إسطنبول- تتجدد مساعي الشباب العربي لدعم القضية الفلسطينية في خضم الأحداث المتسارعة لمعركة "طوفان الأقصى" المستمرة منذ نصف عام، مخلفة وراءها دمارا واسعا ومجازر بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وأطلقت مجموعات من الشباب مبادرات إلكترونية شعبية للتسلل إلى النسيج الاجتماعي الإسرائيلي وممارسة تأثير ملموس عليه، بهدف التصدي للمعلومات المضللة.

كما تهدف المبادرات إلى كشف الحقائق التي تسعى الرقابة الإلكترونية في إسرائيل لطمسها بشأن تطورات الحرب والتبعات الوخيمة التي تتحملها حكومة الاحتلال وقواتها العسكرية، سواء داخل غزة أو في المناطق المحيطة.

ومن أشهر هذه المبادرات حملتا "إسناد" و"النحل العربي"، التي يقول راجي أسامة، أحد المتطوعين فيها للجزيرة نت، إن انضمامه لها جاء في إطار المسؤولية التي شعر بها تجاه الفلسطينيين الذين يتعرضون للإبادة في قطاع غزة بدون نصير، وإسنادا لدور المقاومة الفلسطينية على إحدى جبهات الحرب.

وأضاف أن الشباب العربي، وبإقرار وسائل الإعلام الإسرائيلية نفسها، تمكنوا من ترسيخ وجودهم على الساحة الإلكترونية، محققين تفوقا ملموسا في الجبهة الإعلامية خلال هذه المعركة.

وفي حوار خاص مع الجزيرة نت، قال عز الدين دويدار المخرج المصري ومنظم حملة "إسناد" إنها مبادرة شعبية ناشئة للتدوين بالعبرية، تسعى لتشكيل رؤى الرأي العام الإسرائيلي من خلال تقديم تغطية إخبارية موثقة حول الأحداث الجارية في غزة.

وتهدف إلى تحدي القيود الصارمة التي تفرضها الرقابة العسكرية في إسرائيل، بنقل تفاصيل دقيقة حول الخسائر التي يتكبدها جيش الاحتلال والوضع الأمني والعسكري الراهن، والأمور التي تكافح السلطات الإسرائيلية لإبقائها بعيدة عن متناول جمهورها.

وفيما يلي نص الحوار:

حملة "إسناد" تركز على المعلومات القادرة على تحريك الرأي العام الإسرائيلي (التواصل الإجتماعي) ما الذي دفعكم لتأسيس "إسناد" وما أهدافكم وماذا حققتم؟

في مستهل الحرب على قطاع غزة، كنا ندون وننشر بلغات أجنبية مثل الفرنسية والإنجليزية وغيرها من اللغات المتنوعة. لكن، مع مرور الوقت، بدأنا ندرك الحاجة الملحة لتوجيه رسائلنا بالعبرية لمخاطبة المجتمع الإسرائيلي.

كان هذا التوجه ناتجا عن ملاحظتنا للاهتمام والتفاعل الكبير من الدول الغربية تجاه القضية والحرب الجارية، إذ كانت هناك مظاهرات منظمة بشكل دوري، وشعرنا بضرورة مخاطبة هذه الشعوب وتوجيه جهودنا نحوهم.

كما كانت الأعداد الكافية من النشطاء والمدونين المتخصصين باللغات الأجنبية، إلى جانب الجاليات العربية والإسلامية المنتشرة في أوروبا، قادرة على نقل وتوضيح الصورة بفهم أعمق للسياقات المحلية لهذه المجتمعات.

فوجدنا أهمية دورنا في المساهمة في إسناد المقاومة الفلسطينية من خلال تولي الملفات التي لا تستطيع هي القيام بها من داخل قطاع غزة، كمهمات الإعلام العسكري أو الإسناد الإعلامي والتدوين بالعبرية وما يندرج تحت مسمى الحرب المعنوية.

وهو ما بدأت به المقاومة لكنها كانت بحاجة لإسناد في هذا المجال للرد على الدعاية الصهيونية والإشاعات الصادرة حول طبيعة المعركة وتفاصيلها، وبدأ عملنا ومهامنا يتطوران منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى الآن.

بفضل الله، حققت حملتنا انتشارا واسعا، وتجاوز عدد المشتركين فيها 50 ألفا، يقومون بمهمات يومية متنوعة. وفي فبراير/شباط الماضي، ساهمت مبادرتنا "إسناد" بنسبة تتراوح بين 2.5% إلى 3% من إجمالي المحتوى العبري المنشور في إسرائيل، وارتفعت هذه النسبة خلال مارس/آذار الأخير.

لقد تمكنا في مراحل الحرب الأولى من كشف النقاب عن مشاركة مرتزقة أوكرانيين في جيش الاحتلال، وأن المحتجزين الإسرائيليين الـ3 الذين لقوا حتفهم خلال محاولة فرارهم قُتلوا على يد هؤلاء المتطوعين الأوكرانيين، على الرغم من محاولات الرقابة الإعلامية حجب هذه المعلومات عن العامة.

ونحن مستمرون حتى الآن في توسيع نطاق انتشارنا وتعزيز تأثيرنا داخل المجتمع الإسرائيلي. حتى إن بعض أعضاء الكنيست باتوا يتابعون بعض حساباتنا ويتداولون المعلومات المنشورة فيها، ما أدى إلى إثارة قضايا أمنية على المستوى القيادي الإسرائيلي، بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية.

وقد صُنفت حملة "إسناد" من قبل صحف ومراكز أبحاث إسرائيلية كأول حملة شعبية تستهدف إسرائيل بتأثير ملموس منذ قيام الدولة، عاكسة بذلك المعادلة السابقة التي كانت تهيمن فيها الأجهزة والحملات الإعلامية الإسرائيلية على الرأي العام العربي.

ما التحديات التي واجهتكم في المراحل الأولى من تأسيس هذه المجموعات وكيف تغلبتم عليها؟

من المؤكد أن إيجاد المتطوعين في المراحل الأولى شكّل إحدى أبرز التحديات التي واجهناها، إلى جانب التعامل مع الإغلاق المتكرر للحسابات التي كنا ننشئها والرقابة الأمنية المستمرة على منشوراتنا، ما كان يستلزم توافر عدد أكبر من المتطوعين للتغلب على هذه العقبات.

لكن مع تزايد انتشار نجاحات حملتنا وتأثيرها الملحوظ على الرأي العام الإسرائيلي، بالإضافة إلى التغطية الصحفية التي أبرزت جهودنا في الإعلام الإسرائيلي، ساعد ذلك كثيرا في توسيع نطاق حملتنا وزيادة أعداد المتطوعين الملتحقين بها.

ومع ذلك، لا تزال محاولات فرض القيود والضغوط على الحسابات والمنشورات قائمة، ونحن نبذل جهودا مستمرة للتغلب عليها، وننوه إلى المحاولات الحثيثة التي يبذلها بعد الإسرائيليون للاندساس إلى الحملة ومحاولة تشويهها من الداخل، إلا أننا نملك التقنيات التي تمكننا من كشفهم.

ما نوع المحتوى الذي تركز الحملة على نشره؟

نركز جهودنا على تقديم محتوى يغطي التطورات والحقائق المتعلقة بمسار الحرب وتفاصيلها، مع تأكيد الجوانب السياسية والاقتصادية وتفاصيل المفاوضات التي تظل غائبة عن الإدراك العام للمجتمع الإسرائيلي.

ونركز خاصة على المعلومات القادرة على تحريك الرأي العام الإسرائيلي نحو الضغط على حكومتهم لوقف الحرب والتوصل إلى اتفاق يتماشى مع مطالب المقاومة، بما في ذلك قضايا تبادل الأسرى. ونولي اهتماما خاصا أيضا بالتصرفات والجرائم التي يقوم بها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بحق الإسرائيليين أو المحتجزين في قطاع غزة.

كما نسلط الضوء على التصريحات المتطرفة لوزيري الأمن إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش الإسرائيليين، محاولين توعية الجمهور بمخاطر هذه التصريحات ليس فقط على المجتمع الإسرائيلي، ولكن أيضا على الشعوب العربية والمنطقة بأسرها.

هل تتعرضون للمضايقات من أي جهات، أو لضغوطات لعدم مواصلة المشوار؟

حتى اللحظة، لم نواجه تحديات ملموسة، لكن العقبة الأساسية التي تواجهنا هي الخوف؛ فالمتطوعون الذين يعيشون في دول يحكمها نظام دكتاتوري يشعرون بالقلق من رد فعل هذه الأنظمة تجاه مشاركتهم في الحملة أو حملات مماثلة.

ونحن في "إسناد"، نساعد الشباب على الخروج من هذه الحالة والقيام من مقاعد العاجزين إلى مقاعد الفاعلين واكتساب الثقة بالنفس.

بالنسبة للمضايقات الصادرة من الجانب الإسرائيلي، فقد ذكرنا سابقا بأنها موجودة، لكننا نسعى لتحويلها إلى دافع يقوي عزيمتنا للمضي قدما في مسيرتنا، وتحقيق أهدافنا خطوة بخطوة، وتعزيز كفاءتنا وتطوير أدواتنا التقنية لتجاوز هذه التحديات بكل قوة.

ما الرسالة التي تود توجيهها للشباب العربي والمجتمع الدولي من خلال عملك مع هذه المجموعات؟

كان "طوفان الأقصى" طوفانا في عزيمتنا ووعينا، فعندما رأينا شبابا محاصرا استطاع أن يحدث هزة في العالم بأسره وأن يضع إسرائيل على طريق النهاية بأقل الإمكانيات والعتاد وكثير من الإيمان بالله، كان ملهما لنا وللشباب العربي وساعدنا على تجاوز حالة العجز والمشاهدة بصمت والاستجداء من الحكام أو المؤسسات الدولية لوقف الحرب أو فتح المعبر.

وأدركنا أننا كشباب عربي لدينا القدرة على تقدم الصفوف الأولى للمعركة والتأثير فيها.

نحث شباب العالم على تجاوز مرحلة الاحتجاجات النظرية إلى الانخراط الفعال في ساحة العمل لتغيير مسار الصراع. لم يعد من المقبول الاستمرار في نمط الاحتجاج بدون اتخاذ خطوات عملية، فمن غير المنطقي أن نطالب بحقوقنا من أعدائنا أو نرجوهم للسماح لنا بالعيش.

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الرأی العام الإسرائیلی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

حزب “الإصلاح”: الصهيونية في ثوبٍ إسلامي

عدنان ناصر الشامي

عندما يتحول الدين إلى قناع، والسياسة إلى وسيلة للعمالة، والمواقف إلى مزادٍ علني، فاعلم أنك أمام حزب “الإصلاح”، الوجه الآخر للصهيونية، ولكن بنكهة عربية.

خيانة فلسطين لم تكن عَرَضًا في مسيرة هذا الحزب، بل كانت جزءًا من عقيدته السياسية، فهو داعمٌ غير مباشرٍ للتطبيع، ومتواطئٌ في تصفية القضية، ومحاربٌ لكل مقاومٍ شريفٍ يسعى لتحرير الأرض والمقدسات. أما في اليمن، فقد كان اليد التي تبرّر العدوان، والسلاح الذي يُشهره تحالف الهيمنة ضد كُـلّ من يرفض الخضوع لأمريكا وإسرائيل، وخادمًا وفيًّا لبني سعود بلا تردّد أَو خجل.

حزبٌ لا يتحَرّك إلا، حَيثُ تشير بُوصلته الخليجية، فتُصنع قراراته في واشنطن، وتُمول في الرياض، وتُبارك في تل أبيب. ليس سِرًّا أن الإصلاح يسارع لإرضاء بني صهيون، ليس فقط عبر المواقف السياسية، بل حتى في عقيدته ومنهجه، فمن تبرير التطبيع إلى ترويج خطاب يخدم المشروع الأمريكي، إلى لعب دور الوسيط بين العملاء، كُـلّ ذلك يجعله النسخة العربية من الصهاينة، لكن بقناعٍ إسلاميٍ زائف.

لم يكن حزب الإصلاح يوماً حزبًا إسلاميًا حقيقيًّا، بل كان مشروعًا وظيفيًا يستخدم الدين كوسيلة، ويبيع القيم مقابل المال والسلطة. لكنه، مهما سارع في مرضاة بني صهيون، لن ينجو من مصير الخونة، فالتاريخ لا يرحم، والقناع سيسقط أمام الأُمَّــة.

الولاء في هذا الحزب لم يكن لله ولا للأُمَّـة، بل لمن يدفع أكثر، ومنذ نشأته لم يكن سوى خادمٍ للنفوذ الصهيو-أمريكي في المنطقة. تحالفه مع بني سعود لم يكن تحالفًا اضطراريًا، بل كان تحالفًا وجوديًا، فهو ابن الوهَّـابية التكفيرية التي صنعتها بريطانيا، ورعتها أمريكا، وأطلقتها السعوديّة لضرب أي مشروع تحرّري داخل الأُمَّــة.

لم يكن حزب الإصلاح يوماً ضد أمريكا، بل كان ذراعها في اليمن. منذ غزو العراق وأفغانستان، كان الإصلاح يقدم خطابًا يُرضي واشنطن، فالجهاد عنده مشروطٌ بمصالح الغرب، والعدوّ الحقيقي عنده ليس إسرائيل، بل كُـلّ من يرفض الهيمنة الأمريكية!

الصهيونية ليست مُجَـرّد احتلال عسكري، بل مشروع متكامل لإنتاج العملاء، ومنظومة فكرية تستخدم أدوات محلية لتدمير الأُمَّــة من الداخل. أي كيان يبرّر التطبيع، فهو صهيوني، وأية جهة تحارب قوى التحرّر، فهي خادمة للصهاينة، وأي حزب يتحالف مع أعداء الأُمَّــة، فهو امتداد للمشروع الصهيوني. حزب الإصلاح يحقّق كُـلّ هذه المعايير، مما يجعله امتدادا للمنظومة الصهيونية، حتى لو تحدث بالعربية ورفع شعارات إسلامية.

قد يتلوَّن حزب الإصلاح، ويرفع الشعارات، لكن جوهره مكشوف. فالتاريخ شاهد على سقوط كُـلّ عميل خائن، ومزبلة الخيانة مليئة بأمثاله. أما اليمن، فسيبقى حصنًا منيعًا، وسيدوس العملاء تحت أقدام الأحرار!

مقالات مشابهة

  • الردة إلى منصة تسع وثمانين نقلا عن العربي الجديد
  • ‎ترامب يلغي الدعاية المعادية لأمريكا بتعيين مدير جديد لدار الأوبرا بواشنطن
  • لميس الحديدي تشيد بالموقف العربي الموحد الرافض لتهجير الفلسطينيين
  • محلل سياسي فلسطيني: الموقف العربي الموحد مهم والبيانات التي تصدر «ذكية»
  • القدس العربي تتساءل: ماذا عن مأرب وإمكانية استئناف الحرب في اليمن؟
  • حزب “الإصلاح”: الصهيونية في ثوبٍ إسلامي
  • الخارجية السودانية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة
  • سر الحملة الصهيونية ضد السعودية
  • الخارجية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة
  • حماس تعلق على الانسحاب الإسرائيلي من محور نتساريم