سودانايل:
2025-04-10@18:46:41 GMT

المنابر الدولية ووقف الحرب في السودان

تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT

د. الشفيع خضر سعيد

ظاهرة تكاثر وتوالد المبادرات والمنابر والتكتلات المنادية بوقف الحرب في السودان، والتي تتواجد بذات الملامح والشبه عند القوى المدنية السودانية وعند قوى المجتمع الدولي والإقليمي المعنية، ظلت تتعامل مع هذا الهدف بتباطؤ وتقاعس يصلا حد التواطؤ، فنسمع منها ضجيجا ولكن لا نرى طحنا، بينما شعب السودان يواجه الدمار والتقتيل.

ناقشنا في مقالنا السابق تفشي هذه الظاهرة وسط القوى المدنية وذكرنا أن من ضمن مسبباتها الأنانية السياسية وتغليب المصلحة الخاصة عند بعض هذه القوى، أو العجز وقلة الحيلة في مجابهة تعقيدات الواقع وعدم القدرة على تقديم أطروحات وحلول عملية، أو ربما بعض هذه الكتل والمبادرات هي صناعة لدوائر غير سودانية، دولية أو إقليمية، وفي ذلك لطامة كبرى!
ونواصل اليوم مناقشة تفشي الظاهرة إقليميا ودوليا، مستبعدين تسبيبها بالعجز وقلة الحيلة، وغير متجاهلين التسبيب القائل بأن بعض الأطراف الخارجية ربما لا ترغب في وقف حرب السودان سريعا وتريد استمرارها لبعض الوقت، وهو ما ناقشناه في إحدى مقالاتنا السابقة. وكما ذكرنا من قبل، فإن تكاثر وتوالد المنابر والمبادرات الإقليمية والدولية، تجلى قبل الحرب في «يونيتامس» ثم الآلية الثلاثية بعد انضمام الاتحاد الأفريقي والإيقاد إليها، ولاحقا الآلية الرباعية الراعية للإتفاق الإطاري قبل أن تندلع الحرب. وبعد الحرب، انتظم منبر جدة بمبادرة ورعاية سعودية وأمريكية وصدرت عنه عدة اتفاقات بالهدن وإتفاق مايو/أيار الإنساني، ثم انعقاد قمة مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي، وتحرك مجموعة الإيقاد لتشكل آلية موسعة مع الإتحاد الأفريقي، قبل أن يعقد رؤساء الدول المجاورة للسودان اجتماعا ويطلقوا مبادرة دول الجوار. وتواصل توالد المبادرات لنشهد تكوين الآلية الرفيعة التابعة للاتحاد الأفريقي، وزيارات المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ثم المبعوث الأمريكي الجديد، ونشاط الاتحاد الأوروبي الداعم منذ البداية لهذه المنابر وتنظيمه لقاءات بروكسل واللقاء المقترح هذا الشهر في باريس بالاشتراك مع فرنسا وألمانيا، إلى أن جاءت القمة في قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة والتي دعت طرفي القتال إلى وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان. وهناك اللقاءات غير المعلنة، والتي تسرب منها لقاء المنامة الذي حظي بانضمام أطراف جديدة وهامة كجمهورية مصر ودولة الإمارات، وهو ما ظللنا ننادي به منذ بداية انطلاق منبر جدة، كما شاركت فيه قيادات عليا من الجيش والدعم السريع. وأضف إلى كل ذلك، الكثافة العددية للورش والسمنارات عن السودان والتي نظمتها حكومات ومنظمات أوروبية وأمريكية على مدى العام الماضي، كما سينتظم عدد منها خلال الفترة القصيرة من 15 إلى 25 أبريل/نيسان الجاري في كل من باريس وسويسرا والسويد وفنلندا وكينيا! أما المشترك في كل هذه المنابر والمبادرات فهو «محلك سر» دون أي خطوات عملية لتنفيذ ما يتم التوافق عليه من توصيات وقرارات، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن والاتفاقات الموقعة في منبر جدة.

تواصل توالد المبادرات لنشهد تكوين الآلية الرفيعة التابعة للاتحاد الأفريقي، وزيارات المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ثم المبعوث الأمريكي الجديد

الفاعلون الدوليون الذين التقيناهم مؤخرا، يتحدثون عن تحفز القوى الدولية والإقليمية لمواصلة تيسيرها لجولة جديدة من مباحثات وقف الحرب، وذلك بعد عيد الفطر المبارك وربما في جدة أيضا. نحن نتمنى أن يتم ذلك اليوم قبل الغد، آخذين في الاعتبار تفاقم الكارثة في البلاد والتي لم تعد تقتصر على حصاد الرصاص وحده، بل تمددت لتحصد الأرواح بسبب انعدام الطعام والدواء، كما تجلت في انتشار خطاب العنصرية والكراهية مما يفاقم من تمزق النسيج الاجتماعي في البلد ويهدد وحدتها، وفي عودة الممارسات المبتذلة من استخدام جهاز الدولة، وتحديدا الأجهزة العدلية، لتجريم المخالفين الرأي والموقف السياسي. كل ذلك ينفخ في كير نيران الحرب ويفاقم من تعقيدات وضع البلاد المتفجر والمتأزم أصلا، كما يدفع بالمؤشرات التي تقول إن استمرار الحرب يهدد الأمن والسلام والإستقرار إقليميا ودوليا.
قطعا، السودانيون، وبما يمتلكون من معارف وخبرة بالشأن السوداني، يمكنهم إبداء الملاحظات وتوجيه النقد لهيكل وتركيبة المنابر الدولية والإقليمية المختلفة ومناهج عملها في إدارة مباحثات وقف الحرب، كما في مقدورهم تقديم ما يرونه من مقترحات يعتقدون أنها يمكن أن تسهم إيجابا في نجاح الجولات القادمة. ونحن من جانبنا ظللنا نفعل ذلك منذ إنتظام هذه المنابر والمبادرات، وسنواصل، وكل ذلك بدون أي تطاول على معرفة وخبرة الميسرين الدوليين لهذه المباحثات، والذين نعترف لهم بجمعهم بين المعرفة النظرية والمعرفة العملية المكتسبة من الخبرة العملياتية في إسكات الرصاص وفض النزاعات حول العالم. وبالنسبة للجولة القادمة، نحن نرى أهمية التمسك بذات التركيبة التي كانت في محادثات المنامة، كما نقترح أن تبحث الجولة آليات تنفيذ ما تم وما سيتم الاتفاق عليه، مع ضرورة إستصحاب رؤية القوى المدنية حول وقف الحرب، وهذا يتطلب إسراع هذه القوى في لم شملها وخلق آلية تنسق فيما بينها وتوحد رؤاها.
عالم اليوم تحكمه قوانين العولمة التي لا فكاك منها، والتي هي أساس التفاعلات والتداخلات بين مكوناته. وهذه ظاهرة موضوعية وحتمية، وعنوانها الحفاظ على أمن وسلام واستقرار العالم. ومن هنا تأتي حتمية مساهمة المجتمع الدولي في وقف الحرب، خاصة في ظل عجز وفشل نخبنا السياسية التي لاتزال في قبضة الخلافات والتشرزم السياسي. أعتقد، لا يمكن لأي عاقل أن يرفض هذه المساهمات، ولكن عليه أن يفرّق بوعي تام بين موضوعيتها وحتميتها في ظل علاقات العولمة، وبين محتوى الحلول المضمنة فيها، علما بأن علاج أزماتنا يكمن في داخل البلد ولن يأتيها من الخارج. وبالطبع أيضا، نحن لا نغفل سعي المجتمع الدولي والإقليمي لتحقيق مصالحه الخاصة والمرتبطة بتحقيق الاستقرار العالمي وتجفيف منابع الإرهاب وضمان انسياب المعاملات الاقتصادية، بل نعترف بكل ذلك ونتفهمه ونتعاون فيه. ولكن، ما نود قوله، وبكل حزم، أن مصالح الخارج لا يمكن أن تكون على حساب مصالح شعبنا.

نقلا عن القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وقف الحرب کل ذلک

إقرأ أيضاً:

الإمارات تفند أمام «العدل الدولية» اتهامات السودان الزائفة

متابعات: «الخليج» لا صحة على الإطلاق للمزاعم بأن الإمارات تؤجج الصراع 
القوات المسلحة السودانية تسيء استخدام المؤسسات الدولية
ما يشهده السودان يفطر القلب مع تصاعد العنف ضد المدنيين
لم تتوقف الإمارات عن تقديم الدعم الإنساني للسودان منذ بدء الحرب 
الإمارات استثمرت 4 مليارات دولار لدعم الشعب بعد ما حدث في 2022
محللون: الدعوى محاولة واهية لتشتيت الانتباه عن النزاع الكارثي 
 



فندت دولة الإمارات الاتهامات الزائفة، التي ساقتها القوات المسلحة السودانية، أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي اليوم الخميس، في ما يتعلق بالهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع السودانية والفصائل المتحالفة معها ضد جماعة المساليت العرقية في غرب دارفور، حيث قررت المحكمة تأجيل الشكوى ضد الإمارات إلى موعد لاحق دون تحديد توقيت.

وقالت ريم كتيت، نائبة مساعد الوزير للشؤون السياسية بوزارة الخارجية أمام المحكمة، إن «الاتهامات المقدمة ضد الإمارات زائفة، وإن الدولة تتمسك بموقفها بعدم اختصاص المحكمة مع احترامها للقانون الدولي». 
وأكدت أن «فكرة أن الإمارات هي التي تؤجج الصراع في السودان بعيدة عن الواقع وهذه الدعوى هي مثال لإساءة استخدام هذا الطرف للمؤسسات الدولية من أجل مهاجمة الإمارات في كل المناسبات من خلال التضليل وتقديم معلومات غير صحيحة». 
ويرى محللون أن الدعوى مفتقرة للدلائل والبراهين، وليست سوى محاولة واهية من قبل القوات المسلحة السودانية، أحد طرفي الصراع، لتشتيت الانتباه عن النزاع الكارثي الذي يدور في السودان ومسؤوليتها تجاهه وما نتج عنه من مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتشريد الملايين من أبناء الشعب السوداني، وتسببه بمجاعة في أجزاء واسعة من البلاد.

الدعم الإنساني

وأوضحت ممثلة دولة الإمارات، أمام المحكمة، أنه «منذ بدء الحرب لم تتوقف الإمارات عن تقديم الدعم الإنساني للسودان»، وقالت إن الإمارات دعمت الوساطات المختلفة لكي يتحمّل طرفا الصراع في السودان لمسؤولياتهما أمام القانون الدولي، وأوضحت أنه لا صحة على الإطلاق للمزاعم بأن الإمارات تؤجج الصراع في السودان. 
وأشارت إلى «أنه بعد ما حدث في أبريل 2022، استثمرت الإمارات أكثر من 4 مليارات دولار في دعم الشعب السوداني والمؤسسات الوطنية والمساعدة في الانتقال إلى حكومة مدنية». كما لفتت إلى أنه في إطار اتفاق عسكري وقع بين السودان والإمارات في يوليو 2021، طلب الجنرال عبد الفتاح البرهان من الإمارات المساعدة في تحقيق الانتقال السياسي، إلا أن هذه الجهود توقفت في أبريل 2023 مع اندلاع الحرب.

تخفيف المعاناة 


وأكدت ممثلة الإمارات أنه منذ بداية الحرب، لم تقدم الإمارات أسلحة لأي طرف في النزاع، بل حرصت على تقديم الدعم الإنساني للسودانيين، إذ عملت الإمارات على تخفيف معاناة المتضررين، وتقديم المساعدات للمحتاجين في ظل الوضع الصعب الذي يعاني منه الشعب السوداني.
وأوضحت، أن ما يشهده السودان اليوم يفطر القلب، مع تصاعد العنف الذي يستهدف المدنيين، هذا إلى جانب الأعمال المروعة التي تشمل العنف الجنسي، وهو ما يستدعي ضرورة وقفه فورا، وأن يتحمل مقترفوا هذه الجرائم المسؤولية.
وأكدت ريم كتيت أن الإمارات تواصل دعمها المستمر للوساطات الدولية التي تهدف إلى إنهاء النزاع في السودان، وتحث على الحل السلمي الذي يعيد الاستقرار إلى البلاد. وقالت: «دعمنا الوساطات المختلفة لكي يتحمّل طرفا الصراع في السودان لمسؤولياتهما أمام القانون الدولي». وشددت ممثلة الدولة أمام المحكمة على أنه يجب وقف عرقلة وصول المساعدات الإنسانية ووقف الخروق في السودان.

بدأت محكمة العدل الدولية، صباح اليوم في لاهاي، أولى جلسات نظر الدعوى المرفوعة من القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات والتي تتهمها فيها دون أي أساس قانوني أو مستند واقعي بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية في ما يتعلق بالهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع السودانية والفصائل المتحالفة معها ضد جماعة المساليت العرقية في غرب دارفور، حيث قررت المحكمة تأجيل الشكوى ضد الإمارات إلى موعد لاحق دون تحديد توقيت، مطالبة بتقديم توضيحات أكثر في القضية.

مقالات مشابهة

  • الإمارات تفند أمام «العدل الدولية» اتهامات السودان الزائفة
  • السودان.. العفو الدولية توثق حالات اغتصاب جماعي ارتكبها الدعم السريع
  • ممثلة الإمارات أمام العدل الدولية: اتهامات جيش السودان زائفة
  • الإمارات أمام «العدل الدولية»: اتهامات السودان زائفة ونتمسك بعدم اختصاص المحكمة
  • الامارات أمام «العدل الدولية»: اتهامات السودان زائفة ونتمسك بعدم اختصاص المحكمة
  • العدل الدولية تبدأ النظر في اتهامات السودان ضد الإمارات
  • اليونسيف: أكثر من 400 ألف طفل بغزة معرضون للموت بسبب القصف أو الجوع أو المرض
  • قبل 24 ساعة من النظر في القضية بواسطة العدل الدولية.. الخارجية السودانية تلوح بأخطر مستندات في مواجهة الإمارات
  • عيوب الوساطة الدولية في السودان
  • محكمة العدل الدولية تنُظر في قضية تورط الإمارات في الحرب ودعمها الإبادة الجماعية في دارفور