القهر والجوع وغياب الأمل.. حياة أسرة سورية من الكفيفات داخل خيام النزوح
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
إدلب- لا تجد صبحية الخلوف "الكفيفة" ما تفطر به بعد صيام يوم شاق تقضيه تحت قماش الخيمة مع ابنتيها الكفيفتين، وزوج مسن مُقعد في مخيم "السكة" بريف إدلب على سكة القطار، التي تعطلت عن العمل منذ بداية الحرب في سوريا، لتتعطل معها حياة هذه العائلة التي تواجه كل تفاصيل القهر تحت أروقة هذه الخيمة القماشية.
رمضان بلا فطورتغلب دموع "صبحية" على كلماتها بعد أن أقسمت "لا يوجد لدينا طعام للفطور، ولم نتناول طعام السحور اليوم"، وهذا ليس مجرد كلام، إنما واقع تعيشه مع عائلتها في ظل انقطاع السلال الإغاثية عنهم منذ أشهر، وعدم توفر فرصة عمل لهم بسبب الوضع الصحي الذي تعاني منه مع ابنتيها "مروة وخديجة" وزوجها المسن المريض، وطفلها الصغير الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات.
صبحية الخلوف تعاني من ضعف بالنظر بسبب اعتلال عصبي أُصيبت به منذ الولادة، فخلال ساعات النهار لا تستطيع رؤية الأشخاص كما هم، إنما كخيال بنسبة لا تتجاوز الـ5%، وأما في ساعات الليل لا تستطيع الرؤية مطلقا، وهذا ما ورثته عنها ابنتاها "مروة ذات الثمانية عشر عاما وخديجة أحد عشر عاما"، وزوجها المسن يعاني من إعاقة فقدان السمع والعجز، ليبقى طفلها "علي" ذو الثماني سنوات المساعد الوحيد لهم، والذي يساعد بشكل كبير في أداء واجبات المنزل والعمل به من طبخ وغيره رغم صغر سنه.
صبحية الخلوف تعاني من ضعف بالنظر بسبب اعتلال عصبي أُصيبت به منذ الولادة (الجزيرة) كفيفة في الخيمةتروي صبحية للجزيرة نت تفاصيل أول يوم لها في خيمة النزوح، فقالت إنه كان يوما ممطرا والضباب كثيفا، حيث خرجت "خديجة" ليلا من الخيمة لقضاء حاجة وهي لا ترى، فسقطت وكُسرت قدمها، وأضافت "بقينا حينها في المشفى أربعة أيام، ونحن بوضع صحي لا يسمح لنا أن نعيش في خيمة، لكن هذا قدرنا ولا يوجد لدينا بديل آخر، وهذا الأمر خارج عن إرادتنا بعد تهجيرنا من منازلنا من قِبل قوات النظام، التي دمرت قريتنا وسيطرت عليها، وخرجنا منها بأرواحنا لنهرب من براميل وصواريخ الموت".
الحلم.. طبيبة عيونأما ابنتها مروة ذات الثمانية عشر عاما، فقد خضعت بدورها لعملية جراحية بهدف تصحيح الرؤية، لكن العملية فشلت، فقد كانت الفرحة تغمر مروة قبل ساعات من العملية وهي تعد الدقائق لليوم التالي الذي ستنتقل من خلاله لحياة جديدة، ليست مجرد أحلام كانت تعيشها، فقد كانت تحلم بالعودة إلى مقاعد الدراسة.
صبحية الخلوف وابنتاها خديجة ومروة داخل خيمة النزوح (الجزيرة)لم ترغب بالحديث عن الصعوبات التي تعيشها والحقوق التي حرمت منها مقارنة بمثيلاتها من الفتيات، لتقول: "حلمي فقط أن أذهب إلى المدرسة وأتعلم، ولكن الحلم مع وضعي الصحي مستحيل، ولا توجد مدرسة هنا في هذا المخيم، ولكن ذاك اليوم الذي خضعت فيه لعملية جراحية، عشت شعور السعادة الحقيقية لأول مرة في حياتي، قبل ساعات منها كنت أرقص فرحا، سوف يتحقق الحلم وسأكمل دراستي وأصبح طبيبة عيون، وأقدم العلاج المجاني لكل من يعيش حالة الفقر والتشرد والنزوح، وأجد علاجا لمن وضعه الصحي كما حالتي أنا وأمي وأختي، ولكن هذا الحلم كان عبارة عن كابوس بعد صدمة فشل العملية"، واختنقت مروة بالدموع فأنهت حديثها "لا أستطيع التكلم أكثر".
قلب الأم"أملي أن أرى ابنتي مبصرتين كما كل الفتيات من حولهن"، هكذا تلخص صبحية حلمها، فقد أكد بعض الأطباء على إمكانية علاج ابنتيها، لكنها لا تملك قوت يومها، ومن ثم لا تملك ثمن علاجهما.
رغم معاناتها صبحية تقوم بواجباتها الأسرية في إعداد الطعام لأسرتها (الجزيرة)حالة صبحية وابنتاها هي واحدة من آلاف الحالات التي تعيش قصصا من القهر والفقد والحرمان تحت الخيمة القماشية بعد إخراجهم من ديارهم قسرا، وفقدهم كل ما يملكون خلال سنوات النزوح الطويلة التي تنقلوا بها من مكان إلى آخر، لينتهي بهم المطاف في خيمة دون أن يملكوا أدنى مقومات الحياة، أو أن يستطيعوا تأمين الحاجيات الضرورية اللازمة لحياتهم اليومية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف مثل هذه العمليات الجراحية للعين في مناطق شمال غرب سوريا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات
إقرأ أيضاً:
تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة إمام المنصورة المتوفى بالحرم المكي.. «طلبها ونالها»
لحظات صعبة عاشها أهالي قرية ميت علي في مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية، بعد أن تلقوا خبر وفاة ورحيل الشيخ أحمد الباز أمام مسجد الصفطاوي في المنصورة، أثناء قيامه بأداء صلاة الجمعة داخل مسجد الحرم في الأراضي العربية السعودية.
أمنية طلبها«طلبها ونالها، في الأيام الأخيرة، أثناء وجوده في العمرة، تمنى أن يتوفاه الله داخل المملكة العربية السعودية ليدفن في البقيع، وكأنها كانت ساعة استجابة»، بهذه الكلمات عبر الحاج محمد حسن، أحد جيران الشيخ الراحل في ميت علي، لـ«الوطن» عن اللحظات والأيام الأخيرة في حياته، التي حملت أمنية غالية استجاب لها الله اليوم أثناء صلاة الجمعة.
صاحب سيرة طيبةوكان الشيخ أحمد الباز صاحب سيرة طيبة بين جميع أهالي قريته، فقد ورث الأخلاق الحميدة من والده حافظ القرآن: «كان على خلق حميد، وإنسان الكل بيحبه، البلد كلها في حالة حزن من اللحظة التي سمعت فيها الخبر، كلنا في صدمة، شاب صغير في السن وقمة في الاحترام، لكن أمنيته ربنا استجاب لها فيه، وحقيقي هو يستاهل كل خير».
حمل الشيخ أحمد الباز سيرة طيبة بين أهالي القرية، وعن بره بوالديه وحبه لوالدته وللجميع في القرية: «كان زميل ابني، عمرنا ما سمعنا حاجة وحشة عنه، وكان يحبه كل أهالي القرية، حافظ القرآن الكريم وإمام مسجد».
وخرج الشيخ أحمد الباز منذ أيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي في فيديو وطلب من الله، أثناء رحيله من المدينة إلى مكة، أن يتوفاه داخل تلك الأراضي ويدفن بها، واستجاب الله له اليوم أثناء صلاة الجمعة داخل مسجد الحرم الشريف.
وأكد الدكتور صفوت نظير، وكيل وزارة الأوقاف في الدقهلية، على أخلاق الشيخ الراحل، حيث كان إمامًا وخطيبًا مسجد الصفطاوي بمدينة المنصورة، وأحد أئمة قادة الفكر بالدقهلية، الذي توفاه الله في الحرم المكي اليوم، بعد أن ذهب الأسبوع الماضي لتأدية مناسك العمرة.
آخر ما كتبه الشيخ الراحلوكان آخر ما كتبه الراحل على صفحته الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: «الوقت يمضي، والحياة قطار يمضي كما شاءت له الأقدار، إننا ضيوف، والحقيقة إنه في يوم لابد أن ينتهي المشوار»، ويكتب أيضًا في منشور آخر قبل الوفاة: «باقي عدد محدود جدًا في رحلة الراحة والسكينة».