بوابة الوفد:
2025-03-12@11:40:33 GMT

بَعْضُ الإنسان

تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT

الوقت من أشرف المخلوقات وأثمنها وأشدّها بأساً. فلأنه شريف فقد أقسم الله تعالى به بأسمائه المختلفة وبمراحله الباكرة والوسطى والمتأخرة، فأقسم تعالى بالفجر، والضحى، والعصر، والليل، وأقسم ببعض الحِقَب مثل حياة النبى (صلى الله عليه وسلم): (لعَمْرُك إنهم لفى سَكْرتهم يعمهون). 

وذكر القرآن أسماءه وفتراته: الدهر، الحين، الآن، اليوم، السنة، الشهر، الحول، الأجل، الأمد.

والوقت من أنفس الأشياء لأنه عُمر الإنسان وبُعْدُه الرابع (الجسدى، العقلى، الروحى، الزمني) الذى ينقضى بانقضائه، فإذا ذهب يومٌ كما يقول الحسن البصرى ذهب بعض الإنسان وإذا ذهب البعض يُوشك الكل أن يذهب. 

والوقت نفيس لأنه مَجْمع للآيات الربانية: (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب).

وتلك الآيات نِعَمٌ للإنسان الذى يظلم نفسه بعدم الانتفاع بها أو حُسن استثمارها كما أخبر النبى (صلى الله عليه وسلم): (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) ؛ لأن نعمة الوقت سبب لابتغاء الفضل وطلب العلم وتحصيل الرزق وإعمار الأرض، ووسيلة للمعرفة التاريخية والحساب الزمنى اللازم لتصريف الأمور والمعاملات. 

كما أنها وسيلة مباشرة لعبادة الله ذِكْراً وشكراً: (وهو الذى جعل الليل والنهار خِلْفةً لمن أراد أن يذّكر أو أراد شُكوراً).

ولا تتوقف وجوه نفاسة الوقت وقيمته عند حدود التنيه عليها من جانب أهل الفكر وأهل الذِكْر من الحكماء والعارفين الذين جعلوه سيفاً (إما أن تقطعه وإما أن يقطعك) وقرنوه بالنفس إما أن تشغلها بالحق وإلا شغلَتْك بالباطل. 

والتنبيه كذلك من خطورة سهولة التفريط فيه:

والوقتُ أَنْفَسُ ما عُنيتَ بحفظه..

وأراه أسهلَ ما عليكَ يضيعُ.

بل النذير الأكبر على نفاسة الوقت وقيمته يأتى من كونه أسرع الأشياء حساباً عنه وعليه: (لن تزول قَدَما عبْدٍ حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه).

ومسؤولية الإنسان عن الوقت وإدارته لا ترتبط خطورتها به وحده من خلال حسابه عليها ثوابا أو عقابا لكنها ترتبط كذلك بالمجتمع، فلا يمكن لأمة تبدد أوقاتها أن تتمكن من صناعة تاريخها وحضارتها وتحقيق تقدُّمها ؛ 

لذلك يجب المطالبة بالحَجْر على السفهاء الذين يبددون الأوقات فهم أخطر على المجتمع ممن يبددون الثروات لأن الثروات يمكن استعادتها وتعويضها بينما الوقت المُهْدَر لا يمكن استبداله أو تعويضه أو استعادته أو إيقافه.

وتلك الحقيقة من حقائق الزمن اليقينية تتلازم مع يقينية الموت الذى هو نهاية الوقت والتاريخ والزمن للميت، وتتجلّى له عندها كل الحقائق التى غفل عنها.

فرغم أن الإنسان على يقين تام بحقيقة الموت فإنه يتجاهل الاستجابة لذلك النذير اليقينى الحدّى فى صراعه من الوقت، ولا ينتبه إلا بعد فواته عند ساعتين من الساعات الجليلة فى تحديد مصيره.. الأولى: ساعة الموت عندما يستدبر الدنيا ويستقبل الآخرة فيتضرع راجياً مهلة من الوقت لإصلاح ما فسد وتدارك ما فات فيُصدَم بالرفض وعدم الاستجابة: (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى أحدَكم الموتُ فيقول ربِّ لولا أخرتنى إلى أجل قريب فأصدّق وأكن من الصالحين ولن يُؤخّر الله نَفْساً إذا جاء أجَلُها).

الثانية: ساعة الحساب حيث تُوفّى كل نفس ما عملت وتُجزى بما كَسَبتْ فيدخل المحسنون الجنة ويُلقى بالمسيئين إلى جهنم عندها: (يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذى كنا نعمل أو لم نُعَمْركم ما يتذكر فيه من تذكّر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير).

وربما لا يكون هناك أكثر خداعاً من الوقت فى شدة تفلُّته بدون أن يشعر المرء فتمرُّ سنوات العمر مَرّ السحاب وكأنها فى ظنه ثوانى معدودة عندما يُحاسب عليه: (قال كم لبثتم فى الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادّين).

لكن السؤال الوجودى الذى يشغل العقلاء والحكماء: ألا يمكن للإنسان الانتصار فى معركة الوقت والصراع مع الزمن؟ وإن كان الانتصار ممكنا فما وسائل تحقيقه؟

والحقيقة المذهلة أن الجواب بالإيجاب والانتصار فى المعركة ضد الزمن. أما الوسائل فمتعددة بعضها ذاتى نفسى وبعضها خارجى مجتمعى..

أولها: محاسبة النفس على الأعمال والأفكار والأفعال والأقوال ونهيها عن الهوى والغى

الثانى: توطين النفس على المعالى: 

إنما المرء حيث يجعل نفسه

فكن طالبا فى الناس أعلى المراتب

فيبتعد الإنسان عن سفاسف الأمور والمفاسد ومساوئ الأخلاق كالأكاذيب ونكران الجميل والخداع والشرور يتخلص من أمراض القلوب التى تمنعه من فضائل الأعمال والأقوال وصالح النوايا. 

الثالث: الصُّحبة الصالحة المعينة على الطيبات 

الرابع: تهديد النفس دائماً بسيف الموت ونذيره ولذلك كان بعض الصالحين يذهب إلى قبره فينام فيه كل أسبوع مرة.

الخامس: طلب العلم لإدراك قيمة الوقت وشغل النفس به 

السادس: إتقان عمله الذى يقوم به سواء أكان من العبادت أو المعاملات أو الاعتقادات أو المعيشيات.

السابع: حسن التنظيم والتقسيم وإدارة الوقت، فقِسْم للنفس وقسم للأهل وقسم للرب: (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب).

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صلى الله عليه وسلم الضحى العصر الفجر الوقت

إقرأ أيضاً:

الدقيقة بـ 34 سنة.. علي جمعة يكشف مدة عمر الإنسان بالنسبة للزمن الكوني

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، أن الله سبحانه وتعالى لم يترك الإنسان عبثًا، بل وضع له برنامجًا تكليفيًا لمصلحته أولًا وأخيرًا، سعيًا للبهجة، والرفاه، والراحة. 

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، خلال تصريحاته اليوم، الثلاثاء، أن الحقيقة التي يجب أن ندركها هي أن الدنيا محدودة، والزمن فيها نسبي، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم حين قال: "تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة". 

ولفت علي جمعة، إلى أن هذه النسبية تجعل أعمارنا على الأرض تبدو قصيرة للغاية عند قياسها بالزمن الكوني، فإذا قسمنا 50 ألف سنة على 24 ساعة، ثم قسمنا الناتج على 60 دقيقة، نجد أن الدقيقة الواحدة تعادل 34 سنة من عمر الإنسان. 

حقيقة تخفي الجن في صورة حيوان.. علي جمعة يحسم الجدلهل الملائكة لا تدخل بيت فيه كلب؟ على جمعة يجيب.. فيديوحكم تسمية الكلاب بأسماء الإنسان .. على جمعة يجيبحكم تربية الأسود والنمور وتعقيم القطط والكلاب.. علي جمعة يوضح

وتابع: "بمعنى أن الإنسان الذي عاش 68 سنة، لم يعش على الأرض سوى دقيقتين فقط بمقياس هذا الزمن النسبي!"، مستشهدًا بقوله تعالى: "قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يومًا أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلًا". 

وأشار إلى أن الزمن في الكون ليس موحدًا، ففي مواضع يكون اليوم بألف سنة، وفي أخرى بخمسين ألفًا، وربما بمليارات السنين، وهو ما يفسر حقيقة خلق السماوات والأرض في ستة أيام، التي ليست بالضرورة أيامًا مكونة من 24 ساعة كما نعرفها. 

وأضاف أن الكون الذي نعرفه ليس إلا جزءًا صغيرًا من الحقيقة الكبرى، قائلًا: "إحنا كُرة كده، واحنا فسفوسة في الكُرة، حجم الكُرة دي كما ذكرنا من قبل 570 مليار سنة ضوئية، واللي إحنا عارفينه منها حوالي حاجة و90، يعني السُّدس فقط! سبحان الله، وباقي المنظومة كلها رغم ناسا وغيرها لا نعرف عنها شيئًا".

وأشار إلى أن العلم، رغم تطوره، لم يصل إلا إلى هذا السدس فقط، بينما الكون مستمر في الاتساع، مستشهدًا بقول العالم المصري الدكتور علي مصطفى مشرفة في كتابه "الكون يزداد اتساعًا"، والذي قال: "يعني إحنا النهاردة راصدين 570 مليار سنة ضوئية، ممكن بعد كده يكون الرقم ده ضعف أو أكثر، لأن الكون في حالة تمدد مستمر".

وأوضح أن هذه الحقيقة تعكس قول الله تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا"، وعلى الرغم من التقدم العلمي الهائل، إلا أننا ما زلنا نجهل الكثير عن الكون، مشددًا على أهمية التأمل في خلق السماوات والأرض كما أمرنا الله، حيث قال: "الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض".

وفي سياق حديثه عن التكليف الإلهي، أكد الدكتور علي جمعة، أن الأوامر الإلهية والنواهي لم تُفرض إلا لصالح الإنسان، حتى ينعم بالطمأنينة والسلام الداخلي، مشيرًا إلى أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأن ذكر الله تعالى له أثر أكبر من الصلاة نفسها، كما جاء في قوله تعالى: "ولذكر الله أكبر". 

وأضاف أن التكليف الإلهي ليس تقييدًا للإنسان، بل هو السبيل لحياة متزنة مليئة بالسعادة والراحة، فمن التزم به عاش مستقرًا، ومن أعرض عنه عاش في قلق وضياع.

مقالات مشابهة

  • خروج مستشفى كبير في الخرطوم عن الخدمة وعشرات المرضى يواجهون خطر الموت
  • ملتقى رمضانيات نسائية بالجامع الأزهر يوضح فضائل الصيام واغتنام الأوقات
  • رمضان شهر اغتنام الفرص
  • حسام موافي: من يشمئز من ذكر الله والرسول عليه مراجعة نفسه
  • الدقيقة بـ 34 سنة.. علي جمعة يكشف مدة عمر الإنسان بالنسبة للزمن الكوني
  • ازهاق النفس البشرية محرمة بكافة الشرائع السماوية،
  • بين اللغة والتحليل النفسي
  • دعاء اليوم العاشر من رمضان.. اغتنم الوقت وردده عند أذان المغرب
  • سمعُك في رمضان
  • بطريرك الروم الأرثوذكس بسوريا: في الصوم الكبير يناجي كلٌّ منا الله