نشر فريق من خبراء مركز الفضاء اليمني لأبحاث الكواكب ووكالة الفضاء اليمنية دراسة علمية جديدة تميط اللثام عن حقيقة أحد أسرار القمر الذي ظل لغزاً غامضاً مُحيِّراً للعلماء على مدى عقود طويلة، وقدَّم حوله علماء الفضاء الأمريكيون والروس والأوروبيون واليابانيون والصينيون وغيرهم العديد من النظريات والتفسيرات التي ظلَّت جميعها من دون دليل حاسم.

>> استشاري طب الأسرة والطفل يفوز بالرئاسة، ويتعهَّد بتنفيذ أضخم برنامج رعاية صحية عرفته البلاد

الدراسة العملية نُشرت مطلع هذا الأسبوع في عدد خاص من "مجلة مركز الفضاء اليمني لأبحاث الكواكب" احتفاءً بمناسبتين مهمتين في تاريخ علوم الفضاء؛ الأولى هي انتقال المركز والوكالة إلى مقرهما الجديد الذي يحتوي مراصد ومختبرات ومعامل وصالات عرض كلها حديثة وعملاقة، وأكاديمية لإعداد وتدريب رواد الفضاء، ومتحفاً للعلوم، إضافة إلى مكاتب إدارية وفنية، وهو المقر الذي تم الانتهاء من بنائه وتجهيزه مؤخراً على قمة جبل النبي شعيب الذي يُعرَف أيضاً بجبل حضور الواقع في مديرية بني مطر بمحافظة صنعاء على الطريق المؤدي إلى الحديدة، ويَرتفع بـ3666 متراً عن سطح البحر. ومن المتوقع أن يُحدِث هذا الانتقال إلى المقر الجديد نقلة نوعية في علوم الفضاء وأبحاث ودراسات الكواكب في اليمن والمنطقة والعالم.

أما المناسبة الثانية فهي مرور أربعين يوماً على عودة بعثة الفضاء اليمنية إلى أرض الوطن بعد أن أنجزت بنجاح مهمتها بالهبوط على الوجه البعيد للقمر ودراسته وتفحُّصه، وجمع كمّ هائل من البيانات والعينات من على سطحه مباشرة لإخضاعها للمزيد من الدراسة والبحث على الأرض. ويُعَد هذا ثاني هبوط لمركبة فضاء يمنية مأهولة على سطح القمر، وتُدعَى (سِيْدِي حسن 2)، إذ أن أول هبوط لمركبة فضاء يمنية مأهولة وهي (سِيْدِي حسن 1) كان في 21 سبتمبر 2014 ولكن على الوجه القريب للقمر. 

أما مركبات الفضاء اليمنية غير المأهولة التي حطت على سطح القمر فعددها 7 حتى الآن، ويعود أولها إلى خمسينيات القرن الماضي وتحديداً قبل خمس سنوات من تمَكُّن المسبار السوفيتي "لونا 2" من الوصول إلى سطح القمر في 1959.

وفي البحث الموسوم "مفارقة وجهيّ القمر: أخيراً تم حلّ اللغز"، قدَّم خبراء مركز الفضاء اليمني لأبحاث الكواكب ووكالة الفضاء اليمنية التفسير العلمي أو النظرية العلمية الأكثر إقناعاً حول لماذا تنتشر في الجانب القريب من القمر سهول بازلتيّة كبيرة ومظلمة تُعرَف بـ"البحار القمرية" عبارة عن بقايا شاسعة ذات لون داكن لتدفقات الحمم البركانية القديمة، بينما الجانب البعيد منه مليء بالفُوَّهات التي تبدو ناتجة عن تصادُم، ويخلو فعلياً من ذلك النوع من "البحار القمرية".

وقالت الدراسة إن "القمر كان عبارة عن كتلة ملتهبة حارقة كالشمس، وكانت الأرض بسببه غير صالحة للسكن"، مضيفةً إنه "ولكي تتهيأ الأرض ليسكن عليها أعلام الهدى ومصابيح الدجى بعد مليارات السنين، فقد سلَّطَت الأرض مياه بحارها ومحيطاتها باتجاه القمر بسرعة خارقة، وعند اصطدام هذه المياه بسطحه القريب حفرت فيه فوهات عميقة بلغت غوره ونفذت إلى الجهة الثانية منه، ما أدَّى إلى تسرُّب كامل للمياه من هذا الجانب باتجاه الجانب الآخر (البعيد) حينها، وتحت وطأة ثقل المياه والرواسب اقتلب القمر رأساً على عقب، وتبادَل الجانبان البعيد والقريب للقمر مكانيهما منذ ذلك الحين".

وحفلت الدراسة التي شارك في صياغة نظريتها النهائية أبرز خمسة علماء كبار في مركز الفضاء اليمني لأبحاث الكواكب ووكالة الفضاء اليمنية، بقيادة البروفيسور نجم الدين سابر، بمروحة واسعة من الاستدلالات العلمية على صحة النظرية، بما في ذلك خلاصات من نتائج ما جمعته بعثة الفضاء اليمنية من بيانات وعينات قالت البعثة إنها سوف تضعها قريباً أمام تصرف العلماء والباحثين من مختلف مراكز ووكالات الفضاء النظيرة عبر العالم.

المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

المسجد فضاء الاجتماع والاختلاف

يحتفي السرد في حكاياته بعالم القرية الصغير مقدمًا أنموذجًا عن حياة الإنسان وتصورات معيشته، متناولًا صورة متخيلة تفضي إلى الواقع في ذلك المكان، كما تظهر القرية بعوالمها وشخوصها وأحداثها في الكتابة القصصية مشكلة مرجعية مهمة في عملية البناء السردي، فقد عاد القاص إلى مكان نشأته الأول وبيئة طفولته، إذ شكّل هذا الفضاء له بيئة خصبة بالأحداث، والشخصيات المختلفة في طبائعها ومصائرها.

واللافت للنظر في الكتابة عن القرية ما نجده من تصوير سردي عن فضاءات العبادة فيها، لا سيما المساجد، إذ تُشكّل مكانًا يجمع أهل القرى لحظة العبادة والانقطاع لها، كما تُشكّل مكانًا تنكشف فيه طبائع الشخصيات كلٌّ حسب درجات ورعه وتقواه، وتمثل المساجد أمكنة للعبادة لها حضورها الفاعل في الصلة بين الإنسان وربه، لكننا قد نستقرئ من سردياتها حكايات مختبئة في دواخل شخصيات القرية تمثّل اختلافًا في الأفكار أو اجتماعًا في الحضور الجمعي.

(1)

تأخذنا قصة (السترة) لعبدالعزيز الفارسي إلى عالم القرية، وتحديدًا إلى فضاء المسجد، فيقدم القاص في قصته صورة عن تنوّع الشخصيات وارتباطها بالمكان لحظة العبادة، وهنا يظهر الارتباط بالمسجد كونه مكانًا جامعًا لأهل القرية، يؤدون فيه فريضتهم، لكنّ القصة تُحيل القارئ على حدث مهم تبدأ به، إذ تدور أحداث القصة في فترة زمنية قصيرة ممتدة بين إقامة الصلاة وانتهائها، وتظهر هناك شخصيتان متمثلتان في خلف بن راشد الإمام والصوت الآتي من ورائه من السترة.

يستمر السرد في إيجاد تدافعٍ في الفعل بين الشخصيتين، يتطور إلى صراع وتخوّف، فمن هذا الذي يخطّئ الإمام الذي لم يخطئ منذ ثلاثين سنة في صلاته؟! وهنا يتحول السرد إلى محاولة للكشف، وتصبح القراءة عملية مهمة في التعرف على الشخصية الأخرى التي تظهر بصوتها في الحدث.

يمتد الحدث عبر مونولوج ينفثه صدر الإمام باحثًا عن أجوبة يحاول الوصول من خلالها إلى شخصية صاحب الصوت، وهنا يصبح المسجد فضاء تتجسد فيه التأويلات وتتسع وصولًا إلى نهاية الصلاة ووصول شخصية الإمام إلى الإرهاق الذهني الذي أضاع عليه صلاته، وأفقده الخشوع، حتى إن الصوت صار يتدخل في سير الصلاة نيابة عن الإمام: "لكنه تفاجأ بالصوت ينهي الصلاة: السلام عليكم ورحمة الله. سلّم المصلون والإمام".

في فضاءات المساجد ما يمكن للقصص أن تتشكّل من الواقع، وعلى القاص اقتناص مثل هذه الحوادث وصياغتها في قالب سردي، فشخصية الإمام لم تكتفِ بتقريع النفس ولومها، بل قدّمت اعتذارات على تقدُّمها في الصلاة على العالِم الفذّ، وهنا تأخذ القصة القارئ إلى نهايتها، وهي نهاية ساخرة نوعًا ما، فمن كان يظنه الإمام عالمًا فذًا ما هو إلا مخبول القرية الذي دخل مع الناس إلى المسجد وصلى معهم في السترة، حتى فاجأ الإمام قائلًا: "شيخنا شو رأيك في صلاتي؟ مثل اللي بالتلفزيون صح؟".

تتكرّر هذه الحوادث في السرد مقدمة صورة متخيلة عن القرية وعن مساجدها ومصليها والحوادث الناشئة من شخصياتها التي تتشكّل أسماؤها وأفعالها من مرجعية بالواقع القروي.

(2)

وكما كتب عبدالعزيز الفارسي قصة (السترة) مقدّمًا صورة الإنسان القروي وحوادثه داخل المساجد، فإن محمد بن سيف الرحبي نقل لنا الصورة ذاتها في قصة (ود هاشول يصلي!!)، ومعها تظهر طبائع الشخصيات، وأنماط تفكيرها واختلافها في الرأي فيما بينها، وينفتح النص على جملة رئيسة يقوم عليها الحكي، وتضطلع الشخصيات بأدوارها، فنجد ذلك في العبارة الآتية: "ركض فاضول بما أوتي من نفس نحو الجالسين في عصريات قرية البارود، القرية الهاجعة مع نهاية يوم صيفي بين جبال المشرق والمغرب، ردّد بلثغته المعروفة عنه: "شفت ود هاشول يصلي!!"، الجملة الأخيرة في العبارة السابقة نهضت بشخصيات القصة وأخرجت لنا سمات كل شخصية ونظرتها إلى الحياة من الحوارات الدائرة بين الشخصيات: "نهض هَدّوب من غفوته، وأزاح اللوح الكرتوني الملتصق بقميصه بسبب الرطوبة العالية، وسأل فاضول إعادة ما قاله، قال فاضول: "ود هاشول شفته يخرج من المسجد"، رد هدوب: "يمكن رايح يشرب من ثلاجة المسجد"، حاصره فاضول بجملة أخرى: "شفته خارج من داخل المسجد".

فتح حمدان نصف عين، وكأنه بعيد عن المشهد، تحدّث ببرود معتاد: "يمكن سار يشوف الشيخ أن كان بعده في المسجد أو طلع"، ثم أغمض عينيه مرة أخرى...".

تتخذ شخصيات القرية هنا من فضاء المسجد مكانًا لإطلاق الأحكام على إحدى شخصيات القرية، فـ"ود هاشول" الذي لم يدخل المسجد من قبل، صار حدث دخوله حكاية تنفتح عليها التأويلات، فالشخصيات مسكونة بالحديث عن الآخر: "غاصت الألسن تبحث عن حقيقة ما حدث، وصل عبود إلى الجالسين، لم يكد يهجع إليهم ويضع كمته فوق ركبته كعادته إذا جلس حتى أخبروه بما رآه فاضول، كلهم اشتركوا في حكاية ما حدث، قال عبود إن فاضول يحلم، وتساءل: كيف يعرف ود هاشول يصلي؟! ثم تدارك كأنه نسي شيئًا: أقول هذا النور فوق المسجد من هين طالع؟!!".

تسير الحكاية وفق سرد ساخر نوعًا ما، تنكشف معه الشخصيات وطبائعها، وإن كان مكان اجتماع الشخصيات خارج المسجد، إلا إنها اتخذت من المسجد مكانًا يأوي إليه السرد: "سأل عبود فاضول الذي خشي من مغبة نقله للحكاية فيعرف ود هاشول بذلك: ما شفته كم ركعة صلى؟ أجاب فاضول بزعل خفيف: أقول أنا ما شفته يصلي، شفته خارج من المسجد".

إن اختلاف آراء أهل القرية في "ود هاشول" قدّم انطباعًا عن شخصيته التي تتحاشى دخول المسجد، فكان دخوله أشبه بالحدث الكبير الذي لا يقبله عقل، لكن القصة تختم حدثها بتأكيد الشخصية ونفيها عن نفسها فعل الصلاة، فكان ود هاشول مؤكدًا لكل ما رسمته عنه الشخصيات الأخرى: "سأله الشايب حمد في محاولة منه لكشف الحقيقة: "سمعنا كأنك خارج من المسجد" رد ود هاشول: "سألت عن منصور، فقالوا بعده يصلي، وأنا مستعجل أريد أبلغه عن الفلج، لازم يدوّر صوار الفلج مع أذان المغرب".

(3)

وإذا كان حدث دخول "ود هاشول" إلى المسجد حدثًا أدهش شخصيات القرية، فإن سعيد الحاتمي ينطلق في قصة (صلاة) من اعتبار المسجد فضاءً ينفض الإنسان داخله كل هموم الحياة وأدرانها، فالطريق إلى المسجد قصير جدًا بقدر ما يُشعل المدخّن مدواخه وينتهي من تدخينه، هنا يصبح المسجد فضاءً يحتضن الإنسان مسبغًا عليه الطمأنينة والنور، يقول: "في طريقه للمسجد أخرج مدواخًا خشبيًا من جيبه، وحشا فوهته بالتبغ. وضع طرفه بين شفتيه، وسلّط لهب الولاعة على كتلة الغليون. قبل أن يدخل، أطلق سحابة من الدخان، وردد خلف المؤذن: "حق وصدق لا إله إلا الله".

(4)

ويصور عيسى البلوشي في قصته (جامع "مفرق") الصراع الحاصل في المساجد في اختلاف الرؤى والأفكار، إن أولئك الأشخاص يمثلون أفراد القرية في توجهاتهم وآرائهم واختلاف كلمتهم، ورغم أن المسجد مكان جامع لهم، فإنهم تفرّقوا حوله وتشتّتت آراؤهم واختلفت كلمتهم عليه، فكان أن جمع العنوان لفظتين متضادتين (الاجتماع والفرقة): "بعمائمهم المختلفة كانوا يتنازعون على المسجد، بعمائمهم التي تمثّل الدين تنازعوا، واستخدموا في نزاعهم الحلال والحرام، بعمائمهم المختلفة تلك أخذوا يحفرون لبعضهم البعض بالكذب وبالحقد وبتقطيع الأرحام، بعمائمهم تلك كانوا يهدمون الدين. وحده بلحيته البيضاء وثمانينية حميمة كان يمقتهم، وحده كان يزدري هرطقاتهم. لم يكن يقرب مسجدهم، وحده صنع لنفسه مسجدًا بين نخيله في بقعة ظليلة عند الساقية. وذات مصارحة قال: "هذا المسجد -بالأصل- مقام على أرض مغصوبة!".

مقالات مشابهة

  • من القطب إلى القطب.. أول رحلة فضائية مأهولة تعبر الأرض عموديا
  • سيدخلون عموديا ويخرجون أفقيا.. يمنيون يردون على استعداد أميركا لحرب برية
  • السيطرة على حريق مخلفات في أرض فضاء بمدينة نصر
  • ندوة علمية في مركز البحوث الزراعية بطرطوس
  • النيازك في سلطنة عُمان .. كنوز من الفضاء تعزز السياحة الجيولوجية
  • المسجد فضاء الاجتماع والاختلاف
  • سياحة من نوع اخر..كم ستدفع لقضاء ليلة في مدار الأرض؟
  • طاقم مركبة الفضاء الصينية «شنتشو-19» يعود إلى الأرض في الأول من مايو
  • علماء: اختلاف الأبجديات يمنع الناطقين بلغتين من الانتقال بسرعة من لغة إلى أخرى
  • ظاهرة نادرة والأرض تترقب.. ماذا يحدث للشمس في 21 سبتمبر 2025؟