رامبور (الهند)"أ ف ب": في مدينة رامبور الهندية نصف الناخبين هم من المسلمين. لكن عددا من النواب المنتهية ولايتهم الذين يمثلونهم من أشد المؤيدين لرئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي يستند في فكره إلى أيديولوجيا تفوق الهندوس.

ومع اقتراب الانتخابات الوطنية التي تبدأ في 19 ابريل ويفترض أن تؤدي إلى إعادة انتخاب رئيس الوزراء ناريندرا مودي تحت راية حزبه القومي الهندوسي "بهاراتيا جاناتا" (حزب الشعب)، يخشى المسؤولون المسلمون المنتخبون مزيدا من التراجع في التمثيل السياسي لمجموعتهم في البلاد.

وتضم الهند التي يبلغ عدد سكانها 1,4 مليار نسمة نحو 220 مليون مسلم لكن حصة ممثلي المسلمين في مجلس النواب انخفضت إلى النصف منذ سبعينات القرن العشرين.

ويضم البرلمان المنتهية ولايته 27 نائبا مسلما فقط - من أصل 543 مقعدا - لا ينتمي أي منهم إلى حزب الشعب الذي يتمتع بالأغلبية في المجلس (310 نواب).

وقال النائب الهندوسي عن رامبور غانشيام سينغ لودهي المرشح لولاية ثانية في هذه المدينة الواقعة في ولاية أوتار براديش (شمال) إن "الجميع يريدون الانتساب إلى حزب بهاراتيا جاناتا".

انتخب لودهي في اقتراع فرعي في 2022، وحل محل النائب المسلم في المدينة بعد انسحابه من حزب الأخير للترشح تحت راية "بهاراتيا جاناتا".ويفسر هذا النقص في تمثيل المسلمين بحسب ضياء السلام مؤلف كتاب حول هذا الموضوع، بأن المسلمين وثقوا بالأحزاب العلمانية لسنوات، معتقدين أنها يمكن أن تمثلهم، مما أدى إلى "غياب واضح لقادة مسلمين".

وأوضح أن عددا من الإصلاحات السياسية جعلت من الممكن منذ استقلال الهند في 1947، إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية ذات الأغلبية المسلمة.

- "لن أتمكن من التصويت" - في رامبور، قال الناشط والكاتب كانوال بهارتي (71 عاما) إن فوز مرشح مسلم "لم يعد يبدو ممكنًا" بسبب هيمنة حزب بهاراتيا جاناتا. ومنذ 1952، اختار الناخبون في رامبور نوابًا مسلمين 15 مرة من أصل 18 انتخابات.

وكان آخر نائب مسلم في المدينة محمد عزام خان، وهو سياسي مخضرم واجه أكثر من ثمانين دعوى قضائية واستقال في النهاية. ويقول أنصاره إن معظم الدعاوى رفعت ضده بعد فوز حزب بهاراتيا جاناتا في ولاية أوتار براديش في انتخابات 2017.

وحُكم على خان العام الماضي بالسجن ثلاث سنوات بتهمة إلقاء خطب كراهية بحق منافسين من حزب بهاراتيا جاناتا.

وبسبب عيوب في الشكل، رُفض طعن في نتائج الانتخابات التي فاز فيها لودهي في 2022 واستخدمت خلالها "جميع الوسائل غير الدستورية" لمنع الدوائر الانتخابية ذات الأغلبية المسلمة من التصويت.

وفي الفترة التي تسبق الانتخابات الوطنية التي ستبدأ في 19 ابريل، يخشى عدد كبير من الناخبين المسلمين في رامبور ألا يتمكنوا من التعبير عن آرائهم في صناديق الاقتراع.

وقال محمد سلام خان (75 عاماً) "إذا تكررت ظروف الانتخابات الأخيرة فلن أتمكن من التصويت مرة أخرى".

- "تخويف" و"تصفية" -

ويرى أسد الدين أويسين النائب المسلم المنتهية ولايته أن الزوال التدريجي لطائفته الدينية من المشهد السياسي يُعزى أيضًا إلى الأحزاب العلمانية التي تقدم عددا أقل من المرشحين المسلمين، خوفًا من فشلها في جذب أصوات الناخبين الهندوس.

ويشير إلى أنه "من الصعب جدًا أن يفوز المرشحون المسلمون من أي حزب سياسي"، متهمًا حزب بهاراتيا جاناتا بتأجيج الخوف ضد المسلمين.

وفي الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين، قدم حزب بهاراتيا جاناتا مجموعة من المرشحين المسلمين، لكنهم خسروا جميعًا، واتهمت أصوات الحزب القومي الهندوسي بعدم الاهتمام بحملاتهم الانتخابية.

وقال ضياء السلام إن المسلمين منبوذون داخل الديموقراطية الهندية، مؤكدا أن "الأمر لا يقتصر على الترهيب" بل يصل إلى حد "التصفية".من جانبه، ينفي حزب بهاراتيا جاناتا أي "تمييز فعلي" على أساس الدين، مؤكدا أن التمثيل السياسي ناجم عن فوز المرشحين في الانتخابات.وقال مهونلومو كيكون المتحدث باسم حزب بهاراتيا جاناتا لوكالة فرانس برس إن "الأمر المثالي الذي نطمح إليه هو أن يكون لدينا أشخاص من جميع الطوائف".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حزب بهاراتیا جاناتا

إقرأ أيضاً:

العقوبات الأمريكية على الإمارات: لعبة الشطرنج السياسي والدبلوماسي في السودان

كتب الدكتور عزيز سليمان – أستاذ السياسة والسياسات العامة

في عالم السياسة، حيث تتقاطع المصالح مع المبادئ، وتتلاقى الأخلاق مع البراغماتية، تبرز قضية العقوبات الأمريكية المحتملة على الإمارات العربية المتحدة كواحدة من أكثر الألغاز تعقيدًا في الشرق الأوسط وأفريقيا. فهل ستنجح الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس ترامب، في فرض قيود صارمة على دولة الإمارات بسبب دعمها لقوات الدعم السريع في السودان؟ أم أن أبو ظبي، بدهائها السياسي المعروف، ستجد طريقة للالتفاف على هذه العقوبات باستخدام حلفائها وعلاقاتها الدولية المتشعبة؟

الإمارات: بين المطرقة الأمريكية والسندان السوداني المُتعب

دولة الإمارات، التي تُعتبر واحدة من أكثر الدول نفوذًا في المنطقة، ليست غريبة عن فنون التحايل السياسي. ففي الوقت الذي تُهدد فيه واشنطن بفرض عقوبات على أي دولة تُقدم الدعم العسكري لقوات الدعم السريع في السودان، تبدو الإمارات وكأنها تلعب لعبة شطرنج دبلوماسية معقدة. فهل ستلجأ إلى استخدام الدول الصديقة كواجهة لتجنب العقوبات؟ وهل ستستخدم أموالها النفطية لدفع الرشاوى أو تقديم "هدايا دبلوماسية" لتليين المواقف الدولية؟

في عالم السياسة، حيث تُعتبر الرشاوى أحيانًا "تكاليف عمل"، قد تكون الإمارات قادرة على تجنب العقوبات الأمريكية، خاصة إذا ما استخدمت علاقاتها الوثيقة مع دول مثل الكيان والسعودية ومصر، أو حتى مع بعض الحلفاء الأوروبيين الذين يرون في أبو ظبي شريكًا استراتيجيًا لا يمكن الاستغناء عنه. ولكن السؤال الأكبر هنا: هل ستستمر الإمارات في مواصلة دعم قوات الدعم السريع، أم أنها ستُعيد حساباتها في ضوء الضغوط الأمريكية المتزايدة؟

السودان: بين المظلومية والدبلوماسية الذكية

أما السودان، الذي يُعتبر حلقة الوصل بين الشرق الأوسط وأفريقيا، فلديه دور محوري في هذه المعادلة. فبدلاً من الاكتفاء بدور الضحية، يمكن للسودان أن يلعب دورًا دبلوماسيًا أكثر فاعلية من خلال تشكيل فريق دبلوماسي محنك لإدارة هذا الصراع الدولي. هذا الفريق يمكنه تقديم شكاوى رسمية ضد رئيس دولة الإمارات في مجلس الأمن، بل ورفع دعاوى ضد دول مثل تشاد وجنوب السودان وأوغندا وكينيا وإثيوبيا، متهمًا إياها بالتواطؤ مع الإمارات ضد السودان.

هذه الخطوة، وإن كانت جريئة، قد تُعيد رسم خريطة التحالفات في المنطقة. فالسودان، بموقعه الاستراتيجي وثرواته الطبيعية، يمكن أن يصبح لاعبًا رئيسيًا في المنطقة إذا ما استخدم أدواته الدبلوماسية بحكمة. فهل سيتمكن السودان من تحويل مظلوميته إلى قوة دبلوماسية تُحاسب الدول المتورطة في دعم قوات الدعم السريع؟

السياسية: بين الأخلاق والمصلحة

في خضم هذه الأحداث، تبرز قضية أخلاقية عميقة: هل يمكن للدول أن تبرر دعمها للجماعات المسلحة في دول أخرى تحت ذريعة المصالح الاستراتيجية؟ وهل يمكن للدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، أن تفرض عقوبات على دول أخرى بينما هي نفسها متورطة في صراعات مماثلة في مناطق أخرى من العالم؟

هذه الأسئلة تدفعنا إلى التفكير في طبيعة السياسة الدولية، حيث تُعتبر المصلحة هي القاعدة الذهبية، والأخلاق مجرد ترف فكري. ولكن في النهاية، فإن التاريخ يُذكرنا بأن الدول التي تعتمد على القوة العسكرية والرشاوى الدبلوماسية قد تُحقق انتصارات قصيرة الأمد، ولكنها نادرًا ما تُحقق سلامًا دائمًا.

الخاتمة: لعبة القوى الكبرى وصغارها

في النهاية، فإن قضية العقوبات الأمريكية على الإمارات ودور السودان في هذه المعادلة ليست مجرد صراع سياسي عابر، بل هي انعكاس لصراع أكبر بين القوى الكبرى والصغرى في عالم يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم. فهل ستنجح الإمارات في الالتفاف على العقوبات الأمريكية؟ وهل سيتمكن السودان من تحويل مظلوميته إلى قوة دبلوماسية؟

الإجابة على هذه الأسئلة قد تُحدد مستقبل القرن الأفريقي والشرق الأوسط لعقود قادمة. ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن السياسة، مثل الشطرنج، هي لعبة لا تنتهي أبدًا
.

 

quincysjones@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • دعاء الجمعة الأولى من شهر شعبان: فرصة للتقرب والاستعداد لرمضان
  • أمين عام علماء المسلمين: اختيار الشرع رئيسا لسوريا خطوة في الطريق الصحيح
  • جماعة حقوقية في بنغلاديش تتهم الحكومة بالفشل في حماية الأقليات
  • نهاية مأساوية لـ سلوان موميكا العراقي الذي أشعل غضب المسلمين بحرق المصحف.. فيديو
  • كارثة الفجر في الهند.. عشرات القتلى بأكبر تجمع بشري في العالم
  • كتاب الحكاية يوثق 12 عامًا من العمل السياسي
  • مكتب نتنياهو يصحح خارطة المغرب وينشرها كاملة بصحرائه (صورة)
  • عندما يصبح الرّاب مسرحا للتراشق السياسي.. عربي21 ترصد المشهد المغربي
  • العقوبات الأمريكية على الإمارات: لعبة الشطرنج السياسي والدبلوماسي في السودان
  • نائبان يطوّرا تحركهما السياسي والبرلماني