تحت أعين النظام.. مواجهات ثأرية تهز الجنوب السوري
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
19 قتيلا بينهم أطفال ونساء هي حصيلة الأحداث التي عاشتها مدينة الصنمين، بريف محافظة درعا السورية، يوم الأحد، بعدما اندلعت مواجهات "ثأرية" بين مجموعتين مسلحتين، الأولى تعرف بارتباطها بفرع "الأمن العسكري" والثانية بـ"أمن الدولة" التابع للنظام السوري.
الأحداث تمثلت حسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان" وصحفيين تحدثوا لموقع "الحرة" بعمليات إعدام ميداني وحرق منازل وتنكيل طال النساء والأطفال داخل المنازل التي يقيمون فيها في المدينة الواقعة بالريف الشمالي لدرعا.
وكان 8 أطفال قتلوا في المدينة ذاتها، يوم السبت، جراء انفجار عبوة ناسفة في المكان الذي يعلبون فيه. ورغم أن الحادثة شكّلت شرارة ما حصل بعدها كان للمواجهات والفضائع التي تخللتها جذور سابقة.
كيف بدأت القصة؟ويوضح الناطق باسم "تجمع أحرار حوران"، أيمن أبو محمود، أن المواجهات اندلعت بين مجموعة "محسن الهيمد" المتهمة بارتباطها بفرع "الأمن العسكري" التابع للنظام السوري ومجموعة "أحمد جمال اللباد" الملقب بـ"الشبط".
وجاءت بعدما اتهم قائد المجموعة الأولى نظيره الثاني المرتبط بـ"أمن الدولة" بالوقوف وراء التفجير الذي أودى بحياة الأطفال الثمانية، رغم نفي الأخير لذلك.
الصحفي أبو محمود يقول لموقع "الحرة" إن مجموعة "الهيمد" هاجمت حارة الجورة التي يقيم فيها قائد المجموعة الثانية المرتبطة بـ"أمن الدولة" وأقربائه وعائلته، وعمل عناصرها على حرق المنازل وتنفيذ الإعدامات الميدانية في الشوارع.
وبعدما أقدموا على حرق منزل "الشبط" تبين فيما بعد أن بداخله والده جمال محمود اللباد، وشقيقيه "طفلين" أدى الحريق لمقتلهم الثلاثة.
ووصف الباحث السوري، أحمد أبا زيد، ما حصل في الصنمين، الأحد، بـ"مجزرة تشبه حالات الاستباحة في الحروب الأهلية والإبادات الجماعية".
وأوضح أنها "حصلت أمام حواجز ومقرات تابعة لجيش النظام السوري، بلا أي تدخل لوقفها".
وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن غالبية القتلى جرى إعدامهم ميدانيا والتمثيل بجثثهم بعد إلقاء القبض عليهم من قبل المجموعة المرتبطة بفرع "الأمن العسكري".
وأضاف أن قائدها "محسن الهيمد" كان منتميا في السابق لتنظيم "داعش"، وأن "المرصد" حصل على أشرطة مصورة تظهر سحل الجثث والاحتفال بقتل المدنيين والمسلحين من آل اللباد، وهم يهتفون بشعارات دينية.
وقال الصحفي أبو محود: "الطرف الأسوأ في المواجهات كان عناصر وقادة المجموعة التابعة للأمن العسكري".
ويؤكد أنهم كانوا "يعرفون في السابق بارتباطهم بداعش"، وأن من هاجم منهم حارة الجورة بالأمس "كان يرتدي زيا يشبه الزي الخاص بعناصر التنظيم" الإرهابي.
"قتل على الهوية"وتخضع مدينة الصنمين وباقي مناطق محافظة درعا في جنوب سوريا لسيطرة النظام السوري، وكان الأخير قد استعاد سلطته الأمنية والعسكرية هناك بعدما فرض في 2018 اتفاق "تسوية" برعاية روسية.
وبينما كان المرجو من "التسوية" فرض حالة من الاستقرار في المحافظة كانت الأحداث على الأرض تخالف لذلك على مدى السنوات الستة الماضية.
ولم يصدر أي تعليق من جانب النظام السوري على ما عاشته المدينة الواقعة شمالي درعا حتى الآن، رغم أن وسائل إعلامه الرسمية أوردت الخبر الخاص بمقتل الأطفال الثمانية، بانفجار العبوة الناسفة.
ويضيف الصحفي أبو محمود أنه "لم تدخل أي لجنة قضائية إلى الصنمين حتى الآن".
ويعتبر أن ما حصل "بدفع وتحريض من النظام، خاصة أن المجموعات المتناحرة تعرف بتبعيتها لأفرعه الأمنية".
ويعتقد أيضا أن "هجوم الأحد جرى تنسيقه بين قائد المجموعة الأولى (الهيمد) وشعبة المخابرات العسكرية، مستغلين حادثة انفجار العبوة الناسفة ومقتل الأطفال".
وقال الصحفي إن "المواجهات تخللها حرق أطفال وقتل على الهوية".
ويشير إلى أن "تداعيات الأمر خطيرة رغم توقف المواجهات، لأن القتال خلف كوارث بكل معنى الكلمة".
ولم تتدخل اللجان المركزية و"اللواء الثامن" المدعوم روسيا لفض الاقتتال، حسبما أشار "المرصد السوري".
وقال إن "الهيمد متهم بالانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية ويتبع لشعبة المخابرات العسكرية ورئيس فرع درعا لؤي العلي".
"إثارة فوضى محلية"وهذه ليست المرة الأولى التي تندلع فيها مواجهات بين مجموعات تتبع لأفرع أمن النظام السوري في جنوب سوريا.
وكذلك، ليست المرة الأولى التي تندلع فيها مواجهات بين مجموعة "الهيمد" و"اللباد" في الصنمين، دون أن يصل الأمر في السابق إلى حد التنكيل بالمدنيين العزل.
ويوضح الباحث السوري في مركز "جسور للدراسات"، وائل علوان، أن "ما يحصل في الصنمين هو إثارة فوضى محلية عشائرية مناطقية بشكل كبير جدا لصالح فرع الأمن العسكري ورئيسه لؤي العلي".
ويرى علوان في حديثه لموقع "الحرة" أن "الفوضى تفتح الباب أمام أجهزة الأمن للانتقام من الأشخاص المطلوبين لديها من جانب، ولبسط سيطرتها على المنطقة من جانب آخر".
وبموجب اتفاق "التسوية" عام 2018 انضوى من فضّل البقاء من عناصر فصائل المعارضة في جنوب سوريا ضمن تشكيلات مسلحة تتبع لأفرع أمنية مثل "الأمن العسكري" و"المخابرات الجوية".
وانضم آخرون لفرق عسكريةكـ"الفرقة الرابعة" وفيلق مدعوم روسيا (الفيلق الخامس)، في خيارٍ يخالف ما كانوا عليه في البدايات.
ولطالما تردد ذكر هذه التشكيلات وعناصرها في المحطات التي عاشها الجنوب السوري، خلال السنوات الماضية، وفي وقت بقي عداد القتل "المسجّل ضد مجهول" متواصلا، دون أن يعرف لها "صيغة تنظيمية".
في حين كان لكل منها منطقة نفوذ، في أحياء درعا والقرى والبلدات الواقعة في ريفها.
ونادرا ما تشير الرواية الرسمية للنظام السوري إلى المسار الذي سلكه من فضّل البقاء من فصائل المعارضة.
لكن في المقابل، تحدث النظام في أوقات عديدة عن وجود "مجموعات أهلية"، سبق وأن ساندته في عمليات أمنية وعسكرية، بينها ضد مقار خلايا لتنظيم "داعش".
ويشير الباحث علوان إلى أن "الأجهزة الأمنية دائما ما تجند عملاء محليين وتعطيهم صلاحيات وقدرة على التحرك.. لكن في النهاية لا تحميهم ولا تعترف بتبعيتهم لها".
ويرتكب هؤلاء "العملاء" مخالفات ويتاجرون بالمخدرات وعمليات التجنيد، وهم حسب علوان "جزء من الفوضى التي يريد إبقائها النظام في الجنوب السوري".
ويضيف الباحث: "الأفرع تجند مجموعات لتنفيذ مآربها على الأرض، وعند الاستحقاق تنظر إليها بعين أخرى".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأمن العسکری النظام السوری
إقرأ أيضاً:
أعين الصحافة على الانتخابات الأميركية في 10 شهور.. الصحة والبيئة الأقل تغطية ونصيب الأسد للكاريزما
ربما كان السباق الرئاسي الأميركي هو الحدث الأهم خلال عام 2024، لذا بدأت الصحافة بتغطية جهود المرشحين بشكل كامل منذ مطلع هذا العام، ورغم التغييرات التي طرأت على قائمة المرشحين قرب منتصف العام فإن تغطية الصحافة لم تهدأ على الإطلاق.
وفي العادة، ينطلق المرشحون في جولة ترويجية لجمع الأصوات في مختلف مناطق الولايات الأميركية، سواءً كانت موالية للمرشح وحزبه أم لا. وعبر هذه الجولة، يتحدث المرشحون عن أهم المواضيع التي تشغل الشارع الأميركي فضلًا عن توضيح الأركان الأساسية لبرامجهم.
وضمن محاولات جذب الناخبين، يعتمد المرشحون على المنصات الصحفية المختلفة لنقل آرائهم وبرامجهم إلى جميع المواطنين الذين قد لا يتمكنون من حضور الجولة الانتخابية، لذا فإن الصحافة في العادة تغطي كافة الجوانب المتعلقة بالبرنامج الرئاسي، وهنا يأتي دور صفحة اختبار قياس "مشاعر الإعلام" من أجل الحصول على نظرة عامة حول التغطية الصحفية.
تغطية مكثفة لكاريزما المرشحينتناولت الأخبار الصحفية كافة جوانب الحملات الرئاسية بدءًا من آراء المرشحين حول وضع المهاجرين إلى أميركا وحتى مشاكل التعليم والبيئة والصحة، ولكن شخصية المرشحين كان لها نصيب الأسد من هذه التغطية.
وعند فحص تغطية الأخبار التي تمت حول شخصية المرشحين خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى نوفمبر/تشرين الثاني عبر اختبار قياس "مشاعر الإعلام" فإن الاختبار يشير إلى وجود 55% من إجمالي الأخبار فقط يدور حول شخصية المرشحين مع عدد 1860، متغلبًا بذلك على كافة الأخبار والزوايا الأخرى.
ويظهر الفحص المعمق أكثر أن الأخبار حول شخصية المرشحين ازدادت بشكل كبير في يوليو/تموز الماضي، وهو الأمر الذي تزامن مع انسحاب الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن من السباق الرئاسي وترشح كامالا هاريس بدلًا منه، إلى جانب محاولة اغتيال دونالد ترامب وإطلاق النار عليه.
وبالطبع يعد هذا الارتفاع أمرًا متوقعًا ومنطقيًا، كون الطرفين مرا بأحداث هامة تزيد من حديث الإعلام عنهما، سواءً كانت محاولة اغتيال ترامب والتغطية الإعلامية المتعلقة بها وعن المهاجم وحالته النفسية وأسبابه أو حتى عن المرشح الرئاسي ذاته وكيف أثرت هذه المحاولة فيه فضلًا عن حالته الصحية، وكذلك الأمر مع هاريس التي كان دخولها ساحة الانتخابات دراميًا بشكل كاف بعد تنحي الرئيس بايدن عن السباق في وقت كان متعادلًا فيه مع ترامب وفق ما نقلته "بلومبيرغ" آنذاك.
ومن ضمن التغطية التي تمت لشخصية المرشحين الرئاسيين، قام مركز "بيو" للأبحاث النفسية (Pew Research Center) بنشر تقرير مفصل حول تأثير شخصية كل مرشح على الناخبين وكيف يرونه، وبحسب التقرير فإن ترامب يتمتع بشخصية أكثر جاذبية ويتسبب في كلام إيجابي أكثر من هاريس.
ولا يجب التغاضي عن المفاجآت التي يقوم بها ترامب من وقت لآخر سواءً كانت عبر الظهور في مطاعم "ماكدونالدز" (McDonald’s) الذي قامت الكثير من الصحف المحلية والعالمية بتغطيته بشكل إيجابي كونه يحاول الاقتراب من ناخبيه بشكل أفضل، فضلًا عن الدعم الواسع الذي يتمتع به من قبل المشاهير بدءًا من الشخصيات العامة مثل دكتور فيل المذيع الشهير أو إيلون ماسك وحتى الممثلين والمطربين المشهورين من أمثال ليل واين و50 سينت أو كاني وميل جيبسون وغيرهم الكثير.
ظهور طفيف حول أخبار الصحة والبيئةوبشكل مغاير، لم يكن للأنباء الخاصة بالصحة والبيئة الظهور الملائم في التغطية الإعلامية لكلا الطرفين، إذ يشير اختبار قياس "مشاعر الإعلام" الخاص بالجزيرة إلى وجود 21 خبرا يتحدث عن كل موضوع منهما، وذلك بنسبة 0.62% لكل من الرعاية الصحية والبيئة.
ومن ضمن هذه الأنباء، فإن هاريس تمتع بالجاذبية الأكبر في قطاع الصحة نظرًا لآرائها التي تتوافق بشكل كبير مع متطلبات الشعب الأميركي، إذ تحاول خفض تكاليف الرعاية الطبية وتوفير عدد من الأدوية بشكل مدعم لمن يحتاجها بصورة دائمة ولكبار السن، مثل أدوية "الأنسولين" الخاصة بمرضى السكري، وقد وعدت المرشحة الديمقراطية في أكثر من مناسبة أن الصحة جانب هام ومحوري في خطتها الانتخابية.
وعلى النقيض تمامًا، يظهر ترامب أنه لا يملك خطةً واضحة لتحسين الحالة الصحية للمرضى أو توفير رعاية صحية أفضل للشعب الأمريكي، إذ اكتفى بالتوضيح أنه يملك مجموعة من "التصورات المستقبلية" حول الوضع الصحي دون وجود خطط ثابتة.
كذلك الأمر مع الأخبار المتعلقة بالبيئة، إذ تنظر هاريس إلى الأزمات المناخية بعين قلقة للغاية، وترى أن السيارات الكهربائية حل مثالي لعدد كبير من الأزمات، وذلك عكس ترامب الذي ينوي رفع الضرائب المفروضة على مالكي السيارات الكهربائية من مختلف الطرز والأنواع.
ومن الجدير بالذكر أن هاريس ترى الناخبين الأميركيين مساهمين بشكل كبير للغاية في تقرير مصير المناخ العالمي، وهذه الرؤية تقف على التضاد من رؤية ترامب التي تبغض نشطاء حماية البيئة وتشكك بشكل كبير في الأزمات المناخية العالمية فضلًا عن تغيير المرشح الجمهوري لأكثر من 100 قانون بيئي خلال فترته الرئاسية السابقة.
وربما كانت هذه الآراء المتضادة هي السبب الذي يجعل كلا الطرفين يبتعد في حديثه عن الصحة والبيئة، فقد أوضح كل طرف نيّته المتعلقة بهذا المجال، ولا يرى طائلًا من الحديث عنها مجددًا، أو هذا ما يشير إليه غياب الأنباء عنها بشكل كبير.
ويظهر غياب الأنباء بشكل أوضح عند محاولة استخدام محركات البحث المختلفة مثل "غوغل" إذ يصعب الوصول إلى العديد من الأخبار المختلفة والمتنوعة عن آراء شخص بمفرده حول هذه النقاط. ورغم هذا، فإن كلا المرشحين تحدث في العديد من المحاور الاقتصادية والسياسية وبالطبع أزمة المهاجرين وغيرها.