للعيد بهجة ربانية ينثرها في نفوس عباده الذين يكافئهم بعد شهر الصوم الذي قضاه عموم المسلمين في طاعاته وبعد أيام من المثابرة والقيام في ساحات مساجده تقترب الساعات من الفرحة الكبرى لعباده، حتى ساعة الصفر التي نودّع فيها شهرا عزيزا علينا ببركاته وخيراته وحسناته، وإن كان هذا العام يصيبنا بغصة آلام إخواننا في غزة.
وللعيد رسائل جمة أبرزها تلك الفرحة التي تعم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وتقارب النفوس بعد حالات من الهجر، وجمع شمل العائلة التي تترقب عيدها وقريبها، ووصل الأرحام، ومراجعة النفس في علاقاتها مع محيطها، وإيتاء الزكاة للمحتاجين والتي أراد الله أن يفرح الجميع بهذه المناسبة دون البعض، وتطهير النفوس من الضغائن.
وهذه الرسائل تحتاج منا إلى ترجمة واضحة في هذه المناسبة وغيرها، ولابد لمن تعلم من دروس رمضان أن تكون حاضرة أمامه حتى يستطيع تعظيم المبادئ والقيم وأن تكون زادًا له في الحياة.
يهل العيد علينا خلال الساعات القادمة ولم تتغير ملامحه من أكثر من نصف قرن وبقيت ثوابته صامدة ونراها هكذا في قادم الأيام، فهو الفرصة العظيمة التي يمكن أن نغتنمها ونحقق أمانينا من خلالها، وأن نتشارك فيها مع أطفالنا.
والعيد الذي يجمعنا يحتاج منا إلى التجديد في كل شيء، في علاقاتنا مع أسرنا وأصدقائنا ومبادئنا وقيمنا التي نحتاج إلى أن ننقلها إلى أجيالنا القادمة، فهذه المناسبة تقربنا إلى بعضنا البعض وتغرس الود والمحبة مع أحبتنا وأفراد أسرنا ومعلمينا ومن يشكلون شخصيتنا في الحياة، لتكون المناسبة محطة نتفقد فيها من بقي ومن رحل عنا رحيلا أبديا.
قيم العيد التي غرست فينا كعمانيين لا تعادلها قيم على هذا الكوكب، فالعيد في بلادنا يشعرك أنك تتميز عن العالم بهذه المناسبة بتفاصيلها التي تعزلك تماما عن النسق اليومي، إلى رحاب البهجة والفرحة والسرور وإلى موعد التجديد لتلك العلاقة مع الأحبة ومن يشغلون حياتك، فهو مختلف تماما وليس كأي مناسبة.
لذلك تجدنا نسارع في العودة إلى الديار عند اقتراب العيد، فالبعد عن أرض الوطن في يوم العيد أشبه باليتم وفقدان الأحبة، ولايمكن أن تشعر بنفس الشعور وأنت بين أهلك.
هذا الشعور نحتاجه أن يستمر في الناشئة التي يواظب أغلبها على ممارسة عاداته وتقاليده من خلال السبلة والمجلس في الحي والحارة التي ترسخ هذه المفاهيم والتي نريدها أن تبقى وتحمل نفس تلك العظمة للفرحة وأن تكون الأعياد ذخيرة المحبة وسمو الأخلاق وعلامة فارقة في هذا الجيل.
وكل عام ودياركم عامرة بالأعياد.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
زاد الطين بهجة.. فرحة المزارعين بحصاد البطاطس في حقول المنوفية
في الثامنة صباحًا يتسابق المزارعون نحو أرضهم الزراعية والفرحة والبهجة تملأ قلوبهم وترتسم على شفاههم، من أجل حصاد محصول البطاطس، بعد مرور 120 يومًا من زراعته وريه وتنظيفه من الحشائش، منتظرين يوم الحصاد الذي يعوضهم عن الشقاء والتعب طوال موسم الزراعة، ويفتح لهم باب رزق وفير.
يوم حصاد البطاطسيروى عبدالغنى عطية، 50 عاماً، من مركز تلا بمحافظة المنوفية: «يوم الحصاد يتجمّع الأقارب والعمال، والفرحة لا تفارق وشوشهم طوال ساعات حصاد محصول البطاطس، كما أن الأطفال يشاركوننا فرحة الحصاد التى ننتظرها من العام إلى العام، والحمد لله الإنتاجية مرتفعة هذا العام عن السابق، وبلغت إنتاجية القيراط الواحد 550 كيلو، أى ما يعادل 13 طناً للفدان، وسعر الكيلو من الأرض يتراوح بين 11 و13 جنيهاً».
وعن مراحل حصاد البطاطس، يُكمل «عطية» أن أولى مراحل الحصاد تتمثل فى ربط المحراث بالجرار الصغير، وحرث الأرض لإخراج البطاطس على السطح، ومن ثم يتتبعها المزارعون والعمال لتعبئتها فى الوعاء، وبعد ذلك فى الشكائر، وربطها بالخيط، حتى يأتى التاجر لتحميلها على السيارات، قائلاً: «يوم الحصاد بيكون باب رزق وخير لعمال كتير، حوالى 20 عامل من الرجال والسيدات، بخلاف الأقارب الذين يشاركوننا فرحة الحصاد».
تقول خديجة ممدوح، إحدى العاملات فى الأرض الزراعية، إنه تغمرها السعادة والفرح عند المشاركة فى عملية حصاد البطاطس، وتصطحب طفلها معها لتُعلمه طبيعة الشغل، ويعطى لها مالك الأرض أجرة جيدة هذا اليوم، فرحة بالخير الكثير الذى يعم على الجميع، بينما يقول عبدالمعطى شاهين، إنه ينتظر موسم حصاد البطاطس كل عام، لأنه يفتح أمامه باباً من الخير والرزق الوفير، كما أنه يصطحب أصدقاءه فى هذا اليوم، والفرحة لا تفارقهم طوال عملية الحصاد.
ويحكى محمد صابر، تاجر بطاطس، أنه عقب حصاد محصول البطاطس من الأرض الزراعية يحمله على سيارة نصف نقل، ويذهب به إلى المحطات أو الثلاجات، وتبدأ عملية التخزين والفرز، تمهيداً لنقله إلى المصانع، لأن هذا النوع من البطاطس يُسمى «الكروز» مخصّص لمصانع الشيبسى، كما يُستخدم أيضاً للطبخ، ولكن بشكل أقل، مشيراً إلى أنه ينتظر موسم حصاد البطاطس، من أجل الذهاب إلى المزارعين، وشراء المحصول على حسب سعر السوق.
«محصول البطاطس أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية فى السوق المحلية، ويعتمد الفلاحون على زراعتها فى فصل الشتاء، لجنى الأرباح وتحقيق الاكتفاء الذاتى منها»، يقولها المهندس ناصر أبوطالب، وكيل وزارة الزراعة، ويكمل أن المساحة المزروعة من البطاطس فى محافظة المنوفية تبلغ 15 ألفاً و750 فداناً، بسبب خصوبة التربة الزراعية التى تتمتع بها المحافظة، وجميع المزارعين فى حالة من الفرحة والبهجة، بسبب الإنتاجية العالية هذا العام، مقارنة بالسنوات السابقة.