متشددون ومرتزقة.. هل يُخرج المقاتلون الجدد أزمة السودان عن السيطرة؟
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
مع اقتراب الحرب في السودان من إكمال عامها الأول، اتسعت دائرة المعارك بصورة غير مسبوقة، ودخلت تشكيلات قتالية جديدة على خط القتال، بينما يخطط الوسطاء لاستئناف المحادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع في جدة بالسعودية.
وأعلنت بعض الحركات المسلحة الدارفورية انخراطها رسميا في القتال إلى جانب الجيش السوداني، في مواجهة قوات الدعم السريع التي تجد السند أيضا من تشكيلات مسلحة أخرى دخلت على خط الصراع.
ونفذ الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه، مطلع الأسبوع الحالي، أول محاولة لاستعادة السيطرة على ولاية الجزيرة بوسط السودان من قبضة قوات الدعم السريع التي استولت عليها في ديسمبر الماضي.
تطورات ميدانيةويرى خبراء ومختصون أن دخول تشكيلات وحركات مسلحة إلى دائرة الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، سيؤثر على سير العمليات القتالية، وعلى خريطة السيطرة الميدانية، لكنه في المقابل ربما يطيل أمد الحرب.
ويشير القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، شريف محمد عثمان، إلى أن تعدد المجموعات المتقاتلة سيقود السودان إلى مربع الحرب الأهلية، خاصة في ظل التباينات في الخطاب السياسي وفي ظل انتماء كثير من التشكيلات إلى مكونات قبلية محددة".
وقال عثمان لموقع الحرة، إن "كثيرا من التشكيلات التي انضمت للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع يبدو أنها لا تأتمر بإمرة غرفة القيادة والسيطرة الموحدة، وكذلك الحال بالنسبة للتشكيلات التي تقاتل إلى جانب الجيش".
ولفت إلى أن "بعض الحركات والتشكيلات التي تقاتل إلى جانب الطرفين لها أجندة وأهداف تختلف عن أجندة الطرف الذي تسانده، كما أن بعضها له علاقات خارجية مع جهات ودول خارجية، ما قد يضع السودان أمام خطر التمزق".
وأشار القيادي في تنسيقية "تقدم" إلى أن "بعض المجموعات السودانية التي كانت تشارك في حروب خارجية بأمر نظام الرئيس السابق، عمر البشير، عادت الآن من شمال تشاد ومن ليبيا ومن دولة جنوب السودان، ودخلت إلى دائرة القتال في السودان".
وخلال الأيام الأولى لاندلاع القتال، نشرت منصات إعلامية تابعة للجيش فيديو يظهر فيه من قالت إنه قائد "حركة مظلوم" التشادية، حسين الأمين جوجو، وهو يقاتل في صفوف قوات الدعم السريع في الخرطوم.
وبعدها ظهر قائد ميداني يدعى "جلحة"، انضم بقواته إلى صفوف الدعم السريع. ودائما ما يعرّف "جلحة"، في مقاطع الفيديو التي يظهر فيها، نفسه بأنه قائد حركة "شجعان كردفان"، بينما أشارت تقارير إعلامية إلى أنه كان ضمن القوات التي تقاتل في ليبيا.
ويتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بالاستعانة بمسلحين من دول أجنبية، مثل النيجر وتشاد وغيرها، وهو حديث جرى كثيرا على لسان قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ومساعده الفريق، ياسر العطا.
ويرى الخبير الاستراتيجي، أمين إسماعيل، أن "انضمام الحركات الدارفورية المسلحة للقتال إلى جانب الجيش، سيعزز موقفه على الميدان، وسيمكنه من تحقيق مزيد من الانتصارات ضد قوات الدعم السريع".
وقال إسماعيل لموقع الحرة، إن "دخول الحركات الدارفورية إلى ساحات المعارك سيعين الجيش في زيادة كثافة النيران وأعداد المقاتلين والمجاميع والعربات القتالية".
لكنه شدد على ضرورة أن "تخضع تلك الحركات المسلحة إلى غرفة القيادة والسيطرة التابعة للجيش، حتى لا يتعدد القرار القتالي ويخلق مشكلات على أرض الميدان".
وفي الأسبوع الماضي، أعلن حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، أن قواته ستحارب إلى جانب الجيش السوداني "لاستعادة البلاد وبيوت المواطنين من قوات الدعم السريع".
وجاءت تعهدات مناوي عقب إعلان وزير المالية، رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، عن تحرك قواته من ولاية كسلا بشرق السودان، إلى ولاية الجزيرة بوسط السودان، "لطرد قوات الدعم السريع من الولاية".
وكذلك جاءت عقب حديث رئيس حركة تحرير السودان، مصطفى طمبور، عن تحرك قواته من مدينة القضارف بشرق البلاد، إلى ولاية الجزيرة للقتال إلى جانب الجيش.
ويقود مناوي وجبريل وطمبور حركات مسلحة نشأت في إقليم دارفور، قاتلت نظام الرئيس السابق عمر البشير، قبل أن توقع عام 2020 اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية التي أعقبت سقوط البشير.
وكانت الحركات الثلاث أعلنت، في نوفمبر الماضي، انضمامها للقتال في صفوف الجيش السوداني، وأكدت تخليها عن موقف الحياد الذي كانت ترفعه خلال الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.
الحل السلميتعدد أطراف القتال في السودان من شأنه أن يعرقل مساع الحل السلمي التي تقودها مجموعة من الدول والمنظمات الإقليمية، لإنهاء أزمة السودان، إذ يمكن أن تطالب بعض التشكيلات بنصيبها في التفاوض، برأي مختصين وتنظيمات سياسية.
ويشير عثمان إلى أن "تعدد التشكيلات المتقاتلة سيقود السودان إلى ما ظلت تحذر منه القوى المدينة، بخصوص دخول أطراف إقليمية ودولية لها أجندة وأطماع في موارد البلاد، مما سيعقد فرص إنهاء الأزمة السودانية".
ولفت إلى أن "المجموعات العسكرية التابعة لنظام الرئيس السابق، عمر البشير، والتي تقاتل إلى جانب الجيش حاليا، ترفض التفاوض، ولها أجندة متعلقة بالعمل لإعادة النظام السابق إلى السلطة، وهي أجندة مغايرة لما يطرحها قادة بالجيش، عن ضرورة التفاوض المشروط".
وخلال الحرب، ظهرت تشكيلات مسلحة تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، مثل كتيبة "البراء بن مالك" التي يقودها المصباح أبو زيد.
وأثير جدل واسع بشأن تلك الكتيبة، إذ يربط سياسيون وناشطون بينها وبين الحركة الإسلامية في السودان.
ويشير أبو زيد في صفحته على موقع فيسبوك إلى أن عناصر "البراء بن مالك": "تلقوا تدريبهم بواسطة الجيش السوداني، وفي ظل دستوره وقانونه".
وسبق أن زار البرهان قائد كتيبة "البراء بين مالك"، المصباح أبو زيد، في المستشفى، حين كان يتلقى العلاج من إصابته في القتال إلى جانب الجيش السوداني، ما أعاد الجدل بشأن علاقة الحركة الإسلامية بالجيش.
وكان مساعد القائد العام للجيش، ياسر العطا قال خلال خطاب أمام عدد من المقاتلين، في يناير الماضي، "الحق يجب أن يُقال، هناك مجموعات كبيرة من الإسلاميين تقاتل معنا، وهناك شباب من مجموعة غاضبون وغيرها".
ويرى المحلل السياسي، عز الدين المنصور، أن "أزمة السودان خرجت عن السيطرة بسبب تعدد الأطراف المتقاتلة"، مشيرا إلى أن "التجارب في المحيط الإقليمي تدلل على أن تعدد البنادق المتحاربة يصعّب فرص الحل السلمي للحروب".
وقال المنصور لموقع الحرة، إن "السودان شهد حربا واسعة في دارفور في عام 2003، من خلال تمرد قادته حركتان، ولكن نظام البشير بدلا من السعي لحل الأزمة في طورها الأول عبر التفاوض، نفذ حملة عسكرية ضارية ضد الحركتين، ما أغرى مجموعات أخرى لتشكيل حركات جديدة من منطلقات إثنية وقبلية".
ولفت إلى أن "عدد الحركات في دارفور تجاوز الأربعين حركة مسلحة، ما أغلق الطريق أمام الحل السلمي، إذ لا تزال الحرب ومخلفاتها وتداعيتها مستمرة لأكثر من 20 عاما في دارفور، حتى بعد سقوط نظام البشير".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الخطر من تعدد الأطراف المتقاتلة سيظهر عند الوصول إلى مرحلة اقتسام السلطة، إذ من الراجح أن يتقاتل حلفاء اليوم في الغد، بسبب الأطماع الشخصية والبحث عن نصيبهم في الكيكة".
وأضاف "أزمة السودان لم تتوقف عند ظهور حركات تمارس الارتزاق، إذ ظهرت عناصر متشددة تمارس قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث، وهذا من شأنه أن يولد درجة من الغبن تغلق الطريق كليا أمام فرص الحل السلمي".
وخلال الأيام الأولى للحرب، أعلن قائد قوات "درع السودان"، أبو عاقلة كيكل، انضمامه إلى قوات الدعم السريع، وأصبح أحد قادتها المؤثرين.
وقاد كيكل في ديسمبر الماضي، معركة الاستيلاء على مدينة ود مدني الاستراتيجية في ولاية الجزيرة بوسط السودان، ليصدر حميدتي قرارا بتعيينه حاكما للولاية، بعد سيطرة قواته عليها.
وظهر كيكل لأول مرة في ديسمبر 2022 مرتديا زي الجيش السوداني، معلنا عن تكوين قوات "درع السودان"، كحركة للمطالبة بحقوق أهل وسط السودان، بينما شاع وقتها أن الحركة وثيقة الصلة باستخبارات الجيش السوداني، قبل أن يعلن قائدها انضمامه رسمياً إلى الدعم السريع.
وكشفت تقارير أخرى أن حركة "تمازج"، وهي إحدى الحركات الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة السودانية، تشارك في القتال ضمن صفوف قوات الدعم السريع.
ويشير إسماعيل إلى أن "الحرب لم تعد محصورة بين الجيش والدعم السريع، ما يعني أن بعض التشكيلات التي تقاتل إلى جانب الطرفين، سترفض المسار السلمي التفاوضي لإنهاء الأزمة، خاصة المستفيدون من استمرار الحرب، أو الذين يقاتلون من أجل الغنائم والارتزاق".
ولفت إلى أن "بعض الأطراف قد تطالب بعدم حصر التفاوض على الجيش وقوات الدعم السريع، الأمر الذي يمكن أن يعرقل الحلول التفاوضية، خاصة أن ساحات المعارك تشهد باستمرار ظهور مجموعات مسلحة جديدة".
ومؤخرا، ظهر أحد قادة المجموعات المسلحة، يدعى رضوان أبو قرون، في مقطع معلنا انضمام حركته إلى القتال بجانب الجيش السوداني، قبل أن يظهر لاحقا وهو يشرف على عمليات تدريب شبان ينتوون القتال في صفوف الجيش.
وكان المبعوث الأميركي للسودان، توم بيرييلو، أعلن الأسبوع الماضي، أن "الولايات المتحدة تتطلع إلى استئناف محادثات السلام بشأن السودان في السعودية في 18 أبريل المقبل".
وتوقفت المفاوضات بين الجيش والدعم السريع منذ 20 يناير الماضي، بعد انهيار اجتماعات ومحادثات غير معلنة، جرت في العاصمة البحرينية، المنامة، وشارك فيها نائب قائد الجيش، شمس الدين كباشي، ونائب قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو.
ووفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش والدعم السريع إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وأجبر أكثر من 7 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.
وقالت وكالات الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان، أي حوالي 25 مليون شخص، يحتاجون إلى الدعم والحماية، من جراء تداعيات الحرب التي تدور في عدد من أنحاء البلاد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش وقوات الدعم السریع إلى جانب الجیش السودانی قوات الدعم السریع للقتال إلى جانب ولایة الجزیرة الرئیس السابق أزمة السودان الحل السلمی عمر البشیر فی السودان بین الجیش
إقرأ أيضاً:
كيانات سياسية و مسلحة توقع مع الدعم السريع على الميثاق السياسي للحكومة الموازية في السودان
وقعت كيانات سياسية ومسلحة بجانب «قوات الدعم السريع» ليل أمس في العاصمة الكينية نيروبي، ميثاقاً تأسيسياً لتشكيل حكومة موازية في السودان.
نيروبي ــ التغيير
وتمت مراسم التوقيع على في مناطق سيطرة الدعم السريع في العاصمة الكينية نيروبي وسط تعتيم إعلامي وإجراءات أمنية مشددة.
وقال مصدر مقرب من منظمي المراسم، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن التوقيع تم. كما أكد المشاركون توقيع الميثاق الذي سيمهِّد الطريق أمام «حكومة سلام ووحدة» في المناطق التي يسيطر عليها «الدعم السريع» في السودان.
وأطلقت المجموعات التي أعلنت مشاركتها في الإطار الموازي الجديد على نفسها اسم «تحالف السودان التأسيسي»، لتكوين «حكومة السلام والوحدة». ومن شأن هذا الإعلان السياسي أن يحدد الملامح العامة للسلطة، التي من المقرر إعلانها من الخرطوم، وفقاً لتصريحات سابقة من المشاركين.
ووقع على الميثاق رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، وقائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، ونائب رئيس الحركة الشعبية ــ شمال جوزيف توكا.
وضم التحالف، الذي كان جزءاً من «تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية»؛ («تقدّم» سابقاً) قبل فك الارتباط بالمجموعة الرافضة للحكومة «حركة العدل والمساواة»، «جناحَ سليمان صندل – تجمع قوى تحرير السودان»، بقيادة الطاهر حجر، بالإضافة إلى «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي»، بزعامة الهادي إدريس، و«قوات الدعم السريع»، وعدد من القوى السياسية والمدنية وزعماء الإدارات المدنية.
كما وقع عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي على الميثاق التأسيسي ممثلًا للشخصيات المستقلة، وعلاء الدين نقد ممثلًا لتنسيقية النقابات والمهنيين، إضافة إلى ممثل مؤتمر البجا المعارض أسامة سعيد، وممثل حزب الأسود الحرة مبروك مبارك سليم، ورئيس حركة تحرير السودان ــ الثورة الثانية أبو القاسم إمام.
وقبل أشهر، نشبت خلافات داخل «تنسيقية تقدم»، وخرجت إلى العلن، بعدما تبنَّت فصائل مسلحة وقوى سياسية موقفاً واضحاً بتشكيل حكومة موازية في المناطق التي تخضع لسيطرة «الدعم السريع».
وأُجّل التوقيع مرات عدة، وجرى أخيراً خلف أبواب مغلقة في العاصمة الكينية.
ومن بين الموقعين فصيل من «الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال» بقيادة عبد العزيز الحلو، التي تسيطر على أجزاء من ولايتَي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
ووقّع عبد الرحيم دقلو، نائب وشقيق قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي غاب بشكل ملحوظ، عن حميدتي.
ويدعو الميثاق، الذي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى «تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، قائمة على الحرية والمساواة والعدالة، وغير منحازة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية أو جهوية».
وتحدث أيضاً عن تأسيس «جيش وطني جديد وموحد ومهني وقومي بعقيدة عسكرية جديدة، على أن يعكس التعدد والتنوع اللذين تتسم بهما الدولة السودانية».
وتهدف هذه الحكومة، وفق الميثاق، إلى إنهاء الحرب وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، والحفاظ على وحدة السودان.
ومنذ أبريل 2023، تسببت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» بالسودان في مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليون شخص، وفي أكبر أزمة إنسانية بالعالم.
الوسومالحكومة الموازية الدعم السريع الميثاق السياسي نيروبي