مخاطر متزايدة في الأفق... هل الانفجار حتمي؟!
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
ليس من المبالغة في شيء القول إن هذه الفترة وبشكل خاص الأيام الراهنة والقليلة القادمة، هي من الأيام التي تتسم بالخطورة، بل وإمكانية التدهور والتصعيد المتزايد والتدحرج إلى صراع مفتوح يمكن أن يمتد إلى «ساحات» ومعارك أوسع برغم حرص مختلف الأطراف -نظريا على الأقل- على عدم توسيع دائرة الصراع. وإذا كان «طوفان الأقصى» الذي أدخل إسرائيل في أطول وأسوأ مواجهة عسكرية، بل أخطر حرب تخوضها إسرائيل منذ إنشائها، وعلى نحو يحمل نذر تشقق وبداية تفكك إسرائيل الدولة والمجتمع وتأكيد فشل إكمالها مائة عام على إنشائها، فإن مظاهر الخطر الذي يخيم في أفق المنطقة تجاوزت الافتراضات النظرية وبدأت تتجسد بشكل أو بآخر في ممارسات وصيغ وخطط تترجم مطامح وتطلعات جيوبوليتيكية لقوى إقليمية لا تمانع في إعادة صياغة الأوضاع في المنطقة في صورة مغايرة للوضع الراهن وما كان قائما طالما سيصب ذلك في مصلحتها الوطنية في الحاضر والمستقبل في النهاية، بل وتدفع نحوه بكل السبل الممكنة وتسعى لامتلاك الأدوات والسياسات التي تساعدها في ذلك.
وإذا كان فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهداف نتانياهو فيما أسماه «الانتصار المطلق» على حماس، وهو ما يعني هزيمته -نتانياهو- عسكريا برغم الدمار والهمجية التي استخدمها في التعامل مع غزة على مدى الأشهر الستة الماضية هو في الواقع من أكثر أسباب إثارة حنق نتانياهو وحكومته المتطرفة وهو ما يدفع به نحو التخبط وارتكاب أخطاء عسكرية قد تزيد الطين بلة في ظل حالة الاستنفار العسكري ورفع حالة الطوارئ في كل من إيران وإسرائيل والقيادة العسكرية الأمريكية الوسطى في الشرق الأوسط تحسبا للتطورات بين إسرائيل وإيران.
من جانب آخر فإن أطرافا أخرى تدفع نحو خلط الأوراق وزيادة المخاطر في المنطقة منها على سبيل المثال عدم قدرة فتح وحماس على مداراة خلافاتهما السابقة والتراجع، أو بمعنى أدق انتكاس اتفاقاتهما المبدئية في موسكو في اجتماعهما الأخير، وعودة الاتهامات والتراشقات المسيئة بينهما من ناحية وظهور خلافات حادة بلغت حد التحريض من جانب حركة حماس ضد الدولة الأردنية لهز الأمن فيها بشكل أو بآخر من ناحية ثانية وهو ما حذرت منه الأردن بشدة لما يمكن أن يترتب عليه من أخطار لن تقف بالتأكيد عند حدود الأردن. خاصة في ظل الزيارة التي قام بها كل من إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة وقائد منظمة الجهاد الإسلامي الذي أكد على الدور الإيراني في «انتصار المقاومة في غزة»، ومعروف أن قائدي حماس والجهاد اجتمعا في إيران خلال زيارتهما لها قبل أيام!! ومع الوضع في الاعتبار تصاعد الهجمات البحرية من جانب جماعة أنصار الله في البحر الأحمر ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل وتصاعد الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية ضد أهداف أنصار الله في اليمن، وزيادة التورط من جانب حزب الله العراقي وجماعة النجباء العراقية في قصف قواعد أمريكية وأهداف إسرائيلية «دعما لغزة» فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية بدأت تؤثر بشكل أو بآخر على مواقف إدارة بايدن ضد إسرائيل وهو ما عبر عن نفسه في تصاعد الخلافات بين نتانياهو وبايدن حول خطة إسرائيل لاجتياح رفح وحول محادثات إطلاق سراح الرهائن وتلويح واشنطن بأن سياساتها حيال إسرائيل قد تشهد بعض التغيرات وفق سياسات نتانياهو على الأرض.
وفي ظل خلط الأوراق المتعمد من جانب نتانياهو وأطراف أخرى لشراء الوقت إلى ما بعد عيد الفطر المبارك فإن السؤال هو هل تهاجم إيرانُ إسرائيل ردا على قصف مجمعها الدبلوماسي في دمشق؟ ومتى ومن أي اتجاه؟ وماذا يمكن أن يترتب على ذلك إذا حدثت المواجهة التي لا يرغب فيها أطرافها المباشرة على الأقل؟ وفي هذا الإطار فإنه يمكن الإشارة باختصار شديد إلى عدد من الجوانب لعل من أهمها ما يلي:
أولا: إن التصعيد الإسرائيلي هو تصعيد محسوب ليس فقط للمأزق الذي يواجهه نتانياهو وحكومته المعرضة للتفكك، ولكن، أيضا، لممارسة مزيد من الضغط على بايدن في ظل الانتخابات الرئاسية القادمة وعدم قدرته على التخلي عن إسرائيل أو تغيير سياسة إسرائيل حيالها. وبينما أكدت طهران أن نتانياهو يهدف إلى جرّ إيران إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل بضرب المجمع الدبلوماسي في دمشق، وهو افتراض صحيح، خاصة أن المناخ العام في المنطقة قد يقلل من معارضة واشنطن لهذا التوجه أكثر من ذي قبل، فإن نتانياهو حرص على مناقشة الموقف واحتمالاته مع بايدن في الاتصال الأخير «المتوتر والصعب بينهما» يوم الرابع من أبريل الجاري. على أنه من الأهمية بمكان أنه برغم الخلافات بين بايدن ونتانياهو إلا أن ذلك لا يؤثر على الالتزام الأمريكي بدعم إسرائيل خاصة في مواجهة إيران. وبعد الاتصال بين نتانياهو وبايدن قالت واشنطن إنها «تدعم إسرائيل بشكل كامل في مواجهة التهديدات من جانب إيران» وبالرغم من قيام إسرائيل برفع حالة الطوارئ واستدعاء الاحتياطي من جنود الدفاع الجوي وإلغاء الإجازات في الجيش الإسرائيلي تحسبا لرد إيراني على هجوم دمشق، فإنها تحتاج في النهاية إلى التنسيق مع واشنطن التي أبلغتها مسبقا بالهجوم الذي قامت به ضد المجمع الإيراني ومن شأن ذلك أن يزيد من خطورة إقدام نتانياهو على مزيد من التصعيد والتعلل بأي سبب ولو ضعيف لشن حرب يرى فيها غطاء لمأزقه الداخلي الذي يضغط عليه بشدة خاصة أنه لا يشك في أن واشنطن لن تقف معه بقوة.
ثانيا: إنه برغم الخلافات بين واشنطن وطهران وبرغم إدراك واشنطن للدور الإيراني في تشجيع جماعة أنصار الله وفي توجيه الصواريخ البالستية أو بعضها بواسطة خبراء الحرس الثوري في اليمن، فإن واشنطن لا ترغب في التصعيد بين إسرائيل وإيران خاصة أن نتانياهو أظهر قدرا من الرغبة في توجيه الموقف الإسرائيلي حسبما يريد سواء في غزة أو رفح أو حتى بالنسبة لإيران وهو ما يثير قلقه وهو ما دفع واشنطن إلى زيادة تحذيرها لنتانياهو خاصة في الظروف الراهنة، ولكن نتانياهو لا يرى سوى مصالحه الذاتية والتي يرى مصالح إسرائيل من خلالها وفي مواجهة الجميع.
ثالثا: إنه من المؤكد أن تطاول إسرائيل ضد مجمع إيران في دمشق أحرج طهران داخليا وإقليميا ودوليا، وبالرغم من قيام إسرائيل باستهداف منشآت إيرانية داخل إيران واغتيالها قيادات عسكرية رفيعة تعمل في سوريا فإن قصف المجمع الإيراني في سوريا سيدفع إيران على الأرجح إلى العمل على ردع إسرائيل بشكل أو بآخر، وهو ما عبّرت عنه التصريحات الإيرانية العسكرية والسياسية رفيعة المستوى، وبالرغم من أن المخابرات الأمريكية توقعت رد إيران ضد إسرائيل مع نهاية شهر رمضان فإن إيران لا تحبذ المواجهة المباشرة مع إسرائيل ومن خلفها أمريكا. ومن خلال «مبدأ الصبر الاستراتيجي الإيراني» وقدرة طهران على صياغة رد فعلها على النحو الذي يحقق مصالحها الوطنية حسبما تراها هي، فإنها ستفوت الفرصة على إسرائيل لجرها إلى مواجهة وستدخر على الأرجح موعد وظروف ذلك إلى وقت تحدده هي بعقل بارد، وقد يكون البديل تحريك بعض الميليشيات لشن هجمات محسوبة ومسيطر عليها ضد إسرائيل ووقفها قبل أن تتفاقم أو تخرج عن السيطرة، وهذا خيار يمكن أن يساعد على تبنّيه وصول مفاوضات التهدئة في غزة إلى نتائج إيجابية قد تسهم مختلف الأطراف في صنعها تجنبا لمخاطر حريق آخر في المنطقة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحرس الثوری الإیرانی فی فی المنطقة فی مواجهة فی سوریا من جانب فی دمشق یمکن أن فی غزة وهو ما
إقرأ أيضاً:
واشنطن تدعم إسرائيل بعد قصفها الضاحية وتطالب بنزع سلاح حزب الله
أعلنت الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل بعد قصفها ضاحية بيروت الجنوبية لأول مرة منذ أشهر بذريعة الرد على إطلاق صاروخين من جنوبي لبنان، على الرغم من نفي حزب الله مسؤوليته عن الإطلاق.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس إن من "حق" إسرائيل الرد في لبنان على إطلاق من سمتهم إرهابيين صواريخ نحوها.
وأضافت بروس أن على الحكومة اللبنانية مسؤولية نزع سلاح حزب الله وما وصفتها بالمنظمات الإرهابية لمنع هجمات مشابهة في المستقبل.
وكانت مقاتلات إسرائيلية قصفت أمس الجمعة مبنى في الضاحية الجنوبية للمرة الأولى منذ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأسفر القصف الجوي عن مصابين وأضرار مادية، وأدى لإغلاق مدارس وصعوبة في حركة السير، وتحدث الجيش الإسرائيلي عن استهداف منشأة لتخزين الطائرات المسيّرة تابعة لحزب الله بالضاحية الجنوبية.
وجاءت الغارات الإسرائيلية بعيد إطلاق صاروخين على مستوطنة كريات شمونة، وسبقها قصف إسرائيلي على قريتين في الجنوب اللبناني أوقع 5 قتلى وجرحى.
وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمزيد التصعيد مع لبنان، وقال إن إسرائيل لن تسمح بأي إطلاق نار على بلداتها مهما كان وستواصل فرض وقف إطلاق النار بالقوة ومهاجمة أي مكان في لبنان يهدد أراضيها.
إعلانوأضاف نتنياهو في منشور على منصة إكس أن "على من لم يستوعب الوضع الجديد في لبنان أن يدرك ذلك ويفهمَ التصميم الإسرائيلي من خلال ما حدث"، مضيفا أن "المعادلة تغيرت وأن إسرائيل لن تسمح بأي إطلاق نار على بلداتها مهما كان".
في المقابل، نفى حزب الله أي علاقة له بإطلاق الصواريح باتجاه الجليل الأعلى، وأكد التزامه بوقف إطلاق النار، متهما إسرائيل بافتعال ذرائع مشبوهة لاستمرار العدوان على لبنان.
دعم سياسي وعقوبات
في غضون ذلك، قال موقع أكسيوس الإخباري إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعربت عن دعمها لرد إسرائيل على إطلاق الصواريخ من لبنان، وأكدت أنه يتعين على الحكومة اللبنانية منع الخروقات.
ونقل الموقع عن مورغان أورتيغوس نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط قولها إن إسرائيل تدافع عن مواطنيها ومصالحها عندما ترد على هجمات صاروخية يشنها من وصفتهم بالإرهابيين من لبنان.
وأضافت أورتيغوس أن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن نزع سلاح حزب الله وجميع الجماعات الإرهابية الأخرى، وأن واشنطن تتوقع من الجيش اللبناني أن يمنع أي هجمات إضافية.
كما نقل أكسيوس عن مسؤول أميركي رفيع أن نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط أجرت محادثات صعبة مع المسؤولين اللبنانيين، وأكدت أن خرق وقف إطلاق النار جاء من الجانب اللبناني وليس من إسرائيل.
وذكر الموقع أن أورتيغوس أجرت أيضا محادثات مع مسؤولين إسرائيليين، وأكدت دعم بلادها لإسرائيل لكنها أشارت إلى أن واشنطن تسعى لتجنب تصعيد إضافي على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
وفي خطوة متزامنة، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة تستهدف 5 أشخاص و3 كيانات على صلة بحزب الله.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية استمرار واشنطن في زعزعة المنظومة المالية التي بناها حزب الله لحرمانه من الأموال أو استخدام النظام المالي الدولي.
إعلان
شمال الليطاني
وقد أعلن الجيش اللبناني أنه تمكن من تحديد موقع إطلاق الصواريخ في منطقة "قَعقعية الجسر" شمال نهر الليطاني، مشيرا إلى أن إسرائيل صعّدت اعتداءاتها على لبنان متذرعةً بإطلاق الصاروخين.
وقال إن الجيش الإسرائيلي استهدف مناطق في الجنوب وصولا إلى بيروت في انتهاك متكرر لسيادة لبنان وخرق لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد الجيش اللبناني أنه مستمر في اتخاذ التدابير اللازمة ومواكبة التطورات عند الحدود الجنوبية بغية ضبط الوضع.
وفي السياق، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني لبناني أن موقع الإطلاق يبعد 15 مترا فقط من نهر الليطاني، الذي كان من المقرر أن ينسحب حزب الله إلى شماله بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
ومن باريس، قال الرئيس اللبناني جوزيف عون إن قصف إسرائيل للضاحية الجنوبية هو استمرار لخروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار.
وناشد عون خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أصدقاء لبنان في باريس وواشنطن التدخل لمساعدة بلاده على تطبيق القرارات التي تحفظ لها استقرارها، مشيرا الى انتشار الجيش في جنوب البلاد وقيامه بمهامه هناك.
وبشأن الصواريخ التي أطلقت باتجاه إسرائيل، قال الرئيس اللبناني إن حزب الله لم يقدم على إطلاق هذه الصواريخ، مشيرا إلى صعوبة التحقق من هوية مطلقها.
من جهته، قال الرئيس ماكرون إن الغارات الإسرائيلية على بيروت غير مقبولة.
وأضاف أنه ليس لدى فرنسا أي معلومات ولا أدلة عن مسؤولية حزب الله عن إطلاق الصواريخ لتبرير الضربات الإسرائيلية، وأوضح أنه سيتصل بالرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لبحث هذا الموضوع.