نصر الدين طوبار.. مشروع غنائى تعثر مع «عبدالوهاب» بسبب الشاعر
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
ما يقرب من مائتى ابتهال قدمها الشيخ نصر الدين طوبار، تحتاج إلى إعادة نشر وترويج فى زمن عز فيه فن الابتهال بغياب رموزه ولم يبق إلا أصوات جديدة تكتب تاريخها.
وكان الموسيقار محمد عبدالوهاب قد سمعه فى إحدى مناسبات العزاء ونصحته أم كلثوم بدراسة الموسيقى وقد طلب «عبدالوهاب» من الشاعر محمود حسن إسماعيل أن يكتب قصائد دينية ليلحنها لنصر الدين طوبار لكن الشاعر لم يكتب، وكان نصر الدين طوبار قد قال إن الإنشاد يتطلب العلم بالثقافات الموسيقية وأن الإنشاد علم له أصول وقواعد وأنه حرص على الدراسة لتكون دراسته على أسس وقواعد.
وقال إنه يجيد العزف على العود وأن أم كلثوم تبهره فى ألحان الشيخ زكريا أحمد ورياض السنباطى وأنه كان يعنى أغانى عبدالوهاب بصوته، وقد ولد «طوبار» فى مدنية المنزلة بالدقهلية عام 1920، ودرس بالمدرسة الخديوية قبل أن يقوم والده بنقله إلى المدرسة الأولية ليتعلم اللغة العربية ويحفظ القرآن الكريم، وبعد أن أتم حفظه ذاع صيته فى مدن وقرى الدقهلية وكان الأعيان وقتها يحرصون على دعوته لإحياء الحفلات الدينية لتلاوة القرآن وإلقاء التواشيح، وخلال فترة وجيزة حقق شعبية كبيرة ثم تقدم لاختبارات الإذاعة وقد نصحه «الشجاعى» بأن يقول ابتهالات بمصاحبة الموسيقى، وكان نصر الدين طوبار قد أخفق فى امتحانات أو اختبارات الإذاعة ست مرات حتى نجح وواصل مشواره، وكان ينشد للجنود المصريين فى حرب أكتوبر 1973، حيث أنشد ابتهال «سبح بحمدك الصائمون»، و«انصر بفضلك يا مهيمن جيشنا» وقد استحسن كثيراً الرئيس محمد أنور السادات هذين الابتهالين وصحبه فى زيارته للقدس عام 1977، للابتهال فى المسجد الأقصى، وكان بصحبته من المشايخ الشيخ مصطفى إسماعيل وعبدالباسط عبدالصمد وكان يكبّر للعيد بنفسه ويردد بعده المصلون بالمسجد الأقصى.
وكان الشيح نصر الدين طوبار أول من أنشد بقاعة «ألبرت هول» الملكية بلندن خلال حفل أقامه المركز العالمى الإسلامى، واختير «طوبار» مشرفاً وقائداً لفرقة الإنشاد الدينى التابعة لأكاديمية الفنون بمصر.
وظل مسجد «الخازندارة» بشبرا يصدح بصوت الشيخ نصر الدين طوبار، من ابتهالاته «يا مالك الملك، يا مجيب السائلين، السيدة فاطمة الزهراء، غريب، يا سالكين إليه الدرب، يا من له فى يثرب، يا من ملكت قلوبنا، يا بارئ الكون، كل القلوب إلى الحبيب تميل، بحق طاعتك، هو الله، يا دار الحبيب، قد أدبا، حين يهدى الصبح إشراق سناه، يا مجيب السائلين، جل المنادى، بك أستجير».
ولا تزال أعماله فى حاجة لإعادة طرح وتدوير لتتعرف عليها أجيال فى أمس الحاجة إلى فن الابتهال العزيز.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نصر الدین طوبار
إقرأ أيضاً:
نجم العيوق
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ «قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوّقة.
والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم «العيوق» ولأن العرب تختار أسماء النجوم من مسميات بيئتها التي تعيش فـيها فقد اختارت لهذا النجم اسم «العيوق» ومعناه صغير الماعز، وهذا النظام النجمي يعد فـي المرتبة السادسة من حيث لمعانه فـي السماء، وهو ويقع فـي كوكبة ممسك الأعنة، وهي كوكبة بارزة فـي نصف الكرة الشمالي، وعادة العرب فـي القديم أن تقوم بتقسيم النجوم فـي كل ناحية من السماء والتي تقترب من بعضها البعض بتسميتها بالكوكبة، وفـي الحقيقة أن نجم العيوق هو ليس نجما مفردا، وإنما هو نظام نجمي يتكون من نجمين رئيسيين وكل نجم فـيهما يبلغ قطره 10 أضعاف قطر شمسنا، بالإضافة إلى نجمين قزمين، فهو عبارة عن أربعة نجوم تشكل هذا النظام النجمي الذي استدل عليه العرب قديما فـي معرفة الجهات فـي الصحراء وعند ركوبهم البحر.
ويبعد نجما العيوق الرئيسيان عن بعضهما البعض مسافة مائة مليون كيلومتر، ويكملان الدوران حول قطريهما فـي مدة تقدر بـ 104 أيام، بينما يبعد هذا النظام النجمي عن الأرض حوالي 42 سنة ضوئية ولذلك يعتبر من النجوم القريبة إلينا نسبيا، يقدر العمر الحالي لكلا النجمان بـ 500 مليون عام.
ولأن العرب فـي صحرائهم كانوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وكانوا يعتمدون على النجوم فـي دخول المواسم وخروجها، وهي دليلهم فـي رحلاتهم شتاء وصيفًا، فلم يكن نجم العيوق بمعزل عن أشعارهم، فنجد أكرم العرب الشاعر الجاهلي حاتم الطائي يذكر هذا النجم فـي مطلع قصيدته فـيقول:
وَعاذِلَةٍ هَبَّت بِلَيلٍ تَلومُني
وَقَد غابَ عَيّوقُ الثُرَيّا فَعَرَّدا
تَلومُ عَلى إِعطائِيَ المالَ ضِلَّةً
إِذا ضَنَّ بِالمالِ البَخيلُ وَصَرَّدا
حتى أن أحد أشهر قصائد الرثاء فـي الشعر العربي وهي القصيدة التي رثى بها الشاعر أبو ذؤيب الهذلي خمسة من أبنائه وهو شاعر مخضرم الذي عاش فـي الجاهلية والإسلام ومطلعها:
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
ويقول فـيها:
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ ال
ضُّرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
حتى فـي شعر الهجاء استخدم العرب هذا النجم، فنجد أن الشاعر الأموي البعيث المجاشعي يهجو الشاعر المشهور جرير بأبيات مقذعة ويذكر نجم العيوق فـي مطلع قصيدته فـيقول:
إذا طلع العيوق أول كوكب
كفى اللؤم عند النازحين جرير
كما استخدم العرب هذا النجم فـي قصائد المدح فنجد الشاعر العباسي أبو عثمان الخالدي يصف قلعة عالية ويمدح بانيها فـيقول:
وقَلْعَةٍ عَانَقَ العيُّوقُ سَافِلَها
وجَازَ مَنْطِقَةَ الجَوْزا أَعالِيها
لا تَعْرِفُ القَطْرَ إِذْ كَان الغَمامُ لَها
أَرْضًا تَوَطّأُ قطريه مَواشيها
وهذا الشاعر الشهير أبو تمام الطائي الذي عاش فـي العصر العباسي يمدح قوما بقصيدة ويذكر فـيها نجم العيوق فـيقول:
لَو خَرَّ سَيفٌ مِنَ العَيّوقِ مُنصَلِتًا
ما كانَ إِلّا عَلى هاماتِهِم يَقَعُ
إِذا هُم شَهِدوا الهَيجاءَ هاجَ بِهِم
تَغَطرُفٌ فـي وُجوهِ المَوتِ يَطَّلِعُ
وَأَنفُسٌ تَسَعُ الأَرضَ الفَضاءَ وَلا
يَرضَونَ أَو يُجشِموها فَوقَ ما تَسَعُ
ومن قصائد المدح فـي العصر العباسي التي ذكرت نجم العيوق قصيدة الشاعر بديع الزمان الهمذاني التي يقول فـيها:
لك يا عماد المشرقين وإنها
كالنجم دونك أو أعز منالا
فلئن سلبنك خاتميك لقد غدت
تاجًا عليك فهل نقصنك حالا
فليبلغ العيوق فصك وليكن
مثل الشقائق وليزن مثقالا