أحمد ياسر يكتب: الناتو في عامه الـ 75 يواجه أسوأ الصدمات
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
يصادف هذا الأسبوع الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتوقيع معاهدة واشنطن، أدى هذا الاتفاق التاريخي، الذي لم يوقع عليه في الأصل سوى 12 دولة، إلى إنشاء منظمة حلف شمال الأطلسي…
عند تأسيسه في عام 1949، لم يكن هناك يقين من أن الناتو كان سيستمر لهذه الفترة الطويلة، ناهيك عن نمو حجمه إلى 32 عضوًا… واليوم، يظل حلف شمال الأطلسي واحدًا من التحالفات الأمنية الأكثر فعالية التي شهدها العالم على الإطلاق.
بعد انتهاء الحرب الباردة في عام 1991، شكك كثيرون في الولايات المتحدة وأوروبا في جدوى حلف شمال الأطلسي من دون التهديد السوفييتي، طوال فترة التسعينيات، خفضت العديد من الدول الأعضاء حجم قواتها المسلحة وخفضت ميزانياتها الدفاعية بشكل كبير.
وكانت التخفيضات جزءا مما يسمى "عوائد السلام" في ذلك الوقت والتي تبين أنها مجرد خيال، ولا تزال عواقب هذه التخفيضات الدفاعية الكبيرة محسوسة حتى اليوم، حيث لا يزال العديد من أعضاء الناتو لا ينفقون ما يكفي على القوات المسلحة.
وأدت الأزمات المتعددة في البلقان في التسعينيات إلى قيام حلف شمال الأطلسي بإطلاق عمليات عسكرية هناك لوقف الإبادة الجماعية التي تستهدف البوسنيين..وبعد الهجوم الإرهابي الذي شنه تنظيم القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر 2001 ضد الولايات المتحدة، قام حلف شمال الأطلسي بتفعيل المادة الخامسة من معاهدة واشنطن لأول مرة في تاريخه، والتي تنص على أن الاعتداء على أحد الأعضاء يعتبر اعتداء على جميع الأعضاء.
وفي وقت لاحق، سيقود الناتو جهدًا دوليًا لتحقيق الاستقرار في أفغانستان، والذي انتهى بشكل كارثي في أغسطس 2021 بعد أن سحب الرئيس الأمريكي جو بايدن جميع القوات من البلاد.
ولم يدرك الناتو أن مهمته الجديدة هي نفس مهمته القديمة: الدفاع عن أراضي دولة الأعضاء إلا بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014، ومنذ الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في عام 2022، كان الناتو منشغلًا تقريبًا بتعزيز جناحه الشرقي، وردع المزيد من الهجمات الروسية على أوروبا الشرقية، ومساعدة أوكرانيا في الحصول على الموارد التي تحتاجها للدفاع عن نفسها.
وبينما يجتمع زعماء الناتو في واشنطن هذا الصيف للاعتراف رسميًا بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسه في قمة كبرى، فإن الوضع الأمني في أوروبا الشرقية والحرب الروسية ضد أوكرانيا سوف يكون على رأس جدول الأعمال.
أولاً، بينما يفكر زعماء الناتو في المستقبل، فيتعين عليهم أن ينظروا إلى الأيام الأولى للحلف بحثاً عن الإلهام، ولكي يكون التحالف فعّالاً كما كان أثناء الحرب الباردة، فلابد وأن يعود إلى مهمته الأصلية المتمثلة في الدفاع الجماعي.
ثانياً، يتعين على التحالف أيضاً أن يبقي الباب مفتوحاً أمام الأعضاء الجدد، كما حدث خلال العقود القليلة الأولى بعد إنشائه، لقد كان توسع النانو بمثابة قوة من أجل الخير في أوروبا، لقد نشرت الاستقرار والأمن في مناطق من القارة كانت ستصبح متقلبة لولا ذلك.
وأخيرا، يتعين على التحالف أن يستمر في التركيز على الدفاع الإقليمي في أوروبا، فإن هذا لا يعني أنه قادر على تجاهل جيرانه، وبالإضافة إلى الذكرى السنوية الخامسة والسبعين للتحالف، يصادف هذا العام أيضًا الذكرى الثلاثين للحوار المتوسطي والذكرى العشرين لمبادرة اسطنبول للتعاون.
هذه هي المنصات التي تسمح للتحالف بالتعامل مع الشركاء في شمال أفريقيا والخليج، على التوالي.. إن التعاون الوثيق بين حلف شمال الأطلسي والشركاء في شمال أفريقيا والشرق الأوسط يمكن أن يساعد في تحقيق الاستقرار والأمن للجميع.
وخلال الحرب الباردة، كانت مهمة حلف شمال الأطلسي هي وقف انتشار الشيوعية في أوروبا الغربية؛ وردع العدوان السوفييتي؛ وإذا لزم الأمر، هزيمة الاتحاد السوفييتي في ساحة المعركة… ولحسن الحظ، تمكن التحالف من إنجاز مهمته دون إطلاق رصاصة واحدة.
كانت تصرفات روسيا الأخيرة في أوكرانيا بمثابة نداء تنبيه… ربما تكون الحرب الباردة قد انتهت... ولم يعد الاتحاد السوفييتي موجودا… ولكن هناك الكثير مما يجعل حلف شمال الأطلسي مشغولا... والقرارات التي سيتخذها الحلف الآن ستحدد مدى نجاحه في المستقبل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حلف شمال الأطلسی الحرب الباردة فی أوروبا فی عام
إقرأ أيضاً:
د. أحمد فارس يكتب 3 سيناريوهات إسرائيلية لقطاع غزة من بينها تبنى المقترح المصرى العربى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
احتلال غزة وفرض الأحكام العرفيةاستمرار الحصار تحت بند إضعاف حماستبنى المقترح المصرى العربى مع تعديلات
التدمير والقتل الممنهج في قطاع غزة ليس وليد صدفة الأحداث، لكنه خطط مدروسة؛وسيناريوهات معدة من كبرى مراكز الأبحاث في إسرائيل، والتى تستعين بها حكومة اليمين المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو في تحقيق أهدافها من الحرب منذ اندلاعها حتى توقفها ومن بعد استئنافها، وبعد تنفيذ المخططات السابقة في تدمير القطاع ليخرج من دائرة قابلية العيش إلى استحالته في ظل تدمير البنية التحتية للمياه والصرف والكهرباء والخدمات الطبية ومنع المساعدات للوصول إلى الأهداف المنشودة.
ولعل ما تمارسه إسرائيل في هذه الأيام بعد استئناف الحرب من خلال الدعم الأمريكي هو ضغوط عسكرية مدروسة على حماس وقطاع غزة، والهدف المعلن منه هو تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق لإطلاق سراح مزيد من الأسرى الإسرائيليين الأحياء لدي حماس لتهدئة المجتمع الإسرائيلي والتخفيف من الضغط الذى تمارسه عائلات الأسري على الحكومة. وكذلك القضاء على القدرات الإدارية والعسكرية لحماس في القطاع.
ورغم إدراك إسرائيل أن محو حماس بعملية عسكرية أمر مستحيل، وأن عناصر من حماس سوف تبقي في قطاع غزة حتى إن تم تشكيل حكومة بديلة؛ لذلك تخطط إسرائيل وفقًا لما يخدم أجندتها المتطرفة في إبقاء المسئولية الأمنية للقطاع فى قبضة إسرائيل.
ويبرز منذ بداية الحرب الغاشمة لإسرائيل على قطاع غزة حتى انهيار وقف إطلاق النار، ترى حكومة اليمين المتطرف أن تولي حكومة عسكرية إسرائيلية قطاع غزة، صعب وأكثر تكلفة لها.
حتى إن فكرة التهجير الطوعي وفقًا لخطة ترامب حتى إن وصل حد التهجير فيه إلى نصف مليون من سكان القطاع إلى دول أخرى، إلا أن إسرائيل ترى أنه لن يحقق هدفها وبعد عدة سنوات سوف يزداد الإنجاب في القطاع ويعوض هذا النقص وستبقي المشكلة الديمغرافية قائمة.
لذلك عمل التخطيط الاستراتيجي للحرب على إرساء آلية للحكم المدني البديل في غزة، لكنها تريد حكومة وفقًا لرغباتها.
وبات مستقبل قطاع غزة ما بين ثلاثة سيناريوهات بالنسبة لمتخذ القرار في إسرائيل، ولعل السيناريوهات الثلاثة المطروحة حاليًا على طاولة الحكومة الإسرائيلية من قبل مركز الأبحاث التى يعتمد عليها صناع القرار في إسرائيل ومن بينها مركز الأمن القومي الإسرائيلي «inss» لا رابع لها.
احتلال قطاع غزة وفرض الأحكام العرفية.استمرار حصار قطاع غزة تحت بند إضعاف حماس.تبني المقترح المصري العربي لإعادة إعمار غزة مع التعديل، أولا احتلال قطاع غزة وإقامة حكومة عسكرية.تعتمد حكومة نتنياهو على الخيارات العسكرية لتحقيق أهدافها مستبعدة الخيار الدبلوماسي، لذلك تعمد حاليًا من خلال استئناف عملياتها العسكرية بعد الهدنة الأخيرة للضغط على حماس للموافقة على تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق لإطلاق سراح الأسرى؛ وتستمر في توسيع حملتها العسكرية يومًا بعد يوم، واحتلال معظم القطاع وإعداد الظروف لحكم عسكري.
ووفقًا لرؤية رئيس الاستخبارات العسكرية السابق اللواء «احتياط» تامير همان التى نشرها بمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي «inss» حكم عسكري إسرائيلي في غزة سيكون له مزايا ولكن التحديات والإشكاليات والأضرار ستكون أكثر تكلفة.
ويرى تامير أن الحكومة العسكرية أفضل من منظور واسع النطاق للأمن القومي الإسرائيلي، حيث يُعزز من قدرات جمع المعلومات الاستخباراتية ويُسرّع من تآكل القوة التنظيمية والعسكرية لحماس، وذلك عن طريق تقسيم القطاع إلى قطاعات إدارية وتعيين مندوبين عسكريين لكل مدينة وحي للتعامل مع السكان المحليين وإدارة الشئون المدنية.
ولكن تكلفة هذا السيناريو ستكون كبيرة على إسرائيل عسكريًا واقتصاديًا ودبلوماسيًا، حيث ستواجه مشاكل كبيرة مع سكان غزة الذين يرفضون الوجود الإسرائيلي بالقطاع، ما يؤدي إلى مواجهات وخسائر في جنود إسرائيل.
كما أن الحكم العسكري يتطلب انتشارًا عسكريًا كثيفًا ما بين 15 إلى 21 كتيبة، وهي قوة تضاهي التشكيلات العسكرية المنتشرة حاليًا في الضفة الغربية، الأمر الذي سيُضعف الجبهات الأخرى، خاصة في الضفة الغربية والحدود الشمالية.
كما أنه سيمثل عبئًا على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث سيترتب على إسرائيل تمويل جميع الخدمات في غزة، بميزانية قد تتجاوز 5 مليارات شيكل سنويًا، وهي التكلفة التي كانت تتحملها السلطة الفلسطينية سابقًا. كما أن استدعاء الاحتياط بهذا الحجم من شأنه أن يُضعف الاقتصاد عبر تغييب عشرات الآلاف من العمال عن سوق العمل لفترات طويلة.
كما يُتوقع أن يُواجه هذا السيناريو رفضًا دوليًا واسعًا، باستثناء الولايات المتحدة، ما قد يؤدي إلى مقاطعة تُضر بالتجارة والاستثمارات في إسرائيل. وقد يترافق ذلك مع تصاعد موجات معاداة السامية في دول الغرب، على خلفية القتال في غزة وتداعياته الإنسانية.
ثانيًا: استمرار حصار قطاع غزة تحت بند إضعاف حماس
من السيناريوهات المطروحة استمرار الحصار تحت زعم إضعاف حركة حماس والعمل على تفجير طاقات الغضب الجماهيرية تجاهها من أجل إفقادها الحاضنة الشعبية لها في القطاع ويعمق الفجوة بين السكان وحركة حماس ومن ثم يؤدي لانهيارها. ويُنظر إلى هذا السيناريو في إسرائيل كوسيلة فعالة في عهد إدارة ترامب، إلا أنه يواجه العديد من التحديات الاستراتيجية، خصوصًا على الساحة العالمية، كما أن هذا السيناريو سيدفع عددًا من السكان إلى الهجرة، لكنه لن يقضي على حماس.
ثالثًا- تبني المقترح المصرى العربى لإعادة إعمار غزة
إن من السيناريوهات الثلاثة المطروحة من قبل مراكز البحث الإسرائيلي أمام صناع القرار في اليمين هو ضرورة مناقشة المقترح المصري العربي لإعادة إعمار قطاع غزة واستقراره وإقامة حكومة بديلة لحماس ويعتبر رئيس الاستخبارات العسكرية السايق تامير أن هذا المسار أفضل الحلول وسيؤدي للاستقرار على المدى الطويل في ظل إنشاء تحالف دولي للإشراف على إعادة إعمار القطاع وتشكيل قوة أمنية غير تابعة لحماس.
ولن يمثل عبئا اقتصاديًا على إسرائيل ومع مرور الوقت، من المتوقع أن تتآكل قدرة حماس المدنية، ولكن إذا تم تبني هذا المقترح وفقا لـ«تامير» لا بد على الحكومة الإسرائيلية أن تضغط على الولايات المتحدة لإدخال تعديلات على المقترح الخاص بحكومة مدنية فلسطينية بديلة لحماس، بأن يتم وضع إطار أمني يضمن استمرار التعاون بين القوات الإسرائيلية والحكومة الفلسطينية البديلة في غزة، مع ضمان عدم تمكن حماس من تهديد الاستقرار الداخلي ومنعها من استعادة قوتها العسكرية والسياسية.
لويري أن