وجهتهم الوسط والجنوب.. اعتقال 10 أفغانيين تسللوا من السليمانية
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
بغداد اليوم -
أعلنت مديرية شرطة السليمانية، اليوم الاثنين، عن إلقاء القبض على ١٠ من الجنسية الأفغانية دخلوا العراق بطريقة غير شرعية.
وقالت المديرية في بيان إن "مفارز مكتب إجرام سيد صادق تمكنت بإشراف شرطة القضاء من القبض على ١٠ أجانب من الجنسية الافغانية لا يحملون جوازات سفر رسمية ودخلوا البلاد بصورة غير شرعية، وكانوا يرومون الوصول إلى مدن الوسط والجنوب العراقي عبر مدن إقليم كردستان".
وأضافت أن "المتهمين موقوفون استنادا إلى أوامر قضائية وفق المادة ٣٩ من قانون إقامة الأجانب والتحقيق جار في القضية".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
(تقدّم) والخلاف في منازعة شرعية الحكم في السودان
عبد الجبار محمود دوسة
معالجة أزمة شرعية السلطة والحكم في السودان، لا بد أن تُعيدنا إلى التذكير بأن أي شرعية لحكومة في أي دولة، مرجعها الشعب الذي هو في الأصل مالك السلطة ويجسّدها في الدستور وفقاً لمراحل معلومة، لكنه بعد تفويض البعض منه لممارستها نيابة عنه، يعود ويبقى في موقع المحكوم، ليتيح للدستور الذي أجازه أن يؤطّر وينظّم ويوجّه ويضبط ممارسة الحوكمة عليه. إذا أسقطنا هذه المظلّة على المشهد السوداني في الإطار الزمني الذي سأشير إليه لاحقاً، نجد أن المُسْقَط عليه أدنى حجماً بكثير من أن يستوعب المظلّة، ومن ثم ليس مسوغاَ ولا صياغاً ولا سياقاً يمكن أن يعكس المضمون أو الشكل، ولكن هناك واقع تم التعامل معه وفقاً للمعطيات التي أتاحت بعض أسهم مؤشّرات النجاح وإن كانت مِعوجّة، أن تقود إلى مرحلة يُمكن أن يتم فيها الوصول إلى مرحلة الشرعية التي تسندها تلك الخطوات المعروفة عن سلطة الشعب وتفويضه والدستور الذي يحكم الممارسة، وأعني هنا التوافق الذي أنتج الوثيقة الدستورية برغم ما تضمّنتها من عيوب، والحكومة الانتقالية التي نتجت عنها، أملاً في أن تسد الممارسة ثقوبها خلال كامل الفترة الانتقالية.
أذن، نحن أمام عنوان عريض لمعضلة ظلّت بارزة في المشهد السوداني منذ نشأة الدولة السودانية بخارطتها واسمها قبل أكثر من قرن، ولأنه ليس من الممكن في مقال واحد، أن أتطرّق فيه إلى كل تفاصيل المضمون، ومن ثم فإن ما سيقرأه القراء هنا، هو عبارة عن عنوان لشبه مبادرة لامتصاص التباين الذي حدث، وقد يشكّل مدخلاً مقتضباً لتطوير مبادرة أكثر شمولاً لتقريب وجهات النظر المتباينة بين الطرفين في مفهومين متباعدين إن لم نقل متوازيين، نتجا عن محور مداولات اجتماعات الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديموقراطية المدنية (تقدم) في موضوع شرعية الحكم ضمن رؤيتها السياسية، والتي أنهت أعمالها قبل أيام في عنتيبي، في يوغندا.
نتائج الخلاف التي برزت في هذا الصدد، تشير إلى رؤيتين إحداهما تنادي بتشكيل حكومة موازية لنزع شرعية الحكم من سلطة الأمر الواقع التي تدير باسم الدولة في بورتسودان، السلطة التي أشارت هي عن نفسها بأنها تسيطر ميدانياً على ست ولايات، ولكنها ظلّت تتخذ من التدابير السلطوية ما سعت وما زالت تسعى بموجبها لترسيخ تعميم حصرية السلطة لها على مستوى السودان دون أن تترجم الجزئية الأخيرة على الأرض. بينما رؤية أخرى ترى عدم تشكيل الحكومة، ولكل رؤية أسبابها الداعمة، ولعل القراء قد اطّلعوا على مبررات كل طرف في البيانات والأحاديث التي انتشرت عن الرؤيتين، حيث لا حاجة إلى التفصيل فيها.
إذن، محور التناول هنا كما قلت، سينحصر في نزاع الشرعية عطفاً على الإطار الزمني الذي أحدده بالفترة من التوقيع على الوثيقة الدستورية في 2019م، مروراً بانقلاب 25 أكتوبر 2021م، وما بعده إلى اليوم. من خلال ما رشح من الاجتماع، فالهيئة القيادية بكاملها متّفقة على أن السلطة القائمة في بورتسودان لا تملك شرعية الحكم بالمفهوم الذي أشرنا إليه، لكنها تمارس السلطة بحكم الأمر الواقع، وهي السلطة التي جاءت نتاجاً لمصادرة ملكية الوثيقة الدستورية للعام 2019م، والتي كانت بين أطراف، فجاء انقلاب 25 أكتوبر 2021م، ليبعد بعض الأطراف ويحصر ملكية السلطة في المؤسسة العسكرية والمتحالفين معها. إذن، السلطة الحالية هي سلطة أمر واقع فُرِضَت بالقوة، وهي بذلك تحمل جينات شرعية البندقية، وهذا ما ينطبق عليها منطقاً ومبدأً، مُعبّراً عنه بعبارة عدم الشرعية، حيث أسقطت حقيقة أن الشعب هو مرجعية السلطة، ولا يمكن بأي حال مصادرة حقّه في ملكيتها وفي حق تفويضها. ومعلوم أن سلطة الأمر الواقع في أي دولة، ستجد بعضاً من الشعب ممن يؤيدها ويسندها، لكن ليس من مبدأ السلطة والحاكمية للشعب ولكن من منظور أنه في أي شعب توجد قطاعات مفتونٌ هواها مع السلطة التي تقهرها.
دعونا إذن، نقف على بعض النماذج لشرعيات استمرت بالقوة وليس بإرادة الشعب، حيث لدينا هناك أمثلة كثيرة ولكن نستعرض بعضاً منها. معلوم أنه وعقب ما سُمّي ب"الربيع العربي"، تخلّقت شبه ثورات لشعوب دول عربية عديدة، ظلّت محكومة بدكتاتوريات عسكرية وشمولية لعشرات السنين، ونتج صراع محموم بين راغبي الحرية والعدالة والأنظمة الحاكمة، فانتهت في بعض هذه الدول إلى "فوضى خلّاقة" تخدم إلى حد كبير الفلسفة التي يُقال أن أمريكا أطّرتها ضمن رؤيتها لترسيخ مصالحها ما بعد العقد الثاني من الألفية في مختلف مربعات العالم، وهي فلسفة في مفهومي، لا تُسْتَزرع وتنجح وتأتي أُكُلها إلا في شعوب أوهنتها الدكتاتوريات ومزّقت نسيجها المجتمعي ولم يكن لدى المعارضة فيها مشروعات وطنية مُحْكَمة الصياغة وقادرة في أن تلملم الشعث عندما تندلع الفوضى وتحوّلها إلى عناصر تقوية للوحدة الوطنية، بدلاً من أن تصبح مجهوداتها عناصر تسميد للفوضى الخلّاقة.
في ليبيا مثلاً، وبعد أن انتهى نظام العقيد الراحل معمّر القذافي، انتهى الأمر إلى أن عربدت الفوضى الخلاقة ورقصت على أنغام الذخيرة وما زالت، وكان الناتج أن الشعب الليبي الذي كان يقوم على اعتزازٍ بالنفس والانتماء ويدور في فلك الوطن الواحد، أصبح الآلاف منه لاجئون في أوروبا وغيرها، بينما من بقي في ليبيا، تراه اليوم منقسماً ويدور حول محاور عديدة تحكمها جغرافيا متعددة، تُدار تحت لافتات حكومات متعددة. وكما قلت فإن جينات الفوضى الخلاقة، كان تأثيرها أكبر، لأن المعارضة الليبية حين سقط النظام تحت قهر السلاح، لم يكن لديها مشروع وطني متماسك، فانفرط عقدها لأنها كانت مجتمعة فقط على هدف إسقاط النظام، لكن كلٌ منها كان يتأبط مشروعاً يقوم على هيمنة السلاح، فأُقبر الإصلاح وظل التنازع على الشرعية عنواناً تُعربد تحته الفوضى الخلاقة في براح.
لم يكن الحال في الصومال وتونس واليمن وسوريا مختلفاً، هي أيضاً نماذج تستضمن جينات الفوضى الخلّاقة، بيد أن المعارضة في تونس انحنت لطوفان العِبرة التي وعت درسها من التجارب الأخرى، فلم تحتكم إلى السلاح وحاولت أن تستزرع الديموقراطية والعدالة رغم التعثّر الماثل، فكان ذلك هو الأمر الذي حجّم وألجم هيجان الفوضى الخلاقة التي ظلّت لعقد كامل متوثبة للانقضاض على المشهد السياسي التونسي في أي سانحة، ومعلوم أنها فلسفة تجيد "فرمطة" العقول لتجعلها صفحات ناصعة للكتابة عليها بزخّات الذخيرة. بينما استمر الحال في الصومال واليمن وسوريا بوجود حكومتين، بغض النظر عن صِغر الإطار الجغرافي للحكومة التي تشكّلت في مدينة إدلب السورية برعاية تنظيم "هيئة تحرير الشام" التي تهيمن اليوم على المشهد السوري بأكمله، بعد سقوط نظام الأسد. لكن في كل هذه الحالات وما يشابهها بما في ذلك السودان إذا تشكّلت فيه حكومتان، هناك دائماً دول حاضرة للاعتراف الجهري أو السري والتعامل مع الحكومتين على كل المستويات، وأخطر درجات التعامل هو الإمداد بالسلاح. إذن، فالأمر على المستوى السوداني يحتاج إلى قدرٍ عالٍ من التعامل معه بِحكمة، كونه يُلقي بظلال الانقسامات على مستويات متعددة.
هناك عنصر تشابه جامع بين شعوب دول الربيع العربي محل النمذجة، يمكن أن يمثّل قاعدة دعم لأي مشروع وطني سابقاً كان أو لاحقا، ألا وهو روح الانتماء بين الشعب لبعضهم البعض، أي أن في وجدانياتهم كما هو الحال في ألسنتهم هوية واحدة. ليس من تونسي إلا وينظر للتونسي الآخر بنفس المنظار في الانتماء إلى الوطن ويبادله نفس الوجدان، والحال كذلك لدى اليمنيين والسوريين، فالخلاف في الرؤى السياسية والأيديولوجية والطائفية لا ينفذ إلى مضغة الهوية، بل يتعارك في الساحة التي حولها، وحال انقشاع غبار العراك، تبقى الهوية واحدة والوطن واحد للجميع، وهي حالة نفتقدها في السودان بالنظر إلى تجاربنا، لا سيما ويغذّي الهوة فيها خطاب تنافر متبادل بين شرائح واسعة من الشعب. لذلك، مشهدنا أكثر قابلية لاستزراع الفوضى الخلّاقة ونجاحها، وهو المؤشّر الذي بنينا عليه رأينا من أول يوم لاندلاع الحرب وبأنها ستطول وستقود السودان إلى تآكل دائم، ما لم يستخدم الجميع العقلانية والحِكمة والواقعية بوقفها وسرعة معالجة تداعياتها ولا سيما إلجام جموح التنافر المجتمعي.
إذن، فالخلاف الذي نشب بين أعضاء الهيئة القيادية ل (تقدّم) والذي أداته الكلمة والحُجَّة والحُجَّة المقابلة، إلى حد كبير وبحكم السياق الذي يتحرك فيه في المشهد المشتعل بين الطرفين المتصارعين على شرعية السلطة والحكم بالاحتكام إلى زخّات الذخيرة، ذلك الخلاف سيتنفّس مرغماً رياحين هذا الصراع العسكري الذي جثم على مضغة الهوية وكتم أنفاسها واتخذ منها مقعداً ومتكأً ونشر بذور الفوضى الخلّاقة التي تغذّي الهويات المتعددة من خلال الرسائل الشتراء المنتشرة في خطابات بعض كبار منسوبي أطراف الحرب، وبشكل مكثّف في وسائط التواصل الاجتماعي. فانعكس على (تقدّم) وشكّل لها الحاجز الأعلى ارتفاعاً في سباقها نحو تجاوز الحواجز الكثيرة التي ما زالت باقية للوصول إلى مرحلة بناء الدولة المدنية.
من المعلوم، أن كل يوم إضافي لاستمرار الحرب، يُولِّد تداعيات وإفرازات إضافية تعمل على زيادة عُقد الأزمة وهي بدورها تُمهّد التُربة لمحراث الفوضى الخلّاقة أن يحرث دون عوائق، مما يُصعّب ويُبعثر أي جهود تبذلها القوى المدنية الرافضة للحرب، سواء في (تقدّم) أو غيرها لوقف الحرب، والأمر كذلك، حين ننظر إلى خط الرسم البياني للجهود في مقابل المعضلات، سنجد أن مستجدات التداعيات والافرازات باستمرار تجبر هذا الخط في أن يبقى في مسار أفقي أو متعرجاً نحو الانحدار بدلاً من أن يتصاعد. لكن بالعودة والنظر إلى نوّارة مبررات كل رؤية، تتبين حقيقة متعادلة في النتائج من منظور الحسابات الشاملة. إذ ليس من المنطق قبول ما تقوم بها سلطة الأمر الواقع في تصميم وإصدار سياسات وتوجيه الآليات لتطبيقها في الولايات التي تسيطر عليها فقط، في حين أنه بالإمكان وتحت حقوق المواطنة الواحدة، يمكن باتفاق طرفي الحرب ووساطة أطراف محلّية أو إقليمية أو دولية، خلق آلية تتيح استفادة المواطنين الذين هم في الولايات التي يسيطر عليها الدعم السريع بنفس الحقوق. بغير ذلك، فسلطة الأمر الواقع كأنها تكرّس بمثل تلك السياسات المفصّلة، تكرّس على استيلاد مسوغ لمنتوج جديد يستنسخ مثيله الذي سبق أن استولد دولة في جنوب السودان.
من ناحية أخرى، فالذهاب إلى تشكيل حكومة موازية، وهي بالضرورة لن تكون حكومة في المنفى بقدر ما ستتسق مع الواقع في المشهد الميداني الذي يبين سيطرة الدعم السريع على عدد مقدّر من الولايات، مما يعني استنساخ تجارب نماذج الدول التي أشرنا إليها بوجود حكومتين، ولكن يبقى هناك عامل آخر يزيد من خطورة الحالة السودانية في معاناة المواطن الذي سيفرض عليه الواقع، التواجد والتعامل تحت نير حكومتين، ويزداد ذلك ضبابية بشكل أكثر في الولايات التي هي محل تنازع ساخن، أي الولايات التي تدور فيها المعارك وليست بها سيطرة كاملة لأي طرف. كما أن عنصر تعدد الهويات الذي يمور في الوجدانيات وتجترها الألسن والذي أشرت إليه سابقاً، سيجعل من الحالة السودانية ليس فقط في حاجة إلى حلول خارج الصندوق، ولكن في حاجة إلى معجزة. لا أدري ما إذا كانت الهيئة القيادية ل (تقدّم) قد ناقشت أمكانية إحالة أمر الموضوع الخلافي إلى لجنة خبراء يتم اختيارهم بمعايير محددة لإخضاع أمر تشكيل حكومة موازية من عدمه إلى دراسة معمّقة كون الأمر في غاية الأهمية لأنه يقرر في مصير ومستقبل وطن يرزح تحت الحرب، وترفع اللجنة تقرير مفصّلا بذلك بما في ذلك التوصيات، لتهتدي الهيئة القيادية في اجتماعها الدوري أو الاستثنائي بمضمونه في اتخاذ قرار جماعي قائم على مبررات مسنودة بعمق الدراسة المتخصصة، وفي نفس الوقت يحفظ وحدة تنسيقيتها. يبقى السؤال قائماً، هل يمكن للخلاف داخل (تقدّم) في هذا الأمر بالتحديد، أن يجد مظلّة احتواء تُوحّد الرؤيتين وتقلل من تناسل التداعيات والافرازات وتعمل على تقزيم وتحجيم عُقد الأزمة؟ الإجابة نعم.
jabdosa@yahoo.com