دون عمل ولا تعويض.. العمال الفلسطينيون بإسرائيل مشردون بالضفة
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
نابلس– بعد اليوم الأول من الحرب على غزة، وأمام سيناريوهات كثيرة دارت في خلد الفلسطيني صالح أبو ذياب حول ما يمكن أن تتخذه إسرائيل من إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين، ومنهم شريحة العمال التي يتبع لها، لم يتخيل أن تصل الحرب به وبغيره إلى هذه الحال، وأن تواصل إسرائيل منعهم من العمل للشهر السادس على التوالي.
ومنذ 6 أشهر ومع دخولها الحرب وإعلانها حالة الطوارئ، أغلقت إسرائيل معابرها وحواجزها العسكرية مع الضفة الغربية، ومنعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني بها من الوصول لأماكن عملهم داخل الخط الأخضر، لتتفاقم بذلك معاناتهم الاقتصادية لا سيما أن السواد الأعظم منهم لم يجد بديلا للعمل بمناطق الضفة الغربية.
وفي ظل التزامات وأعباء مالية كبيرة بات أبو ذياب يفكر بالدخول خلسة إلى إسرائيل عبر عمليات تهريب تكلفه مبالغ طائلة، وسط مخاطر كثيرة قد تفقد العامل حياته أو تعرضه للاعتقال والغرامات المالية العالية، إضافة لإجراءات عقابية أخرى أبرزها منعه من الدخول لإسرائيل والعمل بها مجددا.
ويقول أبو ذياب الذي يعيل 3 أطفال وزوجته إضافة لوالديه إنه كغيره من أكثر من ألف عامل في قريته شمال نابلس لم يجد أي عمل داخل الضفة الغربية منذ تسريحه من إسرائيل، وإنه بالكاد يتدبر أمره عبر قليل من مدخرات كانت لديه، ينفق منها "حسب الأولوية والضرورة الملحة فقط"، كما يقول، حتى أنه أرجأ دفع ديونه والتزامات بنكية تقدر بآلاف الدولارات رغم مخاطر تترتب عليه.
وبلهجته المحلية، يقول أبو ذياب للجزيرة نت "العامل لو كان حديد ذاب"، خاصة وأن حجم الإنفاق كبير ولا يوجد بالمقابل أي دخل يسد شيئا منه، وأسوأ من ذلك فقده الأمل بأي فرصة عمل بالضفة الغربية، أو بديل آخر كالاقتراض من أي أحد.
وما يفكر به العامل صالح أبو ذياب خاضه صديقه محمود قبل أقل من شهر، حين حاول الذهاب إلى إسرائيل بطريق التهريب، فاعتقله الاحتلال لأكثر من أسبوعين، وفرض عليه إجراءات عقابية.
ويقول محمود إن "التهريب" يكلف العامل حوالي 200 دولار كحد أدنى، ولا يرتبط ذلك بتوفير عمل أو مبيت للعامل الذي يتحمل مسؤولية نفسه، وقد يترتب على ذلك تعرضه لابتزاز رب العمل الإسرائيلي بتشغيله بنصف أجرته أو أقل مما كان يتقاضاه قبل الحرب، وقد يتعرض للنصب والاحتيال وتبليغ الشرطة، فضلا عن اعتداءات إسرائيليين متطرفين.
وضاقت كل الحلول بالعمال الفلسطينيين الذين فقدوا البديل بالضفة الغربية وباتوا يواجهون مصيرا مجهولا في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وكذلك انخفاض عمل المصانع الفلسطينية إلى 30% من طاقتها الإنتاجية حسب تصريح منال فرحان وكيلة وزارة الاقتصاد الفلسطينية للجزيرة نت.
وتشير إحصاءات وزارة الاقتصاد أن 29% من منشآت الضفة الغربية تراجع أو توقف إنتاجها، بواقع 35 ألف منشأة، بينما بلغ إجمالي المنشآت التي توقفت بالضفة وغزة أكثر من 80 ألف منشأة.
وفي تصريح لنصري أبو جيش وزير العمل الفلسطيني السابق للجزيرة نت، فإن ما يزيد على 450 ألف عامل فلسطيني فقدوا فرص عملهم داخل فلسطين (الضفة الغربية وغزة) خلال الحرب، ما رفع نسبة البطالة لـ41% بالمجتمع الفلسطيني.
وأمام حلول كثيرة للاستغناء عن العمال الفلسطينيين، لجأت إسرائيل لجلب آلاف من العمالة الأجنبية، من دول شرق آسيا والهند، غير أنها خطوة وصفها مراقبون بأنها غير مجدية، في ظل نقص خبرتهم والتزام إسرائيل بتأمين احتياجاتهم، لا سيما السكن والأمن.
خطوة غير مسبوقةولم يسبق أن واجه العمال الفلسطينيون مثل هذا المنع الإسرائيلي في معظم الحروب والانتفاضات التي وقعت منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967، حسب شاهر سعد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.
ويقول سعد للجزيرة نت إن إسرائيل وبحكم احتلالها للضفة الغربية وانتهاجها سياسات لربط الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي تتحمل مسؤولية أولئك العمال، وأن رفضها إدخالهم هو "ابتزاز سياسي وضغط على الاقتصاد الفلسطيني لتدميره، على قاعدة تخسير الفلسطينيين بما أن الاقتصاد الإسرائيلي يخسر بفعل الحرب".
وذكر سعد أن اتفاقية البناء (صفحة 37 و38) الموقعة بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي عام 2005 تؤكد أنه لا تمييز بين العمال الفلسطينيين والإسرائيليين، وبالتالي على إسرائيل تعويض هؤلاء العمال خسارتهم التي تقدر حسب سعد بأكثر من مليار و250 مليون شيكل شهريا (الدولار=3.7 شواكل).
وبالمقابل، تجاوزت خسائر إسرائيل بسبب تعطل العمالة الفلسطينية منذ بدء الحرب مليار دولار أميركي.
وبناء على تلك الاتفاقيات، طالب سعد المجتمع الدولي والمؤسسات العمالية بالضغط على إسرائيل لإعادة العمال وتعويضهم، موضحا أن "بعضهم أوعز لإسرائيل بهذا الشأن، لكنها لم تستجب، ودعت دولا عربية لتعويضهم".
ووصف سعد حال العمال الفلسطينيين بـ"المزري والكارثي" وأن مئات طلبات المساعدة تصلهم كاتحاد نقابات عمال لا سيما في ظل غياب أي دعم للحكومة الفلسطينية تجاههم، والتي لا تقوى على دفع رواتب موظفيها حسب قوله، وبالمقابل عجزهم كنقابات عمال عن تقديم دعم مادي لهؤلاء العمال الذين يحتاجون "لدولة" لتوفر احتياجاتهم.
ويقول سعد إن كل ما فعلته الحكومة أنها مددت عمل التأمين الصحي للعمال حتى نهاية مايو/أيار، وأرجأت دفع رسومه لبعد عودتهم للعمل، وأنهم كاتحاد نقابات تفاهموا مع سلطة النقد لتأجيل تحصيل الشيكات المترتبة، كما أنهم يعدون خطة لتقديمها للحكومة للبحث عن آلية دعم نقدي للعمال ولو بمبالغ يسيرة.
ورفضت البنوك كذلك التعاطي مع طلب اتحاد نقابات العمال بتقديم قروض للعمال بضمان توفيراتهم المالية المستحقة على إسرائيل، إلا أن البنوك رفضت، وحتى المانحين الأجانب لم يقدموا أي مساعدة.
ودفع "الجوع وتردي الأوضاع" آلاف العمال للمخاطرة بحياتهم والدخول إلى إسرائيل عبر طرق "التهريب"، ورغم ذلك فهم ليسوا بمأمن، فالاحتلال يلاحقهم بأماكن عملهم ويعتقلهم ويفرض قيودا مشددة وغرامات مالية، خاصة من ليس بحوزتهم تصاريح مخصصة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات العمال الفلسطینیین الضفة الغربیة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
نقابات عمال فلسطين: 507 آلاف عاطل عن العمل في فلسطين
صرح الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد في ذكرى الأول من أيار، أن عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين محرومون من رواتبهم منذ 17 شهرا، على مرأى العالم أجمع، في ظل ارتفاع أعداد شهداء لقمة العيش.
وأوضح سعد أن نسبة البطالة ارتفعت كثيرا بشكل جنوني في المجتمع الفلسطيني، مع وجود (507,000) عاطل عن العمل في فلسطين.
وقال في بيان اليوم الأربعاء، إن آلاف العمال جرى اعتقالهم وتعرضوا للتنكيل والتعذيب والتغييب القسري، وفرض عليهم جيش الاحتلال غرامات دون أي ذنب، سوى بحثهم عن لقمة العيش وخاصة بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وأبرز الأمين العام جانبا آخر من معاناة العمال الفلسطينيين بعد فقدانهم مصدر عملهم ورزقهم في أراضي عام 1948، فاضطر عدد كبير منهم إلى الإعلان عن بيع بعض مقتنياتهم، للحصول على عائد مادي.
وشدد سعد على أنه في كل بلدان العالم ينعمون بالحماية الاجتماعية والتأمينات الاجتماعية، بما فيها الضمان الاجتماعي، منوها إلى أن ما نسبته ٨٩% من عمال فلسطين ليس لديهم حماية اجتماعية وصناديق تقاعد، مؤكدا أن البطالة والفقر والجوع عنوان الأول من أيار فلسطينيا، مضيفا أن خسائر العمال الشهرية تقدر بمليار و(350) مليون شيقل.
وأشار إلى أن عدد شهداء لقمة العيش الفلسطينيين بلغ (18) شهيدا منذ بداية عام 2025 وحتى الأول من أيار يوم العمال العالمي، منهم (3) تسبب الاحتلال في استشهادهم خلال توجههم أو عودتهم من أماكن عملهم عند جدار الفصل والتوسع العنصري، وعامل خلال سقوطه من الطابق الخامس بمدينة القدس ، بعد اقتحام قوات الاحتلال الورشة التي يعمل فيها، بينما ارتقى اثنان آخران في أراضي عام 1948 إثر حوادث عمل، وبالضفة الغربية منذ بداية عام 2025 ارتقى 6 شهداء لقمة عيش من بينهم طفلان، ويضاف إلى حالات الوفاة (4) عمال أجانب ارتقوا في حوادث عمل بأراضي عام 1948.
وفي العام الفائت، ووفق سعد، بلغ عدد شهداء لقمة العيش 56 شهيدا، بينهم 25 شهيد لقمة عيش في سوق العمل الفلسطيني في الضفة الغربية، و14 استُشهدوا داخل أراضي عام 48، و2 من غزة في مراكز الإيواء في الضفة، وعامل خلال فترة اعتقاله.
وبين سعد أن عدد شهداء لقمة العيش الذين تسبب الاحتلال في استشهادهم منذ بداية الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وحتى الأول من أيار 2025 خلال توجههم أو عودتهم من أماكن عملهم عند الجدار الفصل والتوسع العنصري، أو خلال اقتحام مواقع العمل التي يعملون فيها، أو إثر التحقيق معهم في معتقلات الاحتلال، أو عمال من غزة توفوا بمراكز إيواء الضفة إثر نوبات قلبية جرّاء قهرهم على عائلاتهم بلغ 33 عاملا.
وأضاف، أن مجموع حالات اعتقال العمال من الضفة الغربية وقطاع غزة الذين يعملون في سوق العمل في أراضي 1948، سواء من تم اعتقالهم من أماكن عملهم، أو من مراكز الإيواء بالضفة الغربية، وسواء تم الإفراج عنهم أم لم يتم، 11,000 عامل.
وطالب بالكف عن ملاحقة العمال في أماكن وجودهم كافة داخل أراضي عام 48 والضفة الغربية، والسماح لهم بالعودة الآمنة إلى بيوتهم، والإفراج الفوري والعاجل عن العمال المعتقلين كافة من الضفة الغربية وغزة، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لتعويض العمال الفلسطينيين الذين يعملون في سوق العمل الإسرائيلي، بسبب توقفهم عن العمل، إثر استمرار الحرب لـ17 شهرا، مبينا أن حكومة الاحتلال تُشغّل ما نسبته 25% من الأيدي العاملة الفلسطينية.
وقال الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، إن الاتحاد يبذل جهودا مضنية إقليميا ودوليا لإبراز معاناة عمال فلسطين، فقد تم تنظيم زيارات ميدانية للعديد من النقابات الدولية إلى الأراضي الفلسطينية، ومعاينة أوضاعهم بالواقع الحقيقي، كما شاركت قيادات نقابية في مؤتمرات نقابية وعمالية دولية وعربية وأبرزت أشكال المعاناة.
وأشار إلى أنه لا يوجد قانون رادع لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا أن كل القوانين، والدستور، وإعلان فيلادلفيا، ومبادئ العمل اللائق، واتفاقية جنيف الرابعة، وعدم احترام اتفاقية العمل الجبري والقسري، ومنظمة العمل الدولية، كل ذلك سقط كما سقط الأبرياء والأطفال بأيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وطالب سعد منظمة العمل الدولية بضرورة العمل على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووقف العدوان بالضفة، والعمل على بناء اقتصاديات متنوعة متنافسة لتعزيز سياسات التشغيل في فلسطين، والاستمرار في التخطيط لاستيعاب العمال داخل سوق العمل، ومحاربة السياسات العنصرية.
ودعا أصحاب العمل ورؤوس الأموال إلى الاستثمار داخل الأراضي الفلسطينية، في خطوة نحو تعزيز الاقتصاد وتقليل نسب البطالة والاعتماد على الاقتصاد المحلي والوطني كمنتج رئيسي، دون الحاجة إلى الاستيراد، ما يعزز دور الصناعة والمنشآت الصناعية بزيادة دخلها وزيادة أعداد العمال لديها، وتحسين بيئة العمل بما يتناسب مع الوضع الراهن.
وأكد سعد ضرورة مراقبة أسعار المنتجات في الأسواق الفلسطينية، لمنع الغلاء والحفاظ على القدرة الشرائية للمواد الأساسية والمستهلكة بشكل دائم بأسعار تناسب الطبقة العاملة والموظفين.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الجامعة العربية تدين إغلاق سلطات الاحتلال صندوق ووقفية القدس شاهد: حرائق هائلة بالقدس - إسرائيل تطلب مساعدات دولية لإخمادها إصابة طفل برصاص الاحتلال خلال اقتحام بلدة اليامون الأكثر قراءة شاهد: "القسام" تبث رسالة مُصوّرة جديدة لأسير إسرائيلي محتجز لديها الكابينت يجتمع مجددا غدا لبحث آلية إدخال المساعدات إلى غزة دير البلح - استشهاد الصحفي سعيد أبو حسنين وزوجته وطفلته الجيش الإسرائيلي يضع 4 سيناريوهات لحرب غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025