تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لا تقتصر آثار التغيرات المناخية على البشر والحيوانات والزروع فحسب، وإنما تمتد لما هو أبعد من ذلك، بحيث تؤدي إلى تنامي ظاهرة الإرهاب وانتقال التنظيمات الإرهابية من منطقة إلى أخرى، حيث يمكن لهذه التغيرات أن تؤدي لظهور صراعات جديدة أو تؤجج الصراعات القائمة. 

وقد رصد الباحثان دميلو، جيه آر، ونوديكر، سي إتش، في دراسة بعنوان: " اللصوص الموسمية والعنف الصيفي: استكشاف العلاقة المكانية بين تغير المناخ والنشاط الإرهابي في الهند" تأثير عوامل مناخية مثل درجات الحرارة المرتفعة وكميات الأمطار الغزيرة على تحول أنماط النشاط الإرهابي، مؤكدين على وجود علاقة مكانية بين العوامل المناخية والحوادث الإرهابية في الهند.

الإرهاب وفصول السنة

وأكدا خلال دراستهما المنشورة بداية 2024، وجود تحول في أماكن حدوث العنف الإرهابي في الهند خلال فصول السنة المختلفة، حيث ينتقل النشاط الإرهابي إلى مناطق مختلفة بناءً على التغيرات المناخية وفصول السنة المختلفة، ففي خلال فصل الشتاء، ينتقل النشاط الإرهابي إلى مناطق مختلفة مثل تاميل نادو وكيرالا في جنوب الهند، بالإضافة إلى دلهي في الشمال. 

وأرجعا هذا التحول في أماكن العمليات الإرهابية إلى تغيرات في العوامل المناخية مثل درجات الحرارة وكميات الأمطار التي تؤثر على دوافع وفرص وسلوكيات الجماعات المتورطة في العنف، واستهدافها لمناطق معينة في فترات زمنية محددة.

وأوضحت الدراسة أن العلاقة بين الإرهاب والتغيرات المناخية علاقة معقدة، حيث ينظر العديد من العلماء للتغير المناخي باعتباره محركًا هامًا لعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، خاصة أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتغير أنماط هطول الأمطار، والظواهر الجوية المتطرفة لها تأثير عميق على المجتمعات الضعيفة، لا سيما البلدان النامية، التي ستعاني بسبب هذه التغيرات البيئية من ندرة الموارد، وانعدام الأمن الغذائي، والهجرة والنزوح، والصعوبات الاقتصادية، مما يخلق أرضًا خصبة للاضطرابات والصراعات الاجتماعية.

المناطق المعرضة للإرهاب

هناك مناطق أكثر عرضة للإرهاب بسبب التغيرات المناخية من غيرها، من بينها تلك المناطق التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي وضعف الحكم، مثل منطقة الساحل الإفريقي، حيث أدى التصحر والجفاف إلى زيادة التنافس على الموارد المحدودة، مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة والرعي، مما أتاح للجماعات الإرهابية الفرصة لاستغلال مظالم المجتمعات المهمشة.

كما يمكن أن يساهم التدهور البيئي الناجم عن تغير المناخ في زيادة التجنيد والانضمام للتنظيمات الإرهابية، في ظل هذه الندرة في الموارد والظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها المجتمعات، مما يشكل فرصة للجماعات المتطرفة لتقدم خطابًا بديلًا، يعد بالاستقرار والحماية والشعور بالانتماء، الأمر الذي يؤدي بدوره لجذب الأفراد الذين يشعرون بالإهمال أو التهميش من قبل حكوماتهم، ويوفر لهم منصة للتعبير عن إحباطهم.

الهجرة 

تعد الهجرة إحدى العواقب غير المباشرة لتغير المناخ، حيث يؤثر على صلاحية السكن في بعض المناطق، مما يضطر السكان لمغادرة منازلهم بحثًا عن مناطق أكثر ملاءمة للسكن، بسبب الظروف البيئية الصعبة، مما قد يؤدي إلى توترات بينهم كمهاجرين وبين المجتمعات المضيفة، حيث تنظر هذه المجتمعات إليهم باعتبارهم منافسين لهم على الموارد والفرص، فيؤدي ذلك للصراع فيما بينهم، الأمر الذي تستغله المنظمات الإرهابية كأداة لتجنيد الأفراد الذين يشعرون بالحرمان من حقوقهم وتزويدهم بالشعور بالانتماء، مما يزيد من تفاقم دائرة العنف.

 الظروف الاقتصادية الصعبة

يمكن للتغيرات المناخية المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات، أن تدمر سبل العيش الزراعية والاقتصادات المحلية. وهذا يمكن أن يؤدي بدوره إلى فقدان الوظائف والفقر، الذي تقابله التنظيمات الإرهابية بمزيد من الدعم المالي والفرص الاقتصادية، التي يسعى المواطنون للحصل عليها، فيقعون فريسة سهلة لهذه التنظيمات، التي تسعى دائمًا للسيطرة على الموارد للتحكم فيها، واستغلالها كوسيلة عقاب للمتمردين من السكان المحليين الذين يرفضون تنفيذ تعليماتهم.

ويساعد على ما سبق هشاشة أنظمة الحكم السياسية في العديد من الدول التي توصف بأنها دول هشة مثل الكثير من الدول الإفريقية، خاصة أن تغير المناخ قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والسياسية القائمة، وخلق حالة من انعدام الثقة بين المواطنين والحكومات، التي تصبح عاجزة عن تلبية احتياجات مواطنيها يومًا بعد يوم، مما يخلق بيئة مناسبة لترسيخ الأيديولوجيات المتطرفة، ويمكن للجماعات الإرهابية استغلال هذه الفجوات في الحكم واستخدامها كأرضية خصبة للتجنيد.

على الرغم من أن التغيرات المناخية ليست العامل الوحيد للإرهاب، ولا تتسبب وحدها في وجوده، إلا أنها يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الصراعات وتوفير أرض خصبة لازدهار الأيديولوجيات المتطرفة. ومن ثم فإن فهم طبيعة العلاقة بين التغير المناخي والإرهاب قد يؤدي لتوقع أنماط العنف المستقبلي، واتخاذ إجراءات وقائية وتدابير أمنية للتصدي له.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: التغيرات المناخية الارهاب أفريقيا خريطة خريطة الإرهاب تغير التغیرات المناخیة تغیر المناخ

إقرأ أيضاً:

الانتخابات الأمريكية 2024.. "الجارديان": فوز ترامب بالرئاسة هو انتصار لنتنياهو.. ونتائجها قد تغير خريطة الشرق الأوسط على حساب الشعب الفلسطيني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

علقت صحيفة "الجارديان" البريطانية، اليوم الأربعاء، على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي قالت عنها إنها مهمة للغاية بالنسبة للشرق الأوسط، واصفة فوز دونالد ترامب بها بمثابة فوز دراماتيكي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

كما قالت الصحيفة إن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لديها القدرة على تغيير خريطة الشرق الأوسط، على حساب الشعب الفلسطيني إلى حد كبير.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أجلت فرض أي ضغط ذي مغزى على رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى ما بعد الانتخابات، على الرغم من إحباطها المتزايد منه بشأن عدة قضايا، بما في ذلك عرقلة المساعدات إلي قطاع غزة، وحملته ضد الأمم المتحدة، وعرقلته لصفقة إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل السلام مع حركة حماس، ودعم حكومته لمستوطني الضفة الغربية العنيفين.

وأشارت الصحيفة إلى أن الديمقراطيين التقدميين توسلوا إلى بايدن لاستخدام نفوذه طوال 13 شهرا من عدوان الاحتلال الإسرائيلي علي قطاع غزة.. وساهم الغضب من استخدام القنابل الأمريكية في هجمات إسرائيلية علي غزة، في ولاية ميشيجان الأمريكية، موطن كبير للأمريكيين العرب في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، في هزيمة نائبة الرئيس الأمريكي ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية.

ونوهت الصحيفة إلي أن نتنياهو كان من بين أوائل قادة العالم الذين اتصلوا بترامب لتهنئته بفوزه في الانتخابات الرئاسية اليوم الأربعاء.

وقال مكتب نتنياهو، في بيان، أن: "المحادثة كانت دافئة وودية. هنأ رئيس الوزراء ترامب على فوزه في الانتخابات، واتفق الاثنان على العمل معا من أجل أمن إسرائيل.. كما ناقش الاثنان التهديد الإيراني ".

ويكاد يكون من المؤكد أن الإدارة الأمريكية القادمة لن تدافع عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والتي تزعم إسرائيل بأنها منظمة إرهابية وساعدت في عملية "طوفان الأقصي" في 7 أكتوبر 2023. وقطع ترامب التمويل الأمريكي للوكالة في عام 2018 ولم يعيده بايدن إلا بعد ثلاث سنوات. وقد تواجه الأمم المتحدة وجهود الإغاثة بأكملها في المنطقة أزمة تمويل، وفقا للصحيفة.

ولفتت الصحيفة إلي أن استعادة ترامب رئاسة الولايات المتحدة تزيل حاجزا كبيرا أمام سيطرة إسرائيل الكاملة وضمها المحتمل لجزء على الأقل من غزة والضفة الغربية. وأظهر الرئيس الأمريكي القادم نفسه غير مثقل بأهمية القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي عندما يتعلق الأمر بالأراضي. واعترفت إدارته السابقة بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان في عام 2019، والتي هي في الأصل تابعة لسوريا.

مقالات مشابهة

  • مرصد الأزهر: انخفاض العمليات الإرهابية في إفريقيا بنسبة 14.3% خلال أكتوبر الماضي
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. "الجارديان": فوز ترامب بالرئاسة هو انتصار لنتنياهو.. ونتائجها قد تغير خريطة الشرق الأوسط على حساب الشعب الفلسطيني
  • إعلام الداخلة يناقش تأثير التغيرات المناخية على المحاصيل والأمن الغذائي
  • خطط إنشاء سدود جديدة في مسقط .. الحل الأمثل لمواجهة التغيرات المناخية
  • وكيل الأزهر: التغيرات المناخية ليست أقل خطورة من فيروس كورونا
  • "بحوث الصحراء" يطلق مشروع تثبيت الكثبان الرملية لمجابهة التغيرات المناخية في واحة سيوة
  • لمجابهة التغيرات المناخية.. الزراعة تطلق مشروع تثبيت الكثبان الرملية بواحة سيوة
  • علماء: التغيرات المناخية تؤدي إلى تدهور النظام البيئي في البحر الأسود
  • الأمطار في العراق: أمل عابر أم تحذير من التغيرات المناخية؟
  • المشاط: استضافة مؤتمر COP27 عزز تواجد مصر على المستوى الدولي في جهود مكافحة التغيرات المناخية