بوابة الوفد:
2025-04-27@04:42:27 GMT

بَعْضُ الإنسان

تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT

الوقت من أشرف المخلوقات وأثمنها وأشدّها بأساً. فلأنه شريف فقد أقسم الله تعالى به بأسمائه المختلفة وبمراحله الباكرة والوسطى والمتأخرة، فأقسم تعالى بالفجر، والضحى، والعصر، والليل، وأقسم ببعض الحِقَب مثل حياة النبى (صلى الله عليه وسلم): (لعَمْرُك إنهم لفى سَكْرتهم يعمهون). 

وذكر القرآن أسماءه وفتراته: الدهر، الحين، الآن، اليوم، السنة، الشهر، الحول، الأجل، الأمد.

والوقت من أنفس الأشياء لأنه عُمر الإنسان وبُعْدُه الرابع (الجسدى، العقلى، الروحى، الزمني) الذى ينقضى بانقضائه، فإذا ذهب يومٌ كما يقول الحسن البصرى ذهب بعض الإنسان وإذا ذهب البعض يُوشك الكل أن يذهب. 

والوقت نفيس لأنه مَجْمع للآيات الربانية: (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب).

وتلك الآيات نِعَمٌ للإنسان الذى يظلم نفسه بعدم الانتفاع بها أو حُسن استثمارها كما أخبر النبى (صلى الله عليه وسلم): (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) ؛ لأن نعمة الوقت سبب لابتغاء الفضل وطلب العلم وتحصيل الرزق وإعمار الأرض، ووسيلة للمعرفة التاريخية والحساب الزمنى اللازم لتصريف الأمور والمعاملات. 

كما أنها وسيلة مباشرة لعبادة الله ذِكْراً وشكراً: (وهو الذى جعل الليل والنهار خِلْفةً لمن أراد أن يذّكر أو أراد شُكوراً).

ولا تتوقف وجوه نفاسة الوقت وقيمته عند حدود التنيه عليها من جانب أهل الفكر وأهل الذِكْر من الحكماء والعارفين الذين جعلوه سيفاً (إما أن تقطعه وإما أن يقطعك) وقرنوه بالنفس إما أن تشغلها بالحق وإلا شغلَتْك بالباطل. 

والتنبيه كذلك من خطورة سهولة التفريط فيه:

والوقتُ أَنْفَسُ ما عُنيتَ بحفظه..

وأراه أسهلَ ما عليكَ يضيعُ.

بل النذير الأكبر على نفاسة الوقت وقيمته يأتى من كونه أسرع الأشياء حساباً عنه وعليه: (لن تزول قَدَما عبْدٍ حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه).

ومسؤولية الإنسان عن الوقت وإدارته لا ترتبط خطورتها به وحده من خلال حسابه عليها ثوابا أو عقابا لكنها ترتبط كذلك بالمجتمع، فلا يمكن لأمة تبدد أوقاتها أن تتمكن من صناعة تاريخها وحضارتها وتحقيق تقدُّمها ؛ 

لذلك يجب المطالبة بالحَجْر على السفهاء الذين يبددون الأوقات فهم أخطر على المجتمع ممن يبددون الثروات لأن الثروات يمكن استعادتها وتعويضها بينما الوقت المُهْدَر لا يمكن استبداله أو تعويضه أو استعادته أو إيقافه.

وتلك الحقيقة من حقائق الزمن اليقينية تتلازم مع يقينية الموت الذى هو نهاية الوقت والتاريخ والزمن للميت، وتتجلّى له عندها كل الحقائق التى غفل عنها.

فرغم أن الإنسان على يقين تام بحقيقة الموت فإنه يتجاهل الاستجابة لذلك النذير اليقينى الحدّى فى صراعه من الوقت، ولا ينتبه إلا بعد فواته عند ساعتين من الساعات الجليلة فى تحديد مصيره.. الأولى: ساعة الموت عندما يستدبر الدنيا ويستقبل الآخرة فيتضرع راجياً مهلة من الوقت لإصلاح ما فسد وتدارك ما فات فيُصدَم بالرفض وعدم الاستجابة: (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى أحدَكم الموتُ فيقول ربِّ لولا أخرتنى إلى أجل قريب فأصدّق وأكن من الصالحين ولن يُؤخّر الله نَفْساً إذا جاء أجَلُها).

الثانية: ساعة الحساب حيث تُوفّى كل نفس ما عملت وتُجزى بما كَسَبتْ فيدخل المحسنون الجنة ويُلقى بالمسيئين إلى جهنم عندها: (يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذى كنا نعمل أو لم نُعَمْركم ما يتذكر فيه من تذكّر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير).

وربما لا يكون هناك أكثر خداعاً من الوقت فى شدة تفلُّته بدون أن يشعر المرء فتمرُّ سنوات العمر مَرّ السحاب وكأنها فى ظنه ثوانى معدودة عندما يُحاسب عليه: (قال كم لبثتم فى الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادّين).

لكن السؤال الوجودى الذى يشغل العقلاء والحكماء: ألا يمكن للإنسان الانتصار فى معركة الوقت والصراع مع الزمن؟ وإن كان الانتصار ممكنا فما وسائل تحقيقه؟

والحقيقة المذهلة أن الجواب بالإيجاب والانتصار فى المعركة ضد الزمن. أما الوسائل فمتعددة بعضها ذاتى نفسى وبعضها خارجى مجتمعى..

أولها: محاسبة النفس على الأعمال والأفكار والأفعال والأقوال ونهيها عن الهوى والغى

الثانى: توطين النفس على المعالى: 

إنما المرء حيث يجعل نفسه

فكن طالبا فى الناس أعلى المراتب

فيبتعد الإنسان عن سفاسف الأمور والمفاسد ومساوئ الأخلاق كالأكاذيب ونكران الجميل والخداع والشرور يتخلص من أمراض القلوب التى تمنعه من فضائل الأعمال والأقوال وصالح النوايا. 

الثالث: الصُّحبة الصالحة المعينة على الطيبات 

الرابع: تهديد النفس دائماً بسيف الموت ونذيره ولذلك كان بعض الصالحين يذهب إلى قبره فينام فيه كل أسبوع مرة.

الخامس: طلب العلم لإدراك قيمة الوقت وشغل النفس به 

السادس: إتقان عمله الذى يقوم به سواء أكان من العبادت أو المعاملات أو الاعتقادات أو المعيشيات.

السابع: حسن التنظيم والتقسيم وإدارة الوقت، فقِسْم للنفس وقسم للأهل وقسم للرب: (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب).

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صلى الله عليه وسلم الضحى العصر الفجر الوقت

إقرأ أيضاً:

طريق الموت.. مأساة جديدة تُودي بحياة 13 شخصاً

في حادث سير مروّع، فقد 13 مواطنًا أرواحهم على الطريق الصحراوي الرابط بين أجدابيا وطبرق، فيما بات يُعرف بـ”طريق الموت” الذي لا يكاد يمر أسبوع دون أن يخلّف مأساة جديدة.  

ووفق ما نقلت مواقع التواصل الاجتماعي، “لقي 13شخصا مصرعهم بحادث سير بعد تصادم حافلة ركاب كانت تقلّهم مع شاحنة ثقيلة في الطريق الصحراوي الرابط بين أجدابيا وطبرق، و10 من الضحايا يحملون الجنسية المصرية”.

هذا “ويُعرف الطريق الصحراوي الرابط بين أجدابيا وطبرق في ليبيا بـ”طريق الموت” بسبب الحوادث المتكررة التي يشهدها، ويعاني الطريق من سوء البنية التحتية وغياب الإنارة والخدمات الأساسية، مما يجعله من أخطر الطرق في البلاد، وهذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتحسين البنية التحتية وتعزيز معايير السلامة على الطرق”.

ويشار إلى أن ليبيا “تسجل معدلات كبيرة لحوادث السير مقارنة بعدد السكان، حيث أوضحت بعض الإحصائيات وفاة 5 أشخاص يوميا جراء حوادث المرور، وأودت حوادث المرور في ليبيا بحياة 2460 شخصا خلال عام 2024، وذلك بحسب أرقام رسمية، وهو ثاني أعلى معدل في العالم”.

آخر تحديث: 24 أبريل 2025 - 13:32

مقالات مشابهة

  • هل يجوز أداء الصلاة فور سماع الله أكبر .. الإفتاء تجيب
  • أمين الأعلى للشئون الإسلامية يلقي كلمة وزارة الأوقاف في مؤتمر كلية الشريعة
  • نوبة صَحَيَانْ، لكافة أهل السودان
  • غزة على شفا «الموت الجماعي» بسبب الجوع
  • حكم تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب الانشغال بالعمل.. الإفتاء توضح
  • خطيب المسجد الحرام: عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون واتقوا شر ظنون أنفسكم
  • منظمات دولية تحذر: أمراض يمكن الوقاية منها تهدد الملايين
  • طفل مصاب يستغيث وسط ركام الموت في غزة / فيديو
  • طفل مصاب يستغيث وسط ركام الموت في غزة
  • طريق الموت.. مأساة جديدة تُودي بحياة 13 شخصاً