تثير سوق المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي شهية كبيرة جهة الذكاء الاصطناعي في ظل النمو السريع الذي تشهده، إذ قد تصل قيمتها إلى حوالى 200 مليار دولار بحلول عام 2032، وفق بيانات شركة «ألايد ماركت ريسرتش» ومع ذلك، تنفي وكالة «ذي كلولس» الإسبانية رغبتها في أن تحل محل المؤثرين البشريين.

ويتردد السؤال: هل ستعيد موجة الذكاء الاصطناعي خلط أوراق المؤثرين الذين يعتزمون ركوبها في ظل خطر تغلب هذه المنافسة الجديدة عليهم بعد أن اجتاحت العالم المتصل؟ مثلاً، تستعين وكالة الإعلانات الإسبانية «ذي كلولس» The Clueless بـ«المؤثرة» أيتانا، ذات الشعر الوردي والملابس الضيقة، للترويج لمنتجات عدة، واصفة إياها بأنها «قوية» و«مصممة»، لكن من يظهر في الواقع على الشاشة ليس إنسانا من لحم ودم، بل هو نتاج ـ نمطي جدا ـ لمخيلة إسبان مهووسين بالتكنولوجيا.

آفاق اقتصادية لا يمكن إنكارها

في وقت يرسخ الذكاء الاصطناعي نفسه في جميع القطاعات، لم تتأخر الشركات العاملة في مجال العلاقات العامة عن خوض هذا الغمار الذي تجد فيه آفاقا اقتصادية لا يمكن إنكارها، وفق ما نقلته وكالة «فرانس برس».

وتقول مديرة شركة The Clueless صوفيا نوفاليس من برشلونة «لقد أخذنا في الاعتبار التكاليف المتزايدة المرتبطة بالأشخاص المؤثرين». وذكرت أن الاستعانة بـ«مؤثرة» افتراضية بواسطة الذكاء الاصطناعي تتيح «تحكما إبداعيا لا مثيل له، ما يسمح باتخاذ قرارات شفافة فيما يتعلق بالصورة والأزياء والجماليات من دون الحاجة إلى جلسات تصوير فعلية». كما أن «النماذج الافتراضية، كونها رقمية، تقدم بديلا أوفر».

تقنية جديدة تفتح بعدًا آخر

تجسيد مؤثرين من خلال صور رمزية (أفاتار) ليس بالأمر الجديد، فحتى الدمية «باربي» لها حساب على إنستغرام يضم ملايين المتابعين. لكن التقنية الجديدة تفتح بعدا آخر، إذ بات من الممكن الاستعانة بهذه الشخصيات الافتراضية المولدة بالذكاء الاصطناعي لإشراكها في إعلانات تبدو فيها تماما مثل عارضات الأزياء الحقيقيات.

هذه حال ليل ميكيلا التي يضم حسابها على إنستغرام 2.6 مليون متابع. فقد بات لهذه «المؤثرة» التي أنشأتها وكالة في كاليفورنيا في عام 2016، عدد لا يحصى من التعاونات (أي الإعلانات). ومن بينها، إعلان بتصميم فائق الدقة لشركة صناعة السيارات الألمانية «بي إم دبليو».

و كان الهدف «إنشاء شيء لم يسبق له مثيل»، حسبما أوضحت الشركة أن «اجتذاب جيل أصغر سنا ومتمكن من التكنولوجيا يشكل إضافة هامة بالنسبة لنا».

في فرنسا، تقول رئيسة وكالة التأثير والتسويق «ايه دي كرو» AD Crew مود لوجون إن «الأمر أشبه بما يحصل إزاء الممثلين على شاشة التلفزيون: نعلم أنهم غير موجودين، ومع ذلك نتابعهم وهذا يثير اهتمامنا، إنه مثل مشاهدة مسلسل قصير».

قبل عامين، أنشأت لوجون مؤثرة افتراضية تدعى «ميتاغايا» («Metagaya»). وتقول «المستوى الحالي للتصميم لم يكن موجودا بعد.إنه تقني، يجب أن نختار لها ملابس، ونلتقط صورا للخلفية، ونروي قصة» من خلالها. وتقر ضاحكة «لم تكن جيدة جدا!».

برمجية سورا

وقد تؤدي الابتكارات التكنولوجية الجديدة، مثل برمجية «سورا» لتوليد الفيديو من شركة «أوبن إيه آي» OpenAI، إلى تسريع هذه الظاهرة.

ويرى المؤثر الفرنسي شارل ستيرلينغ في هذه التقنية فرصة للقيام بترجمات تلقائية لفيديوهاته. وهو يستخدم أدوات متنوعة، بينها منصات HeyGen وRask.ai، التي تتيح مزامنة الشفاه. بمعنى آخر، يحول الذكاء الاصطناعي الفيديو الخاص به، لذلك لا يحتاج صانع المحتوى إلى التسجيل بصوته باللغة الإنجليزية أو الإسبانية.

ويستخدم أيضا برنامج «ديبشوت» Deepshot لتوليد الحوارات واستبدالها، بهدف إنشاء «مقاطع فيديو بتقنية التزييف العميق» بالاستناد إلى مقاطع حقيقية. وقد استعان خصوصا بهذه التقنية لاختلاق تصريحات بالصوت والصورة للرئيس إيمانويل ماكرون.

ويقول «أصور فيديو لماكرون وأجعله يقول نصا ليس نصه الأصلي. على سبيل المثال، جعلته يتحدث عن موقع حكومي». كل ذلك في دقائق معدودة ومقابل بضعة دولارات تدفع للمنصة.

لكن شارل ستيرلينغ يرى حدود هذه الممارسة، قائلا «يمكن للجميع أن يصبحوا مؤثرين من خلال هواتفهم. وفي نهاية المطاف، سنكون أمام ذكاء اصطناعي بأشكال متعددة متاحة على مدار الساعة، وأقل تكلفة بكثير للتطوير».

وتقول صوفيا نوفاليس «لا نعتقد أن النماذج الحقيقية سوف يتخطاها الزمن أو أنها ستستبدل بنماذج تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل آيتانا. في رأينا، يمكن أن تتعايش هذه النماذج». وتقارن هذه الظاهرة بـ«الانتقال من المطابع إلى الطابعات المنزلية: التكنولوجيا الجديدة لم تجعل المطابع تختفي». بالنسبة لمود لوجون، فإن وصول الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد المؤثرين الذين يتعين عليهم دائما إنتاج المحتوى بشكل متواصل. وتقول «تقديم مضامين شخصية على المدى الطويل أمر معقد: إذ يصل بعض صناع المحتوى إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي. وربما يكون الذكاء الافتراضي طريقة جديدة للتعبير من دون الكشف عن النفس»، خصوصا بالنسبة للأطفال.

اقرأ أيضاًرئيس الرقابة المالية يناقش مستقبل صناعة التأمين في ظل الذكاء الاصطناعي بمسقط

جوتيريش: ينبغي على إسرائيل وقف استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب على غزة

أبل تسابق الجميع.. وتستحدث 4 مزايا جديدة تعتمد الذكاء الاصطناعي

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الولايات المتحدة الذكاء الاصطناعي كاليفورنيا منصات التواصل الاجتماعي العلاقات العامة أوبن إيه آي اقتصاد الولايات المتحدة صانع المحتوى موقع حكومي الطابعات الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

"جامعة التقنية" تستعرض "دور أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم"

 

 

مسقط- الرؤية

نظمت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية وبالتنسيق مع مكتب كرسي الإيسيسكو البحثي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي أمس برئاسة الجامعة ورشة حول "دور أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم.. تشكيل مستقبل مسؤول للتعليم"؛ بحضور الدكتور سعيد بن سالم جعبوب نائب الرئيس للدراسات العليا والبحث العلمي والابتكار وعدد من الاكاديمين في الفروع والمختصين في مجال الذكاء الاصطناعي والطلبة، وذلك على هامش مؤتمر الإيسيسكو لوزراء التربية والتعليم، والذي يقام في مسقط.

وتهدف الورشة الى تقديم نبذة عن دور الذكاء الاصطناعي في التعليم واستكشاف الفوائد والمخاطر المحتملة، وتعزيز المناقشات المثمرة مع المختصين في مجال الذكاء الاصطناعي، واستكشاف وتطوير المبادى التوجيهية الأخلاقية وخلق أفضل الممارسات في الذكاء الاصطناعي وضمان العدالة والشفافية. وجرت استضافة خبراء من منظمة الإيسيسكو ومتحدثين للتحدث وعقد المناقشات حول دور أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم.

وتسعى الجامعة من خلال تنظيم مثل هذه الورش الى تنمية مهارات وكفاءات الطلبة والأفراد والباحثين وجعلهم مواكبين للتطوارات التي تحدث في كافة التخصصات والقطاعات كالتعليم والثقافة والصناعة والإنتاج والإقتصاد، ومواءمة متطلبات ومخرجات التحول الرقمي والأتمتة المرتبطة بها.

يُشار إلى أن جامعة التقنية والعلوم التطبيقية تستضيف كرسي الايسيسكو البحثي لاخلاقيات الذكاء الاصطناعي لمدة 4 سنوات والتي تسعى من خلالها الجامعة الى وضع المعايير والمبادئ الأخلاقية لاستخدام هذه التكنولوجيا بالطرق الآمنة، وتوفير منصة لتبادل المعارف والخبرات والمصادر والأبحاث بين مؤسسات التعليم العالي والإستفادة من التجارب المشتركة بينها في تطبيق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتبادل الممارسات الناجحة والمتعلقة بتطبيقاتها، والعمل على إيجاد مراكز بحثية في مجالات المخاطر والتهديدات والتحديات المصاحبة لثورة البيانات والتسارع الكبير في انتشار وتعدد مجالات الذكاء الاصطناعي.

مقالات مشابهة

  • رحلة الترجمة من القواميس الورقية إلى الذكاء الاصطناعي
  • قوة صاعدة: فرص الإمارات في سباق الذكاء الاصطناعي
  • 48.8% نموًا بسوق الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية بالشرق الأوسط
  • "جامعة التقنية" تستعرض "دور أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم"
  • خلال ندوة لجائزة الشيخ حمد للترجمة هل الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل المترجم؟ متخصصون يجيبون
  • حزب العدل يتناول تحولات السياسة في عصر الذكاء الاصطناعي
  • فيم يختلف نموذج أو 1 عن نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى؟
  • كيف أجاب الذكاء الاصطناعي عن تفاصيل اغتيال نصر الله ؟
  • الذكاء الاصطناعي: هكذا اغتالت إسرائيل حسن نصر الله
  • حلقة عن الذكاء الاصطناعي بتعليمية الداخلية