ماذا حدث في قرية أم عضام في ولاية الجزيرة بالسودان؟
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
تصدر وسم #مجزرة_أم_عضام قائمة الترند في السودان، بالتزامن مع اتهام منظمات سودانية قوات الدعم السريع بارتكابها مجزرة بحق أهالي قرية أم عضام في ولاية الجزيرة.
وقالت "اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء" إن 28 شخصا قتلوا وأصيب 240 آخرون في قرية أم عضام، بمحلة الحصاحيصا، بولاية الجزيرة وسط السودان، في هجوم شنته قوات الدعم السريع السبت.
وكتبت صفحة لجان مقاومة أم عضام على الفيسبوك بالقول إن من وصفتهم بمليشيات قوات الدعم السريع استباحت ظهر السبت القرية بقوة ضخمة تقدر بـ200 فرد، وبعربات قتالية وعتاد عسكري كامل لتمارس الانتهاكات والسرقة، ليتصدى لهم أهالي القرية بإمكانياتهم المحدودة وسط عدم تكافؤ للقوى
ووجهت لجان مقاومة مدني نداء استغاثة عاجلا، طالبت فيه من المواطنين والكوادر الطبية المتواجدين في منطقة المناقل وما جاورها بالذهاب فوراً لمستشفى المناقل حيث إن هناك نقصا حادا في المستشفى من الكادر الطبي والأدوية والعاملين بعد تدفق أعداد كبيرة من الجرحى قدموا من منطقة أم عضام بريف الحصاحيصا.
ومع انتشار الأخبار والشهادات التي كتبها بعض أهالي المنطقة على منصات التواصل سادت حالة من الغضب والصدمة بين المغردين، وقالوا إن قوات الدعم السريع اعتدوا على أهالي قرية أم عضام للنهب والقتل، مطالبين بتسليط الضوء على ما وصفوها بالجرائم الوحشية بحق أهالي ولاية الجزيرة.
???? مواطنين قرية ام عضام رغم قلة الحلة صدوا الجنجويد طلعوا ليهم بالسيوف والسكاكين والعكاكيز بدافعوا عن اعراضهم و اهلهم وبيوتهم بكل دم حار وعين قوية، والإصابات كتيرة من طرفهم ومحتاجين دم ضروري جدأ في مستشفى المناقل????????#انقذو_مصابين_ام_عظام#مجزرة_ام_عضام
— نانو كابيلا (@HootaMohmmed) April 7, 2024
وتساءل مغردون بالقول "وصلت بهم البجاحه والإسراف في القتل لدرجة أنهم يقتحمون قرية عشان بس يسرقوها؟ ولما أهلها يدافعون عن أرضهم وعرضهم يقتلوهم"؟
– وصلت بيهم البجاحه والاسراف في القتل لي درجة أنهم يدقوا قريه صندوق عشان بس يسرقوها!
– الدعامة كتلوا أكتر من عشرين شهيد في قرية أم عضام ودخلوها كمعركة كامله بكامل عتادهم بس عشان قاوموا السرقه
– الدعامة أردوا اكتر ٢٠٠ مصاب،البقدر يصل مستشفى المناقل يتبرع يسرع الوضع كعب شديد
— أسامة قاسم (@OsamaGasim7) April 7, 2024
وطالب آخرون بعدم نسيان ما يجري في السودان وتسليط الضوء على الأحداث هناك لأن هناك جرائم ومجازر ترتكب من قبل مليشيا الدعم السريع، والعالم والإعلام مهمش ما يحدث في البلاد.
لا تنسوا السودان مازالت الجرائم ترتكب من قبل مليشيا الدعم السريع والعالم والإعلام مهمش مايحدث في السودان !!
تم إرتكاب #مجزرة_أم_عضام في ولاية الجزيرة واستشهاد 28 على الأقل وإصابة أكثر من 240 !!
— Sam-eh (@iSam_eh) April 7, 2024
وطالب مدونون بتوثيق جميع هذه الجرائم وحفظها لتقديمها للمحكمة الجنائية الدولية، ومحاسبة من قام بارتكابها بعد توقف الحرب في السودان.
#مجزرة_ام_عضام ناس مسالمة هجمت عليهم المليشيا لينهبوها. رحم الله الشهداء، وشفى المصابين. لا حول ولا قوة إلا بالله.
كونوا صوتهم، وسلطوا الضوء على الجرائم الفظيعة دي. لا تجعلوا جوقة الوضعاء يشغلونا بسك أكياس النايلون لصرف النظر عن مكتلات أهلنا.#جرائم_الدعم_السريع
— Mohammed A.Rahman (@m7rhman) April 7, 2024
ونشر ناشطون مجموعة من الصور والأسماء لأهالي قرية أم عضام والذين قتلوا أو أصيبوا باقتحام قوات الدعم السريع للقرية.
دفعة جديدة من ارتال شهداء
إنا لله وإنا إليه راجعون إلي اعلي الجنان ان شاءالله
٢٢شهيد يوم امس تم دفنهم داخل القرية #مجزرة_ام_عضام https://t.co/t93r8YrFTP pic.twitter.com/bVoz0rBqFm
— نجم (@XJiN7wJ23dP33Ef) April 7, 2024
في المقابل رفض الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع هذا الادعاء وقال إن قوات الدعم تطارد المجرمين وتحاصر ما وصفها بالأفعال الشنيعة.
وأضاف طبيق لقناة الجزيرة مباشر أن من يصدر هذه البيانات ليس لجان المقاومة، وعلى اللجان الخروج في مؤتمر علني ليعرف الشعب السوداني من يصدر هذه البيانات، مشيرا إلى أن من يقوم بهذه الأعمال من وصفهم بالجماعات الإسلامية المتشددة التي تديرها المخابرات السودانية وإلصاق التهمة بقوات الدعم السريع.
هل هاجمت قوات الدعم السريع قرية أم عظام بولاية الجزيرة؟
الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع يجيب pic.twitter.com/m63QMZwArH
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) April 7, 2024
وتتبع قرية أم عضام إلى محلية الحصاحيصا في ولاية الجزيرة، كما تبعد حوالي 70 كيلو مترا عن عاصمة الولاية مدينة ود مدني
واتهمت منظمات شعبية وطبية سودانية قوات الدعم السريع بارتكاب 3 مجازر خلال يومين، راح ضحيتها 68 قتيلا ومئات الجرحى في هجمات بولايات الجزيرة، وشمال دارفور، وجنوب كردفان، إلى جانب عمليات سلب ونهب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات قوات الدعم السریع فی ولایة الجزیرة فی السودان
إقرأ أيضاً:
البرلمان البريطاني من ونستون تشرشل إلى سليمان صندل
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ مادة السياسة والسياسات العامة
كأن التاريخ يعيد نفسه بقلمٍ ساخرٍ، وبحبرٍ مسموم، ففي مقر البرلمان البريطاني، ذلك الحرم الذي شهد أعظم الخطب وأنبل القرارات، يُسمح اليوم لمجموعات تتبع الجنجويد – أو بالأحرى قوات الدعم السريع السودانية – بعقد ندوة تروّج لما هو أبعد من مجرد كلام، بل لتبرير فظائع جعلت العالم يذهل ويقشعرّ. العقلاء يتساءلون: ما الذي أصاب بريطانيا حتى تُدنّس أعتاب ديمقراطيتها العريقة بمثل هذه المهزلة؟
بريطانيا والجنجويد: سقوط في هاوية البرلمان المقدس
لنعد الشريط قليلاً. البرلمان البريطاني ليس مجرد مبنى حجري في وستمنستر، بل هو رمزٌ للحرية والكرامة الإنسانية. في قاعاته، وقف ونستون تشرشل يهزّ العالم بخطبه في وجه النازية، معلناً أن بريطانيا لن تستسلم. فيه، نوقشت إلغاء تجارة الرقيق، وصيغت قوانين ألهمت دولاً بأسرها. وفيه، عقدت أعظم الاجتماعات، كتلك التي جمعت قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، حيث كان مصير البشرية على المحك و هو ذات البرلمان الذي اعتذرت فيه بريطانيا للعالم عن حقب الاستعمار المريرة . كيف، إذن، تحول هذا المكان من منارة للعدل إلى منصة تُروَّج منها لمليشيا متهمة بإبادات جماعية، تطهير عرقي، وانتهاكات موثقة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان؟
اسم "الجنجويد" ليس مجرد لقب عابر، بل هو مرادف للموت والدمار في السودان. قوات الدعم السريع، التي تطورت من هذه المليشيات، تركت خلفها جبالاً من الجثث في دارفور، وأشعلت حرباً أهلية أزهقت أرواح عشرات الآلاف، وشردت الملايين. تقارير دولية، من مجلس الأمن إلى الخارجية الأمريكية، وثّقت جرائمها: اغتصاب جماعي، حرق قرى، وتجويع شعوب بأكملها. ومع ذلك، تُفتح لهم أبواب البرلمان البريطاني، كأن الأمر لا يعدو كونه نقاشاً أكاديمياً، وليس ترويجاً للبربرية.
لماذا تفعل بريطانيا هذا؟
لنكن صريحين: المصالح لم تكن يوما تقاس بمعيار الأخلاق، بل برقعة شطرنج المصالح. سماح بريطانيا بهذه الندوة ليس خطأً عفوياً " و ان حاولوا اخفاءه عبر حديث البرلمانية الفطير"، بل خطوة محسوبة في سياق أعمق. هناك من يرى فيها محاولة لإعادة صياغة صورة قوات الدعم السريع ـ"كجهة شرعية"، ربما لخدمة أجندات إقليمية تتقاطع مع مصالح دول كبرى، مثل الإمارات، التي اتهمت بدعم هذه القوات لوجستياً وعسكرياً. لكن السؤال الأكبر: هل هناك رابط مع ما يُسمى "الصهيونية العالمية"؟
الصهيونية، كمصطلح، أصبحت كرة مطاطية تُرمى في كل اتجاه، لكن دعونا ننظر بعين السياسة لا الشعارات. إسرائيل، كلاعب إقليمي، لها مصلحة في اضعاف السودان أو على الأقل في احتواء الفوضى و توجيهها في صالحها بما يضمن أمن حدودها الجنوبية عبر البحر الأحمر. قوات الدعم السريع "، استخدمت كأداة لفرض واقع جديد في السودان، يُبقي البلاد ضعيفة ومفتتة، وهو ما يتماشى مع استراتيجيات تاريخية لتقسيم المنطقة. بريطانيا، بدورها، قد تكون شريكاً في هذا المشهد، إما عن وعي أو كجزء من ضغوط أمريكية غربية لإعادة تشكيل النظام السوداني و المنطقة.
لكن هذا لا يبرئها. أن تُدنّس بريطانيا سمعتها وتاريخها الديمقراطي بهذا الشكل هو انحدار أخلاقي وسياسي. كان بإمكانها أن ترفض، أن تقول "لا" كما فعلت في وجه الطغاة سابقاً. لكنها اختارت الانصياع، ربما لأنها لم تعد تلك الإمبراطورية التي "لا تغيب عنها الشمس"، بل دولة تائهة تبحث عن دور في عالم تتغير قواعده.
السودان: كيف يرد على هذه الإهانة؟
السودان، كدولة، يقف اليوم على مفترق طرق. هذه الندوة ليست مجرد حدث عابر، بل رسالة: العالم مستعد للتعامل مع منتهكي حقوق شعبكم كشركاء. لذا، يجب أن يتحرك السودان بذكاء وحزم، وفق هذه الخطوات
قطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا مؤقتاً ليس من باب العقاب فقط، بل لإرسال رسالة أن السودان لن يقبل التواطؤ مع من يبررون إبادته. هذا سيضع لندن في موقف محرج أمام العالم.
اللجوء إلى الأمم المتحدة: تقديم شكوى رسمية ضد بريطانيا في مجلس الأمن، مستندة إلى التقارير التي تدين قوات الدعم السريع، مع المطالبة بتحقيق دولي في دعمها الضمني.
تعزيز التحالفات الإقليمية: التقارب مع دول مثل الصين و روسيا " مع الحذر الواعي"، التي لها مصلحة في استقرار السودان، لمواجهة أي محاولات لفرض حكومة موازية مدعومة من الخارج.
توثيق الفظائع محلياً ودولياً: إنشاء لجنة وطنية مستقلة لتسجيل جرائم الجنجويد، مع عرضها في محافل مثل المحكمة الجنائية الدولية، لقطع الطريق على أي محاولة لتبييض صفحتهم
الضغط الشعبي: حشد الجالية السودانية في بريطانيا للتظاهر أمام البرلمان، كما فعلوا من أجل فلسطين، لفضح هذه الخطوة وإحراج الحكومة البريطانية.
خاتمة: الخرطوم تستحق أفضل من هذا
السودان، بتاريخه العريق وشعبه الصامد، لا يستحق أن يُعامل كساحة لتجارب المصالح الدولية. بريطانيا، التي كانت يوماً مستعمرة له، تعود اليوم بقناع جديد، لكن الرائحة نفسها: رائحة الاستعلاء والتلاعب. لكن كما قال أحد حكماء السودان: "ليس للبربرية مستقبل". الخرطوم ستنهض، وسيبقى البرلمان البريطاني شاهداً على عارٍ سيلاحقه التاريخ، كما لاحق غيره من قبل. أما السودانيون سيظلون يتراغبون مواقف كل الدول ابان محنة السودان هذه.
quincysjones@hotmail.com