لجريدة عمان:
2025-01-27@04:44:31 GMT

هل يستحق الأمر قفزة جديدة؟

تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT

هل يستحق الأمر قفزة جديدة؟

العزيزة مريم.. لا أعلم إذا ما كنتِ ستنتبهين إلى هذه الرسالة في بريدك الإلكتروني، لم يعد هنالك من يكتب رسائل مطوّلة بأي حال، اخترتُ هذه الطريقة لأن رسائل المحادثة الفورية تُغفل تلك النظرة الواسعة المسترسلة لما يلوّن ملامح الأيام، أعني القفزات التي تُشكّل مفترقات الطرق بين مرحلة وأخرى، والتي قد لا يلحظها أحد لو لم نخبره بأنها كانت فارقة حقًا.

كيف هي أمستردام هذا الربيع؟ ككل السياح الذين يرتكبون الحماقات نفسها كل مرة، أعود لمقاطع الفيديو التي صورتها العام الماضي، على أمل أن أسمع أجراس الدراجات الهوائية وأشاهد تدرجات الغروب مثلما رأتها عيناي لأول مرة، لكن ذلك الضوء الذي يشعّ في خلفية المشهد، ويُسقط عليه غِلالة من الحنين، لم يعد موجودًا.. ثمة كثافة في التجربة تفتقر إليها الذكرى أحيانًا.

أنهيتُ البارحة رواية سالي روني التي استعرتُها منكِ في ديسمبر الماضي، أحببتُها بقدر ما كرهتها، مثل من ينظر لصورة في المرآة فيرغب في كسر المرآة لئلا يتذكر ما يهرب من رؤيته.

أعرف أن كل ما نعيشه يزداد تعقيدًا مثل كرة ثلج لا تتحطم في آخر المنحدر، صور العنف المباشر وغير المباشر، المعضلة الأخلاقية في كل فعل ونقيضه، الخيارات اللانهائية في العلاقات العاطفية وغير العاطفية، ومن ثم العودة للأسئلة التي لم تعد ثمة إجابات بديهية لها، من قبيل: ما الحب؟ على مقطع من الرواية تغرق فيها عيون أليس بالدموع وهي تستمع لغناء الرجل ذي الجسد الرفيع، الذي لا يقرأ حرفًا واحدًا مما تكتبه في رواياتها، تكتبين في الهامش بحبر أزرق جاف، وبخط كبير واضح: يحدث الحب لأسباب كهذه دومًا، كم أودّ أن أذهب معكِ إلى هذه الـ(دومًا) لكنني مثلما تعرفين، سأختار تسمية ما شعرت به أليس بالافتتان بدلًا من الحب، وسأتردد كثيرًا في إضافة كلمة دومًا في آخر الجملة.

أتتبع هوامشكِ على رواية جابر الأولى، صديق قديم آخر يقرر الانسحاب بدلًا من محاولة إنقاذ ما يتبقى من الصداقة بعد خيبات أمل متواصلة، من الذات ومن الآخر في الآن عينه، تكتبين في هامش الصفحة الرابعة والخمسين: يسيطر على جابر هذا الهاجس دومًا، خلاصة جديدة تكرر نفسها في صفحات لاحقة.

أفكّر في الخُلاصة التي نؤطر بها بعضنا، في الأمور التي ستضعين تحتها خطًا لتقولي: هذا ما تفعله فاطمة دومًا. لنقُل مثلًا فصل الثياب لأربعة أقسام مختلفة قبل الغسيل، اختيار أقراط كلاسيكية مع إضافةٍ ما غير مألوفة، والشكوى من ضيق الوقت طيلة الوقت، في حين أنني سأضع خطًا تحت إشارة لك حول عدم قدرتكِ على التوصل إلى ما هو بديهيّ لدى الآخرين، وأحتفظ بفيديو قصير لكِ على سناب شات منذ أربع سنوات، تقولين فيه بأن الاكتئاب في إسطنبول أخف وطأة بكثير من الاكتئاب في صيف مسقط، لنضحك عليه معًا كل صيف، في مسقط.

على ذكر الضحك، كنتُ في مكتب رئيس القسم اليوم، أناقشه في إمكانية الحصول على عقد مكتوب مقابل مهام العمل الإضافية، مثل بقية زملائي لا أكثر، بالتأكيد لم يجد تبريرًا لتطبيق اللوائح والأنظمة على موظفين بعينهم، وإبقاء آخرين في مربع استثناء ذهبي، لا يجرؤ أحد على الإشارة إليه، لكنه لم ييأس من محاولة التنظير للمسألة، قال لي وهو يمطُّ ظهره وشفتيه إلى الأمام في محاولة للتظاهر بالجدية: «ما لازم نقارن نفسنا بحد، يعني لو حد قحم من فوق الجدار نسير نقحم كماه؟» وددتُ حينها أن أرد عليه بالإيجاب، لمَ لا أقفز أنا أيضًا ما دام الذين قفزوا ما زالوا واقفين قرب نوافذهم العالية، هذا بعد أن تعبوا من التسلق بالطبع.

يحيرني تشابه الاستعارات التي يتداولها رؤساء الأقسام في اجتماعاتهم الجانبية مع صغار الموظفين، أذكر أن رئيس القسم السابق كان لا يمل من ذكر حادثة تعرض لها في بداية عمله في الشركة، كان قد أمضى ليلته في المكتب لفرط انشغاله، وانتبه في الفجر عندما شعر بحركة جرذ على جسده المستلقي على الكنبة.

أظنه يتصور أن لهذه القصة وقعًا محفّزًا لموظف لا يزال في أول الطريق، لا بد له من أن يكون صبورًا ومُقبلًا على التجارب كلها بلهفة، هذا أقل ما ينبغي أن يكون عليه، لا سيما إذا لم يقفز جرذ على جسده حتى الآن، لكنني لا أحمل هم الطريق، لا أفكر بغير الخفّة التي تجنبني تسلق السلالم، أفكر بعبورٍ هادئ، يشبه سيري في ممر مظلم لا تنتبه فيه المستشعرات لخطواتي، وبالعتمة وهي تلفّني بحنو حتى آخر الممر، ولكن حتى أكون صادقةً، لن يكون هذا كافيًا لو لم يطوقني الحب من جهةٍ واحدة، كتفٌ واحد سيكفي حين لا تكف الأرض عن الميلان من تحتي. هذا ما تقوله شاعرة لم أقرأ لها غير نص قصير تقول فيه:

«أحب الألفة

التي تعين امرأةً ثقيلة

على صعود درج بيتها الطويل

برفقٍ وتأنٍّ

وأحلم بالحبّ

الذي يجعلها لا تنتبه

للمصعد

أو لطول الدرج

في ذهابها المستمر لملاقاته».

وأنا أحب تلك المرأة التي تتكئ على الحلم بالحب «دومًا»، وتنسى فكرة السقوط، لهذا أكتب إليكِ، في مطلع صيف مسقط، وأنتِ هناك في حلم ربيعي لا تؤرقك فكرة الاستيقاظ منه.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أستاذ موارد مائية: مصر تستهدف استصلاح 4.5 مليون فدان

قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن مصر تستهدف استصلاح 4.5 مليون فدان، وهو رقم غير مسبوق يتجاوز إجمالي ما تم استصلاحه منذ عام 1952 وحتى الآن، والذي بلغ 2.5 مليون فدان فقط.

نصدر لـ 160 دولة.. أستاذ موارد مائية: المنتجات الزراعية تحقق قفزة نوعية بالأسواق الدوليةأستاذ موارد مائية: مشروع "تبطين الترع" يحسن جودة المياه.. فيديو


أضاف الدكتور نادر نور الدين، خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق، في برنامج "نظرة" على قناة صدى البلد،: "صادرات المنتجات الزراعية حققت قفزة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت من 2.5 مليار دولار إلى 5.2 مليار دولار في العام الماضي".

أشار إلى أن مشروعات تحسين جودة المياه، مثل مشروع بحر البقر لمعالجة المياه وتحسين كفاءتها، أسهمت بشكل كبير في زيادة الإنتاجية الزراعية، فضلاً عن تحسين جودة المياه المستخدمة وتقليل ملوحة الأراضي الزراعية، خاصة في مناطق شمال الدلتا التي كانت تعاني من تسرب مياه البحر.

مقالات مشابهة

  • مجمع اللغة العربية عن تعريب علوم الطب: الأمر ليس قفزة في الظلام
  • ذكرى ميلاد السندريلا.. شرط أصرت عليه سعاد حسني في عقود جميع أفلامها
  • لميس الحديدي عن قيمة تجديد زيزو مع الزمالك: مفيش لاعب مصري يستحق
  • قفزة في أسعار الذهب محليا
  • قفزة جنونية لعيار 21 الآن.. صدمة جديدة في سعر الذهب السبت 25 يناير 2025
  • كريم رشوان: مرموش يستحق التواجد في السيتي
  • محمد بن راشد: المواطن يستحق الحياة الأفضل والمستقبل الأجمل
  • أستاذ موارد مائية: مصر تستهدف استصلاح 4.5 مليون فدان
  • نصدر لـ 160 دولة.. أستاذ موارد مائية: المنتجات الزراعية تحقق قفزة نوعية بالأسواق الدولية
  • الإدمان يدفع "منى" لخلع زوجها: بداية لحياة جديدة