أنشأها الأمير «جوهر القنقبائى»، وكان يشغل منصب الخازندار - المشرف على خزائن الأموال السلطانية أثناء حكم السلطان المملوكى الأشرف «سيف الدين برسباى»، وتشتمل الواجهة الرئيسية للمدرسة على ثلاثة جدران غائرة فتحت فيها شبابيك جصية معقودة مفرغة ومعشقة بالزجاج الملون.
كانت المدرسة مخصصة لتدريس مذهب واحد من المذاهب السُنية الأربعة، وبالرغم من صغر مسطح المدرسة إلا أنها صُممت على نفس النظام الذى ساد المدارس فى العصر المملوكى الجركسى، وتتكون المدرسة من صحن أوسط صغير يحيط به أربعة إيوانات تطل عليه، أكبرها هو إيوان القبلة الذى يقع فى الجهة الجنوبية الشرقى.
ويوجد فى الطرف الجنوبى الغربى من المدرسة الضريح الذى دُفن فيه الأمير جوهر القنقبائى منشئ المدرسة. ويغطى الضريح قبة حجرية صغيرة تتميز بزخارفها المنحوتة فى الحجر على سطحها الخارجى. وتتكون هذه الزخارف من عناصر غاية فى الجمال عبارة عن أوراق نباتية متداخلة ومتشابكة ومتفرعة.
وقد برع مهندس المدرسة فى العناية بملء مسطحاتها الداخلية بالزخارف المتنوعة ويتضح ذلك فى زخرفة الأسقف الخشبية وتذهيبها وتلوينها، وفى الأحجار المزخرفة، وفى تكسية المحراب بالرخام الملون، وفى الشبابيك الجصية المعشقة بالزجاج الملون فى إيوان القبلة والإيوان المقابل له، وفى الأرضيات الرخامية فى الصحن والضريح، بالإضافة إلى النقوش الكتابية التأسيسية والقرآنية.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
قضية القضايا
ارتباط مصر بقضية فلسطين هو ارتباط دائم، ثابت تمليه اعتبارات الأمن القومى المصرى وروابط الجغرافيا والتاريخ والدم والقومية مع شعب فلسطين، لذلك لم يكن الموقف المصرى من قضية فلسطين فى أى مرحلة يخضع لحسابات مصالح آنية، ولم يكن أبداً ورقة لمساومات إقليمية أو دولية، لذلك لم يتأثر ارتباط مصر العضوى بقضية فلسطين بتغيير النظم والسياسات المصرية.
فقبل ثورة 23 يوليو 1951، كان ما يجرى فى فلسطين موضع اهتمام الحركة الوطنية المصرية، وكانت مصر طرفاً أساسياً فى الأحداث التى سبقت حرب عام 1948، وأعلن الملك فاروق عن مشاركة الجيش المصرى فى حرب عام 1948، لإنقاذ فلسطين. كما وضع الرئيس جمال عبدالناصر القضية الفلسطينية فى مقدمة اهتماماته، لذا كانت دعوته لعقد مؤتمر الخرطوم الذى رفع فيه شعار «لا اعتراف، لا صلح، لا تفاوض» مع إسرائيل والذى سمى بمؤتمر «اللاءات الثلاثة»، ولا يمكن أن نتجاهل مطالبات الرئيس السادات بحقوق الشعب الفلسطينى خلال خطابه الشهير فى الكنيست الإسرائيلى مطالباً بالعودة إلى حدود ما قبل عام 1967، خلال مؤتمر القمة العربى السابع الذى عقد فى نوفمبر 1973 فى الجزائر، وخلال فترة الرئيس مبارك شهدت القضية الفلسطينية تطورات كثيرة وحادة ونتيجة لذلك تطورت مواقف وأدوار مصر لتحقيق الاستقرار فى هذه المنطقة الملتهبة من حدود مصر الشرقية.
وبعد تولى الرئيس السيسى المسئولية رئيساً لمصر، ظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية، وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين والأبرياء من أبناء الشعب الفلسطينى، الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها، فضلا عن الجهود الإنسانية التى قدمتها مصر وما زالت تقدمها من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين، وإرسال المساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطينى، ولعبت مصر منذ بداية اشتعال فتيل الحرب فى غزة دوراً كبيراً من أجل إعادة الاستقرار لقطاع غزة، وحتى التوصل إلى اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى ولعب الرئيس السيسى دوراً مهماً مع الأجهزة المعنية فى متابعة كافة المفاوضات التى تمت، والتحرك على كافة المستويات الخارجية.
وأعلنت مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية توصل طرفى النزاع فى غزة إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمحتجزين والعودة إلى الهدوء المستدام بما يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار بين الطرفين.
هذا الاتفاق لم يكن ليتحقق لولا الدور الجوهرى والتاريخى الذى تضطلع به مصر فى الشرق الأوسط والتزامها بالدبلوماسية لحل النزاعات. كما أفشلت مصر بالتوازى مع الجهد الإنسانى بإصرارها وجديتها مخططات التهجير القسرى للفلسطينيين ووقفت كحائط صد ولم تسمح بإتمام هذا المخطط الشرير الذى كان فى جوهر سياسات الاحتلال وهدفا رئيسيا له.
إن مصر التى حملت القضية الفلسطينية على عاتقها منذ سبعة عقود بل ومنذ قدم التاريخ ستظل داعمة للسلام العادل ومدافعة عن حقوق الشعب الفلسطينى حتى يتحقق السلام المستدام من خلال حل الدولتين.
لم تغب مصر يوماً عن الأحداث الأليمة التى يمر بها الأشقاء فى قطاع غزة، منذ انطلاق الحرب المدمرة التى شنتها إسرائيل يوم 7 أكتوبر 2023، ولم تكن الهدنة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ترى النور لولا الدور التاريخى لمصر فى منطقة الشرق الأوسط، وهو الدور الذى لم يكن وليد اللحظة، ولكنه يرجع إلى الثوابت المصرية المعروفة تجاه القضية الفلسطينية.
وتتمثل ثوابت مصر فى الرفض القاطع لأى سيناريوهات تستهدف محاولات تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين ودعمهم فى إقامة دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر هى قضية القضايا كما قال الرئيس السيسى، وترفض مصر تماماً أى حديث عن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء أو إلى أى مكان آخر منذ اللحظة الأولى للحروب الإسرائيلية على غزة، وفى نفس الوقت أيضا يعتبر اتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة شاهداً حياً على الجهود الدؤوبة، والمساعى المستمرة التى تبذلها مصر إلى جانب شركائها فى هذا الشأن، وستدفع مصر بمنتهى القوة فى تنفيذ الاتفاق بالكامل، والبدء فى مساعى حل الدولتين ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية وتعتبرها خطاً أحمر.