لم يكن برلمانيًا عابرًا وإنما نموذجًا متميزًا لنائب البرلمان المدرك لدوره الواثق فى قدراته المتمكن فى أداءه السياسى، وفوق ذلك إدارى ناجح لجلسات البرلمان، حيث كان يعطى لكل نائب حقه من المعارضة أو الأغلبية دون أن يخل بتوازن المنصة التى اعتلاها 21 عاما، حتى صار الأقدم بين أقرانه فى رئاسة المجالس النيابية.
عرفته عن قرب فى الفترة من (2004 وحتى 2011) خلفا لعمى المرحوم أبوبكر الباسل، رئيس لجنة الزراعة والرى، وعقب أداء اليمين بثلاثة أيام تقدمت ببيان عاجل فأفرد لى مساحة من وقت المجلس فورًا لخطورة الواقعة، التى كانت تتعلق بتركيب دعامة لمريض بطريق الخطأ مما أدت إلى وفاته، بمستشفى عين شمس التخصصى وأخذت أكثر من وقتى فى عرض البيان حتى انتهى الأمر بإحالته إلى لجنة الصحة فى حضور الوزير المسئول، وتم إقالة مدير المستشفى وصرف تعويض للمتوفى رغم أننا كنا من نواب الأغلبية، ولم نتوانى عن خدش حياء الحكومة باحترام. لم يفعل ذلك الدكتور سرور مع نواب الأغلبية فقط، ولكنه كان الأكثر مداعبة وانحيازه لنواب المعارضة حتى صنع منهم نجوما ساطعة تحت قبة البرلمان، بإعطائهم الكلمات فى حينها، وعندما كنا نعترض كممثلين للأغلبية ونطالب بدورنا فى الكلمات لكثرة عددنا، كان يردد كلمته الشهيرة (ساحمى المعارضة من تغول الأغلبية)! هكذا كان أداؤه البارع فى دورة (2005-2010) فى ظل وجود 136 نائبًا من الإخوان والمستقلين، وخلال الاستجوابات الشهيرة للمعارضة ضد وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالى، من النائب الوفدى أيمن نور، وكذلك استجواب النائب المستقل سعد عبود، ضد أمين التنظيم المهندس أحمد عز، كان لا يأخر الاستجواب أو ينتقص من حقوق المستجوب (بكسر الميم)، ورغم وجود ٣٤٤ نائبا من الأغلبية ولكن كان للمعارضة نفس الاهتمام، فكنا نراه يداعبهم عند إعطائهم الكلمة تارة بالثناء عليهم، أو مخاطبتهم بمناصبهم، الأمر الذى أثار أحد نواب الأغلبية فى إحدى الجلسات وكان لواًء سابقًا، فطالبه أن يناديه بالنائب اللواء، وهنا رد الدكتور سرور بانفعال مرددًا، هذا ليس فرضا، على أن أخاطبك كنائب.
فقال النائب: ولكنك تداعب نواب المعارضة وتتغزل فى صفاتهم، فرد عليه محتدا : هات من لائحة المجلس ما يفرض على أن أخاطبك بلواء، وإذا لم تجد فيها ما يحقق رغبتك، عد إلى السوابق البرلمانية ربما تعثر فيها على ما تريد، وإن لم تجد فى هذه أو تلك عليك أن ترجع إلى قانون مباشرة الحقوق السياسية عسى أن يفرض على مطلبك! وأضاف،عليك أن تحترم إدارة المنصة فهى التى تعطى الكلمات بتوازن دقيق، تفضل بالجلوس يا معالى النائب!
هكذا كان الدكتور فتحى سرور فقيها قانونيا من طراز فريد، وقامة سياسية ذات هيبة ومهابة، وطباع إنسانية يتحاكى بها أبناء دائرته فى السيدة زينب، وفوق كل هذا وذاك كان طاقة متدفقة طوال جلوسه على المنصة خلال إدارته لجلسات البرلمان، فقد يمضى أكثر من ست ساعات جالسا على المنصة دون أن يغادر مقعده للحظات.. رحم الله الدكتور فتحى سرور وزير التعليم الناجح، والبرلمانى اللامع، ورئيس مجلس الشعب المميز، والإنسان فى علاقاته بمن حوله، والمحامى الأشهر على صك البراءة لموكله، بما يحمله من لسان فصيح، وقوة حجة، وفقه قانونى يملكه باقتدار.
قبل الختام، أخيرا أصدرت الحكومة قرارها الخميس الماضى، بالموافقة على اللائحة التنفيذية (للتصالح فى مخالفات البناء) بعد صدور القانون بخمسة أشهر، مما دفعنا للتساؤل عن غياب هذه، اللائحة، فى مقالنا السابق ولكن أحسنت الحكومة بإصدار اللائحة التى سيتم تطبيقها بعد شهر من نشرها بالجريدة الرسمية، ونأمل ألا تطول فترة النشر لأن المخالفات لازالت مستمرة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السيدة زينب الدكتور فتحى سرور وزير المالية عبدالعظيم الباسل
إقرأ أيضاً:
منصور بن زايد يفتتح قاعة سرور بن محمد في مبنى «الأرشيف»
افتتح سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، يرافقه سمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان، قاعة الشيخ سرور بن محمد في مبنى الأرشيف والمكتبة الوطنية، والتي خُصّصت لتوثيق مسيرة سمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان وإنجازاته التاريخية.
واطّلع سمو الشيخ منصور بن زايد على محتويات القاعة، التي تضم وثائق مكتوبة وأفلاماً وثائقية تحكي جوانب من سيرة الشيخ سرور بن محمد برفقة القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
ويأتي إنشاء قاعة الشيخ سرور بن محمد آل نهيان انطلاقاً من اهتمام الأرشيف والمكتبة الوطنية بجمع ذاكرة الوطن وحفظها، وحرصه على جمع الوثائق والسجلات التاريخية بوصفها أصولاً وطنية ثمينة، إضافةً إلى الوثائق الشخصية التاريخية التي تحفظ للأجيال بهدف تعزيز الهوية الوطنية، وضمان استدامة المعرفة وإثرائها.
كما تضاف هذه المقتنيات الثمينة إلى الرصيد الأرشيفي لقيمتها التاريخية، التي تثري ذاكرة الوطن بالمعلومات التاريخية في مختلف المجالات، ما يجعلها تُكمل الوثائق التاريخية التي يقتنيها الأرشيف والمكتبة الوطنية.
ويتجلى في قاعة الشيخ سرور بن محمد اهتمام الأرشيف والمكتبة الوطنية بتقديم الوثائق والسجلات التاريخية رقمياً بواسطة التقنيات الحديثة والمتطورة، إلى جانب أشكالها التقليدية.
كما يحرص الأرشيف والمكتبة الوطنية على التعامل مع المعلومات والسجلات الحكومية بوصفها أصولاً وطنية، وتحويل أصول المعلومات والسجلات التاريخية إلى الأرشيف والمكتبة الوطنية، وذلك في سياق الاستراتيجية الوطنية.
وتقدم القاعة للزوار صفحة مهمة من تاريخ الدولة، تكشف عن جهود أحد رجالاتها الذين لهم بصماتهم الخالدة، إذ تحتوي أيضاً على سيرة ذاتية لسمو الشيخ سرور، وأهم المناصب التي شغلها في الفترة من 1966 إلى 2003م. كما تُعرض على عدد من الشاشات الجدارية الكبيرة أفلام وثائقية، يحكي فيها سموه عن جوانب من رفقته للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أثناء نهضة دولة الإمارات العربية المتحدة وازدهارها، ويشيد بمسيرة الدولة المظفرة في ظل قيادتها الرشيدة. وتضم القاعة بعض مقتنيات سموه.
ويأتي تخصيص قاعة لسمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان بمقر الأرشيف والمكتبة الوطنية إثراءً لمجتمعات المعرفة، وعرفاناً بالدور الوطني الذي أداه سمو الشيخ سرور بن محمد في مسيرة نهضة دولة الإمارات العربية المتحدة وتقدمها وازدهارها. كما تُعدّ هذه القاعة نافذة تطل منها الأجيال على إنجازات الرجال المخلصين والقادة الذين لم يدّخروا جهداً في سبيل الوطن، مما يعزز في نفوسهم الانتماء للوطن والولاء للقيادة الرشيدة، ويرسّخ لديهم الهوية الوطنية.
وتؤكد قاعة الشيخ سرور بن محمد آل نهيان أهمية التوثيق وارتباطه بحياة الأمم، واهتمام الأرشيف والمكتبة الوطنية بتوثيق سير الشخصيات المميزة التي قدمت أعمالاً جليلة للوطن، إذ تُعدّ هذه القاعة، بثراء محتواها، محطةً مهمة وبارزة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وحاضرها، لما لها من أهمية في إرساء المكانة المرموقة للدولة بين الدول المتقدمة على خريطة العالم.
كما تؤكد اهتمام الأرشيفات الخاصة بالعائلات والأفراد والمؤسسات، التي يمكنها أن تستكمل ذاكرة الوطن التي يحتفظ بها الأرشيف والمكتبة الوطنية للأجيال، بما يحفّز على مواصلة المسيرة المظفرة حتى تحقق دولة الإمارات العربية المتحدة تطلعاتها لتكون بين أكثر دول العالم تقدماً، مع حلول الذكرى المئوية لقيام الدولة. (وام)