العزيزة مريم.. لا أعلم إذا ما كنتِ ستنتبهين إلى هذه الرسالة في بريدك الإلكتروني، لم يعد هنالك من يكتب رسائل مطوّلة بأي حال، اخترتُ هذه الطريقة لأن رسائل المحادثة الفورية تُغفل تلك النظرة الواسعة المسترسلة لما يلوّن ملامح الأيام، أعني القفزات التي تُشكّل مفترقات الطرق بين مرحلة وأخرى، والتي قد لا يلحظها أحد لو لم نخبره بأنها كانت فارقة حقًا.
كيف هي أمستردام هذا الربيع؟ ككل السياح الذين يرتكبون الحماقات نفسها كل مرة، أعود لمقاطع الفيديو التي صورتها العام الماضي، على أمل أن أسمع أجراس الدراجات الهوائية وأشاهد تدرجات الغروب مثلما رأتها عيناي لأول مرة، لكن ذلك الضوء الذي يشعّ في خلفية المشهد، ويُسقط عليه غِلالة من الحنين، لم يعد موجودًا.. ثمة كثافة في التجربة تفتقر إليها الذكرى أحيانًا.
أنهيتُ البارحة رواية سالي روني التي استعرتُها منكِ في ديسمبر الماضي، أحببتُها بقدر ما كرهتها، مثل من ينظر لصورة في المرآة فيرغب في كسر المرآة لئلا يتذكر ما يهرب من رؤيته.
أعرف أن كل ما نعيشه يزداد تعقيدًا مثل كرة ثلج لا تتحطم في آخر المنحدر، صور العنف المباشر وغير المباشر، المعضلة الأخلاقية في كل فعل ونقيضه، الخيارات اللانهائية في العلاقات العاطفية وغير العاطفية، ومن ثم العودة للأسئلة التي لم تعد ثمة إجابات بديهية لها، من قبيل: ما الحب؟ على مقطع من الرواية تغرق فيها عيون أليس بالدموع وهي تستمع لغناء الرجل ذي الجسد الرفيع، الذي لا يقرأ حرفًا واحدًا مما تكتبه في رواياتها، تكتبين في الهامش بحبر أزرق جاف، وبخط كبير واضح: يحدث الحب لأسباب كهذه دومًا، كم أودّ أن أذهب معكِ إلى هذه الـ(دومًا) لكنني مثلما تعرفين، سأختار تسمية ما شعرت به أليس بالافتتان بدلًا من الحب، وسأتردد كثيرًا في إضافة كلمة دومًا في آخر الجملة.
أتتبع هوامشكِ على رواية جابر الأولى، صديق قديم آخر يقرر الانسحاب بدلًا من محاولة إنقاذ ما يتبقى من الصداقة بعد خيبات أمل متواصلة، من الذات ومن الآخر في الآن عينه، تكتبين في هامش الصفحة الرابعة والخمسين: يسيطر على جابر هذا الهاجس دومًا، خلاصة جديدة تكرر نفسها في صفحات لاحقة.
أفكّر في الخُلاصة التي نؤطر بها بعضنا، في الأمور التي ستضعين تحتها خطًا لتقولي: هذا ما تفعله فاطمة دومًا. لنقُل مثلًا فصل الثياب لأربعة أقسام مختلفة قبل الغسيل، اختيار أقراط كلاسيكية مع إضافةٍ ما غير مألوفة، والشكوى من ضيق الوقت طيلة الوقت، في حين أنني سأضع خطًا تحت إشارة لك حول عدم قدرتكِ على التوصل إلى ما هو بديهيّ لدى الآخرين، وأحتفظ بفيديو قصير لكِ على سناب شات منذ أربع سنوات، تقولين فيه بأن الاكتئاب في إسطنبول أخف وطأة بكثير من الاكتئاب في صيف مسقط، لنضحك عليه معًا كل صيف، في مسقط.
على ذكر الضحك، كنتُ في مكتب رئيس القسم اليوم، أناقشه في إمكانية الحصول على عقد مكتوب مقابل مهام العمل الإضافية، مثل بقية زملائي لا أكثر، بالتأكيد لم يجد تبريرًا لتطبيق اللوائح والأنظمة على موظفين بعينهم، وإبقاء آخرين في مربع استثناء ذهبي، لا يجرؤ أحد على الإشارة إليه، لكنه لم ييأس من محاولة التنظير للمسألة، قال لي وهو يمطُّ ظهره وشفتيه إلى الأمام في محاولة للتظاهر بالجدية: «ما لازم نقارن نفسنا بحد، يعني لو حد قحم من فوق الجدار نسير نقحم كماه؟» وددتُ حينها أن أرد عليه بالإيجاب، لمَ لا أقفز أنا أيضًا ما دام الذين قفزوا ما زالوا واقفين قرب نوافذهم العالية، هذا بعد أن تعبوا من التسلق بالطبع.
يحيرني تشابه الاستعارات التي يتداولها رؤساء الأقسام في اجتماعاتهم الجانبية مع صغار الموظفين، أذكر أن رئيس القسم السابق كان لا يمل من ذكر حادثة تعرض لها في بداية عمله في الشركة، كان قد أمضى ليلته في المكتب لفرط انشغاله، وانتبه في الفجر عندما شعر بحركة جرذ على جسده المستلقي على الكنبة.
أظنه يتصور أن لهذه القصة وقعًا محفّزًا لموظف لا يزال في أول الطريق، لا بد له من أن يكون صبورًا ومُقبلًا على التجارب كلها بلهفة، هذا أقل ما ينبغي أن يكون عليه، لا سيما إذا لم يقفز جرذ على جسده حتى الآن، لكنني لا أحمل هم الطريق، لا أفكر بغير الخفّة التي تجنبني تسلق السلالم، أفكر بعبورٍ هادئ، يشبه سيري في ممر مظلم لا تنتبه فيه المستشعرات لخطواتي، وبالعتمة وهي تلفّني بحنو حتى آخر الممر، ولكن حتى أكون صادقةً، لن يكون هذا كافيًا لو لم يطوقني الحب من جهةٍ واحدة، كتفٌ واحد سيكفي حين لا تكف الأرض عن الميلان من تحتي. هذا ما تقوله شاعرة لم أقرأ لها غير نص قصير تقول فيه:
«أحب الألفة
التي تعين امرأةً ثقيلة
على صعود درج بيتها الطويل
برفقٍ وتأنٍّ
وأحلم بالحبّ
الذي يجعلها لا تنتبه
للمصعد
أو لطول الدرج
في ذهابها المستمر لملاقاته».
وأنا أحب تلك المرأة التي تتكئ على الحلم بالحب «دومًا»، وتنسى فكرة السقوط، لهذا أكتب إليكِ، في مطلع صيف مسقط، وأنتِ هناك في حلم ربيعي لا تؤرقك فكرة الاستيقاظ منه.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
قفزة بأسعار الذهب وتحرك جديد في سعر صرف الدولار
قدمت مذيعة “صدى البلد”، رنا عبدالرحمن، تغطية عن أسعار الذهب والتى عكست اتجاهها نحو الصعود مجددا بشكل مفاجئ،بعد أن تراجعت خلال الأيام الماضية مقارنة ببداية الشهر الجاري، متأثرة بزيادة سعر الأوقية عالميًا من أقل من 2562 دولارًا إلى 2,648.86 دولار في آخر تحديث، نتيجة التصعيد الروسي الأوكراني حيث واصل سعر الذهب صعوده لليوم الثالث وسط سعي المتداولين للملاذ الآمن لحين استيعاب آخر التطورات بشأن حرب روسيا مع أوكرانيا.
وقد سجل سعر جرام الذهب عيار ٢٤ الأعلى سعرا فى مصر، والمعروف باسم الذهب البندقي أو النقي وفقا لآخر تحديث اليوم : 4280 جنيهًا للشراء و 4257 جنيهًا للبيع..
وبلغ سعر الذهب عيار 21، الأكثر انتشارًا 3745 جنيهًا للشراء و 3725 جنيه للبيع.
ووصل سعر جرام الذهب عيار 18 الأوسط بين الأعيرة الذهبية إلى 3210 جنيه للشراء - 3193 جنيها للبيع.
وسجّل سعر جرام الذهب عيار 14 الأقل فئة حوالي 2497 جنيهًا للشراء
وسجل سعر الجنيه الذهب الذي يزن 8 جرامات ويكون من عيار 24 في الغالب، 29960 جنيهًا للشراء، بعدما كان ب 29520 جنيها قبل ساعات، بفارق أكثر من 400 جنيه ، وبلغ سعره اليوم للبيع 4257 جنيهًا
مع العلم ان هذه الاسعار بدون مصنعيه إذ ان مصنعية الذهب فى مصر تختلف من محل صاغة لآخر، وتبدأ في الغالب من 80 وحتى 200 جنيه، وذلك باختلاف نوع عيار الذهب، و باختلاف محلات الصاغة ومن محافظة إلى أخرى ومن تاجر إلى آخر.
وتمثل في الأغلب نسبة تتراوح بين 7% و10% من سعر جرام الذهب المجرد، وكلما زادت نسبة المعادن الموجودة قلَّ القيراط، وتستخدم الأوقية التي تزن "31.1 جرام" كوحدة لوزن الحلي وسبائك الذهب.
أما مصنعية الذهب المستعمل فتبدأ من 30 جنيهًا فأكثر.
لمزيد من التفاصيل شاهد الفيديو: