ساعات تفصلنا عن عيد الفطر المبارك، ليأتى علينا هذا العام ليس كسابقه على الأمتين الإسلامية والعربية محمل بالشتات والتمزق والقهر، حيث تحول الوطن الأكبر إلى وهن وضعف وقلة حيلة وهوان، هانت علينا أنفسنا وضاعت النخوة، فهنا على العالم الذى لا يعرف إلا مبدأ القوة، وتكالبت علينا الأمم.
لم يشهد تاريخ المسلمين حالات ضعف مثل تلك التى نعيشها الآن، فقد شهدت الخلافة الإسلامية تحت مظلة الإسلام حقبا تاريخية تغطى معظم العصور الوسيطة على مساحة جغرافية واسعة، تمتد من حدود الصين إلى غرب آسيا وشمال أفريقيا وصولا إلى الأندلس منذ تأسيس الدولة الإسلامية فى المدينة المنورة على يد النبى المصطفى محمد -صل الله عليه وسلم- مرورا بالدولة الأموية فى دمشق إلى الدولة العباسية ثم الفاطميين فى مصر والأيوبيين والمماليك فى الشام، ثم سيطرة الدولة العثمانية آخر الإمبراطوريات التى كانت تحكم باسم الإسلام.
وعقب انتهاء العهود الإسلامية انقض الغرب الاستعمارى يهيمن على العالم الإسلامى ويقسمه إلى دويلات متفرقة متناحرة، حتى وصلنا إلى ما لا يحمد عقباه.
وتاريخيا.. العالم الإسلامى مر بمرحلة كانت الأسوأ فى أواخر الخلافة العباسية، حيث ظهر التتار بقيادة جنكيز خان، وفعل التتار ما لا يمكن وصفه مع المسلمين وبعدهم الصليبيون.
وما أشبه الليلة بالبارحة، لقد ضاق الحال على أمتنا كما حدث عند ظهور التتار، حيث أنقذ الله الأمة على يد العز بن عبدالسلام، والقائد سيف الدين قطز، والآن وجب علينا التكتل والتوحد لنعيد للأمة شبابها من جديد.
بنظرة سريعة على حال أمتنا الآن، نكتشف الوضع المزري:
* اليمن.. ضاعت دولته العفية فى ظل الصراعات الداخلية والحرب الشاملة التى تعرض لها لمدة 8 سنوات دمرت الوطن واهدرت خيراته وحولته إلى مرتع للجماعات الإرهابية.
الوطن العربى كله أصبحت حدوده ملتهبة وقابلة للانفجار فى أى وقت وتهدده الأخطار من كل جانب ويتربص به المستعمرين الجدد، تتار العصر الحديث وما يحدث فى باب المندب يستدعى اليقظة والانتباه.
باختصار.. عروبتنا فى خطر وبأس شديد ينذر بكوارث وأزمات لا قبل لنا بها، وعلى الرغم من أن الوطن العربى يمتلك من الخيرات والعدة والعتاد ومقومات النهوض ما يجعله يسود العالم أجمع، إلا أن الفرقة وبحور الدماء كالبت علينا الأفاعى والحيتان فى محاولات مستمرة لتنفيذ خارطة الشرق الأوسط الجديد، فى ظل التخاذل العربى الذى أوصلنا إلى ما نحن فيه من تشتت وضياع.
تبقى كلمة.. يأتى علينا عيد الفطر المبارك وقد ضاعت الضحكة، وغابت الابتسامة وتنتابنا حالة من القلق والهلع فى ظل تلك الفوضى الخلاقة التى تعصف بعالمنا العربى من المحيط إلى الخليج، نظرا للأوضاع المتردية التى أصابت البلاد والعباد.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار الحرب الأهلية المدينة المنورة
إقرأ أيضاً:
المفتي طالب: لنخرج من دائرة التصنيف الذاتي
دعا المفتي الجعفري الشيخ أحمد طالب، في بيان، الى "النهوض بالدولة على المستويات الادارية والاقتصادية والاجتماعية كافة وصولاً الى تحقيق الاستقرار السياسي الذي انتظره اللبنانيون طويلا".
وأشار إلى أن "على جميع الأطراف الداخلية أن تستغل هذه السانحة ولا تفوّت هذه الفرصة أو أن تتباطأ في الوقت، وخصوصاً مع الاندفاعة العربية تجاه لبنان والمناخ الدولي المساعد، على الرغم من استمرار العدو في اعتداءاته وخروقاته محاولاً الاستفادة الى أبعد الحدود من الوقت الذي يعتبره متاحاً امامه قبل استكمال تشكيل حكومة فاعلة وبداية العمل الجدي لملء الفراغ الاداري والسياسي في لبنان بالاضافة الى بعض الظروف المساعدة له من الادارة الاميركية الجديدة".
ودعا الى "الاستثمار السريع في عناصر الثقة الداخلية الناشئة من توّفر القيادات التي تتمتّع بالمقوّمات الكبيرة التي تشكّل مسارات أمان واطمئنان لدى الناس من خلال الشفافية والنزاهة والتاريخ، الذي لا يحمل أية أعباء من الحساسية والانفعال او العصبية او الدخول في المتاهات الطائفية او السياسية او المنافع الذاتية، وعلى رأس هؤلاء جميعا رئيس الجمهورية الذي يمثّل قيمة كبرى وشخصية تحظى بتقدير واحترام وثقة اللبنانيين التوّاقين للإنتقال بالبلد الى مرحلة الدولة القوية العادلة التي تحظى فيها كل المكوّنات بحقوقها تحت سقف القانون، كما أن إصرار رئيس الحكومة المكلّف على الاستفادة من كل هذه العناصر واختيار شخصيات كفؤة ولها صدقيتها واستقلاليتها يمثّل استكمالا طبيعيا لعناصر النجاح التي ينتظر اللبنانيون استكمالها على المستويات كافة".
وختم طالب مؤكدا أن "الأثمان الكبيرة التي دفعها ويدفعها لبنان جرّاء الحرب الاسرائيلية واستمرار العدوان عليه بطريقة وبأخرى لا يمكن الخروج من تحت دائرة الخطر المتمثّلة فيها الا بوحدة لبنانية جامعة مانعة تخرج فيها الناس من دائرة التصنيف الذاتي بين رابح وخاسر في هذه التشكيلة او عملية الانتقاء للعناصر المؤهلة لخدمة الوطن من الاطار المذهبي او الطائفي او السياسي الخاص الى الفضاء الوطني العام ومصلحة الدولة، وسط كل هذه المتغيرات التي تتوالى في المحيط، فليس هناك من خاسر ورابح في عملية الانصهار الوطني للنهوض بالبلد والكل يربح عندما ننتهي من الاحتلال وتسير الدولة على السكّة الصحيحة وينطلق قطار الاعمار والنهوض والاصلاح محمّلاً بتأييداللبنانيين الذين سيمحضونه المزيد من الثقة ويساعدونه في الاندفاع حتى يبلغ الوطن محطة الأمان والسلام والاستقرار".