الكنائس الخمسينية بأفريقيا.. نافذة التطبيع السياسي والديني مع إسرائيل
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
مع بدايات القرن الـ20 وتزامنا مع ظهور "الحركة الخمسينية" في الولايات المتحدة وإنجلترا، شهدت أفريقيا ظهور حركات دينية داعية إلى إنشاء كنائس مستقلة تعكس الهوية والخصوصية الأفريقية.
استجابة لذلك، برزت الكنائس الخمسينية الأفريقية التي اتخذت من المعتقدات الأفريقية وتعاليم العهد القديم أساسا لها، مؤكدة على الزواج بين الثقافة الأفريقية والمسيحية.
هذه الكنائس، التي نشأت من قلب المجتمعات الأفريقية، كانت تهدف إلى خدمتها والتحرر من التأثيرات الاستعمارية والتبشيرية الغربية، وهو ما جعلها تجسد روح الاستقلالية في المال والمؤسسات، لكنها تحولت إلى داعم لإسرائيل في القارة.
يسعى هذا التقرير إلى الإجابة عن سؤال: كيف تسهم الكنائس الخمسينية بجانب اليهود الأفارقة في دعم السردية الإسرائيلية؟
التاريخ والانتشار الجغرافيبدأت حركة كنيسة الخمسينية الكاريزماتية عام 1905 في الولايات المتحدة وإنجلترا، بانبثاقها من الكنيسة الرسولية، لتصل إلى جنوب أفريقيا عام 1908 وساحل العاج عام 1914. وظهرت النسخة المعدلة أفريقيا أولا في غانا ونيجيريا خلال ثلاثينيات القرن الـ20، وشهدت زيادة في عدد أعضائها ابتداءً من ثمانينيات ذلك القرن.
وفي دراسة بموسوعة أكسفورد بعنوان "تاريخ الخمسينية الأفريقية"، تقول الخبيرة النيجيرية ميمي تاكامبو: "لقد ساهمت الخمسينية في جعل المسيحية ديانة أفريقية؛ استوعبت الإنجيل، ثم طورت الإيمان ليتناسب مع حساسياتهم الثقافية واهتماماتهم، وعدلت النصوص لتتماشى بشكل صحيح مع خرائطهم الأصلية للكون…"، وبحسب الدراسة، فإنها بدأت صغيرة الحجم لكنّها نمت بوتيرة سريعة، وتمتاز بشبكات واسعة تمتد حتى الأرياف البعيدة.
وفي عام 2015، تم تقدير عدد الخمسينيين (المجددين) في أفريقيا بحوالي 202 مليون و92 ألف شخص، وهو ما يمثل تقريبا 35% من مجموع المسيحيين في القارة البالغ عددهم 574 مليونا و52 ألفا، ونحو 17% من العدد الكلي لسكان القارة الذي يصل إلى 1.19 مليار نسمة.
وفي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وحدها، تُمثّل الخمسينيّة 36% من المسيحيين البالغ عددهم 564 مليونا و5 آلاف. وهو نموٌ ملحوظ مقارنة مع عام 1970، حيث كانوا يشكلون فقط 13% من المسيحيين في المنطقة.
وتبدي البنية الأساسية لهذه الكنائس انسجاما أوثق مع العقيدة اليهودية مقارنة بالطوائف الدينية الأخرى. ويستند انجذاب الخمسينية نحو اليهودية إلى تفسير مباشر للكتاب المقدس، رافضين ما يُعرف بنظرية "استبدال الشعب"، التي تقول إن اليهود فقدوا مكانتهم كشعب مختار نتيجة رفضهم للمسيح"، مصرين على أنّ العهد الإلهي مع اليهود ما زال ساريا، وينظرون إلى النظرية كمغالطة تم ترويجها عبر الكنائس التبشيرية الغربية.
وتعتقد الخمسينية كذلك بأن الكنائس الغربية تلاعبت بالنصوص، لذا فإن من مهامهم كشف الزيف، والمقاصد الإلهية الحقيقية. وينطوي هذا المعتقد على نتائج مهمة على الصعيد السياسي، مثل الاعتقاد بأن دعم اليهود وإسرائيل يجلب البركات الإلهية، استنادا إلى "عهد الله لإبراهيم في سفر التكوين" ودورهم الأساسي في مقدمات النهاية.
تبرز نيجيريا كمثالٍ رئيسي لنمو الحركة الخمسينية في أفريقيا، حيث تأثير قادة دينيين مثل كريس أوياخيلومي، تي بي جوشوا، وإينوخ أديبويه، يمتد عالميا. هؤلاء القادة، الذين يجذبون ملايين المتابعين، أجروا زيارات إلى إسرائيل، ناقلين تجاربهم عبر وسائل الإعلام، مثل تي بي جوشوا الذي حاز على لقب "سفير حسن النيات السياحية" من وزير السياحة الإسرائيلي بعد تنظيم صلاة في الناصرة.
أما القس الخمسيني الشهير إينوخ أديبويه فعلق خلال زيارته للمستوطنات الإسرائيلية قائلا: "المشاكل بين اليهود والعالم تنشأ لأنهم مفضلون عند الله. كونك مميزا لدى الله يعني أن الشيطان كذلك لن يحبك"، في إشارة إلى خصومتهم مع العرب والفلسطينيين.
وهذا الانجذاب لإسرائيل، يشمل أصحاب المناصب الكبيرة في السلطة، فالرئيس السابق غودلاك جوناثان (2010-2015)، اعتمد على هويته المسيحية الخمسينية للوصول إلى السلطة، مستفيدا من نفوذ كبار رجال الدين للتأثير على الجماهير. وخلال فترة رئاسته، أجرى "عدة زيارات حج إلى إسرائيل"، مصطحبا معه وفودا من المسؤولين والقساوسة.
وفي السياق الدولي، خلال عضويتها في مجلس الأمن الدولي (2014-2015)، لعبت نيجيريا دورا محوريا في التصويت على قرار يطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكن بعد مكالمة هاتفية من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لجوناثان امتنعت نيجيريا عن التصويت في ديسمبر/كانون الأول 2014، وهو ما أتاح للولايات المتحدة تجنب استخدام الفيتو، في خطوة أثارت دهشة المراقبين.
في يناير/كانون الثاني 2016، أقيم في أوغندا "مؤتمر التوبة" لدعم إسرائيل، واستمر 5 أيام بجزيرة بوسي غرب بحيرة فيكتوريا، وشارك فيه ناداف بيلدمان نائب السفير الإسرائيلي في كينيا، وجوس فان ويستينغ مدير التمويل والتطوير في المنظمة العالمية للصهيونية.
وشهد المؤتمر لحظات عاطفية؛ حيث طلب الضُبّاط -في بكاءٍ- العفو من بيلدمان باسم الشعب اليهودي مما اقترفوه في عهد عيدي أمين، فيما وُصف بأنه "لحظة فارقة" تعكس الإيمان بقبول التوبة والسماح الإلهي.
ونظم المؤتمر الفرع الأوغندي لمنظمة المسيحيين دعما لإسرائيل بإشراف دريك كانابو منذ تأسيسها عام 2009، وحضره أكثر من 150 ضابطا من قوة الدفاع الشعبي الأوغندية (UPDF)، وكان موجها للدعاء والصيام والتكفير عن تصرفات أوغندا تجاه إسرائيل خلال حكم الرئيس السابق المسلم عيدي أمين دادا.
ونشطت المنظمة، التي تتخذ من كمبالا مقرا إستراتيجيا بالقرب من البرلمان الأوغندي، في تنظيم رحلات حج إلى الأرض المقدسة والاحتفال بذكرى قيام إسرائيل على أرض عربية مغتصبة عام 1948.
حالة غاناومنذ إعادة فتحها في أكرا عام 2011، أصبحت السفارة الإسرائيلية في غانا نشطة في تعميق العلاقات بين البلدين، ليس فقط على المستوى الحكومي، بل وكذلك الشعبي، مع التركيز بشكل خاص على الروابط مع المجتمعات المسيحية ويهود غانا المعروفين بـ"بيت إسرائيل".
ودعمت السفارة فعاليات مبادرة إسرائيل-أفريقيا، واستضافت قادة هذه المبادرة، وشاركت في تنظيم مؤتمراتهم الدينية وفعاليات الصلاة. ومن أبرز الشخصيات الدينية المشاركة في فعاليات السفارة الأسقف نيكولاس دنكان وليامز، مؤسس وزارات العمل المسيحي للإيمان، حتى إن المتحدثة باسم السفارة الإسرائيلية لدى غانا شاني كوبر زوبيدا أكدت على هدف تعميق العلاقات بين البلدين عبر مسارات الدين.
وفي عام 2018، أعلن الرئيس الغاني نانا أفوكو أدو الذي ينتمي إلى الخمسينية عن خطط لإنشاء كاتدرائية وطنية متعددة الطوائف تعبيرا عن الوحدة والتناغم الروحي.
ولتعزيز هذا الفكر، تأسس تحالف غانا إسرائيل جي آي إيه ( GIA). وفي الخامس من مارس/آذار 2020، وُضع حجر الأساس للكاتدرائية الوطنية بالعاصمة أكرا بحضور قادة دينيين ومسؤولين حكوميين ودبلوماسيين، بما في ذلك السفيرة الإسرائيلية.
وقد استُورد الحجر الأساس من القدس المحتلة، والذي قدمته زوبيدا كهدية، ويمتاز -بحسبها- بطاقة روحانية مميزة، "ويُتوقع أن يُسبغ الحجر بركاته على الكاتدرائية والمنطقة المحيطة بها، مؤكدا على أهمية القدس للمسيحيين ومعززا العلاقات الثنائية بين غانا وإسرائيل".
الخمسينية والدفاع عن جرائم إسرائيلوعلى غرار غانا، توغلت إسرائيل في المجتمعات المسيحية في شرق أفريقيا ووسطها وجنوبها بالتعاون مع اليهود الأفارقة والكنائس الخمسينية.
هذا الميل إلى اليهودية تجلى تأثيره في موقف الكنائس الخمسينية في أفريقيا من الأحداث الأخيرة في غزة، مع امتناعها عن إدانة الأعمال الإسرائيلية، بل وانتقل بعض أعضائها للدفاع عن العمليات الإسرائيلية بشراسة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويعد هذا السلوك هو التطبيع مع العنف الذي بلغ مستوى ما وُصف بـ"الإبادة الجماعية"، إذ يرون في تبريرهم أنه دفاعٌ إسرائيلي عن النفس ضد جماعات تُكنُّ العداء لليهود لكونهم، حسب وصف القس أديبيوه، "المختارين من الله".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس عن قانون بناء الكنائس: ساهم في تقنين أوضاع أكثر من 3 آلاف كنيسة
كتبت- داليا الظنيني:
أكد البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، على الأهمية التاريخية لقانون بناء الكنائس الذي تم إقراره في عام 2016، مشيرًا إلى أنه ساهم في تقنين أوضاع أكثر من 3000 كنيسة حتى الآن، وهناك 1000 كنيسة أخرى في طريقها للحصول على تقنين أوضاعها.
خلال لقائه مع الإعلامية لميس الحديدي، أكد البابا تواضروس الثاني، أن 90% من مشكلات بناء الكنائس قد انتهت، وأن هذا القانون قد أسهم في إنهاء الفتنة الطائفية التي استمرت لعقود.
وأكد البابا تواضروس أن استبعاد الأقباط من الحياة العامة لم يكن في صالح الوطن، ونوّه إلى أن الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو اتخذت خطوات جادة نحو تحقيق المساواة الكاملة بين جميع المواطنين.
وأضاف أن قانون بناء الكنائس بمثابة قفزة بارزة في مسار تحقيق المواطنة، حيث كانت شروط بناء الكنائس في السابق تعجيزية.
وأشار قداسته إلى أن الثورات التي شهدتها مصر، بدايةً من ثورة 30 يونيو، ثم انتخاب الرئيس السيسي وصياغة الدستور الجديد، وضعت البلاد على المسار الصحيح نحو بناء دولة حديثة. وأوضح أن الرئيس السيسي يمثل قائدًا شجاعًا في إقرار هذا القانون الذي أغلق مصادر الفتنة الطائفية التي دامت أكثر من ثلاثين عامًا دون حل.
وتحدث البابا تواضروس عن تاريخ الفتنة الطائفية في مصر، مستعرضًا أحداث عام 1972، حين شكلت لجنة برئاسة الدكتور جمال العطيفي لمتابعة هذه الملفات، ورغم تقديم اللجنة لتوصيات عديدة، ظلّت الحلول مقيدة لعقود حتى جاء قانون بناء الكنائس ليضع معالجة فعلية لمشكلات استمرت طويلًا.
وفي حديثه عن مرونة الحكومة حيال تطبيق القانون، أكد البابا تواضروس على ضرورة أن تحقق الدولة المعايير التي تدعم المساواة، مبينًا أن القانون لم يساهم فقط في البناء المادي، بل كان له تأثير مباشر في دعم القيم الإنسانية والاجتماعية في المجتمع المصري.
وشدد البابا تواضروس، على أن قانون بناء الكنائس، أحدث تغييرًا حقيقيًا في حياة الأقباط، مما يعكس إرادة الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز السلام بين جميع المواطنين.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
البابا تواضروس الثاني قانون بناء الكنائس تقنين أوضاع 3 آلاف كنيسة مشكلات بناء الكنائس البابا تواضروس عن قانون بناء الكنائستابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى: مطار القاهرة يواصل استعداداته لاستقبال رحلات العمرة خلال شعبان ورمضان الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
البابا تواضروس عن قانون بناء الكنائس: ساهم في تقنين أوضاع أكثر من 3 آلاف كنيسة
© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
القاهرة - مصر
23 14 الرطوبة: 32% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك