السياسية التي حكمت البلد، فهو إذًا لا يستحق المعاش ولا غيره.

أي عيد هذا أسلم عليك فيه؟! و المرء منا يعيش في عتمة وظلام و عطش وظمأ وجوع ( كهرباء مطفأة وماء مقطوع ورواتب بالتقطير، وذل و قهر وإهانة( تسول ورشوة وفساد)، أدرك بأن هناك حرب، أنطلقت من محاولات جزء كبير من المواطنين تغيير الواقع الراكد لأنظمة الحكم، وإن هذه الحرب عمل التحالف مع النظام وحلفاؤه داخليًا حثيثا على تحويلها الى حرب تُفقد السيادة وتُسحق الكرامة، ونجحوا في اضفاء طابع اللانظام واللاقانون ثم اللا أخلاق لاحقا عليها، قبل ان يحاولوا تسويقها كحرب ضد الارهاب.

إن هذا المشهد المعقد الذي نعيشه عن عمد وفرض وبرؤية ساذجة، علينا أن نسلم عليك ونصمت بشأنه، لأن العيد يقتضي ذلك وفي منطقة محددة، كنت أتمنى أن أمنحك أيها الرئيس أفضلية حسن النية والسذاجة، إذ يمكنني القول بأنك أخترت المناسبة الاقرب للإستماع إلينا، إلاّ أن هذا لا ينطبق على القائمة الكبيرة للدعوة، وإنما ينطبق على مصلحة الرئيس، اي الرئاسة، لضمان سيرها في خطتها التخديرية وحقن الناس بحقن الصبر والصبر ثم الصبر.

أيها الرئيس إن السذاجة والنوايا الحسنة لا تعذر صاحبها دائمًا، ولا تفتح له ابواب النعيم، وبالتالي لا تسهل أعماله، فلدى ديبلوماسية نظام التحالف العربي للشقيقتين(السعودية والأمارات)خريطة مصالح واضحة من ناحية، ولديها، إضافة اليها لغة محددة للتعامل السياسي مع أزماتكم المفتعلة على قهر المواطن باستمرار، وبيعها الى العالم كبضائع معاد تصنيعها، غير قابلة لأن توفر فرحة العيد.

والمشكلة كما يبدو بأنه لا توجد أي مبادرة فعلية داخلية تحمل أي مضمون سياسي للتسوية فيما بينكم البين، وان كان الإدعاء بأنه قد أصبح أي خلاف وكلُّ خلاف وراء ظهوركم، ظهرت في الواجهة مشاكل الخدمات ومشاكل الناس ومشاكل السلطات والفساد والمؤسسات، المحافظات المحررة(كما تسمى) كلها … التي على أساس سيتم دعمها للقيام بالإصلاح في كلُّ مفاصلها، وستسعى الحكومة إلى أبعد من ذلك بكثير، وإن كان الحل في الترقيع بين الحين والاخر، فالوضع في المحافظات المحررة برمته قد أصبح في أسفل قائمة الاهتمامات الدولية لما يسمى تجاوزًا بالدول الصديقة للشعب اليمني، لأن السياسة اليوم في إجازة، ويعيش أغلب السلطة والأحزاب والمكونات السياسية( إذا ليس بقادتها فبأفراد عائلتها وتجارتها ومساكنها) في حالة من الرحلات السياحية التي تغطيها بالشعارات العاطفية، بينما يدرك الجميع ان الشأن اليمني متروك للسعودية والأمارات فعليًا، وللمبعوث الأممي شكليًا لتحليل قيمة قلقه، التي تتجاوز العيدية لأجمالي عيدية أطفال اليمن.

والمشكلة الاخرى في عدم وجود مبادرة فعلية، ان المبعوث الأممي يبدي من الجدية أكثر مما يجب، في طرح إحاطات لا تحمل الا الشق الإنساني لوحده، في حين إنه بالأمكان ان نخطو عدة خطوات في التنمية والاقتصاد. وغيرها ويمكن ان نصف اليوم ما يحصل في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًا بالـ «الأزمة المفتعلة»، التي أصبحت متشعبة وغاية في التعقيد، وتكاد تفجر المناطق المحررة وتشكل عقدة من حبال المنطقة بأكملها في التوترات السياسية المغطاة بغربال. وكلُّ ما في الأمر أن تجميد القتال مؤجل في تلك المناطق، ليحل محله تمرينًا ديبلوماسيًا يتم تطبيقه بتهديد الجميع، ويقع في الأوهام كلُّ من ينسى أن وجود أكثر من جهة أمنية وعسكرية وتجميد القتال بينهم هو أقل من الهدنة، وأنه موضعي، ومؤقت، أي أنه لا يحمل أي أفق سياسي لمعالجة الازمة، وهذا يعني أن أي مبادرة ستفشل ما أن تبدأ بالتطبيق الفعلي، مثلما هو سلام العيد لا يجعله عيدًا ولا سلاما.

كنا نأمل أن تكون لدينا أحزاب ومكونات سياسية معارضة، تستطيع إرباك المشهد السياسي المتعفن الخاضع التابع، حتى إلى اللحظة التي بدأنا فيها نسمع بالمبادرة أو خارطة الطريق التي كانت ستعجل بالسلام حتى حين رد الحوثيين على حرب غزة ونشأت أزمة البحر الأحمر. إلى أن جاء رفض الحوثيين خارطة الطريق، لم نجد أي معارضة او رد فعل ينتشل الوضع داخليًا ويعجل لمعالجة الأزمات، وكما يمكن التوقع سلفًا فقد ألتزم جميعهم الصمت ولم يكلف أي حزب او مكون سياسي بالتواصل مع بعضه البعض، أو يبادر في التواصل مع الناس المطحونة(التي سيزداد طحنها وقهرها) ويقول لهم:” نستطيع معكم ومعكن بأن نبدأ في معالجة الأمور وإن كانت الصغيرة منها، حتى إذا جاء العيد يجد الناس أنفسهم( رجال ونساء) مهيأين نفسيًا وبكلُّ صدق ومحبة تلبية دعوة السلام عليكم وعلى غيركم.

هذه الدعوة لسلام العيد لم تكن لتطرح لو لم يتم أبعاد السياسة عن الدعوة إلى حين يتوفر على الأقل وقود للكهرباء، ولم تكن لتجد من يحملها على محمل الجد لو لم ترد الرئاسة إستعراض فرحتها في العيد بالألعاب البهلوانية( طابور طويل وتفتيش وفحص وثائق هوية وعبث ما بعده عبث)، وإظهار ضرورة وجوده مقابل فوضى القوى الاخرى التي كلُّ رئيس نائب رئيس فيها سيعمل دعوة مثلها، إنها الدعوة التي تأتي من خارج السياق وتقع خارج الزمن، ( حتى وإن كانت من الاعراف والبروتكول والمراسيم) فلا عيدنا عيد ولا سلامنا سلام.

 

 

المصدر: موقع حيروت الإخباري

إقرأ أيضاً:

الدعوة لترشيح رئيس للجمهورية

قال الفريق أول عبد الفتاح البرهان خلال لقاء مع صحفيين وفنانين ورياضيين في أم درمان يوم 19 يناير 2025م متحدثا عن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليه و مشروع ياسر العطا الشبابي قال (لم أكلف نفسي عناء قراءة نص القرار الأميركي، ولا أملك حسابا مصرفيا خارجيا أو عقارات، وحتى حسابي المحلي في بنك أم درمان الوطني يقتصر على صرف راتبي كأي ضابط في القوات المسلحة( و أضاف قائلا ( أجد نفسي مؤيدا فكرة مشروع شبابي واسع يتبلور حاليا، بتشجيع عضو مجلس السيادة ومساعده ياسر العطا، يهدف إلى تجاوز الأحزاب التقليدية وتأسيس فترة ما بعد الحرب، مؤكدا أن "الشعب السوداني يتعرض لمؤامرة من قوى سياسية عميلة للخارج) أن إشارة البرهان لمشروع الفريق أول ياسر العطا ليست عرضية بل هي حقيقية، و ليست فكرة جديدة يقال عنها، بعد الانتصارات التي حققها الجيش في كل من ولايات سنار و سنار ثم الخرطوم و الزحف لطرد الميليشيا من ولاية كردفان هي الباعث الحقيقي للفكرة.. رغم أن الفريق ياسر قدم المشروع قرابة السنة..
يوم الأحد 28 إبرايل 2024م كان قد قال مساعد القائد العام للجيش الفريق أول ياسر العطا خلال جولة تفقدية على المواقع المتقدمة للعمليات بأمدرمان قال ( إن القوات المسلحة ستتجاوز القوى السياسية بعد الانتصار و خلال مرحلة التأسيس( و أضاف قائلا ( سنعمل على فترة تأسيسية لعدة سنوات دون أي حاضنة سياسية) أن حديث العطا في إبريل كان بالونة أختبار للقوى السياسية لكي يعرف ما بجعبتها، و كانت قوى "الحرية و التغيير المركزي" ماتزال تراهن على نجاح انقلاب الميليشيا خاصة الجيش كان في حالة دفاع عن المناطق العسكرية.. حديث العطا لم يشغل القوى السياسية كثيرا.. في ذلك الوقت.. لذلك عدل العطا من رؤيته في أغسطس يوم 23 أغسطس قال في حوار أجرته معه عواطف أحمد عبد الله لتلفزيون السودان قال العطا (ليس لنا رغبة في الحكم نريد فقط أن نسلم البلاد أمنة مطمئنة لقيادات منتخبة.. أننا نتطلع بعد هزيمة الميليشيا إلي فترة أنتقالية قصيرة، يتم فيها إعادة التعمير و البناء لما خربته الميليشيا في الحرب، و صناعة الدستور الذي يتم التوافق عليه، ثم تجرى الانتخابات لكي نسلم المنتخبين السلطة.. و لكن لن نسلم البلاد إلي عملاء المخابرات الأجنبية الذين سوف تطاردهم العمالة مدى الحياة) هذه الرؤية مختلفة عن رؤيته في إبريل 2024م و أيضا القوى السياسية لم تفكر كثيرا في قول العطا..
في 10 سبتمبر 2024م عاد العطا لذات مقولته التي كان قد قالها في إبريل 2024م عند مخاطبته جنودًا من الجيش في منطقة المعاقيل العسكرية بولاية نهر النيل قال (إن القائد العام للجيش سيظل على رأس الدولة في فترة ما بعد وقف الحرب، ولن يتخلّى عن السلطة خلال الفترة الانتقالية، بل سيستمر فيها حتى إلى ما بعد 3 دورات انتخابية( و إشارة البرهان للإعلاميين و الفنانين لمشروع العطا في الحكم بعد وقف الحرب هو مشروع أشار إليه عدة مرات متتالية.. خاصة أن أغلبية الشعب السوداني عندها موقفا سالبا من الأحزاب السياسية التي تسببت في ضياع ثورتها، بعدم إدارتها للصراع بالصورة التي تجنب البلاد ويلات الحرب، بل كانت سببا مباشرا بمساندتها الانقلاب العسكري الذي قادته الميليشيا.. بعد استقبال الجماهير لمتحركات الجيش و ترديد شعار " جيش واحد شعب واحد" جعل البرهان يشير إلي مشروع العطا " مشروع شبابي واسع بديلا للأحزاب التقليدية" و هي فكرة سياسية حوارية.
الحقيقة أن الديمقراطية أعمدتها الأحزاب لكن للأسف أن الأحزاب السياسية السودانية تعاني من الضعف الفكري و التنظيمي .. و دلالة على ذلك أنها بعد ثورة ديسمبر؛ قدمت أضعف قيادات سياسية تمر على تاريخ السودان من الناحيتين قلة الخبرة و ضعف الثقافة الديمقراطية.. و شعور هذه القيادات بضعف قدراتها جعلها تميل للمصالح الشخصية في الاستحواذ على السلطة دون أن يكون لها رؤية للحكم، و وضح ضعفها السياسي عندما فقدت الشارع الذي كان يشكل لها توازن القوى.. الآن قيادات الجيش تراهن على نجاح فكرتها في الحكم على الشباب، و خاصة الذين حملوا معها السلاح و قاتلوا معها كتفا بكتف.. و هؤلاء بالفعل أن الحرب قد غيرت في وعيهم السياسي، و أصبح لهم تصورات مغايرة من خلال التلاحم العسكري الكبير.. الذي سوف يشكل أرضية صلبة للتربية الوطنية في البلاد..
هناك قيادات في عدد من القوى السياسية، و على رأسهم قيادات أتحادية عندهم فكرة. بعد وقف الحرب يجب الانتقال المباشر للشرعية الدستورية من خلال استفتاء شعبي لدستور 2005م الذي شاركت في وضعه أغلبية القوى السياسية، و بعد الاستفتاء يتم ترشيح رئيس للجمهورية.ز و هؤلاء سوف يتبنون " قائد الجيش" بعد أن يقدم استقالته من العسكرية و يكون مرشحهم لرئاسة الجمهورية، و إذا كان هناك من يريدون ترشيح آخرين الدستور يسمح بذلك.. بعد الانتقال للشرعية يدعو رئيس الجمهورية في الثلاثة شهور الأولي لعقد مؤتمر دستوري و لكن بعد إجراء انتخابات في مجالس الأحياء التي لا يجوز ترشيح أية شخص فوق الآربعين و النقابات و المجلس الأعلي للإدارات الأهلية و المجلس الأعلى للطرق الصوفية، و الحركات بعد ما تتحول إلي أحزاب سياسية إلي جانب الأحزاب المعروف تواجدها في الشارع السياسي، هؤلاء هم الذين يقدموا ممثلين لهم في المؤتمر الدستوري و تهييء الدولة لهم مكان الحوار و متطلباته و بعد الانتهاء من الدستور و متطلبات الحكم يقدم في اشتفتاء شعبي و يصبح ملزم التطبيق..
يكون رئيس الجمهورية حكومة من كفاءات يشهد لها بحسن الإدارة و الخبرة و النزاهة و الشفافية، و مجلس تشريعي تختاره لجان الأحياء في كل الأقليم " من الجنسين" و الانتخابات العامة بعد دورتين انتخابيتين للأحزاب السياسية، على أن لا يسمح لأي عضو الترشيح أكثر من دورتين فقط.. حتى تستطيع الأحزاب أن تمارس الديمقراطية ممارسة و ليست شعارات.. و نواصل السرد في توسيع الفكرة في المقالات القادمة.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • خبير سياسي: مصر تقف أمام حالة الفوضى التي تقودها إسرائيل في المنطقة «فيديو»
  • الزمالك يسابق الزمن لضم الإيفواري كاليب زادي
  • عاجل.. الخارجية الفلسطينية تدين التصريحات الإسرائيلية “العنصرية” التي طالبت بدولة فلسطينية على أراضي السعودية
  • الدعوة لترشيح رئيس للجمهورية
  • باحث سياسي: ترامب الرئيس الأكثر دعمًا لإسرائيل في تاريخ أمريكا
  • الدفاع الأوكرانية: 70% من الأسلحة والمعدات العسكرية تأتي من المساعدات الدولية
  • من اللمبجي إلى خياط الفرفوري.. كيف غيّر الزمن مِهن بغداد؟ (صور)
  • الرئيس اللبناني يؤكد ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها
  • حقيقة توجيه العراق الدعوة إلى الرئيس السوري للمشاركة في القمة العربية
  • الصيغة الوزارية التي اقترحها الرئيس المكلّف( بالاسماء)