إسرائيل تعلن الانتقال من الدفاع إلى الهجوم على لبنان.. بري :تستدرجنا للحرب ونحن لن ننجر إليها
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
ازدادت وتيرة التصعيد الاسرائيلي تجاه لبنان، اذ أعلن الجيش الاسرائيلي الأحد أنه استكمل "مرحلة أخرى" في إطار استعداداته "للحرب" عند الحدود مع لبنان. في المقابل يسود ترقب للكلمة التي يلقيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم، لجهة المواقف التي سيطلقها من الاحتفال المخصص لشهداء القنصلية الإيرانية في الاعتداء الاسرائيلي الأخير على دمشق.
يأتي التصعيد العسكري الإٍسرائيلي غير المسبوق ضد لبنان، الذي يتمدد من حين لآخر من الجنوب ليشمل منطقة البقاع الشمالي «في سياق استدراجنا»، كما يقول رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«الشرق الأوسط»، للدخول في حرب مفتوحة «لن ننجر إليها وسنبقى نمارس ضبط النفس ونعمل على استيعاب العدوان الإسرائيلي الذي بلغ ذروته في اليومين الأخيرين، بتحويل معظم البلدات والقرى الواقعة في جنوب الليطاني إلى أرض محروقة غير مأهولة، وإن الجميع في الداخل والخارج يعلم جيداً أننا لن نوفر لها الذرائع، مهما تمادت في اعتداءاتها وجرائمها التي لم توفر البشر ولا الحجر».
وأكد الرئيس بري أن «التصعيد الإسرائيلي، الذي بلغ أكثر من المستطاع، بتدمير ممنهج لعشرات البلدات والقرى الجنوبية، سواء تلك الواقعة على امتداد حدودنا مع فلسطين المحتلة أو في عمق الجنوب، لن يؤدي إلى استفزازنا، وصولاً لاستدراجنا لاتخاذ قرار بتوسعة الحرب».
ولفت إلى أن المجتمع الدولي يدرك جيداً، وبلا مواربة، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هو من يهدد بتوسعة الحرب الدائرة في قطاع غزة لتشمل جنوب لبنان، وهذا ما دفع بالموفدين الذين يتنقلون بين بيروت وتل أبيب إلى ممارسة الضغوط عليه لمنعه من توسعتها، وقال: «نحن من جانبنا لن نوفّر له الذرائع، بالرغم من المجازر التي ارتكبها، ولا يزال، بحق المدنيين».
وتوقف الرئيس بري أمام قول الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، في خطابه لمناسبة «يوم القدس»، إن «المقاومة في لبنان لا تخشى حرباً، وهي على أتم الجاهزية لأي حرب، وإذا أرادوها نقول لهم يا هلا ويا مرحباً». وقال بري إنه (نصر الله) يرد على تهديد إسرائيل بتوسعة الحرب، ولا يعني، كما يروق للبعض، أنه سيبادر إلى توسعتها.
ودعا بري إلى ممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة، لأن وقف إطلاق النار سينسحب على جنوب لبنان، ويفتح الباب أمام الشروع بتطبيق القرار الدولي 1701 الذي لم تلتزم إسرائيل بتطبيقه منذ صدوره، وكان وراء وضع حد لعدوانها في حرب تموز 2006.
في المقابل، وفي بيان بعنوان "الاستعداد للانتقال من الدفاع إلى الهجوم" نشره في موقعه الإلكتروني، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه "خلال الأيام الأخيرة تم استكمال مرحلة أخرى من استعدادات قيادة المنطقة الشمالية للحرب".
ولفت بيان الجيش إلى أن "قادة الوحدات النظامية ووحدات الاحتياط جاهزون لاستدعاء وتزويد جميع المقاتلين المطلوبين بالمعدات خلال ساعات معدودة فقط، ثم نقلهم إلى خط الجبهة لأداء المهام الدفاعية والهجومية".
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الجيش "استكمل استعداداته للرد على أي سيناريو يمكن أن يحدث في مواجهة إيران". اما رئيس أركان الجيش الإسرائيلي فصرح انه يجب ان يدفع حزب الله ثمنا متزايدا بسبب مشاركته في الحرب.
وفي المقابل، أعلن «حزب الله» أنه «استهدف بعشرات صواريخ الكاتيوشا مقر قيادة الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة كيلع والقاعدة الصاروخية والمدفعية في يوآف، رداً على اعتداءات العدو على منطقة البقاع». وحضر التصعيد بين إسرائيل ولبنان على طاولة اجتماع الحكومة الإسرائيلية، فقال رئيسها إنّ «هذه الحرب كشفت للعالم ما كانت إسرائيل تعلنه دائماً، أنّ إيران تقف وراء الهجوم ضدنا بواسطة أذرعها. وهي هجمات كثيرة. ومنذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) نتعرض للهجوم في جبهات كثيرة بواسطة أذرع إيران – «حماس»، «حزب الله»، «الحوثيين»، ميليشيات في العراق وسوريا وهجمات أخرى أيضاً». وأعلن أنّ «إيران و»حزب الله» وأذرعاً أخرى تصعّد التهديدات على إسرائيل. وقد أسقطت طائرة مسيرة تابعة لنا في لبنان، وكان ردّنا في عمق لبنان. في بعلبك في البقاع، (على بعد) 60 كيلومتراً و100 كيلومتر وأكثر». يشار الى ان الجيش الاسرائيلي يبدأ اليوم بمناورات الجليل الغربي والساحل الشمالي.
وكتبت" الاخبار":شهدت الساعات الـ24 الماضية كثافة كمية ونوعية في عمليات حزب الله ضد مواقع وتجمعات العدو وثكناته على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، توّجها بإسقاط طائرة من دون طيار من نوع «هيرمس 900» (كوخاف)، وهو ما وصفته وسائل إعلام العدو بأنه «ضربة مؤلمة»، و«إنجاز لحزب الله، إذ إنها الطائرة الكبرى للقيام بمهام الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخبارية على مستوى الألوية والفرق، إضافة إلى تمتعها بقدرات هجومية». والمُسيّرة المتطورة من تصنيع شركة «إلبيت»، يديرها السرب 166، وتتمتع بالقدرة على التحليق لمدة تصل إلى 36 ساعة متواصلة على ارتفاعات عالية.وفيما نشر حزب الله توثيقاً لإسقاط الطائرة بصاروخ مضاد للطائرات، ذكرت القناة 12 العبرية أمس أن القوات الجوية الإسرائيلية بدأت التحقيق في الظروف التي أدّت إلى إسقاط الطائرة.
واعتبرت مصادر سياسية ل" اللواء" ان ما يجري يدخل في اطار الضغوطات وترتيب اوراق التفاوض، فإذا لم يتم التوصل الى هدنة، تصبح خيارات الحرب اكثر ترجيحاً، بصرف النظر عن الرد الايراني على هجوم السفارة الايرانية بدمشق قبل ايام.
ونقل عن رئيس الاركان الاسرائيلي قوله: نستعد لاحتمال نشوب حرب مع لبنان.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان «تل ابيب» تعيد «ترتيب اوراقها بعد فشل ذريع منيت به في غزة بعد ٦ اشهر من القتال الضاري، فهي في وقت واحد تستعد لعملية رفح، كمـا تفــاوض في القاهرة للتوصل لهدنة، وفي نفس الوقت ترفع من وتيرة تهديداتها بوجه لبنان» ، معتبرة ان «اعلانها قبل ساعات عن الاستعداد للانتقال من الدفاع إلى الهجوم، يندرج باطار الضغوط التي تمارسها على حزب الله لوقف القتال جنوبا، رغم علمها بأن عملية ربط مصير جبهتي غزة وجنوب لبنان، لم يعد يمكن تجاوزها حتى ولو ادى ذلك لتوسيع الحرب على لبنان» .
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات لـ «الديار» ان «احتمال نجاح هذه الجولة قائم ولكنه ليس كبيرا، باعتبار ان الهوة لا تزال كبيرة بين ما تطالب به حماس للسير بالهدنة، وما تتمسك به «اسرائيل»، لافتة الى ان «العقدة الاساسية لا تزال تتمثل برفض «اسرائيل» لعودة الاسر الى شمالي غزة واقتصار العائدين على النساء والاطفال». واضافت المصادر: «كان السعي اولا لهدنة خلال رمضان وفشلت المساعي، من ثم كان هناك محاولات لانجاح هدنة خلال عيد الفطر وهذا بات مستبعدا تماما، لذلك فتوقع نجاح هدنة بعد ذلك لا يبدو واقعيا».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
إلى الحرابلة في مأزق لا للحرب: المستقبل يُبنى في الحاضر
وسط النزاع الدامي الذي يعيشه السودان، اختارت مجموعة من القوى السياسية والمجتمعية تبني موقف "لا للحرب"، وعرفت باسم "الحرابلة". ورغم أن هذا الموقف يبدو مبدئياً وشجاعاً، إلا أنه يواجه تحديات حقيقية، لا سيما في ظل التعقيد العسكري والسياسي الحالي. فرفض الحرب وحده لا يكفي، بل يتطلب تقديم بدائل عملية مقنعة تمهد لمستقبل أكثر استقراراً وعدالة.
الغضب الشعبي وانتهاكات الدعم السريع
يواجه الحرابلة معضلة كبرى تتعلق بالغضب الشعبي المتصاعد بسبب الانتهاكات الوحشية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مختلف المناطق، وكذلك قام الجيش والمليشيات المتحالفة معه بجرائم وهي أيضاً مدانة، إلا أن جرائم مليشيا الدعم السريع كانت ممنهجة ومتكررة وكبيرة العدد بحيث أصبح من الاستحالة حصرها، وبعضها في مناطق ليس فيها تواجد حتى لنقطة شرطة، هذه الجرائم دفعت الآلاف من المدنيين للاستنفار وحمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم واستعادة منازلهم وأراضيهم، ما يجعل دعوات وقف الحرب تبدو منفصلة عن واقع الضحايا ومعاناتهم. فكيف يمكن للحرابلة إقناع المتضررين بموقفهم دون أن يظهروا بمظهر الحياد البارد؟
معضلة السلطة الصفرية
الحرب الدائرة في السودان قائمة على معادلة صفرية، حيث يسعى كل طرف لإلغاء الآخر عسكرياً أو سياسياً تحت ذرائع مختلفة كاذبة، سواء كانت هدم دولة ٥٦ والقضاء على الكيزان وجلب الديمقراطية او حرب كرامة. في ظل هذه المعضلة، يصبح الحديث عن السلام دون تفكيك هذه المعادلة مجرد ترف سياسي. فكيف يخطط الحرابلة للتعامل مع هذا الواقع؟ وهل لديهم رؤية واضحة تضمن عدم تكرار تجارب الفشل السابقة التي بنيت على تقاسم السلطة مع العسكريين دون مساءلة ومحاسبة على الإنتهاكات؟. وفي خطاب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك حول رؤية "صمود" لإيقاف الحرب دعا للقاء يجمع البرهان وحميدتي وهو ما يوحي بتفصيل دور سياسي لهم بعد الحرب ويقول المثل "من جرب المجرب حاقت به الندامة"
التدخلات الخارجية والموقف الانتقائي
لا يمكن فهم الحرب في السودان دون النظر إلى التدخلات الخارجية التي تغذيها. وبينما يركز البعض على الدعم الذي يتلقاه الجيش، يتم تجاهل الدعم الإماراتي الواسع لمليشيا الدعم السريع. هذا الانتقائية في الطرح تضعف مصداقية تيار "لا للحرب"، فهل يملكون الجرأة على رفض جميع أشكال التدخل الخارجي بوضوح؟. كذلك دعا حمدوك في خطابه بتاريخ ٤ مارس حول رؤية "صمود" لإيقاف الحرب لتشكيل قوة أفريقية و/أو دولية لحفظ السلام، وهذا أمر يبدو بعيد المنال في ظل تقليص الولايات المتحدة دورها الخارجي في أفريقيا وبالتالي دعم قوات حفظ السلام وهي الممول الأكبر لها. كما أن اعتقال ياسر عرمان في كينيا وإطلاق سراحه في تحليلي يبدو بايعاز من كفيل الدعم السريع لكينيا لتوجيه رسالة ل"صمود" لرفضهم مساندة حكومة مليشيا الدعم السريع، أكثر من تنفيذ مذكرة إعتقال حمراء للانتربول والشواهد كثيرة.
الانقسامات الداخلية وخطر التفكك
مع تصاعد الخلافات داخل تيار "لا للحرب"، بدأت بعض مكوناته تدعم مشاريع سياسية مرتبطة بمليشيا الدعم السريع، بل وظهرت كيانات موالية له في مناطق سيطرته. هذا التوجه يثير تساؤلات حول ما إذا كان التيار لا يزال معارضاً للحرب، أم أصبح غطاءاً سياسياً لمشاريع إعادة تشكيل السودان وفق أمر واقع جديد؟. وهل كان هذا الإنحياز للمليشيا يؤثر على مواقف تقدم قبل إنقسامها وتسبب في تضارب رسائلها الإعلامية للسودانيين؟
الضعف الإعلامي وغياب الرسالة الموحدة
تعاني قوى "لا للحرب" من ضعف إعلامي واضح، إذ تفتقر إلى خطاب موحد ومؤثر يصل إلى الشارع السوداني. عليهم تقديم رؤية تخاطب مخاوف المواطن البسيط. فهل يدركون أن مجرد رفع شعار "السلام" دون ربطه بحلول واقعية ويعالج تفكير المواطن البسيط لن يكسبهم تأييد الشارع؟.
غياب الشفافية وإرث المرحلة الانتقالية
كثير من قادة هذا التيار كانوا جزءاً من المشهد السياسي بعد سقوط البشير، ولم يلبوا تطلعات الشارع حينها. هذا الإرث السياسي يضعف الثقة في خطابهم الحالي، لا سيما في ظل غياب بيانات واضحة منهم في كثير من المواقف أثناء الحرب، بل وتضاربها أحياناً. كذلك لم يوضحوا جهودهم وخططهم لوقف الحرب للشارع السوداني.
"لا للحرب" وحدها لا تكفي
في ظل هذه التحديات، يظل السؤال مفتوحاً كيف يمكن تحقيق السلام دون معالجة الغضب الشعبي الناجم عن الانتهاكات؟ وهل لديهم تصور عملي لنزع سلاح المليشيات مع الطرفين التي باتت أمراً واقعاً؟ إذا كانوا يرفضون التدخلات الخارجية، فلماذا يتجاهلون دعم الإمارات للدعم السريع وهي خطر عليهم أيضاً حيث ترفض وتعيق أي تحول ديمقراطي؟ وأخيراً، إذا انتهت الحرب بسيطرة الطرفين كل على جزء من البلاد، فما هو موقفهم من المستقبل، أم أن "لا للحرب" مجرد شعار لا يتجاوز هذه المرحلة؟
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد