منذ تأسست المقاومة المسلحة الفلسطينية المعاصرة من خلال حركة فتح 1965، بل منذ تسلمت الفصائل الفلسطينية بقيادة فتح م.ت.ف، وهنالك مقولة مسمومة تلاحق المقاومة في أثناء، أو بعد، كل حرب تشنّ ضدها، وضد الشعب الفلسطيني,
تقول تلك المقولة: هل يساوي ما قامت به المقاومة، الثمن المدفوع، أكان كبيراً أم صغيراً؟
طبعاً، لا يصح أن يأتي الجواب: نعم يصح.
ولكن مع ذلك ثمة أصوات شاذة، أخذت تردّد تلك المقولة مستخدمة، وبلا وجه حق، مجزرة القتل الجماعي لمدة ستة أشهر، ولم تزل مستمرة، كحجة ضد المقاومة. وهي الإبادة الإنسانية التي يدينها القانون الدولي. وتسقط، أمام كل القِيَم والأخلاق والضمائر الإنسانية، لخروجها من قوانين الحرب، والقوانين الإنسانية الدولية.
هذه الأصوات التي سوف تتصاعد مرة أخرى، وذلك بعد انتصار المقاومة، بإذن الله، والمؤكد من خلال تجربة الستة أشهر الماضية. وذلك للتقليل، أو التبخيس، من أهمية الانتصار التاريخي للمقاومة والشعب في غزة. وهو انتصار لكل الشعب الفلسطيني، وللعرب والمسلمين والإنسانية، وأحرار العالم.
إن تجارب كل شعوب العالم، بلا استثناء، تؤكد أن إثارة موضوع الخسائر في المقاومة أو حروب التحرير تحمّل مسؤوليته بالكامل على الطرف الذي احتل البلاد. ولا يجوز من قريب أو بعيد، تحميل المسؤولية للمقاومة العادلة المشروعة، والتي لا بد منها، لتحرير الوطن.وذلك إلى جانب، خوف هؤلاء، من التأكيد على صحة استراتيجية المقاومة المسلحة في مواجهة الاحتلال، واستمرار مسيرة تحرير فلسطين من النهر إلى البحر. فالانتصار يزيد التأكيد على صحة استراتيجية المقاومة المسلحة في مواجهة الاحتلال الذي وقع في حزيران 1967، وفي مواجهة اغتصاب الكيان الصهيوني لثمانين بالمائة من فلسطين، وإقامة "دولته" عليها عام 1948/1949.
هذا أولاً، أما ثانياً فيُراد التهويل على الفلسطينيين عموماً، وعلى كل من يتجرأ على مقاومة الاحتلال، أن يرتدع من الخسائر التي يمكن أن تحدث، إذا ما استمرت المسيرة، إلى التحرير الكامل. علماً أن هذه المجزرة لن تتكرر أبداً. لأن مرتكبها سيلقى، أسوأ مآل.
إن تجارب كل شعوب العالم، بلا استثناء، تؤكد أن إثارة موضوع الخسائر في المقاومة أو حروب التحرير تحمّل مسؤوليته بالكامل على الطرف الذي احتل البلاد. ولا يجوز من قريب أو بعيد، تحميل المسؤولية للمقاومة العادلة المشروعة، والتي لا بد منها، لتحرير الوطن.
ومن ثم إن حجة من يثيرون هذه الاشكالية، خصوصاً، في الساحة الفلسطينية، ساقطة، ولا يجب الالتفات لها، إلاّ بالرد الحاسم في تبيان خطأها السياسي والأخلاقي، كما ضعفها وتهافتها وتغطيتها للجريمة والمجرم.
فالذين يستعدون لاستخدام هذه المجزرة، ليهاجموا المقاومة أو لومها أو نقدها، عليهم أن يلتزموا الصمت أفضل، وإلاّ سقطوا في تهمة تسويغ تسليم العالم إلى وحوش، دونها وحوش الغابة.
ولهذا يصرخ العالم اليوم وبصوت واحد: كفى كفى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية حرب الاحتلال غزة احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ليتني لم أعد..مأساة أبو العبد الذي فقد عائلته شمال غزة في لحظة
لم يكن أبو العبد يتخيل أن عودته إلى منزله المدمر في حي الزيتون شمال غزة، بعد رحلة نزوح شاقة، ستكون بداية لفصل جديد من المأساة التي يعيشها سكان القطاع في ظل الاعتداءات المتواصلة من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
فقد كان يظن أن اتفاق وقف إطلاق النار سيمنحه فرصة لالتقاط أنفاسه بين أحبته، لكن سرعان ما عاد القصف ليحطم كل ما تبقى من حياته، ويحول عائلته إلى مجرد ذكريات.
يعيش أبو العبد اليوم في خيمة، تماما كما كان خلال النزوح، لكن الفرق كبير، ففي المرة الأولى كان يحمل أملا بالعودة إلى بيته، أما الآن فقد استشهدت ابنته وأحفاده في لحظة قاسية لم تمهله حتى لوداعهم.
أبو العبد، يعاني من مرض الكلى، ولم يكن بحاجة إلى مأساة جديدة فوق معاناته اليومية. كما يجد نفسه وحيدا، بعدما خسر كل من كان يشاركه الألم والحديث، قائلا إن "كان لي أخ أجلس معه وأفضفض عن همومي، لكنه استشهد أيضا.. الجميع رحلوا.. أصبحوا مجرد ذكرى".
ويختم أبو العبد كلماته بحسرة "ليتني لم أعد.. كنت في النزوح أعيش في خيمة، والآن أعيش في خيمة أخرى، لكنني فقدت كل شيء".