- السائل يقول عندما تأملت تأويل سيدنا يوسف عليه السلام لرؤيا الملك وجدت أن سيدنا يوسف عليه السلام أوَّلَ السبع البقرات السمان بالسبع السنوات الخصبة وأوَّلَ السبع البقرات العجاف بالسبع السنوات العجاف لكنني لم أجد إشارة من رؤيا الملك للآية الكريمة «ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ» بمعنى آخر أن هذه الآية الكريمة لم أجد لها إشارة في رؤية الملك، السؤال هل هناك إشارة موجودة في رؤيا الملك لهذه الآية ولم أنتبه لها؟

إن ما ذكره الأخ السائل صحيح وفي محله، ففي هذا الجزء الذي ورد على لسان يوسف عليه السلام مخاطبا به من سأله عن تعبير ما رآه الملك «ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ» ليس في رؤيا الملك ما يقابله، وهذا باتفاق المفسرين، ثم ذهب جمهور أهل التفسير إلى أن هذه الزيادة التي وردت على لسانه يوسف عليه السلام كانت زيادة بوحي وإلهام من الله تبارك وتعالى ليوسف عليه السلام، فأراد أن يتبع تعبيره أو تأويله للرؤيا بتبشيرهم بما يكون عليه الحال بعد السبع العجاف، فكان ما أخبرهم به وحيا وإلهاما من عند الله تبارك وتعالى، ومن المفسرين ومنهم العلامة ابن عاشور في التحرير والتنوير من رأى بأن ذلك كان من لوازم نهاية سني الجدب والمحل فإن رؤيا الملك كان تأويلها بأن السبع العجاف والسنبلات السبع اليابسات هي سنوات الجدب والمحل والشدة فهي سبع سنوات، وهذا يعني أن نهاية الجدب من لازمه أن يكون بالغيث والخصب، فبشرهم يوسف عليه السلام بلازم نهاية الجدب، وهذا قول حسن أيضا.

وعلى المعهود في نواميس الله تبارك وتعالى أن يعقب الشدة رخاء وأن يأتي بعد الجدب غيث وخصب فإن يوسف عليه السلام قد بشرهم بذلك وقد كانت رؤيا الملك أن سنوات الجدب والشدة تكون سبعا وهذا ما يعنيه بطبيعة الحال، وهذا ما يعبر عنه الأصوليون وعلماء التفسير في هذا السياق باللازم أن من لوازم ذلك أن يرتفع هذا الجدب عنهم ولا يرتفع إلا بنزول الغيث وأن يكون خصبا عاما شاملا فبشرهم به يوسف عليه السلام أي لم يكن ذلك بوحي وإلهام وإنما كان من التعبير نفسه من تأويل الرؤيا نفسها. والله تعالى أعلم.

- عندما يجد الإنسان في مناماته أمثال هذه الرموز التي يتوخى أنها تعني شيئا معينا، هل هو مطالب أن يبحث عن تأويلها حتى يستبين ماذا وراءها من المعاني التي يريدها الله تعالى له، وكيف يفرق بينها وبين ما ينهى عنه من البحث عن تفسير الأحلام المزعجة؟

ما يراه النائم كما يقول أهل العلم إما أن يكون أثرًا لما يشتغل به خاطره وما يعمل فيه فكره، فيكون مهموما بأمر ما ويكون عقله مشغولا به فيرى في منامه ما يتصل بما كان عقله مشغولا به وبما كانت نفسه متعلقة به، وهذا هو غير ما يتحدث عنه من يتحدث عن الرؤى فإن الرؤى قد تكون مبشرة حاملة لمعاني خير لرائيها أو لغيره، وقد يكون فيها ما يزعج، لكنها لا علاقة لها باشتغال العقل والخاطر بالتدبر والتفكر في أمر ما، فتأتي هكذا اتفاقًا، تأتي دون مقدمات كما يقال، وهذه تنقسم إلى نوعين، فيها ما يستبشر به الإنسان فيما يرى كرؤية الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ورؤيا العلماء والصالحين والأولياء أو رؤيا مبشرات من حوادث خير تحصل للناس فهذه مبشرات، وقد يرى ما يزعجه، فقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أي ما يكرهه ويزعجه ويقلق مضجعه، أن يعمد إلى أن ينفث عن يساره ثلاثًا وأن يستعذ بالله من شر ما رأى قال: فليتفل عن يساره ثلاثًا، وليقل اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت ثم قال فإنها لن تضره بإذن الله، ولذلك كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن شَكَوا إليه عليه الصلاة والسلام فأرشدهم إلى هذا الذكر قالوا: فكان الواحد منا يرى الرؤيا كالجبل ثم بعد هذا الذكر لم تكن تؤثر فيه. أما ما يرى من خير وبشارات أو ما يرى مما هو غير ذلك فلا مانع شرعًا من السؤال عن تعبيره وكذلك إذا كان هناك من هو محب له سيدعو له بالخير فلا مانع من إخباره والرؤى تتفاوت أي لا يلزم في من رأى سبع بقرات أن يكون تعبيرها بسبع سنوات، فإذا كانت سمانًا كانت سنوات خصب وإذا كانت عجافًا فهي سنوات جفاف وشدة، لا يلزم، لأنها بحسب الرائي وبحسب البيئة، وهذا علم كما تقدم في جواب سابق والتفاصيل والفروع فيه كما يقول أهل الاختصاص ذات أهمية، في التعرف على التعبير لكن لا يمكن أن يخوض في التأويل والتعبير الجاهل الذي لا دراية له ولا علم عنده وإلا فإنه يكون داخلا في وعيد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: «من أفتى مسألة أو فسَّر رؤيا بغير علم كان كمن وقع من السماء إلى الأرض فصادف بئرًا لا قعر لها ولو أنه أصاب الحق» ففي المسألة وعيد شديد، لكن أن يتطلب تعبير رؤياه مع ذكر التفاصيل فهذا هو الأصل عند أهل الاختصاص، وإن لم يجد أهل اختصاص فليدعُ ربه تبارك وتعالى أن يجعل ما رآه رؤيا خير وأن تكون مجلبة للخير دافعة عن كل ضير وأن يكتب الله تبارك وتعالى له من

ورائها البشرى والخير، والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الله تبارک وتعالى یوسف علیه السلام رؤیا الملک الله تعالى أن یکون ا کانت

إقرأ أيضاً:

سيناريوهات ما بعد الـ 60 يوماً..


لا تزال اسرائيل تخرق قرار وقف اطلاق النار وتنفذ عمليات تسلل برية وتفجيرات، اضافة الى غارات جوية وان كانت تراجع عددها في المرحلة الاخيرة، ولعل تبرير البعض لكل هذه الخروقات بأنها مبنية على اتفاق ثنائي بين اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية، لا يلغي امكانية حصول تداعيات خطيرة في حال استمرت الخروقات بعد الايام الستين.

من المؤكد ان تلقي "حزب الله" لضربات قاسمة خلال الحرب ساهم في تكريس سلوكه الحالي وتعامله بروية مع كل ما يحصل، والاكيد ايضا ان قطع خط الامداد سيلعب دورا كبيرا في عدم ذهاب "حزب الله" الى مستويات كبيرة من التصعيد العسكري، وعليه فإن الانتظار اليوم سيد الموقف في ظل عدم قدرة الحزب على غض النظر طويلا لان ذلك سيكرس فكرة انه مهزوم ما سيمنعه على المدى القريب من ترميم قدراته والتحرك بشكل جدي.

يعمل "حزب الله" على تنفيذ القرار 1701 بشكل كامل وجدي وهذا ما يظهره الواقع جنوب الليطاني والتصريحات العلنية وفي الجلسات المغلقة لقادة الحزب ومسؤوليه، لكن تنفيذ القرار من طرف واحد ليس واردا لدى الحزب، اذ انه لا يمكنه ابدا السكوت على استمرار الخروقات الاسرائيلية بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوماً التي قبل بها من دون قناعة فعلية بجدواها.

السيناريو المثالي لمرحلة ما بعد الـ 60 يوما هو انتهاء الخروقات وانسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان بالكامل وهذا الامر سيؤدي الى استقرار طويل المدى، اذ يقول بعض المطلعين ان عقودا من الزمن ستمر من دون اي معارك بين لبنان واسرائيل. اما السيناريو الثاني فهو الذهاب الى انسحاب كامل للجيش الاسرائيلي مع استمرار الخروقات وهذا ما قد يتعايش معه الحزب لفترة الى حين ترميم قدرته والعمل على استعادة الردع بشكل او بآخر كما فعل منذ بداية التسعينيات حتى العام 2000.

اما السيناريو الثالث فيقوم على بقاء الجيش الاسرائيلي في الجنوب بعد انقضاء مهلة الـ 60 يوما، وهذا ما قد يشكل فرصة غير متوقعة للحزب، اذ سيستغل الحزب هذا الامر للعودة الى العمليات العسكرية ضد الجيش الاسرائيلي بما يشبه عملياته قبل التحرير وهو بذلك سيحظى بشرعية كاملة من الداخل اللبناني ومن الواقع الدولي، وسيكون الحزب عندها يملك القدرة السريعة على بناء الردع مجددا خصوصا ان اسرائيل لن تنسحب بسرعة الا بعد تعرضها لاستنزاف كبير، لذلك فإن هذا السيناريو الخطير الذي قد يؤدي الى الحرب مجددا.

كل هذه السيناريوهات ستتأثر حتما بالواقع الاقليمي والدولي، وتحديدا التطورات في الساحة السورية وقدرة "حزب الله" على استعادة خط الامداد عبرها او بطرق اخرى، كذلك في الداخل الاسرائيلي، اذ ان الفوضى السياسية في اسرائيل سيساهم في تكرار الحزب تجربة ما بعد حرب 2007 من إلتفاف على القرار 1701..
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • دعاء دخول العام الميلادي الجديد.. وهذا سبب الاحتفال به
  • غدًا.. بدء التصويت لاختيار الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان
  • ماذا قال النبي عن أعظم آية في القرآن.. يغفل عنها الكثيرون
  • سيناريوهات ما بعد الـ 60 يوماً..
  • في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام.. تعرف على مكانته في الإسلام
  • بيع لوح حجري لوصايا موسى عليه السلام بمبلغ خيالي
  • المفتي خلال ندوة بسفارة سلطنة عمان بالقاهرة: اللغة العربية هي هوية الأمة وسبيل مجدها
  • هل المعاصي تؤثر على البركة في الرزق؟.. داعية يجيب
  • المفتي: حب الوطن من الدين وغريزة فطرية
  • المخرج يوسف البلوشي ينتهي من تصوير «الوقيد»