رحلة استمرت 352 يوما.. أول مغامر في العالم يعبر قارة أفريقيا ركضا
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
أصبح العداء البريطاني روس كوك البالغ من العمر 27 عاما، أول مغامر في العالم يعبر القارة الأفريقية ركضا بطول الساحل الغربي من الجنوب إلى الشمال.
ووصل كوك الملقب بـ" أصعب رجل غريب"، أمس الأحد السابع من أبريل/نيسان 2024، إلى منطقة رأس أنجلة شمال تونس على بعد 20 كيلومترا من مدينة بنزرت، وهي أقصى نقطة في القارة الأفريقية، عبر خلالها 16 دولة.
16,250km
351 days
385 marathons
16 countries
£574k raised for charity
We’ve come a long way. One last push tomorrow for the record books???? pic.twitter.com/ZCrp8Xr20m
— Russ Cook (@hardestgeezer) April 6, 2024
وعبر كوك ناميبيا وأنغولا والكونغو الديمقراطية والكونغو والكاميرون ونيجيريا وبنين وتوغو وغانا وساحل العاج وغينيا والسنغال وموريتانيا والجزائر، قبل أن يختم جولته في تونس.
وفي 22 أبريل/نيسان 2023، انطلق كوك من بلدية كيب أغولهاس أقصى نقطة في جنوب أفريقيا، وبحلول الوقت الذي عبر فيه الخط عند رأس أنجلة في بنزرت أقصى نقطة شمال تونس، كان قد قطع مسافة أكثر من 16 ألف كيلومتر.
For everyone coming out to Tunisia this week. This will be the final run on Sunday starting at 10am local time. If you’re up for the full mara meet at the shell garage or join whatever distance you want along the route. See you there troops. Buzzing for it???? pic.twitter.com/p9u8RWXPPj
— Russ Cook (@hardestgeezer) April 3, 2024
ووثق كوك رحلته على منصات التواصل الاجتماعي حيث حصدت منشوراته ملايين المشاهدات على "يوتيوب" و"إكس" و"إنستغرام".
Day 349 of running the entire length of Africa???? pic.twitter.com/VVPglOBiX9
— Russ Cook (@hardestgeezer) April 4, 2024
وبمجرد وصوله إلى رأس أنجلة أنهى كوك رحلته بالغطس في البحر وتناول عصير الفراولة، وكتب منشورا على صفحته بمنصة "إكس" قائلا، "أول شخص يركض على طول أفريقيا بأكملها. المهمة اكتملت".
The first person ever to run the entire length of Africa. Mission complete???? pic.twitter.com/PZk5aDCDgH
— Russ Cook (@hardestgeezer) April 7, 2024
وركض كوك عبر الغابات المطيرة وسلاسل الجبال واجتاز الصحراء الكبرى، وفي اليوم الـ 200 من الرحلة، قام بتقليل عدد الكيلومترات التي يقطعها يوميا بناء على نصيحة الأطباء في نيجيريا بعد إجراء فحوصات طبية.
View this post on InstagramA post shared by Russ Cook (@hardestgeezer)
وخلال رحلته التي استمرت 352 يوما تعرض كوك للسرقة تحت تهديد السلاح في أنغولا، والاحتجاز من قبل رجال بالمناجل في جمهورية الكونغو.
pic.twitter.com/K25EJkM5Bu
— Russ Cook (@hardestgeezer) January 7, 2024
وعشية محطته الأخيرة، قال كوك في تصريحات تليفزيونية: "من الصعب جدا التعبير عن ذلك بالكلمات: 352 يوما على الطريق، وقت طويل دون رؤية عائلتي، جسدي يعاني من الكثير من الألم".
وخلال رحلته، تمكن كوك من جمع أكثر من 574 ألف جنيه إسترليني (725 ألف دولار)، سيتبرع بها لمؤسسة "رانينغ تشاريتي" الخيرية البريطانية، التي تساعد الشباب الذين يعانون من التشرد والاحتياجات الخاصة في قارة أفريقيا.
#ProjectAfrica Day 248-260: 528km????♂️
Total raised for charity: £124,083
Morning boys and girls. Been a minute. Internet in Guinea is heavily restricted so I haven’t been able to access socials until now. Lots been happening as always.
Humidity has dropped as we are heading… pic.twitter.com/JfnJ9xXs8L
— Russ Cook (@hardestgeezer) January 7, 2024
وقبل الانطلاق في رحلة التحدي، كشف كوك عن رغبته في إحداث فرق، قائلا: "أنا رجل عادي تماما، لذا إذا تمكنت من القيام بذلك، آمل أن يتمكن الناس من تطبيق ذلك على حياتهم بأي طريقة يختارونها".
دفن نفسه حيا لمدة أسبوع كاملووصف كوك التحدي بأنه "الأصعب في حياتي ولكنه شرف كبير. لقد التقينا بأشخاص رائعين في كل بلد زرناه والذي رحب بنا بكل حب ولطف. إن روح الإنسان شيء جميل".
وسبق أن قام كوك بمغامرات مثل الجري مسافة 3218 كيلومترا من الجانب الآسيوي في مدينة إسطنبول بتركيا إلى مدينة لندن ورثينج بمقاطعة لينكون جنوب شرق إنجلترا خلال 68 يوما.
View this post on InstagramA post shared by Russ Cook (@hardestgeezer)
ويعد كوك أيضا صاحب الرقم القياسي العالمي لأسرع سباق ماراثون أثناء سحب السيارة عام 2020، حيث شارك في ماراثون على طول واجهة ورثينج البحرية بسيارة سوزوكي ألتو التي يبلغ وزنها 730 كيلوغراما، وأنهى السباق في 9 ساعات و56 دقيقة، محطما الرقم القياسي العالمي السابق لسباق ماراثون سحب السيارات في نصف الوقت تقريبا.
View this post on InstagramA post shared by Russ Cook (@hardestgeezer)
وفي أبريل/نيسان 2021، خطط روس كوك للبقاء من دون طعام أو ضوء الشمس أو الاتصال البشري لمدة أسبوع كامل، وقال روس: "الأمر بسيط جدا حقا، لدي صندوق معدني، وسأحفر حفرة كبيرة، وأضع الصندوق المعدني فيه، وسأدخل فيه. سوف يصبون الطين فوقي، وفي غضون أسبوع سيحفرون لي من جديد".
View this post on InstagramA post shared by Russ Cook (@hardestgeezer)
وقضى روس الأيام السبعة تحت الأرض دون أي طعام، ولا شيء سوى الضروريات الأساسية المطلقة لإبقائه على قيد الحياة.
وقال كوك: "سأحصل على أنابيب المياه والتهوية حتى أتمكن من الحصول على الهواء، ولكن هذا كل ما في الأمر".
وأضاف: "لقد فعل الناس أشياء مماثلة من قبل، ولكن لم يفعل أحد ذلك على الإطلاق بهذه الطريقة. لقد فعل ديفيد بلين شيئا كهذا من قبل، ولكن كان لديه سقف زجاجي حتى يتمكن من الرؤية في الخارج ورؤية أشخاص آخرين. أردت أن أجعل نسختي منه بأقصى ما أستطيع".
كوك.. مدرب مغامرات للشبابوقال أليكس إيغل، وهو صديق ومؤسس مشارك لمؤسسة "رانينغ تشاريتي" الخيرية، حيث عمل كوك كمدرب مغامرات للشباب قبل الشروع في مشروع أفريقيا، لصحيفة "غارديان"، "عندما اقترح كوك لأول مرة مغامرة أفريقيا كان من الواضح أنها ستكون غريبة، لكن كل من يعرفه اعتقد أنه يستطيع فعل ذلك".
وأضاف: "إنه رجل حازم، يتغلب على التحديات الصعبة في حياته. كنت أشعر بالقلق في بعض الأحيان من ذهاب كوك إلى المجهول، لكن كلما تحدثنا في الأمر كان إيجابيا دائما، وممتن حقا للتجربة وللأشخاص الذين يلتقى بهم.. هذه هي شخصيته".
So proud of Russ the @hardestgeezer, so humble, so kind hearted, just an amazing human being showing us all what we can achieve when we put one foot in front of the next. https://t.co/uxOg8F2ODy
— Alex Eagle (@mralexeagle) April 8, 2024
وأضاف إيغل: "إذا كنت شديد الحساسية، فإن صور قدميه تكون مروعة للغاية في بعض الأحيان. لقد كان دائما قادرا على التفكير في التحديات والتغلب عليها، إنه أمر مذهل."
Final day vibes, 352 days, 16,000+km, 385 marathons and counting. Russ Cook, you are an inspiration. You have raised so much, have inspired so many, and we cant wait to see you! pic.twitter.com/02wUygxEob
— The Running Charity (@Running_Charity) April 7, 2024
وتخطط المؤسسة الخيرية لتنظيم ركض جماعي عند عودة كوك من أفريقيا وسيدير كوك أيضا ماراثون لندن مع شباب من المؤسسة الخيرية، ووفق إيغل: "أعتقد أن ذلك سيكون بمثابة نزهة في الحديقة بالنسبة له".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات pic twitter com
إقرأ أيضاً:
حفيد مانديلا لـ”الثورة ” :التزام جنوب أفريقيا بدعم النضال الفلسطيني مبدئي وثابت
من المؤسف أن نرى دول العالم العربي والدول الإسلامية تطبع علاقاتها مع إسرائيل ومتواطئة إزاء جرائم الحرب التي ترتكبها الاحتلال في غزة اليمن بات ظهرا تستند إليه المقاومة الفلسطينية وتشعر أنها ليست وحدها . علينا جميعا أن نبقى ثابتين مع رؤية وأهداف المؤتمر الذي انعقد بصنعاء .. فلسطين لن تكون وحيدة . بريطانيا دائما في الجانب الخطأ من التاريخ ..لذلك لم يفاجئني قرار منعي من دخولها . نحن في جنوب افريقيا مصممون على أن ينال مرتكبو جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين عقابهم على ما اقترفوه من جرائم منذ عام 1948 . الخطر على العالم يكمن في نظام القطب الواحد المتمثل بالهيمنة الأمريكية على العالم .. و”البريكس” خيار جديد .
جسد المناضل الأفريقي الأممي الراحل نيلسون مانديلا معنى الأخوة الإنسانية، أخوة الخلق التي وصفها الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- .. مانديلا زار غزة عام 1995م، ومن هناك قطع وعدا بأن تعمل بلاده على دعم النضال الفلسطيني حتى التحرير، وقال : “ إن استقلال دولة جنوب إفريقيا لن يكتمل إلا باستقلال فلسطين “.
وفي هذا الموقف يتجسد المؤمن الحق الذي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، كما في حديث النبي الأكرم الذي بدأه بالقسم “ والذي نفس محمد بيده … “ .
أسس مانديلا حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وقاد من خلاله نضالا طويلا حتى تخلصت جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصري عام 1994م.
وعلى مدى 30 عاما ظل حزب مانديلا ولا يزال هو الحزب الحاكم في دولة جنوب إفريقيا، ولا يزال الحزب متمسكا بوعد مانديلا في دعم النضال الفلسطيني، وهذا ما دفع حكومة جنوب إفريقيا لتقديم دعوى ضد كيان إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية في ديسمبر 2023م.
ومن أجل فلسطين، استجاب حفيد مانديلا زويلفليل مانديلا- عضو البرلمان في جنوب إفريقيا لدعوة صنعاء والمشاركة في “ مؤتمر فلسطين الدولي الثالث “ الذي اختتم أعماله في الـ25 من مارس الماضي.
“الثورة” التقت حفيد مانديلا في حوار تحدث فيه عن التزام بلاده في دعم النضال الفلسطيني، وعن الدعوة التي رفعتها في محكمة العدل الدولية، والضغوط التي تتعرض له بلاده على خلفية مواقفها، كما تطرق الحوار الى الخذلان العربي لإخوانهم الفلسطينيين مقارنة بالدعم الأفريقي الذي تلقته بلاده في نضالها ضد نظام الفصل العنصري:
أجرى الحوار/ عباس السيد – ترجمة/ هاشم السيد
يتداول السياسيون في جنوب إفريقيا مقولة شهيرة لجدكم الراحل المناضل الأممي نيلسون مانديلا، وهي : ستظل حريتنا ناقصة مالم تكتمل بحرية الفلسطينيين « .. مقولة مانديلا باتت أشبه بمبدأ سياسي لجنوب إفريقيا، مع انها أخلاقية اكثر منها سياسية.. ما الذي يجعلكم تتمسكون بهذا المبدأ في ظل عالم تتحكم به المصالح وحسابات الربح والخسارة ؟
– أولا شكرا على دعوتكم لي للحديث عبر صحيفتكم .
لقد زار جدي نيلسون مانديلا غزة عام 1995م قطاع غزة، وأعلن من هناك أن حرية جنوب أفريقيا ليست كاملة بدون حرية فلسطين، وهذا يعتبر التزاماً حقيقياً بدعم النضال الفلسطيني من قبل الشعب والقيادة في دولة جنوب أفريقيا، وليس من قبل مانديلا فحسب .
نحن كنا نستفيد من تضامن العالم معنا للحصول على حريتنا، وذلك التضامن الدولي شكل ضغطا كبيرا على نظام الفصل العنصري في بلدنا وكان ذلك ضمن العوامل الرئيسية التي أدت إلى حصولنا على حريتنا واستقلالنا بالتخلص من نظام الفصل العنصري عام 1994م.
وعلى هذا الأساس قدم جدي الراحل مانديلا وعدا أو التزاما بالتضامن والدعم من أجل تحرير فلسطين .
ونحن، هذا الجيل الحالي في دولة جنوب أفريقيا، أخذنا على عاتقنا هذا الإلتزام، ونناضل حاليا لكي تحصل فلسطين على استقلالها .ٍ
تتعرض جنوب إفريقيا لضغوط وعقوبات سياسية واقتصادية من قبل الولايات المتحدة وبعض الدل الأوروبية بسبب مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية .. ما تأثير هذه الضغوط على المواقف الجنوب إفريقي ؟
– هذه عبارة عن تكتيكات تتبعها الولايات المتحدة للضغط على بلادنا كي تتخلى عن دعمها لفلسطين وبالتالي حماية وكيلتها الصهيونية في المنطقة، ولكننا في جنوب إفريقيا مصممون على أن ينال مرتكبو جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين عقابهم على ما اقترفوه من جرائم الحرب والتصفيات العرقية، وتحميلهم المسؤولية الكاملة عن جرائمهم منذ النكبة عام 1948م.
بحسب مناضلين جنوب إفريقيين، النضال الفلسطيني كان ملهما لهم في مسيرتهم للتحرر من نظام الفصل العنصري ” الأبارتايد ” السابق .. ما الفرق بين النظامين العنصريين – الجنوب إفريقي السابق، والإسرائيلي؟ ولماذا نجح الجنوب إفريقيون وفشل الفلسطينيون ؟.
– لا يجب أن نعتبر أن الفلسطينيين أخفقوا في الحصول على استقلالهم، يجب أن نتذكر أننا في جنوب أفريقيا بقينا تحت الاحتلال 350 عاما ثم خمسين عاما تحت نظام الفصل العنصري الظالم، هذا يعني أن معاناتنا استمرت 400 عام، بينما الفلسطينيون يعانون تحت الاحتلال منذ أربعينيات القرن الماضي ـ حوالي 75 عاما، لكنه في الحقيقة أكثر مأساوية وعنصرية مما عانيناه نحن في جنوب أفريقيا .
أما عن الأسباب التي جعلت جنوب إفريقيا تنجح في الحصول على حريتها، فإن ذلك لا يعود لجهود أو نضال أبنائها فحسب، لقد قدم جدي الراحل نيلسون مانديلا خيارين اثنين : إما أن نستسلم لنظام الفصل العنصري، أو نقاوم، وقد اخترنا خيار المقاومة .
وتم تشكيل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي كإطار سياسي بجناح عسكري، وحملنا سلاحنا وقاتلنا المحتل، وانضمت إلينا بعض حركات التحرر، ودعمتنا دول ومنظمات إفريقية، وأيضا كل قادة دول أفريقيا الكبيرة كانوا يساندوننا .
وخلال نضالنا المسلح، حصلنا على دعم المناضل الراحل ياسر عرفات، ومعمر القذافي من ليبيا، وأيضا من كوبا ورئيسها فيدل كاسترو .
وكنا نعلم جيدا أن الكفاح المسلح يعتبر إحدى وسائل النضال من أجل التحرر، ولذا كان لا بد لنا أن نكون موحدين نحن شعب جنوب أفريقيا، بما في ذلك نقابات الطلاب ومنظمات المجتمع المدني، وتم تشكيل الجبهة الديمقراطية الموحدة في الثمانينيات، وتمكنا من حشد كل الطاقات في المجتمع، وجعلنا جهودنا تتركز كلها ضد عدو واحد، وهو نظام الفصل العنصري الذي يضطهدنا .
وكان لفئة الشباب دور هام في ذلك، إذ دعا جدي الراحل هذه الفئة للانخراط في المعركة ضد النظام العنصري، وهذا شبيه لما نراه الآن في فلسطين، حيث الشباب في مقدمة صفوف المقاومة .
ونحن ندعو باستمرار الفلسطينيين إلى التوحد والمشاركة بفاعلية بالنضال في غزة والضفة الغربية .
إنه لمؤسف ومقلق لنا، أن نرى دول العالم العربي والدول الإسلامية تطبع علاقاتها مع إسرائيل ومتواطئة في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في غزة.
ونحن نناشد هذه الدول بقوة، أن لا تكون متواطئة في جرائم حرب الإبادة التي ترتكب في غزة، وأن لا تطبع علاقاتها مع الصهاينة، وندعوها للوقوف مع أهل فلسطين، ودعم المقاومة الفلسطينية أسوة بما يفعله اليمن حاليا بقيادة أنصار الله، وكذلك أسوة بحزب الله اللبناني والمقاومة العراقية في إطار محور المقاومة .
خلال نضالنا في جنوب أفريقيا، تلقينا دعما من المهاجرين الجنوب إفريقيين في مختلف دول العالم، لقد كانوا سفراء لنا ولعبوا دورا نضاليا مؤثرا في التعريف بمظلوميتنا .
وبالمثل، هناك حوالي 7 ملايين فلسطيني مهاجرون في الخارج، وقد اندمجوا في المجتمعات التي يعيشون فيها، وندعوهم لمد يد العون ليكونوا في مقدمة المناضلين لتحرير وطنهم فلسطين .
وأخيرا يأتي دور المجتمع الدولي نفسه، حيث تحركنا في أوساط الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في الدول والبرلمانات في دول العالم، وتواصلنا مع الدول الإقليمية، واستطعنا الحصول على دعم من منظمة الدول الأفريقية المعروفة حاليا بالاتحاد الأفريقي .
كثير من الدول دعمتنا، والقليل منها اختارت الوقوف إلى جانب نظام الفصل العنصري، مثل أمريكا وبريطانيا، وهذا يشبه ما نراه الآن في الحالة الفلسطينية، لكننا لم نيأس عندما وقفت مارجريت تاتشر ـ رئيسة الوزراء البريطانية سابقا ـ إلى جانب نظام الفصل العنصري، تواصلنا مع الناس في بريطانيا، و مع منظمات الحقوق المدنية في أمريكا عندما انحاز الرئيس رونالد ريجان للنظام العنصري، وشكلت هذه الجبهات رافدا مهما لمناهضة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا .
نحن الآن نرى نجاحا حققته القضية الفلسطينية من خلال الانتفاضات التي حصلت في جميع أنحاء العالم ضد الصهيونية .
انتم شخصيا، تتعرضون لحملة تحريض وضغوط مختلفة على خلفية مواقفكم المؤيدة للحق الفلسطيني.. ما الذي تعكسه هذه الضغوط، وما الذي تعتمدون عليه في مواجهتها ؟.
– بالنسبة لي، فأنا لا أعتبر ذلك أمرا مفاجئا أن أمنع من دخول بريطانيا .. لقد كانت بريطانيا دائما في الجانب الخطأ من التاريخ، وفي مرحلة نضالنا كانت مارجريت تاتشرـ عن حزب المحافظين ـ ضدنا، بينما كان حزب العمال البريطاني معنا، الآن حزب العمال يحكم بريطانيا، لكنه واقع تحت السيطرة وتم احتواؤه .
أنا لا أرى أي عوائق تقيدني من عدم القدرة على السفر إلى بريطانيا، تستطيع الحكومة البريطانية منعنا من ذلك لمعاقبتنا على موقفنا الداعم لفلسطين، ولكنها لا تستطيع إسكات النضال الفلسطيني، وفي هذا الخصوص، نحن مستمرون في جهودنا، مستلهمون تحركنا وتصميمنا من المناضلين الفلسطينيين الذين يدفعون أثمانا باهظة، بعضهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية يتعرضون للتعذيب والحرمان من أبسط حقوقهم، وبعضهم يدفعون حياتهم من أجل التحرير .
كما أننا لا زلنا نناضل داخل الدولة التي تمنعنا من دخولها، ومستمرون في التواصل مع المجتمع في مدينة لندن لحثه على الخروج بمئات الآلاف في يوم القدس العالمي.
يرى كثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين، أن الكيان الاستعماري المتمثل بإسرائيل وسياساستها التوسعية العنصرية، يعد خطرا على العالم، وليس على فلسطين وحدها .. هل تتفقون مع هذه النظرة؟ .. وهل باتت قضية فلسطين قضية أحرار العالم ؟.
– إسرائيل أو الصهيونية هي مجرد أداة أو وكيل لأمريكا في المنطقة، وقد زرعت من أجل تعزيز السياسات الخارجية الأمريكية، والخطر على العالم يكمن في نظام القطب الواحد المتمثل بالهيمنة الأمريكية على العالم .
وبالنسبة لنا في جنوب أفريقيا، وكوننا إحدى الدول المؤسسة لمنظمة البريكس مع بقية الدول الأخرى ـ روسيا، الهند، البرازيل والصين ـ نرى أن ذلك قد أحدث تغييرا جيوسياسيا في العالم، فالبريكس تقدم خيارا آخرا غير نظام القطبية الأحادية التي تمثلها أمريكا، حيث يتم التحول من نظام القطب الواحد إلى نظام متعدد الأقطاب في السياسة الدولية، وتستطيع الدول المشاركة بشكل متساو وندي، وقد عبرت الكثير من الدول عن رغبتها في الانضمام الى البريكس، من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.
متفائلون
نحن متفائلون في المستقبل، نرى اليمنيين وهم يقاومون الصهيونية دعما لأهل غزة، ونرى دولة جنوب أفريقيا وقد توجهت إلى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لضمان إدانة الحركة الصهيونية بمسؤوليتها عن الجرائم التي ترتكبها في فلسطين .. وحتى الآن انضمت 13 دولة إلى الدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا، ونحن ندعو دولا أخرى كثيرة للانضمام إلى هذه الدعوى.. كيف تقيمون الدور اليمني في إسناد غزة وتأثيره في المعركة مع الصهيونية في فلسطين، وفي المعركة مع الامبريالية والهيمنة الاستعمارية الغربية ؟.
– لقد تجاوز اليمنيون عمليات الدعم والإسناد لغزة، وأصبحوا منخرطين في المعركة نفسها، وبهذا الدور فإنهم يعطون الأمل للفلسطينيين، أصبحت المقاومة الفلسطينية تشعر أن لديها ظهراً تستند إليه وهو الشعب اليمني، وأنها ليست وحدها.
نجح اليمنيون في فرض حصار على الملاحة الإسرائيلية، وبات في طليعة دول العالم المساندة للشعب الفلسطيني .
الدعوى التي قدمتها جنوب افريقيا إلى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل في 29 ديسمبر 2023م، كانت خطوة جريئة وشجاعة، قد تسبب لكم كراهية كم مليون صهيوني، لكنكم كسبتم قلوب شعوب العالم.. كيف تنظرون إلى مستقبل هذه الدعوى وتأثيرها في القضية الفلسطينية ؟
– لقد نجحت الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا إلى حد ما في تحقيق الغرض، لأنها المرة الأولى في تاريخ الصهيونية منذ 76 عاما التي تتم محاكمتها، وقد نجحت جنوب أفريقيا في الحصول على قرار اعتقال نتنياهو وأعضاء من حكومته شاركوا معه في ارتكاب جرائم الإبادة في فلسطين .
وبالطبع فإن هذا القرار إن لم يطبق فليس له معنى، ولكننا سوف نستمر في الضغط والتفاهم مع الدول الـ 120 الموقعة على اتفاقية مكافحة جرائم الإبادة الجماعية، بأن تقوم بتطبيق هذا القرار في حالة دخول أي من المشمولين المطلوبين إلى أراضيها . هذا انجاز بحد ذاته .
نحن بالفعل نتعرض لضغوط من قبل أمريكا وبريطانيا وألمانيا ودول أخرى كي نتخلى عن موقفنا المساند لفلسطين، ونحن ندرك ذلك، لكن دولة جنوب افريقيا موقفها مبدئي وثابت، وهو موقف ينسجم مع النهج الديمقراطي للدولة، وأيضا تنفيذاً للوعد الذي قطعه الراحل نيلسون مانديلا أثناء زيارته لغزة عام 1995م، بأن استقلال دولة جنوب أفريقيا لا يعتبر مكتملا ما لم تتحقق الحرية لفلسطين .
-في انتخابات 2024م، فقد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الأغلبية البرلمانية لأول مرة منذ 30 عاما، البعض يرجع ذلك إلى مواقف الحزب المناهضة للسياسات الإسرائيلية .. ما مدى صحة ذلك ؟.
– بالنسبة لنا، يمكن القول إن هناك سببين أو جانبين، لأن الانتخابات في بلادنا تتمحور حول الأوضاع والقضايا الداخلية، والناخبين يدلون بأصواتهم بناء على تقييمهم لأداء أحزابهم خلال السنوات الخمس الماضية .
وفي هذا السياق، يمكن أن ننظر إلى نتيجة الانتخابات الماضية على أساس أن نسبة من المواطنين في دولة جنوب أفريقيا لم يكونوا واثقين أو راضين عما أنجزه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم خلال الفترة الماضية في مجال التنمية والتطوير وتحسين مستوى معيشة المواطنين إضافة إلى قضايا الفساد .
تأثير خارجي
هناك أيضا عوامل خارجية أثرت على نتائج الانتخابات في 2024م، إذ قامت المؤسسة الصهيونية وحلفاؤها من الدول بتوحيد أحزاب المعارضة وتمويل حملاتها بطريق تضمن حصول حزب المؤتمر الوطني على أقل نسبة من الأصوات، وإذا نظرت إلى عدد أحزاب المعارضة التي تكتلت مع بعضها بدعم صهيوني سيتضح وجود لوبي ضد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي – حصل على 155 مقعدا من أصل 400 مقعد في البرلمان .
ولذا، أعتقد أن على الحزب أن يقوم بعمل تقييم داخلي ليرى ماذا يمكن عمله في انتخابات 2026م.
وفي اعتقادي، لو أراد الحزب التعافي وإعادة بناء نفسه، فلا بد له أن يتوحد أيديولوجيا مع الأحزاب المنبثقة عنه في اليسار و أقصى اليسار .
كلمة أخيرة توجهونها لليمنيين ؟.
– أولا نود أن نشكر القادة في اليمن وعلى رأسهم السيد عبدالملك الحوثي، لحضور مؤتمر فلسطين الدولي الثالث، كوننا جزءاً من المجتمع الدولي، كناشطين سياسيين، للتضامن مع فلسطين، وكذلك مع اليمن الذي يتعرض لحصار مستمر .
ونستغل هذه الفرصة لنتوجه بالشكر للقيادة والشعب اليمني الذين استقبلونا بالمشاعر الدافئة وكرم الضيافة وحسن الاستقبال الذي كان استثنائيا .
ويجب علينا جميعا أن نبقى ثابتين، مستمرين مع فكرة وأهداف المؤتمر الذي انعقد بصنعاء، وهي أن فلسطين لن تكون وحيدة، ويجب أن ننضم مع اليمن لدعم النضال الفلسطيني، ونقول لأهل غزة والضفة الغربية إنكم لستم وحدكم، الشعب اليمني يقف معكم وكذلك كل عشاق الحرية في العالم يقفون معكم، لن تكونوا وحدكم .
نشكر شعب اليمن ونؤكد له أننا سوف نعمل على حشد كل طاقات المجتمع الدولي، كما فعلنا من خلال « الانتفاضة الإلكترونية « وسنستمر بعمل المزيد دعما للشعب الفلسطيني .