بوابة الوفد:
2024-07-06@02:53:26 GMT

بَعْضُ الإنسان

تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT

الوقت من أشرف المخلوقات وأثمنها وأشدّها بأساً. فلأنه شريف فقد أقسم الله تعالى به بأسمائه المختلفة وبمراحله الباكرة والوسطى والمتأخرة، فأقسم تعالى بالفجر، والضحى، والعصر، والليل، وأقسم ببعض الحِقَب مثل حياة النبى (صلى الله عليه وسلم): (لعَمْرُك إنهم لفى سَكْرتهم يعمهون). 

وذكر القرآن أسماءه وفتراته: الدهر، الحين، الآن، اليوم، السنة، الشهر، الحول، الأجل، الأمد.

والوقت من أنفس الأشياء لأنه عُمر الإنسان وبُعْدُه الرابع (الجسدى، العقلى، الروحى، الزمني) الذى ينقضى بانقضائه، فإذا ذهب يومٌ كما يقول الحسن البصرى ذهب بعض الإنسان وإذا ذهب البعض يُوشك الكل أن يذهب. 

والوقت نفيس لأنه مَجْمع للآيات الربانية: (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب).

وتلك الآيات نِعَمٌ للإنسان الذى يظلم نفسه بعدم الانتفاع بها أو حُسن استثمارها كما أخبر النبى (صلى الله عليه وسلم): (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) ؛ لأن نعمة الوقت سبب لابتغاء الفضل وطلب العلم وتحصيل الرزق وإعمار الأرض، ووسيلة للمعرفة التاريخية والحساب الزمنى اللازم لتصريف الأمور والمعاملات. 

كما أنها وسيلة مباشرة لعبادة الله ذِكْراً وشكراً: (وهو الذى جعل الليل والنهار خِلْفةً لمن أراد أن يذّكر أو أراد شُكوراً).

ولا تتوقف وجوه نفاسة الوقت وقيمته عند حدود التنيه عليها من جانب أهل الفكر وأهل الذِكْر من الحكماء والعارفين الذين جعلوه سيفاً (إما أن تقطعه وإما أن يقطعك) وقرنوه بالنفس إما أن تشغلها بالحق وإلا شغلَتْك بالباطل. 

والتنبيه كذلك من خطورة سهولة التفريط فيه:

والوقتُ أَنْفَسُ ما عُنيتَ بحفظه..

وأراه أسهلَ ما عليكَ يضيعُ.

بل النذير الأكبر على نفاسة الوقت وقيمته يأتى من كونه أسرع الأشياء حساباً عنه وعليه: (لن تزول قَدَما عبْدٍ حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه).

ومسؤولية الإنسان عن الوقت وإدارته لا ترتبط خطورتها به وحده من خلال حسابه عليها ثوابا أو عقابا لكنها ترتبط كذلك بالمجتمع، فلا يمكن لأمة تبدد أوقاتها أن تتمكن من صناعة تاريخها وحضارتها وتحقيق تقدُّمها ؛ 

لذلك يجب المطالبة بالحَجْر على السفهاء الذين يبددون الأوقات فهم أخطر على المجتمع ممن يبددون الثروات لأن الثروات يمكن استعادتها وتعويضها بينما الوقت المُهْدَر لا يمكن استبداله أو تعويضه أو استعادته أو إيقافه.

وتلك الحقيقة من حقائق الزمن اليقينية تتلازم مع يقينية الموت الذى هو نهاية الوقت والتاريخ والزمن للميت، وتتجلّى له عندها كل الحقائق التى غفل عنها.

فرغم أن الإنسان على يقين تام بحقيقة الموت فإنه يتجاهل الاستجابة لذلك النذير اليقينى الحدّى فى صراعه من الوقت، ولا ينتبه إلا بعد فواته عند ساعتين من الساعات الجليلة فى تحديد مصيره.. الأولى: ساعة الموت عندما يستدبر الدنيا ويستقبل الآخرة فيتضرع راجياً مهلة من الوقت لإصلاح ما فسد وتدارك ما فات فيُصدَم بالرفض وعدم الاستجابة: (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى أحدَكم الموتُ فيقول ربِّ لولا أخرتنى إلى أجل قريب فأصدّق وأكن من الصالحين ولن يُؤخّر الله نَفْساً إذا جاء أجَلُها).

الثانية: ساعة الحساب حيث تُوفّى كل نفس ما عملت وتُجزى بما كَسَبتْ فيدخل المحسنون الجنة ويُلقى بالمسيئين إلى جهنم عندها: (يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذى كنا نعمل أو لم نُعَمْركم ما يتذكر فيه من تذكّر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير).

وربما لا يكون هناك أكثر خداعاً من الوقت فى شدة تفلُّته بدون أن يشعر المرء فتمرُّ سنوات العمر مَرّ السحاب وكأنها فى ظنه ثوانى معدودة عندما يُحاسب عليه: (قال كم لبثتم فى الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادّين).

لكن السؤال الوجودى الذى يشغل العقلاء والحكماء: ألا يمكن للإنسان الانتصار فى معركة الوقت والصراع مع الزمن؟ وإن كان الانتصار ممكنا فما وسائل تحقيقه؟

والحقيقة المذهلة أن الجواب بالإيجاب والانتصار فى المعركة ضد الزمن. أما الوسائل فمتعددة بعضها ذاتى نفسى وبعضها خارجى مجتمعى..

أولها: محاسبة النفس على الأعمال والأفكار والأفعال والأقوال ونهيها عن الهوى والغى

الثانى: توطين النفس على المعالى: 

إنما المرء حيث يجعل نفسه

فكن طالبا فى الناس أعلى المراتب

فيبتعد الإنسان عن سفاسف الأمور والمفاسد ومساوئ الأخلاق كالأكاذيب ونكران الجميل والخداع والشرور يتخلص من أمراض القلوب التى تمنعه من فضائل الأعمال والأقوال وصالح النوايا. 

الثالث: الصُّحبة الصالحة المعينة على الطيبات 

الرابع: تهديد النفس دائماً بسيف الموت ونذيره ولذلك كان بعض الصالحين يذهب إلى قبره فينام فيه كل أسبوع مرة.

الخامس: طلب العلم لإدراك قيمة الوقت وشغل النفس به 

السادس: إتقان عمله الذى يقوم به سواء أكان من العبادت أو المعاملات أو الاعتقادات أو المعيشيات.

السابع: حسن التنظيم والتقسيم وإدارة الوقت، فقِسْم للنفس وقسم للأهل وقسم للرب: (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب).

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صلى الله عليه وسلم الضحى العصر الفجر الوقت

إقرأ أيضاً:

هل يمكن أن تؤدي المواجهات بين حزب الله وإسرائيل إلى حرب أهلية في لبنان؟.. تقرير يجيب

ذكر موقع "Aljazeera" القطري الناطق بالإنكليزية أن "الجهود التي يبذلها حزب الله لاحتواء صراعه المنخفض المستوى مع إسرائيل، بدلاً من إنهائه، تثير الثناء والإدانة في مختلف أنحاء لبنان. ويعود هذا الانقسام إلى الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990، والتي قسمت الفصائل السياسية طبقياً وطائفياً تأييدا أو معارضة للكفاح الفلسطيني المسلح ضد إسرائيل الذي يشن انطلاقا من لبنان. والآن، في الوقت الذي تهدد فيه إسرائيل بشن حرب شاملة ضد حزب الله المدعوم من إيران، تتصاعد التوترات الطائفية. ويلقي منتقدو حزب الله وخصومه السياسيون اللوم عليه في شن حرب ضد إسرائيل من دون استشارة الفصائل الأخرى بينما يكافح لبنان للتعافي من الاقتصاد المدمر".
وبحسب الموقع، "بدأ حزب الله المواجهة مع إسرائيل في الثامن من تشرين الأول قائلا إنه سيستمر حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة حيث قتلت إسرائيل أكثر من 37 ألف شخص وهجّرت معظم السكان. وبدأت الحرب الإسرائيلية على غزة بعد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول، والذي أسفر عن مقتل 1139 شخصًا وأسر 250 آخرين. ومع عدم وجود أي انتصار أو إنجازات يمكن المطالبة بها بعد تسعة أشهر، فربما تجد إسرائيل نفسها في مأزق في غزة، ولكنها رغم ذلك ترد بشكل غير متناسب على هجمات حزب الله وتهدد بحرب أخرى هناك".
وتابع الموقع، "قال قاسم قصير، المحلل السياسي المقرب من حزب الله: "لا أحد يريد الحرب الآن، لكن إسرائيل هي التي تشن الصراع". وأضاف: "إذا شنت إسرائيل حربًا واسعة النطاق، فستكون حربًا مفتوحة وكبيرة". في الواقع، بعض اللبنانيين، وخاصة من الطائفة المسيحية، غير راضين للغاية عن حزب الله. يلوم كل من رئيس حزب "القوات" اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب "الكتائب" سامي الجميّل حزب الله على جر لبنان إلى "حرب استنزاف" يمكن تجنبها وجذب الهجمات الإسرائيلية إلى الأراضي اللبنانية. إن خطاب جعجع والجميّل يمكن أن يشير إلى أنهما لا يريدان الانجرار إلى صراع إقليمي، كما يقول مايكل يونغ، المحلل المتخصص بالشأن اللبناني للموقع".
وأضاف الموقع، "قال يونغ: "العديد من الزعماء المسيحيين يعارضون قرار حزب الله فتح جبهة ضد إسرائيل"، مضيفًا أن الهدف الإضافي قد يكون "إظهار أن لبنان ليس كله يدعم حزب الله على أمل تجنيب مناطقه أسوأ ما في الحرب مع إسرائيل". ويتفق آخرون على أنه لم يكن على حزب الله أن يتخذ قراراً "أحادياً". وينظر آخرون إلى حزب الله باعتباره جماعة مقاومة شعبية حررت جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي الذي دام 18 عاماً في عام 2000.وقال خبراء لقناة "الجزيرة" إن حزب الله أصبح أكثر تطورا منذ ذلك الحين، حيث قام بتوسيع قدراته القتالية وترسانة الأسلحة ومصادر الإيرادات".

وتابع الموقع، "إن القتل اليومي للفلسطينيين في غزة يجعل بعض مؤيدي حزب الله يدعون إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد إسرائيل. وقال عضو في الحزب القومي الاشتراكي السوري، جمال حسنية، لقناة "الجزيرة": "لا أعتقد أن حزب الله يفعل ما يكفي. يجب عليه غزو إسرائيل وليحدث ما يجب أن يحدث". ومع ذلك، اعترف الحسنية بأن إسرائيل سترد بقوة، مما قد يؤدي على الأرجح إلى نزوح جماعي. وحينها، سوف يكون لزاماً على الشيعة اللبنانيين أن يستقروا في المناطق السنية، وربما المسيحية، في مختلف أنحاء البلاد. وقال باتريك ريشا، المتحدث باسم "الكتائب"، إن موجة النزوح إلى البلدات والأحياء المسيحية "قد" تؤدي إلى حرب أهلية.لذلك، سيتعين علينا الفصل بين المدنيين والعسكريين". وأضاف: "لن نقبل أي منصات عسكرية قد تؤدي إلى تداعيات عسكرية". لكن يونغ لا يرى أن حزب الله سيقوم بعمليات عسكرية في أي مناطق مسيحية إذا اندلعت حرب مع إسرائيل لأنه لا يريد إثارة التوترات الطائفية، الأمر الذي سيكون في صالح إسرائيل". المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • نظرية إسلامية للحكم
  • آيات من القرآن لتقليل التوتر والأرق.. احرص عل تلاوتها
  • نائب امريكى : حان الوقت لينسحب بايدن ويترك قادة جدد يظهرون ويترشحون لهزيمة دونالد ترامب
  • هل يمكن أن تؤدي المواجهات بين حزب الله وإسرائيل إلى حرب أهلية في لبنان؟.. تقرير يجيب
  • غزة.. بين الموت قصفاً والموت جوعاً..!
  • كيفية تحصين النفس من الفتن؟.. «الإفتاء» تحدد 10 أمور مهمة
  • هل يمكن أن يكون الاكتئاب معديًا كالأنفلونزا؟.. دراسة حديثة تكشف مفاجأة
  • «الإفتاء» تضع «روشتة» لتحصين النفس من الفتن ومكائد الشيطان.. السر في ذكر الله
  • بالفيديو .. شجاعة مقاومين من كتائب القسام يهاجمان دبابة إسرائيلية في رفح من نقطة صفر تحصد تفاعلا واسعا
  • حقيقة رؤية ملك الموت عند خروج الروح.. الإفتاء توضح