مطلب حماس وحزب الله... لماذا لن تنتهي الحرب إلا بهذا الشرط؟
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
بعد جولات عديدة من المفاوضات بين "حماس" وإسرائيل في قطر، لم يتوصّل الطرفان حتّى الآن لاتّفاق برعاية عربيّة وغربيّة بتبادل الرهائن والأسرى، في مقابل وقف إطلاق النار في غزة، رغم المطالبات الأميركيّة والأوروبيّة للحكومة الإسرائيليّة، بضرورة الإسراع بإنهاء الحرب، كيّ يتمّ إقفال ملف المحتجزين لدى حركات المقاومة الفلسطينيّة.
وكما هو معلومٌ، فإنّ خطاب إيران و"حزب الله" و"حماس" يُطالب قبل أيّ شيءٍ آخر بوقف آلة الحرب الإسرائيليّة في غزة، مع التشديد على خروج الغزاويين منتصرين، رغم كلّ الدمار الذي لحق بالقطاع، كيّ تبقى الحركة موجودة ضمن معادلة توحيد الساحات. فيقول مراقبون عسكريّون، إنّ آخر ورقة بيد "حماس" هي وقف إطلاق النار مع ضمانات بتطبيق هذا الأمر، في مقابل إفراجها عن الرهائن الإسرائيليين. ويُشدّد المراقبون على أنّ زعيم الحركة يحيى السنوار لم يعدّ يملك نقطة قوّة أخرى سوى المحتجزين لديه، كيّ يفرض شرطه على إسرائيل، وتقوم بوقف الحرب.
إلى ذلك، فإنّ الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله، أعلن يوم الأربعاء الماضي، أنّه "يُريد أنّ تتوسّع عمليّة "طوفان الأقصى"، لزيادة الضغط على العدوّ الإسرائيليّ، وتوجيه رسالة إلى أميركا، أنّ دولاً أخرى قد ينفجر فيها الوضع الأمنيّ، وتدخل في النزاع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، إنّ لم تُوقف تل أبيب حربها قريباً.
وفي هذا السياق أيضاً، فإنّ أميركا لا تزال تمدّ إسرائيل بالأسلحة، لكنّها في الوقت عينه تُطالبها بعدم إقتحام رفح، وبوقف الحرب فوراً، بالتزامن مع الزيارات التي يقوم بها مسؤولون غربيّون للبنان، لتجنيب البلاد الحرب، ليس خوفاً على اللبنانيين، وإنّما على تل أبيب.
ومن شأن التهديد المتزايد على أمن إسرائيل من أكثر من جهّة، أنّ يخلق جوّاً عاماً دوليّاً ضاغطاً على بنيامين نتنياهو، وهذا ما بدأ يتجلى، إنّ عبر توقيف بلدان غربيّة فاعلة توريد الأسلحة للجيش الإسرائيليّ، وإنّ عبر حثّ الإسرائيليين على ضرورة التهدئة، وتلافي توسّع الحرب. في المقابل، يلفت المراقبون العسكريّون إلى أنّه يجب على "حماس" الصمود في الميدان، كيّ تدفع تل أبيب إلى القبول بشرطها الأساسيّ. ويُشيرون إلى أنّ الصواريخ عادت لتُطلق من غزة على المستوطنات الإسرائيليّة، ما يُشكّل فشلاً لجيش العدوّ بالسيطرة الفعليّة على القطاع الفلسطينيّ المُحاصر.
ويوضح المراقبون أنّ إسرائيل لم تنجح بالقضاء على "حماس"، وهي لن تستطيع تحقيق هذا الهدف، حتّى لو اجتاحت رفح، فعناصر الحركة لا يزالون يخوضون معارك في قلب مدن غزة التي يتواجد فيها الإسرائيليّون، كذلك، فإنّ إيران قادرة على إيصال السلاح للحركة عبر طرقٍ كثيرة، إضافة إلى أنّ "حزب الله" يزيد من وتيرة قصفه للمستوطنات الإسرائيليّة، وهو يستهدف مستعمرات مأهولة جديدة، كيّ يُساهم في خلق جوٍّ عامّ داخل إسرائيل، يُطالب نتنياهو بإنهاء الحرب.
ويُشير المراقبون إلى أنّ الشارع الإسرائيليّ بات يُضيّق الخناق على الحكومة الإسرائيليّة، عبر الإحتجاجات وإقفال الطرقات، حتّى أنّه يوجد وزراء داخل "الكابينت" يُعارضون توسيع الحرب، ويرون أنّ أفضل فرصة هي تبادل الأسرى والرهائن، ويخشون أيضاً من أنّ يقوم العالم بعزل تل أبيب دبلوماسيّاً وعسكريّاً، ما يُعرّضها للخطر، إنّ دخل "حزب الله" بطريقة مباشرة في النزاع.
ولأنّ "حزب الله" وخلفه إيران يُدركان أنّ "حماس" لا تملك غير المساومة على المحتجزين الإسرائيليين لديها، فإنّهما سيستمرّان بالضغط العسكريّ القويّ على إسرائيل، إنّ عبر زيادة وتيرة القصف لمستوطناتها، وإنّ عبر التلويح بتوسّيع رقعة الحرب، كيّ يخضع نتنياهو للمطالب الدوليّة ويُوقف حربه، ويقبل بشرط يحيى السنوار الأساسيّ، عندها، سيخرج خاسراً من الحرب، وسيُقصى من السياسية، وستبقى "حماس"، وستكون بنظر حركات وشعوب المقاومة منتصرة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الإسرائیلی ة حزب الله تل أبیب إلى أن
إقرأ أيضاً:
الحرب في السودان ...هل تنتهي قريبا أم تتسع؟!
في الخامس عشر من أبريل الجاري تحل الذكرى الثانية لاندلاع الحرب في السودان الشقيق بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني وبين قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان «دقلو حميدتي» الذي كان نائبا للبرهان قبل أن يقوم البرهان بإقالته من مختلف مناصبه في إطار الخلاف الحاد بينهما أو بمعنى أدق صراع السلطة بين رئيس مجلس السيادة ونائبه. ومن المفارقات أن كثيرين داخل السودان وخارجه لم يتوقعوا أن تستمر هذه الحرب أكثر من بضعة أسابيع أو أشهر على الأكثر لاعتبارات عديدة تتصل بظروف السودان الداخلية والاقتصادية والتحديات التي يواجهها، ويبدو أن مطامع السيطرة على السودان والاستيلاء على موارده المعدنية وإمكاناته الغذائية الغنية نسبيا قد حركت مطامع وتطلعات أطراف مختلفة تتطلع للسيطرة على السودان وبما يخدم مصالحها وليس مصالح الدولة والمجتمع والشعب السوداني الشقيق، ولعل مما له دلالة في هذا المجال أن أكثر من طرف إقليمي ودولي قد فكر وربط بين مساعدته المحتملة وبين حصوله على مكاسب محددة في شكل قواعد عسكرية في الأراضي والمياه السودانية وهو ما بدأ التمهيد له بشكل أو بآخر في حالات محددة؛ نظرا للأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للإقليم والموارد السودانية بما فيها الذهب واليورانيوم وغيرها، والتي وضع قائد قوات الدعم السريع «دقلو» وبعض أنصاره أيديهم عليها ويعملون على استغلالها بعيدا عن الدولة السودانية وهو ما ساعده في الواقع ويساعده على الاستمرار في الحرب وذلك عبر شركات خاصة يشرف عليها هو بشكل مباشر. وليس من المبالغة القول بأن توفر هذه الأموال، فضلا عن المساعدات التي تقدمها أطراف عربية وإقليمية لطرفي الحرب وخاصة لقائد قوات الدعم السريع تؤثر في الواقع على مجرى القتال وهو ما ظهر بوضوح في الأشهر الماضية غير أن ذلك بدأ يتغير بشكل أو بآخر، خاصة مع تغيير تكتيكات الجيش السوداني في التعامل مع العديد من الأطراف ذات الصلة وقيام عدد متزايد من المسؤولين السودانيين بزيارات لدول شقيقة وصديقة قادرة على تقديم بعض مما يحتاجه الجيش السوداني في معاركه. ويمكن القول إن إمدادات السلاح لطرفي القتال في السودان يؤثر على توازن القوى على الأرض بين الجيش وقوات الدعم السريع مع أخذ طبيعة الأوضاع ككل في السودان في الاعتبار. وفي ضوء ذلك تبدلت الأوضاع بين القوتين المتصارعتين بشكل أو بآخر وخلال فترات مختلفة تأثرا بتلك التغيرات. ولعل من أكثر التغيرات أهمية في الأيام الأخيرة أن ميزان القوى بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد طرأ عليه تغيرات مهمة ومؤثرة إلى حد ملموس، فقد تقدمت قوات الجيش بزعامة عبدالفتاح البرهان في العاصمة السودانية الخرطوم واستعادت مباني القصر الجمهوري من أيدي قوات الدعم السريع التي كانت تستولي عليه منذ بداية القتال كما سيطرت قوات الجيش على الإذاعة السودانية. وأعلن البرهان السيطرة على العاصمة الخرطوم ومن جانب آخر أعلنت قوات الدعم السريع الانسحاب منها والتمركز في أم درمان تمهيدا لإعادة تجميع وتنظيم القوات و«النصر» على حد زعم حميدتي في الأيام القليلة الماضية وهو ما كان بمثابة محاولة منه لرفع الروح المعنوية لقواته التي تعرضت لأكبر هزيمة لها منذ بدء القتال قبل عامين. وإذا كانت الهزيمة والانسحاب من الخرطوم بعد عامين من بدء القتال مؤشرا لا يمكن تجاهله أو الحد من أهميته فإنه من المهم والضروري الإشارة إلى عدد من الجوانب من أهمها أولا، أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة حاولت العمل على حل المشكلة في السودان من خلال التعاون والتنسيق مع المملكة العربية السعودية في بداية اندلاع الحرب، فإن محاولات التدخل هذه لم تنجح إلا في وضع بعض الأسس التي يمكن أن يدور الحل في إطارها أو الاسترشاد بها، وظلت هذه الأسس والمبادئ أفضل إلى جانب خريطة الطريق الأفريقية تمثل الأساس للعمل في نطاقها غير أن المشكلة ظلت متمثلة في عدم القدرة، أو بمعنى أدق عدم الرغبة في التحرك العملي الجاد لإيجاد الحل المناسب واكتفت واشنطن والرياض بإحالة الأمر إلى الأطراف السودانية وتحميلها مسؤولية عدم الرغبة في الحل؛ بسبب اعتقاد كل جانب في الحرب أنه يمكنه حسم الأمر لصالحه في النهاية بالوسائل العسكرية وبينما تم بالفعل قبول استقالة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان السابق وتعيين ممثل جديد مؤخرا، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستعمل من أجل حل الأزمة السودانية وهو ما يعني أن جهدا أمريكيا سيضاف إلى الجهود المبذولة وهو ما قد يفتح آفاقا جديدة على طريق الحل، ومن المعروف أن هناك جهودا من جانب الاتحاد الأفريقي و«إيجاد» وأن هناك خريطة طريق أفريقية منذ مايو 2023 وهناك لجنة أفريقية برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني إلى جانب إعلان جدة برعاية أمريكية سعودية مشتركة، ومن المنتظر أن تسهم زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للرياض في أول زيارة له للخارج قريبا في دفع الأزمة السودانية نحو الحل بشكل أو بآخر، ومن المأمول ألا يؤدي تعدد الجهات الراغبة في العمل لحل الأزمة السودانية إلى تعارض الجهود وتعطيلها بدلا من العمل على دفعها على طريق الحل وقد يؤدي الزخم الأمريكي العام بالنسبة لأوكرانيا وسوريا ولبنان إلى فتح الطريق أمام تحركات أمريكية فاعلة خاصة بعد هزيمة قوات الدعم السريع في الخرطوم مؤخرا.
ثانيا، أنه من المهم أن تؤكد قوات الدعم السريع على أنها لا تقبل بالهزيمة التي تعرضت لها مؤخرا، حتى لو استخدمت تبريرات ساذجة أو مكشوفة ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى الإسراع، في الاشتراك في معارك أو مواجهات متفرقة من أجل أن يؤدي ذلك إلى رفع معنويات منتسبيها بشكل أو بآخر، ومن هنا جاءت عملية إسقاط طائرة تابعة للجيش في الخرطوم والعمل ضد الجيش السوداني قبل أيام للتأكيد على قدرة قوات الدعم السريع على الانخراط في القتال مرة أخرى وأنها ستعمل بقوة من أجل تعزيز قدراتها القتالية وذلك لن يعوض على أي نحو الخسارة المتمثلة في طرد قواتها من الخرطوم وما يترتب على ذلك من نتائج. يضاف إلى ذلك أنه إذا كانت قوات الجيش السوداني ستعمل من جانبها على تعزيز قدراتها القتالية وتوحيد ودمج قواها البشرية معا ضمن وحداتها لسد الفجوات وغلق نقاط التسلل البينية ستكون أمامها فترة اختبارات بين وحداتها فإن الفترة القادمة ستحتاج بالضرورة إلى نفقات كثيرة لشراء معدات متطورة ولتعزيز القدرة القتالية للقوات بما يزيد من قدرات الجيش ويعزز قرارات التصدي لقوات الدعم السريع التي تحاول النهوض مرة أخرى وهو ما يعني أن أمامها فترة اختبار لاستعادة قواتها وقدراتها السابقة. ومن الطبيعي أن يؤثر ذلك على الموقف في أرض المعركة وعلى قدرة الجيش على إنهاء القتال من ناحية وعلى قدرة قوات الدعم السريع على توسيع رقعة القتال مرة أخرى من ناحية ثانية، وهي تحديات من الصعب حسمها الآن إلا إذا ضمن الجيش إمدادات أسلحة كافية ومن نوعيات مؤثرة وبشكل يتجاوب مع الاحتياجات العملية للقوات المسلحة في الميدان وهي أمور تحتاج في الواقع إلى تعاون مع أطراف أخرى موثوق فيها ولديها الإمكانيات الكافية لتوفير احتياجات الجيش السوداني بشكل كاف وفي الوقت الملائم، أما قوات الدعم السريع فمصيرها سيتوقف على ما ستتعرض له ومدى قدرتها على تعويضه وإيجاد السبل الملائمة لتعويض خسائرها على الأرض وإلا تحولت إلى فلول وبقايا ميليشيات تتسبب في كثير من المشكلات المباشرة وغير المباشرة وهو ما تحتاج القوات المسلحة إلى أن تأخذه في الاعتبار وتستعد له وإن كان ثمنه يظل غاليا في النهاية.
د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري